علاج الأذن بالتكنولوجيا الحديثة في دبي

00:03 صباحا
قراءة 9 دقائق
حوار: محمد ياسين
تعد الإصابة بالدوخة وعدم الاتزان وطنين الأذن من المشكلات الصحية التي ترهق المصاب بها باستمرار، ما يجعل التعايش مع هذا النوع من المرض أمراً شديد الصعوبة، فالأذن تقوم بوظيفتين رئيسيتين هما السمع والتوازن، فإذا ولد الطفل فاقداً لحاسة السمع فإنه لن يتمكن من الكلام ولا التعلم أو التخاطب مع الآخرين بشكل يؤهله لأن يكون عنصراً فاعلاً في المجتمع .
ولا تقتصر إصابة الأذن بالأمراض السمعية بعمر معين، فالإنسان معرض للإصابة في أي وقت بأمراض الجهاز السمعي المختلفة، وقد تتسبب هذه الإصابة في انعزال المريض وإصابته بالعديد من المشكلات الصحية والنفسية الأخرى .
ومع الثورة الهائلة في التكنولوجيا وتأثيرها الإيجابي في الطب، فإن علاج الجهاز السمعي لم يعد صعباً، خصوصاً وأن مستشفى دبي يعتبر من ضمن المستشفيات العالمية التي تمتلك تكنولوجيا حديثة وأجهزة متطورة تسهم في علاج الكثير من الأمراض، ومنها الجهاز السمعي .
"الصحة والطب" التقت الدكتور محمد فوزي مصطفى اختصاصي أول أمراض السمع والتوازن والمشرف على العيادة بمستشفى دبي للتعرف إلى أهم خطوات التشخيص السليم وطرق الوقاية والعلاج من هذه الأمراض، وكان الحوار التالي:
* ما أسباب الدوخة والدوار؟ وكيف تشخص؟
- الدوار هو حالة يشعر فيها المريض بأنه يدور أو أن المكان يدور به، وعدم الاتزان هو إحساس المريض بأن جسمه غير ثابت على الأرض، وفي بعض الأحيان يترنح أو يرى الأشياء المحيطة به تتحرك، وقد يصاحب الحالة غثيان أو قيء أو طنين بالأذن أو ضعف سمع أو تعرق بارد وشحوب بالوجه .
ويجب أولا تبيان سبب الدوخة وعدم الاتزان عن طريق أحد المتخصصين في عيادة أمراض السمع والاتزان، لمعرفة ما إذا كان السبب هو الأذن الداخلية، والذي يمثل تقريبا 60% من أسباب الدوخة، أم إن سببه مشكلة أخرى بالجسم خارج الأذن الداخلية والذي يمثل تقريبا 40% من أسباب الدوخة، وذلك من خلال أخذ تاريخ مرضي مفصل عن طبيعة الدوخة، وإجراء عمل فحص سريري شامل، ثم يتم عمل الاختبارات المعملية الخاصة بجهاز الاتزان والتي تضم اختبار رأرأة العين (videonystagmography) الذي يقيم جهاز الاتزان الطرفي في كل أذن على حده، وجهاز الكرسي الدوار (rotational chair) الذي يقيم قدرة الجهاز العصبي المركزي على التغلب على الدوار ويقيس نسبة التحسن مع العلاج التأهيلي، ويأتي بعد ذلك الجهاز الحركي لفحص التوازن (Dynamic posturography) والذي يحدد بدقة سبب الدوخة إذا كان مصدرها هو جهاز التوازن بالأذن الداخلية (Labyrinth) أم مصدرها هو العين (Visual) أم مصدرها هو الإحساس بالأطراف (Proprioception) . وتعتبر هذه الأجهزة الأولى من نوعها في الدولة .
وهناك العديد من اضطرابات التوازن، لذا يجب اللجوء إلى الطبيب المختص بأمراض التوازن لتشخيص وعلاج خلل الاتزان الذي قد يكون سببا من الأسباب الأتية:
1- الدوار الاذني الطرفي: وهو اضطراب يحدث أسباب داخل الأذن أو في عصب الاتزان، منها ما هو مصحوب بضعف سمع حسي عصبي مثل داء منيير أو الالتهاب الفيروسي لقوقعة الأذن ومضاعفات التهاب الأذن الوسطى وتيبس عظمة الركاب وورم عصب الاتزان/ أو غير مصحوب بضعف سمع مثل الدوار الوضعي الحميد والالتهاب الفيروسي لعصب الاتزان .
2- الدوار الاذني المركزي: ويحدث هذا الاضطراب بسبب مرض يؤدي إلى اضطراب نظام التوازن داخل المخ أو جزع المخ أو المخيخ .
