التهابات المفاصل من توابع النقرس

22:48 مساء
قراءة 6 دقائق
يهاجم مرض النقرس، الكثير من الأشخاص في مختلف الفئات العمرية المتباينة، والنقرس يرتبط في أذهان غالبية الناس بتناول كميات كبيرة من اللحوم الحمراء؛ لذا يعده بعضهم مرض أغنياء المجتمع، ومن الملاحظ في السنوات الأخيرة انتشار هذا المرض بين الكثير من الشباب، والنقرس عموماً يسبب ألماً شديداً في بعض مفاصل الجسم، وتستهين بعض الحالات بهذا المرض وتؤجل علاجه، ما يسبب لهم أضرار جسيمة فيما بعد، ومن الضروري أن يسارع أي شخص يشعر بنوبة ألم حاد في أحد مفاصل الجسم إلى الطبيب المختص؛ حيث يمكن السيطرة على هذه المشكلة من البداية وعدم تطورها وتفاقمها
من المضاعفات التي يمكن أن تحدث في حالة إهمال العلاج، سرعة تكوين الحصوات الكلوية، والإصابة بمرض النقرس المزمن والشديد، وتظهر تجمعات لحمض اليوريك في أجزاء مختلفة من الجسم، وفي هذا الموضوع سوف نوضح أسباب الإصابة بمرض النقرس وأنواعه، والعوامل التي تحفز ظهوره، مع طرح بعض طرق وأساليب العلاج المتبعة.
حمض اليوريك
يهاجم مرض النقرس المفاصل في جسم الشخص، ويسبب بها بعض الأضرار والألم، والسبب الرئيسي للإصابة بهذا المرض هو فرط حمض اليوريك أو حمض البول في الدم، وهذا الفرط ناجم عن عدم قدرة الكلى على التخلص من هذا الحمض بالطريقة الطبيعية، أو نتيجة زيادة إنتاج الجسم لهذا الحمض في الدم، ومرض النقرس له حالتان أو نوعان، الأولى أنه يصيب الشخص دون سابق إنذار ويصبح مرضاً مستقلاً بذاته، والثانية يمكن أن يكون هذا المرض مصاحباً لمشاكل صحية أخرى أو تابعاً لمرض آخر، أو نتيجة التضرر من الآثار الجانبية لبعض الأدوية، والتفسير العملي لهذا المرض هو حدوث التهابات في المفاصل، نتيجة زيادة مستوى حمض اليوريك في الدم، التي تسبب حدوث ترسيبات صلبة لبلورات هذا الحمض داخل مفاصل الجسم، ما يؤدي إلى احتكاك وتلف والتهابات شديدة في المفاصل، وغالباً ما تحدث هذه الترسيبات في مفاصل القدم وأصابع اليد، كما يمكن أن يحدث تكوينات لهذه البلورات في مفاصل الركبة والكاحل، وفي معظم الحالات يبدأ الترسيب في حوالي 52% من المصابين في مفصل إصبع القدم الكبير، مسبباً ألماً في الكعبين أثناء الوقوف يشبه وخز إبرة في الكعبين، وهناك احتمالات لتطور وتفاقم مرض النقرس ويصبح من النوع المزمن والحاد في حالة إهماله وعدم علاجه جيداً، لدرجة أنه يصبح مرضاً ملازماً للشخص لفترات طويلة من حياته، كما يمكن أن تترسب هذه البلورات في الجلد وداخل الكلى، ما يسهل في تكوين الحصوات المستمرة، ويضعف وظائف الكليتين.
