العزلة الصامتة

03:15 صباحا
قراءة دقيقة واحدة

كان بيكاسو يرى أن «الفن وليد الحزن»، لذلك كانت رسوماته زاخرة بالعالم الأزرق، عالم العزلة الصامتة، عالم المنبوذين من المجتمع، أي المرضى، والفقراء، والمقعدين، والعجائز، ويبدو التشويه المقصود في أعمال بيكاسو الأولى في الرسوم التخطيطية، وتتميز بمبالغات كاريكاتيرية، كان يرسمها للتسلية، وبعد أن درس طويلاً الفن الكلاسيكي القديم، أدخل في معالجته لصور الأشخاص تشويهات، أفرط في استخدامها، وأصبحت مادة لفنه.

وإذا كان بيكاسو يهدف إلى هدم صورة الإنسان، التي عرف بها، فإنه أنزل بوجهه أكبر إهانة، وأظهره في أسوأ صورة، وأصبح ذلك تعويضاً عما فعله بالوجوه الأخرى، ولم يتردد بيكاسو في اختيار وجهه، لكي يجري عليه تجارب، فما من شيء أقرب إليه من ملامح وجهه، الذي يراه في المرآة.

«عندما ترسم شخصاً، فأنت تعلم بالطبع، أنك تحاول أن تكون قريباً، ليس من مظهره فقط، بل من الطريقة التي أثر بها فيك، لأن لكل شيء معنى»، هكذا قال الفنان فرانسيس بيكون، الذي سيطرت على أعماله مشاعر الحزن، وكان مفتوناً بكتاب قديم احتوى على لوحات ملونة يدوياً لأمراض الفم، يقول: «فتنت بهذه اللوحات وظلت هذه الصور تلازم خيالي دائما»، في حين أن موديلياني اهتم بعمل دراسات للوحات الشخصية والجسم الأنثوي، وتتميز هذه اللوحات الشخصية البعيدة عن الواقع بالنبل والأصالة، كما تتميز رسوم الأشخاص بطول أكثر من المعتاد، وبخطوط لينة حساسة، تعطي تلك الوجوه مظهر عفة لا مثيل له، مع استخدامه للون واحد، أو لونين فقط، وكانت لوحاته قليلة لأنه مات في سن مبكرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"