دوالي المريء.. «السبب الخفي للأنيميا»

02:29 صباحا
قراءة 6 دقائق
المريء أنبوبة تمتد من البلعوم وتصل إلى المعدة، ومهمته نقل الطعام إلى المعدة، ويدفع المريء الطعام إلى المعدة عن طريق حركة وانقباضات عضلاته التي تتم بصورة دودية على شكل أمواج متلاحقة من الحركة، ويوجد في نهاية المريء عضلة حلقية تنقبض وتنبسط لتساعد على مرور الطعام للمعدة وإذا أصابها خلل في أدائها فإن العصارة المعدية ترتجع إلى المريء، وتسبب ألماً وحرقة داخل المرىء، وهذا الجزء من الجهاز الهضمي يصاب بمرض دوالي المريء، نتيجة بعض الأسباب والعوامل التي سوف نذكرها بالتفاصيل، مع أعراض هذا المرض وأحدث طرق علاجه، وكيفية الوقاية منه.
ينتج مرض دوالي المريء عن انتفاخ في الأوردة الدموية الموجودة في بطانة المريء، خاصة المنطقة السفلى منه، والسبب حدوث احتقان شديد في هذه الأوردة نتيجة ارتفاع ضغط الدم في الوريد البابي، وهذا الاحتقان الحاد يمكن أن يؤدي إلى تمزق وانفجار في بعض هذه الأوردة وحدوث نزيف مستمر، ولذلك يطلق على مرض دوالي المريء السبب الخفي للإصابة بالأنيميا الحادة، وفي بعض الحالات الشديدة من هذا المرض يصاب المريض بفقر دم حاد يقوده إلى الوفاة، إذا لم يتم وقف النزيف ونقل دم إليه، فهذه الحالة تحتاج إلى رعاية طبية طارئة وعناية صحية، ومن ضمن المؤكدات أن هذا المرض يسبب الأنيميا المستمرة، أن معظم دوالي المريء المصابة بالاحتقان تميل إلى تصريف الدم الضغط عليها عن طريق النزف، وغالباً ما يحتاج المريض بدوالي المريء النازفة إلى نقل دم باستمرار، لكي يعوض الفاقد منه ويستعيد كمية الدم الطبيعية في الجسم، التي تنعكس على حالة الجسم الطبيعية من ضغط معتاد ودقات قلب مثالية ومكونات خلايا الدم الطبيعية.
ضغط الوريد البابي

تظهر دوالي المريء نتيجة ارتفاع ضغط الدم في الوريد البابي، وهو الوريد الذي ينقل الدم من المعدة والأمعاء إلى الكبد، وهذا الضغط ناجم عن إعاقة وصول تدفقات الدم إلى الكبد، وبدلاً من أن ينتقل الدم من الطحال إلى الكبد ينتقل إلى الوريد الأجوف العلوي عن طريق أوردة المريء، وفي حالات المرض الحاد للكبد، يزيد الاحتقان في أوردة المريء، وإذا زاد الاحتقان يظهر في مناطق أخرى من الأمعاء وبطريقة أخرى فإن الضغط المستمر على الوريد البابي يؤدي إلى حدوث تليف كبدي، وبالتالي يضغط هذا التليف على الأوردة الداخلية، وبدوره ينتقل الضغط على الوريد البابي وفروعه الوريدية، وأكثر فروع تتأثر هي الأوردة الدموية في المريء، مما يسبب انتفاخها وتمددها بقوة، وتنفجر بعضها من عدم تحمل الضغط المستمر، ويظهر التقيؤ الدموي للحالة، وبالتالي الإصابة بمرض الأنيميا الحاد، وليست أمراض الكبد هي السبب الوحيد في حدوث ضغط الدم في الوريد، فيمكن أن يحدث فرط ضغط دم الوريد البابي أيضاً بسبب حدوث انسداد في الوريد البابي المركزي في الكبد، نتيجة تكون جلطات وتخثرات دموية داخل الوعاء الدموي في الوريد البابي المركزي، فيسد الوريد ويحدث الضغط الهائل كما ذكرنا سابقاً، وهذه الحالة تحدث للمرضى الذين يعانون فرط التخثر في الدم، والإصابة بجلطات في الأوردة الداخلية والكبيرة.
البلهارسيا وأمراض الكبد

تتوفر العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بمرض دوالي المريء، ومن هذه الأسباب مرض البلهارسيا وأمراض الكبد، خاصة في بعض البلاد التي تتفشى فيها أمراض الكبد، ومن أكثر أسباب حدوث هذا المرض، الإفراط في تناول الكحول الذي يسبب التليف الكبدي، وأيضاً تليف الكبد الناتج عن الالتهاب الكبدي الوبائي بفيروس «سي» و «بي»، وبعض أمراض الكبد عموماً، وفي حالة حدوث تجلد في الوريد البابي أو الوريد الطحالي، وكذلك حدوث تجلط في الوريد الأجوف السفلي، وبعض الأورام التي تضغط على الوريد البابي، وحدوث تليف في الحويصلة المرارية، والإصابة بمرض السل، وكشفت الدراسات الحديثة إحصاءات تبين احتمالات نسب الإصابة بمرض دوالي المريء نتيجة عدة أسباب مثلاً أمراض الكبد المزمنة تؤدي إلى إصابة 32% احتمالات الإصابة كما يعد الالتهاب الكبدي الوبائي B، هو السبب الأساسي لظهور دوالي المريء في دول الشرق الأوسط ومصر ودول جنوب شرق آسيا وجنوب أمريكا أما البلهارسيا فتعد السبب الرئيسي في كلا من السودان ومصر وبعض الدول الإفريقية، أما الالتهاب الكبدي الوبائي C فيعد من الأسباب للإصابة بدولي المريء على مستوى العالم.
قيء دموي