3- الدوار غير الأذني: وهو اضطراب ينتج عن حدوث خلل في أحد وظائف الجسم الحيوية مثل الجهاز العصبي، الجهاز الدوري، حدوث خلل في ضغط الدم أو أنيميا حادة، خلل بمستوى السكر في الدم، خشونة في فقرات الرقبة أو خلل في وظيفة الغدة الدرقية أو ارتفاع بالكوليسترول .
4- الدوار الفسيولوجي: يحدث هذا الاضطراب بدون سبب مرضي، ومن أمثلته الدوار عند ركوب البحر أو سيارة أو مصعد أو طائرة . ويشمل هذا النوع أيضا الدوار عند النظر من أماكن مرتفعة .
5- الدوار النفسي: يتم تشخيص هذا النوع من الدوار بعد استنفاذ كل المحاولات لكي نجد سبباً عضوياً للدوار ويكون عند المريض اضطرابات نفسية تؤهله لحدوث هذا النوع من الدوار .
* ما هي طرق علاج الدوخة والدوار؟
- أول خطوة في علاج الدوخة هو تحديد السبب، فإذا لم نتوصل إلى السبب فإن العلاج يكون في غاية الصعوبة، وقد كان العلاج في السابق يقتصر على العقاقير الطبية، أما الآن فتوجد طرق كثيرة لعلاج الدوار على رأسها العلاج التأهيلي خصوصا إذا كان الدوار أذني طرفي أو مركزي، حيث يتم عمل جلسات لإجراء تمارين محددة للرأس والرقبة والجسم لتحسين ثبات العين والجسم مع حركة الرأس . ويمكن تطبيق هذه التمرينات من خلال جهاز التأهيل التوازني أو تعليم المريض هذه التدريبات للقيام بها في المنزل . وتعتبر هذه الوسيلة من العلاج والتي لا تعتمد على العقاقير الطبية من الأساليب الناجحة .
أما في حالات الدوار الوضعي الحميد التي تتميز بنوبات دوار شديدة جداً مع حركة الرأس في اتجاهات معينة، والتي تنتج عادة من وجود حبيبات في احد القنوات الهلالية التي يمكن معرفتها بالفحص السريري، فإنه يتم علاجها في دقائق معدودة ويتحسن المريض بنسبة 100% بدون أي عقاقير طبية . ولذا ننصح أي مريض يعاني مشكلة الدوخة أو الدوار أن يبادر إلى زيارة عيادة أمراض السمع والتوازن بمستشفى دبي حيث يتم تشخيص حالته وعلاجه بأحدث الأجهزة، لأن العلاج الخطأ يطيل من فترة المرض .
* هل من برنامج لتشخيص وعلاج وتأهيل أمراض السمع؟
- لدينا برنامج لتشخيص وعلاج وتأهيل أمراض السمع، وينقسم ضعف السمع إلى ثلاثة أنواع حسب مكان الإصابة بالأذن:
1) ضعف السمع التوصيلي: وهو مشكلة تصيب الأذن الخارجية أو الوسطى، ومن الأسباب الشائعة لهذا النوع (انسداد الأذن بالشمع - ارتشاح مائي خلف طبلة الأذن- التهابات صديدية بالأذن الوسطى - تيبس عظمة الركاب) .
2) ضعف السمع الحسي العصبي: وهو ضعف ينتج عادة من مشكلة تصيب الأذن الداخلية والعصب السمعي، ويقتضي تأهيل الأشخاص بتزويدهم بسماعات طبية، ومن الأسباب الشائعة لهذا النوع: العوامل الوراثية نتيجة زواج الأقارب - زيادة نسبة المادة الصفراء(البيليروبين) للمولود لمدة طويلة- تعرض الطفل لالتهاب الغدة النكفية- التعرض للضوضاء لفترة طويلة- مرضى السكر والفشل الكبدي والكلوي- الشيخوخة)،
3) ضعف السمع العصبي التوصيلي: وهو مزيج من النوعين السابقين .
* كيف يتم تشخيص ضعف السمع في عيادة مستشفى دبي؟
- تتوافر لدينا داخل عيادة أمراض السمع والتوازن أحدث أجهزة لفحص السمع عند الأطفال والكبار، ويعد امتلاكنا هذه الأجهزة المتطورة تمكنا من اكتشاف ضعف السمع في أي عمر حتى في المواليد حديثي الولادة، ولا شك أن أهم خطوات العلاج هو التشخيص الصحيح والتدخل المبكر .
