«الشبكيّة».. نور عينيك يستحق الحماية

23:36 مساء
قراءة 7 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

تعتبر الشبكية الطبقة الداخلية للعين، وهى طبقة رقيقة، تحتوي على عشر طبقات مكونة من الخلايا والألياف العصبية، ونسيج داعم، وخلايا مستقبلة للضوئية بداخلها خلايا عصوية أو نبوتية تساعد على الرؤية الليلية ولا تميز الألوان، وخلايا مخروطية حساسة للضوء تميز الألوان، وتعتبر العضو المهم في عملية الإبصار، فهي عبارة عن طبقة حساسة تقوم بنقل الصورة كمعلومات كهربائية إلى الدماغ عبر العصب البصري والمسارات العصبية إلى الأماكن المختصة في النظر لتفسير الرؤية داخل الدماغ، وفى هذا التحقيق نتعرف إلى بعض الأمراض التي تصيب شبكية العين وأسبابها وكيفية الوقاية منها.

يقول الدكتور عمر فريد، استشاري طب العيون، إن الالتهاب الذي يصيب شبكية العين، غالباً ما يصاحبه التهاب في مشيمة العين أسفل الشبكية، وتتعدد الأسباب بالإصابة بهذا المرض؛ حيث تضم أسباب وراثية أو عدوى فيروسية (مثل الإصابة بالفَيروسُ المُضَخِّمُ للخَلاَيا)، أو العدوى الفطرية والبكتيرية، وكذلك ارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى، أو أسباب تتعلق بخلل بالجهاز المناعي للإنسان وكذلك التهابات مشيمة العين الملاصقة للشبكية والتي ربما تنتقل إليها، ومن أنواعه التهاب الشبكية الصباغي، وهو ليس التهاباً بالمعني الحرفي ولكنه عبارة عن مجموعة من حالات العين الوراثية التي تؤدي إلي ضعف شديد في النظر، ربما يصل إلي حد العمى العضال.
تشخيص وأعراض
ويفيد د. فريد أن عملية تشخيص التهاب الشبكية تتم من خلال فحص داخل العين، بمنظار العين لرؤية التغيرات في الشبكية، فلكل نوع من هذه الالتهابات خصائصه المبينة، وعليها يقوم الطبيب بإجراء بعض فحوص للعين والدم، للتأكد من التشخيص قبل مرحلة العلاج، فربما يشاهد الطبيب بقعاً بيضاء داخل الشبكية تدل على وجود التهابات بكتيرية أو فيروسية، أو ربما يشاهد بقعاً سوداء تدل على الالتهاب الشبكي الصباغي، وهناك بعض العلامات التي ترافق الإصابة بالتهاب الشبكية، مثل:-
• ضعف في الإبصار نتيجة تجمع سوائل بمركز الإبصار.
• التهاب مصاحب للعصب البصري.
• رؤية المريض لأجسام طافية، وذلك لوجود ترسبات بالجسم الزجاجي أمام الشبكية.
• وهناك أعراض التهاب الشبكية الصباغي التي تشمل فقدان الرؤيا الليلية ويتبعها فقدان الرؤيا الطرفية، ويبدأ عادة في مرحلة الشباب والنضج، وأحياناً يحدث فقدان القدرة على رؤية الألوان قبل فقدان الرؤية الطرفية.
علاج التهاب الشبكية
ويشير د. فريد إلى أن العلاج يعتمد على السبب الذي أدى إلى الإصابة بالتهاب الشبكية، ففي حالة وجود التهابات بكتيرية أو فيروسية يتم العلاج عن طريق المضادات الحيوية، أو المضادات الفيروسية، سواء عن طريق الفم أو بالحقن في الوريد أو داخل العين، وبعض الحالات تحتاج لإجراء ليزر بالشبكية، أو أجراء عمليات جراحية بالعين، وفي حالة وجود مرض مناعي، يتم إعطاء المريض أدوية تحتوى على مادة الكورتيزون سواء بالفم أو بالوريد أو عن طريق الحقن داخل العين،
وفي حالات الالتهاب الشبكي الصباغي فليس هناك دواء مخصص للعلاج، ولكن يُفضل أن يخضع المريض إلى فحوص شاملة للشبكية سنوياً، وفحوص الإبصار بشكل دوري، لمعرفة مدى تقدم المرض، مع الحرص على الزيارات الدورية للطبيب المعالج، حتى يتسنّى للمريض الاطّلاع على آخر الأبحاث السريرية والأدوية الجديدة التي تفيد في علاج التهاب الشبكية.
اعتلال اللطخة الصفراء
