المنظار البطني.. مضاعفات أقل وشفاء سريع

22:25 مساء
قراءة 7 دقائق
تحقيق: راندا جرجس
يُعرف فتق البطن بأنه الأكثر شيوعاً من بين جميع المشاكل الجراحية، وهو عبارة عن قطع بسيط في العضلات التي تغطي البطن فوق الأمعاء، فينتج عن ذلك بروز قطعة من النسيج الداخلي للأمعاء من خلال جدار التجويف البطني إلى خارج الجدار البطني ليصبح مكانه تحت الجلد، وينتشر الفتق البطني بين الفئات العمرية المختلفة، وله عدة أنواع منها الفتق الإربي تحت البطن الذي يكون نتيجة للإمساك المزمن، وعادة يصاب به الرجال، والفتق السري للنساء الذي يحدث مع الحمل والولادة، وفي هذا التحقيق سنتعرف إلى جميع أنواع فتق البطن وطرق العلاج، والأساليب الوقائية قبل وبعد الجراحة.
يوضح الدكتور سهيل محمد كاظم استشاري جراحة عامة، أن فتق البطن هو عبارة عن بروز أو تورم، ويحدث عندما تندفع بعض محتويات البطن كالدهون أو الأمعاء من خلال منطقة ضعيفة في عضلات البطن، ويمكن أن يتم ذلك بسبب خلل مكتسب أو خلقي في جدار البطن، ومن الأعراض الخطيرة التي يتم الشعور بها على الفور، زيادة الألم تدريجياً، عادة مع الغثيان والقيء، ويعد الفتق في حد ذاته مؤلماً، ويمكن أن تصاب الطبقة العليا من الجلد بالاحمرار، أو يكون هناك التهاب بالصفاق اعتماداً على موقع الفتق، مع انتشار الألم في البطن، ومن العلامات التي يلاحظها المريض:
• آلام واضطرابات بالمنطقة المصابة، ولا سيما أثناء الانحناء أو السعال أو رفع بعض الأشياء.
• الشعور بالثقل في البطن أو ضعفه أو الضغط به.
• الشعور بحرقة أو بحركة أو آلام في موقع البروز.
أسباب الفتق

ويشير د. كاظم إلى أنه ربما تتسبب بعض العوامل التي تعرض جسم الإنسان لضغط بدني عال في حدوث الفتق خاصة إذا كانت عضلاته ضعيفة، ومن تلك العوامل:
• رفع الأوزان الثقيلة
• الأضرار الناجمة عن الإصابة أو الجراحة
• السعال أو العطس المستمر
• الإمساك، والذي يتسبب في الضغط عند حركة الأمعاء
• السوائل في البطن أو الاستسقاء
• زيادة الوزن المفاجئة
• عيب خلقي
• ضعف الأنسجة- العمر
أنواع فتق البطن

ويفيد د. كاظم عن أنواع فتق البطن ومواقعه في جسم الإنسان، أنها كما يلي:
• الفتق السري، وهو عبارة عن (بروز من خلال حلقة السرة)، وفي أغلب الحالات يكون خلقيا، أو ربما يكون بعضه مكتسباً عند الكبر نتيجة السمنة أو الاستسقاء أو الحمل أو الغسيل البريتوني المزمن.
• الفتق الشرسوفي (فتق ما فوق المعدة)، ويحدث من خلال الخط الأبيض (البَطْنِيّ).
• الفتق الشبيغلي، ويحدث من خلال عضلة البطن المستعرضة بجانب غِمْد العضلة المستقيمة البطنية، عادة تحت مستوى السرة.
• الفتق الجراحي (البطني) ويتكون من خلال فتحة إحدى الجراحات السابقة.
• الفتق الإربي (أعلى الفخذ) ويشمل:
{ الفتق الفخذي ويحدث تحت الرباط الإربي ويمتد في القناة الفخذية.
{ الفتق الإربي، وهو يحدث فوق الرباط الإربي، حيث يجتاز الفتق الإربي غير المباشر الحلقة الإربية الداخلية في القناة الإربية، بينما يمتد الفتق الإربي المباشر إلى الأمام مباشرة ولا يمر عبر القناة الإربية، ويمثل الفتق الإربي حوالي 75٪ من أنواع فتق البطن، بينما يشغل الفتق الجراحي من 10 إلى 15٪. بينما مثل الفتق الفخذي والفتق غير الاعتيادي النسبة المتبقية من 10 إلى 15٪.
• الفتق الرياضي وهو ليس فتقاً حقيقياً، حيث لا يشتمل على عيب بجدار البطن تبرز من خلاله محتويات البطن، لكنه ينطوي على تمزق في واحد أو أكثر من العضلات أو الأوتار أو الأربطة أسفل البطن أو الفخذ.
علاج الفتق بجراحة المناظير