لا تظهر أعراض واضحة لمرض دوالي المريء، حيث لا يصدر عنه ألم ولا وجع معين، ولا توجد مشاكل واضحة في عملية البلع، حتى في الحالات المتطورة والأكثر احتقاناً للأوردة التي توجد أسفل المريء، ولذلك ينصح المتخصصون بإجراء الفحوصات الدورية على المريء، خاصة لمرضى الكبد والمسببات الأخرى وذلك عن طريق المنظار الداخلي، أو طرق التصوير المتنوعة للمريء، للتأكد من حالة المريء ومدى وجود الدوالي من عدمه، أو في أي مرحلة وصلت الدوالي، ورغم عدم ظهور أعراض واضحة إلا أن هناك بعض العلامات التي يمكن ملاحظتها، مثل حدوث التقيؤ الدموي وهذا العرض دليل قوي على الإصابة بهذا المرض، كما أن هناك ما يسمى عرض الفضلات أو البراز الأسود، ويحدث نتيجة نزف الدم من المريء ونزوله إلى المعدة واختلاطه بالعصارات الهاضمة، يتحول لونه إلى الأسود عند نزول الفضلات، كما يشعر المريض بحالة من الغثيان وفقدان جزء كبير من الشهية، يتبعه نقص واضح في الوزن، كما يشعر المصاب بحالة من الضعف العام نتيجة النزف المستمر من الدوالي، وفي بعض الحالات يحدث قيء دموي حاد، وبالتالي هبوط ملحوظ في الدورة الدموية، وفي بعض حالات من المرض يصاب الشخص بالدوخة وفقدان التوازن ويغيب عن الوعي، ويصاب المريض بحالة من الأنيميا تنعكس على لون الجلد فيميل إلى الشحوب والاصفرار، وفي الحالات شديدة المرض يتأثر الدماغ من شدة الأنيميا ويحدث اضطراب في النوم وتضعف الذاكرة، ويفقد الشخص كثير من قدراته الذهنية، وفي النهاية يمكن ان يصاب بانخفاض حاد في الدورة الدموية تؤدي إلى حدوث حالة الوفاة.
البالون والكي والربط

للوقاية من مرض دوالي المريء لابد أن يقلع الشخص عن الخمور، والمعالجة التامة من مرض البلهارسيا، كما يعالج مسببات ارتفاع ضغط دم الوريد البابي، ويمكن استخدام المنظار لمعرفة حالة المريء، في حالة تقيؤ الشخص دم مرة واحدة، يمكن إجراء عملية كي للدوالي حتى تختفي وتزول وبذلك نقي الشخص مخاطر هذا المرض، أما بالنسبة للعلاج فأكثر من 50% من نوبات نزيف دوالي المريء تشفى وتتحسن من تلقاء نفسها، رغم ارتفاع نسب الانتكاسة، ولذلك يمكن إعطاء المريض بعض الأدوية التي تساهم في تضيق الأوردة التي اتسعت نتيجة الضغط، وفي السنوات الأخيرة تم الإعلان عن أدوية تعمل أيضاً على تقليل ضغط الوريد البابي وأوردة المريء، وبالتالي يتلاشى فرص النزيف من دوالي المريء، وهذه الأدوية مثل النيترات وتأخذ بشكل يومي منتظم، وفي حالة فشل هذه الأدوية في إيقاف النزيف، يمكن استخدام طريقة البالون الذي يدخل إلى المريء عن طريق الفم ويتم نفخه في المكان النازف بالمريء فيضغط على الأوردة المتسعة أسفل المريء ويوقف النزيف، وهناك أيضاً العلاج التصلبي، عن طريق حقن محلول داخل الأوردة المنتفخة بالمريء باستخدام المنظار، مما يعمل على انكماش هذه الأوردة وهي طريقة فعالة في 88% من الحالات المصابة، لكن لها آثار جانبية مثل تضييق فتحة المريء أو الإصابة بالقرحة، والطريقة الأخرى هي الربط بواسطة المنظار الداخلي، وفيها يتم ربط الأوردة النازفة والمنتفخة بواسطة رباط مطاطي مرن، وتعد طريقة آمنة أكثر من العلاج التصلبي وليست لها أضرار جانبية، ولها نفس نتيجة العلاج التصلبي.

35 %من المرضى في خطر

تشير الدراسات إلى أن مرض دوالي المريء يسبب الإصابة بمرض الانيما الحاد والمزمن، والذي يحتاج لنقل دم باستمرار، وذلك نتيجة القيء الدموي الحاد عبر الفم والنزف إلى أماكن أخرى وتعد من الحالات المرضية التي يمكن أن تسبب الوفاة، حيث يتعرض الأشخاص الذين أصيبوا بنزف دوالي المريء قبل ذلك، ولو لمرة واحدة، لتكرار الإصابة به مرة أخرى بنسبة أكثر من 71%، وتكون خطيرة في بعض المرات بما يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من الدم تنهي حياة المريض، كما يعد نزف دوالي المريء أخطر مضاعفات حالة التشمع الكبدي المرافق لضغط الدم البابي، حيث تؤدي هذه الحالة إلى وفاة ما يقرب من 35% من هؤلاء المرضى، كما تشير الدراسات إلى أن الإصابة بدوالي المريء مع وجود عيوب خلقية أخرى لدى المريض، مثل أمراض المناعة أو مشاكل في القلب، يرفع ذلك من نسب حدوث الوفاة إلى 45%، كما تزيد نسب الوفاة بين أولئك الذين يلجأون إلى العلاج الجراحي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"