ويذكر الدكتور رضوان سواس، مختص طب العيون أن أمراض الشبكية من أكثر الأمراض التي تصيب الشبكية في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، وخاصة التي ترافق الإصابة بداء السكري، ومنها اعتلال الشبكية السكري، وبعض أمراض الأوعية الدموية مثل فرط ضغط الدم الشرياني، كما أن هناك بعض الأمراض الوراثية التي تنتقل في الشبكية، مثل عمى الألوان الوراثي يؤدي إلى خلل خلقي بنيوي في بعض الخلايا المخروطية الموجودة في مركز الإبصار المسؤولة عن تمييز الألوان، وهناك مرض آخر يسمى اعتلال اللطخة الصفراء الشيخي، يصاب به كبار السن وهو عبارة عن تغيرات الشيخوخة تحدث في مركز الإبصار في الشبكية، التي تؤدي إلى ضعف في وظيفة مركز الإبصار، وربما يحدث نوع من الإعاقة البصرية عند المصابين باللطخة الصفراء.
الفحص المبكر
ويبين د. سواس أن أهمية إجراء الفحص المبكر، تنعكس على التشخيص، واستخدام العلاجات الحديثة المتوفرة، ما يؤدى إلى التقليل، أو الحد من التدهور في قوة وضعف الإبصار، للحفاظ على قدرة بصرية مناسبة للإنسان الذي يمارس حياته اليومية بشكل طبيعي، وهو مرض شائع بنسبة عالية وبالنسبة للأشخاص المصابين بداء السكري، حيث تقدر الإصابة به في منطقة الخليج العربي بين 25-30% من السكان، ولذلك يجب على مريض السكري من النمط الثاني غير المعتمد على الإنسولين، أن يخضع لإجراء الفحص الدوري السنوي للعين، واكتشاف بدايات الإصابة بالسكري في الشبكية، لمنع تدهور النظر.
ويستكمل: بالنسبة لمرضى داء السكري من النمط الأول الذي يستهدف الشباب وصغار السن تحت سن الـ30 ويعتمد علاجه على الإنسولين، ولذلك يوجه الطبيب المريض لفحص قاع العين والشبكية للتأكد من عدم وجود إصابة، وخاصة من مضى على إصابتهم بالسكري 5 سنوات، حيث إن هناك حالات يكون المريض مصاباً بداء السكري لمدة سنة أو سنتين، دون أن يعرف، ولم يتم تشخيصه بعد.
عوامل تعزز الإصابة
ويوضح د. سواس أن اعتلال اللطخة الصفراء الشيخي، يصيب من هم فوق سن 45 سنة، الذكور منهم والإناث على حد سواء، ومن أهم أسباب الإصابة بهذا المرض هو التدخين، وتشتمل الأعراض على: ملاحظة المريض لتشوهات في الرؤية، وربما يرى خطوط مستقيمة فيها تموجات أو اعوجاجات، وفى هذا الحالة يجب بمراجعة طبيب الشبكية للكشف المبكر، ما يتيح لنا فرصة العلاج بالأدوية الحديثة، الذي تم اكتشافها مؤخراً في السنوات الأخيرة، وتعمل على القضاء على التغيرات الوعائية التي تشكل أوعية دموية دقيقة تحت الشبكية، كما في أحد أنواع اعتلال اللطخة التي تؤدي إلى فقد البصر الوظيفي.
الانفصال الشبكي
يبين د. سواس أن الشبكية هي الطبقة العصبية التي تبطن العين من الداخل وتكون ملتصقة في طبقات العين الداخلية، وعند حدوث أي تمزق أو ثقب أو شرخ في الشبكية، تتسرب كمية من الماء الداخلي للعين، وتستقر تحت الشبكية، ما يؤدى لحدوث الانفصال الشبكي، وهنا تتوقف العين عن أداء وظيفتها ويحدث فقد للإبصار، ومع التشخيص المبكر، وبإجراء علاج بالليزر، أو حقن غازات داخل العين، يمكن أن نتجنب انفصال الشبكية والتدخل الجراحي، وعلى الرغم من أن نسبة نجاح العملية جراحياً تصل إلى 70-80% من الحالات، إلا أن هناك نسبة من الحالات يحدث لها انتكاسة بنسبة 20-30%، ويرجع السبب غالباً إلى تشكل تليفات داخل العين تؤدي إلى عودة الانفصال بالشبكية، ويكون ناجماً عن تأخير التدخل العلاجي عند الإصابة، كما أن هناك بعض التعليمات التي لابد أن يتبعها المريض بعد إجراء العملية أهمها أن ينام بوضعيات معينة لدعم ثبات الشبكية، وعدم ممارسة الجهود العضلية القوية وعدم حمل الأشياء الثقيلة، والابتعاد عن التعرض لصدمات، وفرك العين بقوة.
الآثار الجانبية
ويشير د.سواس إلى أن هناك بعض الآثار الجانبية للعلاجات الدوائية والمضاعفات الجراحية في علاج أمراض الشبكية، كحال جميع العلاجات الدوائية لكل الأمراض، وخاصة التي تؤخذ لفترات زمنية طويلة في بعض الأمراض المزمنة، وعلى سبيل المثال:-