يقول الدكتور توفيق طبارة استشاري الجراحة العامة، إن جراحة المناظير هي نوع من الجراحات التي تستخدم فيها أدوات مصممة خصيصاً لتصغير حجم الجروح وتقليل الأضرار على أنسجة الجسم، ويستخدم المنظار للسماح للجراح بمعاينة داخل الجسم دون الحاجة لفتح كل المنطقة المراد معاينتها، وهناك عدة أنواع من المناظير لكنها تقريبا تعمل بنفس الطريقة، إذ تتألف من أنبوب رفيع طويل ينتهي بكاميرا صغيرة ومصدر للضوء، تقوم الكاميرا بإرسال الصور من داخل الجسم إلى شاشة تلفزيونية، وعند إجراء هذا النوع من الجراحات يقوم الجراح بعمل شق صغير يتسع للمنظار، ثم يقوم بعمل شقين أو أكثر للسماح للأدوات الرفيعة الأخرى بالمرور عبرها، وهذه الأدوات تشمل المقصات، أدوات اللقط، وأجهزة التقطيب والّتي يتحكم بها الجراح من خارج الجسم.
ويضيف: بالمقارنة مع الطرق المعتادة، فإن جراحة المناظير تسبب ألماً أقل، وسرعة في التعافي بحسب نوع العملية، ويتم تخريج المريض من المستشفى في نفس اليوم أو بعد أيام قليلة، ويعود لممارسة نشاطه المعتاد بصورة أسرع مقارنة بالعمليات المعتادة عن طريق الفتح، وذلك لأن العملية تتم بواسطة شق أو شقوق صغيرة، لا يتعرض داخل الجسم للهواء المفتوح مقارنة بالجراحة العادية، ولا يتم تحريك الأعضاء الداخلية بصورة كبيرة، ومع ذلك يجب الإشارة إلى أنه لا يوجد ضمان بأن العملية سوف تكتمل بالمنظار، إذ ربما يضطر الجراح، في حالات قليلة، لتحويل العملية عن طريق الفتح وذلك يحدث لأسباب مختلفة مثل:
o إذا وجد الجراح أشياء غير متوقعة أثناء بداية الجراحة بالمنظار.
o إن لم يتمكن الجراح من الرؤية بصورة كافية أو معالجة الجزء المراد إجراء العملية عليه.
o إذا نزف المريض ولم يتمكن الجراح من إيقافه بالمنظار، وفي جميع الحالات يكون التحويل من جراحة المنظار إلى الطريقة العادية بداعي السلامة وحماية المريض.
منظار البطن في الأطفال والمراهقين

ويؤكد د. طبارة أن هناك زيادة في اعتبار أن جراحة المنظار هي الطريقة الأساسية لإجراء العمليات بالبطن والحوض، ونظراً لأن منظار البطن يحقق تقليل المضاعفات المتعلقة بالجروح الكبيرة، وفترة تعافٍ أقل ونتائج تجميلية أفضل، حيث يوضع المريض بطريقة آمنة تمكن الفريق الجراحي من تقديم أفضل الرعاية للمريض، وهناك اعتبارات خاصة لجراحة المنظار في الأطفال تراعي الأحجام المختلفة للمرضى، حيث يقوم الجراح بإجراء بعض التعديلات أثناء الجراحة لتلائم حجم الطفل، واختيار أماكن الجروح بعناية لإعطاء المساحة الكافية لإجراء العملية، لتفادي الإصابات، ولتحسين الناحية الجمالية، مع ضرورة وجود أطباء على خبرة وكفاءة عالية لإجراء عمليات منظار الأطفال، وتمثل مضاعفات عمليات المناظير لدى الأطفال من 1% إلى 2% من العمليات، وطبيعة المضاعفات مشابهة للبالغين.
علاج فتق البطن بجراحة المنظار

وعن جراحة تصحيح الفتق البطني تفصيلاً باستخدام منظار البطن يقول الدكتور إميت كول، طبيب الجراحة العامة، إن عملية إصلاح فتق البطن تشتمل على دفع الفتق مرة أخرى إلى البطن، وإصلاح العضلات الضعيفة، ويمكن القيام بذلك من خلال عملية جراحة مفتوحة بإجراء فتحة واحدة كبيرة أو من خلال الجراحة بمنظار البطن، حيث تتم العملية من خلال فتحات صغيرة، ومن الفوائد الرئيسية لجراحة مناظير البطن، هي صغر حجم الندبات الجراحية، وقلة فقدان الدم أثناء الجراحة، وخفة حدة الألم بعد الجراحة، وقصر مدة الإقامة في المستشفى، والعودة السريعة إلى ممارسة الأنشطة الطبيعية والحد من خطر العدوى.
ويضيف: في الوقت الحاضر، ومع التقدم في التقنية الجراحية والتخدير، أصبح بإمكان معظم المرضى إجراء جراحة منظار البطن، ولكن، هناك بعض موانع الاستعمال النسبية ومنها: وجود فتحة أسفل خط الوسط، أو جراحة سابقة بالحوض (كاستئصال البروستاتا) أو فتق الحوض الممتد غير القابل للاختزال أو عدم القدرة على تحمل التخدير الكلي (في حالة أمراض القلب والرئة).
منظار البطن