ويتم تشخيص ضعف السمع عند الأطفال والكبار بواسطة بعض الأجهزة الطبية مثل:
1- جهاز قياس السمع بالنغامات النقية (PTA): يعتبر الفحص المهم والأدق في اكتشاف الصمم وتحديد نوعه وشدته .
2- جهاز قياس ضغط الأذن (Tympanometry): لمعرفة وجود ارتشاح خلف الطبلة من عدمه
3- قياس الاستجابة السمعية لجذع المخ بالكومبيوتر (ABR): المهم لتشخيص ضعف السمع للأطفال
4- جهاز قياس الانبعاث الصوتي من القوقعة (OAEs) .
* كيف يعالج ضعف السمع؟
- يتم علاج ضعف السمع بالوسائل الطبية أو الجراحية تبعا لنوعه ودرجته، فضعف السمع التوصيلي: يمكن علاجه بالعلاج الدوائي أو الجراحي أو باستخدام السماعات الطبية، أما النوع الثاني وهو ضعف السمع الحسي العصبي: يمكن علاجه فقط بالسماعات الطبية أو بزراعة القوقعة .
* هل من برامج وطنية لزراعة القوقعة أو أجهزة السمع الإلكترونية؟
- بفضل الدعم والرعاية الخاصة لعيادة أمراض السمع والتوازن تم إنشاء أول برنامج وطني متكامل لزراعة القوقعة وزراعة السماعات العظمية وسماعات جذع المخ، حيث تم من خلال هذا البرنامج عمل أكثر من 50 عملية زراعة قوقعة بنسبة نجاح 100% خلال العام الماضي لمرضى مواطنين ومقيمين وزائرين من دول شقيقة قدموا خصيصا لإجراء زراعة القوقعة بمستشفى دبي لما تتميز بخدمة فائقة الجودة تضاهي المراكز العالمية في نفس التخصص .
ويعد البرنامج الوطني لزراعة القوقعة بعث الأمل في نفوس المرضى المصابين بإعاقة سمعية لكي يستطيعوا السمع مرة أخرى وبالتالي يتخلصوا أيضا من الإعاقة النطقية الملازمة للإعاقة السمعية ليصبح مجتمع الإمارات بلا صمم، وأضاف بأنه بوجود مثل هذا البرنامج الوطني بهذه الكفاءة المتميزة يغني عن مشقة سفر المرضى خارج الدولة وتكبد خسائر مالية باهظة للدولة والمواطن لإجراء مثل هذه العمليات خارج الدولة وينعش السياحة الطبية داخل الدولة .
* ما أهم الإنجازات التي قمتم بها داخل العيادة بمستشفى دبي؟
- إجراء أول عملية جهاز سمع إلكتروني بجذع المخ Auditory Brain Stem Implant (ABI) لطفلة مواطنة في الثالثة من عمرها، تعاني من تشوهات خلقية شديدة في الأذن الداخلية . ويمثل هذا الإنجاز سبقاً جراحياً كبيرا ليس فقط على مستوى الدولة، بل على المستوى العالمي حيث تعتبر هذه الجراحة المعقدة الأولى من نوعها في الدولة والثالثة على مستوى الشرق الأوسط، ومن الجراحات المعدودة على المستوى العالمي حيث يوجد حاليا أقل من 1000 مريض على مستوى العالم تم عمل هذه الجراحة المعقدة لهم، ولهذا يعتبر إجراء مثل هذه الجراحات النادرة جدا بمستشفى دبي إنجاز وطني كبير وخطوة رائدة للوصول إلى العالمية . وبعد إعلان نجاح هذه العملية النادرة جدا، يتم الآن تحضير طفلين آخرين منهم طفل قدم من خارج الدولة خصيصا لإجراء مثل هذه الجراحة المعقدة بمستشفى دبي .
وأود التوضيح بأن الطفل الفاقد للسمع يمكنه السمع لأول مرة بعد زراعة القوقعة أو جذع المخ عند تركيب وبرمجة الجزء الخارجي من الجهاز حيث يتم بعدها اتباع برنامج تأهيل سمعي وتخاطبي مكثف ليتمكن الطفل من الكلام والتواصل مع الآخرين .