• الكورتيزون، وهو معروف عالمياً أنه دواء له استخدامات متعددة وتأثيرات جانبية ويوصف للمصابين بالأمراض الالتهابية التي ربما تصيب الأوعية الدموية للشبكية، للسيطرة عليها والحد من تدهور الحالة، كما يجب أن تُعطى الجرعات بدقة ومتابعة لصيقة من قبل الطبيب المعالج لتقييم الاستجابة للعلاج.
• أما المضاعفات للعلاجات الجراحية، فربما تحدث ولكن بنسب معينة عند بعض المرضى، ولذلك يجب اتباع تعليمات ما بعد الجراحة من قبل المريض، مع الطبيب المعالج حسب الفترات المطلوبة، نتيجة أسباب تختلف من حالة إلى أخرى في جراحات الشبكية عموماً ما نخشى من حدوثه هو الالتهابات،وعدم وصول الماء إلى العين بعد العملية مباشرة حتى لا تنقل الميكروبات والجراثيم التي تتسبب في حدوث التهابات وتقيحات، ربما تؤذي النظر وتؤدي إلى فقد العين، كما يجب الامتناع نهائياً عن لمس العين بأصابع اليد غير النظيفة أو غير المعقمة، وعدم الاستحمام قبل سؤال الطبيب بعد عمليات العين، والابتعاد عن التعرض للغبار أو الخروج للأجواء المكشوفة والتعرض للعوامل المسببة للالتهابات، وتجدر الإشادة بأن معظم العلاجات الليزرية المتطورة الحالية لا يوجد لها تأثيرات جانبية أو مضاعفات.
ويضيف: أن الأبحاث ما زالت مستمرة التطورات، وخاصة لبعض أمراض الشبكية التي كانت مستعصية على العلاج وأهمها ما يتعلق بزرع شبكيات صناعية في حال تأذي أو تضرر الشبكية الطبيعية، وفقد الإبصار نتيجة مرض في الشبكية،
كما تبحث المراكز المتخصصة في إجراء زرع مجسات ضوئية تزرع في الشبكية لتقوم بالتقاط الصور، عوضاً عن الشبكية الطبيعية، وبثها إلى العصب البصري ثم إلى الدماغ ليتم ترجمتها وتحليلها كعملية الرؤية الطبيعية، ولكن النتائج ما زالت محدودة في هذا الاتجاه كنتائج بصرية، وأجريت بالفعل بعض العمليات، وظهرت نتائجها مشجعة للبحث والتطوير.
إرشادات للمحافظة على الشبكية
ويوصي د. سواس ببعض النصائح للأشخاص المؤهلين للإصابة بأمراض شبكية العين وتشتمل على:
• الالتزام بالغذاء الصحي، المتوازن، والإكثار من تناول الفواكه والخضراوات الطبيعية لتزويد الجسم ببعض الفيتامينات، وذلك للحفاظ على صحة جيدة، حيث إن الخلايا الشبكية المسؤولة عن الرؤية تتمتع بنسبة استقلاب، ما يحتاج إلى توازن غذائي جيد يؤمّن حاجة هذه الخلايا إلى الفيتامينات والأملاح المعدنية والمواد الضرورية لتقوم الخلايا الشبكية بوظائفها بشكل جيد.
• يُنصح جميع مرضى السكري بالفحص الدوري للشبكية، وذلك للكشف المبكر للمرض وعدم الوصول للمراحل المتأخرة التي يصعب فيها العلاج، وعدم تأخر المريض عن زيارة الطبيب وفحص الشبكية في حال ملاحظة أي أعراض غير طبيعية قد تكون بداية لمرض في الشبكية.
• استخدام النظارات الشمسية الواقية للحماية من الأشعة فوق البنفسجية، وخاصة للعمال والمهندسين وأصحاب المهن المختلفة.
• أهمية الإقلاع عن التدخين، حيث أثبتت الدراسات والأبحاث تأثيره الضار على الشبكية والعصب البصري، ما يؤدي لحدوث تغيرات شيخوخية مبكرة وضعف النظر.

الخلايا الجذعية للعلاج

من الدراسات الحديثة والأبحاث التي تم تطويرها مؤخراً في علاج أمراض شبكية العين، زرع الخلايا الجذعية، وذلك من خلال مجموعة من المراكز حول العالم، التي تقوم بأبحاثها وتجاربها على زرع خلايا جنينية من نفس الجسم، ويجرى عليها بعض التعديلات وتزرع في أماكن معينة من الجسم لتحل محل الخلايا التالفة من الشبكية، وحققت هذه الدراسات والأبحاث بعض النجاح، وما زال الموضوع تحت التقييم والبحث والتطوير وحتى هذا الوقت لم يتم اعتماد طرق معينة في زرع الخلايا الجنينية كوســائل علاجية مثبتة الفائدة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"