ويشير د. إميت إلى أن إجراء منظار البطن لعلاج الفتق يتم بعمل ما بين اثنتين أو أربع فتحات صغيرة بحجم 0.5 سم و1.0 سم من خلال جدار البطن ثم يتم تمرير منظار البطن (تلسكوب صغير مثبت على طرفه إضاءة) والأدوات الجراحية من خلال تلك الفتحات إلى البطن، وتكون الفتحات صغيرة جدا، وبالتالي فإن تلك التقنية بالكامل غالبا ما تسمى جراحة المنظار (حرفياً: ثقب المفتاح)، ثم يتم النظر إلى الفتق من داخل البطن، من الجانب الآخر من جدار البطن، ويتم ضخ غاز ثاني أكسيد الكربون إلى البطن لمنح الجراحة مساحة أكبر للعمل داخل المريض بينما تتم الإجراءات الفعلية عن بعد باستخدام أدوات طويلة، ثم يُغطى الفتق أو الفتحة بشبكة من داخل البطن حيث يتم تثبيتها كرقعة بأنسجة العضلات من خلال غرز.
مضاعفات محتملة

ويبين الدكتور شادي نجم، مختص الجراحة العامة، أن المضاعفات المحتملة، تتراوح نسبة الإصابة بها ما بين 0.5٪ - 6٪، ومنها التعرض وإصابة المثانة البولية وإصابة الأمعاء وإصابة الأوعية الدموية وتشكيل أورام دموية وإصابة الشبكة والجرح بالعدوى، والآلام العصبية، وأخيرا إمكانية تكرار الجراحة، والتي من المفترض أن تكون 1٪، ولكن في الواقع يمكن أن تتراوح ما بين 0.5 - 15٪ في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن تأتي المضاعفات نتيجة الاختيار الخاطئ للمرضى وعدم كفاية خبرة ومعرفة جراح العمليات وعدم امتثال المريض لنصيحة الطبيب بعد الجراحة، ومن عوامل تعرض المريض لتكرار الإصابة بالفتق الشيخوخة وعيوب كولاجين الأنسجة ونقص البروتين وعدم الامتثال لنصيحة الطبيب.
تعليمات وقائية

وينصح د. نجم المريض الذي خضع لجراحة علاج فتق البطن بالمنظار، اتباع بعض الإرشادات بعد الجراحة حتى لا يصاب بالفتق مرة أخرى، وأهمها تجنب القيام بأي أنشطة، والقيادة التي تسبب الألم وتضع ضغطا على الفتحة، إلى أن يسهل تحمل تلك الأنشطة، وينطبق الشيء نفسه على العمل، ويمكن للأشخاص الذين لديهم وظائف مكتبية العودة إلى العمل خلال أسبوع أو أسبوعين في العادة، وربما يحتاج الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم أنشطة شاقة أو رفع أوزان ثقيلة إلى عدة أسابيع للتعافي قبل عودتهم إلى العمل، ويجب الإشارة إلى أن الضغط أثناء حركة الأمعاء يتسبب في الضغط أيضا على الفتحة، ولذلك فمن المهم أن يتبع المرضى نظاما غذائيا غنيا بالألياف وشرب الكثير من السوائل لتجنب الإمساك.

منظار البطن آمن للحوامل

أثبتت جراحة منظار البطن أنها فعالة وآمنة للنساء الحوامل، حيث يمكن إجراء العملية حتى الأسبوع 34 من الحمل، مثل عملية إزالة المرارة، الزائدة الدودية، ويعد الوقت الأمثل هو الثلث الثاني من الحمل، حيث توضع السيدة الحامل على الجانب الأيسر لتقليل الضغط من الرحم المتضخم على شريان الأبهر والوريد الأجوف السفلي، وهناك بعض التعديلات التي تتم أثناء الجراحة لملاءمة الرحم المتضخم وهذه العمليات تحتاج لجراح ذي خبرة وكفاءة عالية، والجدير بالذكر أنه لا توجد حتى الآن أدلة على أن إجراء العملية بالطرق التقليدية أكثر أماناً من جراحة المنظار.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"