* ما هي طرق تشخيص وعلاج الطنين؟
- يتم بجهاز لقياس شدة وتردد طنين الأذن (وشيش الاذن) والذي تم من خلاله تشخيص حالات كثيرة عانت من طنين الأذن لسنوات طوال، وراجعت عيادات كثيرة داخل وخارج الدولة دون التوصل إلى سبب أو علاج، فبفضل التقنيات الحديثة ووجود كادر طبي متخصص تم تشخيصهم التشخيص الصحيح وبالتالي معالجتهم العلاج اللازم . ومن أمثلة المرضى الذين تم تشخيصهم مؤخرا طفل في التاسعة من عمره كان يعاني منذ 5 سنوات من طنين شديد بالأذنين غير معروف السبب، راجع عيادات مختلفة في التخصصات كافة داخل وخارج الدولة دون التوصل إلى سبب أو علاج لهذا الطنين ومؤخرا راجع عيادة أمراض السمع والتوازن بمستشفى دبي، وبفضل وجود التخصص الدقيق في أعصاب الأذن والأجهزة الحديثة تم تشخيصه حيث تم تحديد سبب الطنين وهو وجود انقباضات عضلية غير إرادية في العضلات المغذية للبلعوم وقناة استاكيوس وجاري علاجه الآن، ويعتبر هذا المرض من الأمراض النادرة التي يصعب تشخيصها .
والمعروف أن طنين الأذن صوت أو صفير يسمعه الشخص ولا يسمعه غيره . وهو لا يعتبر مرضا وإنما يكون عرضا لأمراض أخرى تصيب الأذن والدماغ ويظهر هذا الطنين كوشيش أو صفير أو طقطقة أو غيره . وعادة ما يصاحب الطنين نقص في السمع دون إدراك المريض في العديد من الحالات .
* ما أسباب الإصابة بطنين أو وش الأذن؟
- هناك أسباب عديدة لطنين الأذن والتي يمكن تقسيمها إلى مجموعتين من الأسباب: أمراض داخل الأذن ومن أشهرها (انسداد الأذن بالشمع- انثقاب طبلة الأذن- التهاب الأذن- تصلب عظمة الركاب - داء منيير- ضعف العصب السمعي)، وأسباب أخرى متعددة ومن أشهرها: (إصابات الرأس وكسور الجمجمة- شيخوخة السمع، التعرض للضوضاء، ارتفاع الضغط ومرض السكري واضطربات الغدة الدرقية وفقر الدم، بعض الأدوية والمهدئات وبعض المضادات الحيوية- أورام قاع الجمجمة وتصلب شرايين العنق والدماغ) .
وفي بعض الحالات يكون الطنين عارضا لاضطرابات أكثر خطورة خاصة أن ترافق بأعراض أخرى كفقدان السمع والدوار، لذا يجب على أي مريض يتجاوز عمره الأربعين ويشعر بطنين في أذن واحدة لأكثر من عدة أسابيع مراجعة طبيب أمراض السمع والتوازن .
* كيف يتم تشخيص طنين الأذن؟
- يجب على الشخص الذي يشعر بالطنين عدم إهماله والمبادرة إلى مراجعة الطبيب لمعرفة السبب وعلاجه . وتكمن أهمية الكشف والعلاج المبكر للطنين في منع تفاقم الأمراض المسببة للطنين، حيث إنه يجب بعد الفحص السريري من اجراء مخطط وقياس للسمع، أيضاً في بعض الحالات قد يطلب الطبيب عمل صورة مقطعيه أو صورة رنين مغناطيسي للأذن والدماغ وبعض فحوصات الدم .
* ما هي طرق علاج طنين الأذن؟
- يجب في البداية علاج سبب الطنين، ويتم هذا بمحاولة معرفة مسبب الطنين . فمثلا إذا كان السبب انغلاق قناة الأذن بالشمع فيتم إزالته، أيضاً يمكن إيقاف الأدوية المسببة للطنين والتحكم في ضغط الدم والسكري المرتفع . وتكمن الصعوبة إذا كانت المشكلة في الأذن الداخلية على مستوى الخلايا العصبية والعصب السمعي حيث ان هذه الخلايا غير قابلة للتجديد، وعادة يتم علاجها باستخدام السماعات الطبية لعلاج الطنين وضعف السمع .
كما يمكن أيضا استخدام سماعة "ماسكر الطنين"، وهي نوع من السماعات التي تصدر أصواتاً تعاكس صوت الطنين الصادر، أو يبدأ بواسطة العلاج التأهيلي التعودي للطنين، وتعتمد هذه الطريقة على تقليل حساسية المريض للتفاعل مع الطنين .
وهناك وسائل عامة للتخفيف من حدة الطنين مثل استخدام بعض العقاقير الطبية، الابتعاد عن أصوات الضوضاء المرتفعة، السيطرة على ضغط الدم، الابتعاد عن المنشطات كالقهوة والتدخين مع تقليل التوتر والإجهاد وعدم التفكير في الطنين) .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"