خلل الكلى
ينتج حمض اليوريك بصورة طبيعية من تفكك وانهيار خلايا الجسم بشكل دوري؛ لأن الخلايا تموت بعد انتهاء عمرها وتحدث عملية الإحلال والتجديد بشكل منتظم في الجسم، باستثناء أنواع معينة من الخلايا مثل خلايا الدماغ، ويخرج حمض اليوريك كنتيجة طبيعية لتفكك وتحلل هذه الخلايا، الذي يعد في هذه الحالة نفايات، ثم ينتقل هذا الحمض إلى الدم ليتم التخلص منه وطرحه خارج الجسم، عن طريق الكليتين اللتين تستخلصه من الدم وتنقله إلى البول ويخرج بصورة طبيعية، وعند حدوث خلل في عملية التخلص منه داخل الكليتين يصاب الشخص بمرض النقرس؛ حيث لا تستطيع الكليتان التخلص من حمض اليوريك بالصورة المطلوبة فقد تستخلص نسبة بسيطه منه وتطرحها خارج الجسم، على الرغم من أن الجسم ينتج الكميات الطبيعية من هذا الحمض، ولكن المشكلة تكون في ضعف معدلات التخلص من هذا الحمض، وبالتالي يترسب حمض اليوريك في المفاصل محدثاً ضرر مرض النقرس، أما السبب الثاني لزيادة هذا الحمض هو قيام الجسم بإنتاج كميات ضخمة من حمض اليوريك بصورة غير طبيعية، ما يسبب عدم مسايرة وملاحقة التخلص من هذه الكميات بالدرجة التي تحدث توازن وجود هذا الحمض بالدم، والنتيجة ترسب حمض اليوريك في أنسجة المفاصل والغضاريف والعظام، وتتفاعل البلورات المترسبة مع هذه الأنسجة مسببة التهابات مرض النقرس.
مجموعة محفزات
يوجد بعض العوامل التي تحفز على ارتفاع حمض اليوريك في الدم، ومنها الإفراط في تناول كميات كبيرة من الأطعمة التي تحتوي على مادة البيورين كاللحوم الحمراء وبعض الأسماك والمحار وتناول كميات كبيرة من المشروبات الغازية، وإدمان الكحول هو عامل كبير يساعد على حدوث هذه المشكلة، ومن المحفزات على ظهور هذا المرض أيضاً تعاطي بعض الأدوية مثل أدوية القلب والأسبرين والأدوية المدرة للبول والخضوع فترة للعلاج الكيماوي، وأدوية تثبيط المناعة التي تُعطى في حالة زراعة عضو جديد بالجسم مثل الكلى وفص الكبد، كما يمكن لبعض الأمراض المزمنة أن يكون لها دخل في المساعدة على ظهور هذا المرض؛ لأنها تسبب ارتفاع نسبة حمض اليوريك بالدم، مثل ارتفاع ضغط الدم المستمر وزيادة معدل الكوليسترول الضار بالجسم، ومرض السكري بنوعيه، والتعرض للإصابة بمرض تصلب الشرايين، كما أن التعرض لبعض أنواع العدوى له دور أيضاً، والإصابة بمرض الجفاف الناتج عن قلة سوائل الجسم، وأثبتت الدراسات أن العامل الوراثي يحفز على الإصابة بهذا المرض بنسبة كبيرة تصل إلى 40%، كما يمكن أن تسبب إصابة المفصل أو الخضوع لعملية جراحية أو تعرضه لأي ضرر أحد العوامل التي تساعد على الإصابة بالنقرس.
