هذه المرة سوف نتحدث عن قمم الجبال حيث توجد في الإمارات مرتفعات جبلية حاضنة لتاريخ المنطقة منذ قرون طويلة، وفي تلك القمم عاش سكان الجبال من الحبوس والشحوح ومارسوا حياتهم وعاداتهم وحرفهم في تلك البيئة الجبلية التي تفاعلوا معها وتأثروا بطبيعتها القاسية وظروفها الصعبة، وتمتد سلسلة جبال الحجر في إمارة رأس الخيمة من منطقة الجير إلى خت حيث تتفاوت قمم الجبال وارتفاعاتها في هذا السلسلة الغنية بالحياة النباتية والحيوانية والتي تنخفض فيها درجات الحرارة إلى تحت الصفر مما يجعلها منطقة سياحية مميزة لا مثيل لها في الإمارات والخليج العربي، وهنا نتوقف عند أعلى القمم الجبلية التي توجد في إمارة رأس الخيمة وهي:
جبل جيس: يرتفع هذا الجبل إلى أعلى قمة في الإمارات حيث يصل من 1840 إلى 1900م عن سطح البحر وهو يطل على منطقة غليلة في القطاع الشمالي من مدينة رأس الخيمة، وقد تصل فيه درجة الحرارة إلى ما دون الصفر في الشتاء وأحياناً تغطي قمته الثلوج، وجار الآن الإعداد لأضخم مشروع سياحي سيقام في قمة جبل جيس، ويصل هذا الجبل طريق إسفلتي جار تنفيذه منذ عدة سنوات وهو يمتد حوالي 45 كيلومتراً إلى قمة الجبل، ويوجد في أعلى الجبل استراحة ومزرعة لصاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، يزرع فيها التفاح والعنب وبعض الفواكه، وإن ما يميز هذا الجبل إطلالته على مدخل الخليج العربي ووقوعه بالقرب من سلسلة رؤوس الجبال ما يعتبر أجمل المناطق الطبيعية التي حباها الله لشعب المنطقة .
الجبل الأحقب: جبل الأحقب من جبال رأس الخيمة ويرتفع 1398 متراً عن سطح البحر وهو يطل على وادي البيح ووادي قداعة، يعتبر من القمم الجبلية في الإمارات بعد جبل جيس والمبرح، ويتميز هذا الجبل الذي يسمى بالأحقب بوجود خط أبيض يمتد على طول الجبل يستطيع الناظر أن يميزه عن بقية الجبال، وكانت السفن القادمة تميزه من خلال علامة تظهر لهم وهي الخيط الأبيض الذي يحيط بالجبل الأحقب فيطمئنون إلى وصولهم إلى بلدهم حيث أول ما يظهر للقادمين من السفن التجارية قمة هذا الجبل فيعرفون أنهم في رأس الخيمة، وكلمة أحقب من الحقب أي الذي يحيط بالجبل من العلامة أو البروز لكنها علامة بيضاء تميزه .
ويحتضن أسفل جبل الأحقب مورد الغيل وهو نبع ماء بارد ترتوي منه الحيوانات والطيور وكان قديماً يستغل للشرب، وعلى الجبل تنمو أشجار الميز والشوع والسقب وهو التين الجبلي، وتوجد بالقرب من الجبل الأحقب مقبرة لها شواهد كبيرة لا يعرف تاريخها ويذكرها كبار السن بأنها من مئات السنين، وتتكاثر على قمة جبل الأحقب نوع من المحار والحلزون، وهي من القواع البحرية التي يعتقد أنها تعود إلى حقب سحيقة عندما كان البحر يغطي هذه الجبال، وتتوزع بين منحدرات الجبل الأحقب البيوت التقليدية لسكان المنطقة من الحبوس وهو البيت الذي يسمى (العلقي) .
جبل المبرح: هو من الجبال المرتفعة حيث يرتفع إلى نحو 1527 متراً، وهو من جبال رأس الخيمة ويتميز بدرجة حرارة منخفضة وجوه اللطيف، وكان مصيفاً لبعض العائلات من المنطقة، ويوجد به (الرادار) نقطة المراقبة التابعة للقوات المسلحة، ويطل هذا الجبل على المنطقة الشرقية ودبا ويحتضن الكثير من القرى والمناطق الجبلية في رأس الخيمة، وتوجد فيه أشجار النخيل والسقب والميز، ويطل على قرى صغيرة (مرة) و(معارك)، أنشأت الدولة طريقاً ممهداً إلى قمة الجبل وقد تصل درجة حرارته في الشتاء إلى تحت الصفر، هذه بعض الجبال التي لا تزال أرضاً بكراً لم يكتب عنها أحد مع أنها تحتوي على الكثير من الآثار والمباني والمساكن التي لا يعرف تاريخها ما يدل على قدم هذه المنطقة وأصالتها التاريخية .
وتوجد جبال أخرى في رأس الخيمة مثل (جبل الصورة) وهو يقع في نهاية وادي نقب ويتوسط بين الأحقب والمبرح، ومن الجبال (جبل قرنقوش) ويقع في منطقة غليلة، ومن الجبال جبل هارك وهو قائد إنجليزي قتل أثناء دخول الإنجليز إلى ضاية عام 1819م ولا يزال قبره موجوداً، يعرفه أهالي المنطقة .
