قلعة العانكة محارب بين الرمال

تصميمها يوحي بالقوة والشموخ
03:22 صباحا
قراءة 3 دقائق
أبوظبي - "الخليج":
إن أحداث التاريخ يطويها الزمن وربما يأتي من يوثقها بمؤلفات، وربما تتناقلها الأجيال شفاهياً، إلا أن الجغرافيا تحتفظ بمعالم مكانية تظل رغم مرور السنوات شاهدة على تلك الأحداث وحافظة لذاكرتها، وكأنها أبنية وصروح، وقلاع، قاومت الزمن وظلت تروي بصمودها تلك الأحداث .
في الإمارات تسجل القلاع والحصون التي يعود تاريخها إلى مئات السنوات، ذاكرة لأحداث تاريخية غيرت وجه البلاد، لذلك تكتسب هذه الأماكن أهميتها على صعيدين، الأول عمرها الطويل، والثاني شهادتها على الأحداث .
من هنا تبرز أهمية الكثير من المباني الأثرية في الإمارات، والتي يعاد اليوم قراءتها والاهتمام بها بوصفها خزان ذاكرة وتاريخ الدولة، الذي تعود إليه لتقرأ مستقبلها، وتحملّه لأبنائها كما لو أنها تؤكد لهم ما لهذه الأماكن من أهمية، ودور في تشكل الهوية الوطنية والثقافية للمواطن الإماراتي .
أحد ابرز هذه المباني، هي قلعة العانكة، التي تقع بين مدينة العين وأبوظبي، وهي تربض محاطة بسور مسنن الرؤوس يشي بالقوة والصمود، تقف القلعة وكأنها تمسك بيديها وأسنانها رمال الصحراء، وترفع قامتها كمحارب صلد يشرع سلاحه دفاعاً عن كل من يحاول المساس بقومه، فهي بنوافذها الضيقة التي تنكشف في جدرانها العالية، تشكل ملاذاً آمناً لكل من يأوي إليها، وتسمح في الوقت نفسه للمحاربين فيها أن يقاتلوا وهم آمنون .
ويسجل تاريخ القلعة أن الشيخ سعيد بن طحنون أمر بإنشائها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، ويؤكد الدارسون أن الشيخ سعيد بن طحنون الذي حكم إمارة أبوظبي في الفترة ما بين 1845 وحتى 1855م، أمر ببنائها .
ويشير متخصصون بحثوا سيرة القلعة، إلى أنها تقع بالقرب من بئر ماء يسمى بئر العانكة، والعانكة، اسم عربي أصيل له دلالاته في اللغة، منها؛ الرمل الأحمر، إذ تحيط بالقلعة رمال حمراء، وأيضاً يشير الاسم إلى أنها تعني إسقاط من أراد النيل منها، أو هزيمته، وإنها تعيق من يحاول الوصول إليها، وإن وصل فإنه لن يستطع الفكاك منها .
أسهم بناء القلعة الصلب، بجدرانها العالية، وإطلالتها على الطرق المحيطة كافة، لتكون موقعاً استراتيجياً، مكنها من أن تقوم بمهامها العسكرية، وتحمل عبء تأمين وحماية أهالي المنطقة .
تتكون القلعة من مبنى مستطيل الشكل يمتد من الشرق إلى الغرب بطول نحو 20 متراً، ومن الشمال إلى الجنوب بطول نحو 10 أمتار، وتتكون من طابقين وسطح حوله سور، ويوجد مدخلها في منتصف واجهتها الجنوبية، وتضم واجهتها نوافذ عليها قضبان حديدية . كما توجد فتحة للرماية تحيط بأسوار القلعة وواجهاتها . وتعلو الواجهات شرفات مثلثة الشكل . أما الطابق الأول فهو عبارة عن ردهة على جانبها قاعتان . ويوجد في زاوية الردهة الشمالية الغربية سلم يؤدي إلى الطابق الثاني، وهو قاعة وسطى على جانبيها قاعتان مستطيلتان . ويحيط في السطح سور به صفوف من الفتحات التي تستخدم للرمي من البنادق .
يحيط بالقلعة فناء من الجهات كافة، ثم سور قليل الارتفاع، نحو 5 .2 متر تعلوه شرفات مثلثة، ويتوسط الضلع الجنوبي للسور بوابة مربعة يبلغ طول ضلعها نحو 4 أمتار، وارتفاعها نحو 5 أمتار . وتعد قلعة العانكة من القلاع القليلة التي تشتمل على فناء وبوابة خارجية .
بنيت ''العانكة'' على طراز القلاع السائد في تلك الفترة فكانت من طابقين ولها نوافذ تطل على كل الجهات، غرفها واسعة تسمح للمقاتلين بسرعة التحرك، وتحيط بها أسوار جهزت بفتحات للبنادق ويعلوها صف من الشرفات المثلثة، وهي تشبه في تصميمها قلعة ''الرميلة'' التي بنيت في الفترة نفسها تقريباً . الأبواب الخشبية الضخمة "الدروازة" والشبابيك التي اختيرت أعمدة الحديد لإغلاقها أضافت للقلعة منعة وللمقاتلين بأساً ومراوغة، ما جعل القلعة أشبه بالمقر العسكري الدائم .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"