ألم وتورم
يحدث الألم نتيجة تحول حمض اليوريك إلى بلورات صلبة على شكل إبر مدببة، وهذه البلورات تخترق المفاصل وتحدث وخزاًَ حاداً يسبب الشعور بألم شديد، الذي يعد من بدايات أعراض مرض النقرس، ثم تظهر بعض الأعراض الأخرى ومنها سخونة والتهاب المفاصل، والتورم والاحمرار في منطقة المفصل وحولها، ودرجة عالية من الحساسية أثناء لمس أماكن الجسم المصابة، وغالباً ما يبدأ مرض النقرس بإصابة مفصل إصبع القدم الكبير بنوبة من الألم والالتهابات، وتورم واحمرار يظهران عند الاستيقاظ من النوم في الصباح، وعند تفاقم المرض ينتقل إلى بعض المفاصل الأخرى مثل مفاصل الكفين والمعصم والكاحل والركبتين مع مفاصل القدم، ثم يحدث تطور أكبر للمرض متمثلاً في الالتهابات المزمنة في مفاصل الأطراف، مع ظهور ورم متصلب تحت الجلد في منطقة المفصل المصاب، وفي معظم الأوقات تحدث نوبات الألم أثناء الليل بشكل مفاجئ، ويمكن أن يمتد الألم مع المريض لفترة تصل إلى 7 أيام وأحياناً تزيد إلى 15 يوماً، ثم يتراجع الألم ويزول بعد هذه الفترة، وفي بعض حالات من الأشخاص المصابين يستمر النقرس معهم فترة أطول تزيد على 30 يوماً؛ بل يمكن أن يطول المرض لعدة شهور متواصلة دون أن يشعر به المريض، كما توجد حالات أخرى من المصابين بالنقرس تهاجمهم نوبة الألم فجأة وبشكل متكرر ومنتظم؛ وذلك في عدد كبير من مفاصل الجسم المختلفة، ويسبب لهم حالة من عدم الراحة والتعب والإنهاك.
حلول ناجحة
يجب إيقاف تطور مرض النقرس لمنع الإصابة بحالة التشوه والإعاقة الدائمة في المفصل، وهناك بعض الطرق والأساليب الجيدة لعلاج هذه المشكلة؛ حيث يتوفر العديد من العقاقير والأدوية لإيقاف تطور هذا المرض والتخفيف من أعراضه، وتوجد بعض العلاجات المنزلية التي تنفع مع حالات كثيرة وتعطي نتائج عالية، ومن هذه الأدوية مضادات الالتهاب والمسكنات، وهناك أدوية تحفز الكلى على التخلص من حمض اليوريك، وأدوية تمنع الجسم من الإفراط في إنتاجه، ومن العلاج المنزلي تقليل كمية اللحوم والبيض والألبان والمكسرات والسمك، وزيادة الأطعمة المحتوية على السوائل مثل الخس والبصل والخيار والملفوف والبطيخ، وتناول مشروبات القرفة والنعناع والبقدونس واليانسون والكمون، وتناول 15 كوباً من السوائل والمياه يومياً، ويمكن وضع كمادات من الثلج على المفصل المصاب لمدة 15 دقيقة، وتناول عصير البرتقال الطازج، وتناول المشمش والعدس والفاصوليا؛ لأنها تعد مصدر البوتاسيوم المفيد لعلاج هذه المشكلة.

أسباب متنوعة

تشير الدراسات الحديثة إلى أن عدد المصابين بمرض النقرس في ارتفاع مستمر في جميع دول العالم، حيث يوجد حوالي 7 ملايين شخص مصاب بهذا المرض في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، وتسبب حالات الإفراط في حمض اليوريك الناجمة عن قصور الكلى في التخلص من هذا الحمض في إصابة نحو 92% من إجمالي المرضى بهذا المرض، و8% المتبقية يكون السبب فيها هو زيادة إنتاج هذا الحمض داخل الجسم، وتختلف معدلات الإصابة تبعاً لحجم إفراط اليوريك في الدم، كما أن النظام الغذائي غير الصحي يسهم في إصابة 15% من إجمالي هؤلاء المرضى، ومرض النقرس يهاجم الرجال أكثر من النساء، وعند بلوغ المرأة سن اليأس تصبح أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض، والأشخاص الذين يعانون مرض التخمة والسمنة هم الأكثر إصابة بهذا المرض، وأيضاً الأشخاص المدمنين للكحوليات، ويعتبر الأطباء مرض النقرس السبب الرئيسي للإصابة بأمراض والتهابات المفاصل، وأطلق عليه اسم داء الملوك لأنه كان منتشراً بين ملوك أوروبا إبان العصور الوسطى وجاءت التسمية من هذه الفترة التاريخية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"