"السمحة" كرم الدولة ووفاء السكان

تحمل اسم "طوي" عميقة
03:22 صباحا
قراءة 6 دقائق

السمحة منطقة ينتشر بها عبق الماضي، تجد الشقوق على جدران بيوتها الصامدة، بينما ركام جدران أخرى ينطق بفترة ولادته في العام ،1975 حين أمر المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد ببناء تلك البيوت الشعبية الأربعين لسكان المنطقة الذين تمسكوا بحياتهم فيها، ثم نقلهم منها بعد أن اتسعت العوائل في العام 1982 إلى بنيان جديد ومن ثم إلى أحدث .

تبعد المنطقة عن مدينة أبوظبي ما يقارب 65 كيلومتراً، حيث تقع على الطريق الرئيس المؤدي إلى دبي، بالقرب من بدع خليفة والسميح، وتتسم بتنوع بنيانها، فتحمل القديم من البيوت والحديث والأحدث، تشتهر السمحة بقربها الشديد من غابات السميح المحمية، التي تعد من المناطق البارزة في الدولة .

أحد أقدم سكان المنطقة خادم بن محمد بن مطر الرميثي، عضو المجلس الاستشاري الوطني بأبوظبي، من الذين قطنوا في البيوت الشعبية التي أمر المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد ببنائها في العام 1975 . عن تلك الحقبة يقول: #187;كنت أحد المرافقين للمغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، أيام حكمه مدينة العين حيث أنجبت أول أبنائي هناك، ثم قطنا السمحة، حيث كنا في تلك الفترة من البداة المتنقلين من مكان لآخر، فنزح بعض البداة إلى مناطق الختم وجرن يافور #187;مدينتي بني ياس والوثبة#171; والظفرة وغيرها، حيث كان البداة يرحلون من بقعة لبقعة بحثاً عن الماء والمرعى، وحين قطنا السمحة في الستينات من القرن الماضي كنا نعد هذا المكان مقرنا#171; . وحول تسمية السمحة بهذا الاسم يقول: #187;أعتقد أن السبب كونها سهلة أي سمحة، فالذهاب إلى دبي من أبوظبي والعكس يمر بالسمحة، التي تعد طريقاً سهلاً، يتوفر به #187;طوي#171; أي بئر مياه سميت باسم السمحة، وهذه البئر تختلف عن بئر منطقة السميح القريبة منها، فهي أكثر عمقاً حيث يصل عمقها إلى خمس #187;قيم#171;، وكلما كانت البئر أعمق كانت أنقى#171;، ويقول عن البيوت الشعبية: #187;بنيت أول بيوت شعبية بأمر المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد في العام 1975 وكنا حينها تقريباً 30 عائلة من الرميثات، وبنى لنا 40 بيتاً، وعقبها بنى بيوتاً في الثمانينات انتقلنا إليها، وتركنا البيوت الأولى لعوائل أخرى، ومع انتقالنا وفر لنا كل احتياجاتنا، وسواء في حياة البداوة أو حياتنا بعد بناء تلك البيوت، لم يكن علينا شيء صعب في حياة زايد، فلم نشعر بنقص بأي من مستلزمات الحياة، فحياتنا طيبة منذ عرفناه إلى يومنا هذا، ويشير إلى شكل التغيير في الحياة بعد الاتحاد#171;، ويصف أيام الشباب قائلاً: #187;كنا نتزاور على الركاب #187;الجمال#171; وبوجود زايد الخير، لم تكن هناك صعوبة، حيث كان المغفور له بإذن الله تعالى ناشراً للعدل، ونقلنا نقلة لم نكن نحلم بها، بعدما كنا نشد الجمال ونركب وننزل، أصبح لدينا سيارات، وكانت النقلة مفاجأة لنا#171; .

ويحدثنا خليفة بن أحمد بن سيف الرميثي عن الخدمات في تلك الحقبة قائلاً: #187;برغم أن العوائل في ذلك الحين أي العام 1975 كانت تعد على الأصابع، إلا أن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد لم يوفر لنا المسكن فقط، إنما قدم معها الخدمات، فزايد الخير لم يكن يقدم على أمر إلا وأكمله، بل وفاق في اتمامه، حيث قطنا المكان ووجدنا فيه المحال التجارية التي توفر لنا كل ما نحتاجه، حتى لا نتحرك لنحصل على احتياجاتنا باتجاه منطقة الشهامة أو الفاية، وهذا الأمر ليس في السمحة فقط بل في كل قرية أو منطقة أمر فيها المغفور له بإذن الله ببناء البيوت العشبية، ففي كل منها 10 و15 محلاً تجارياً من هنا أي السمحة حتى إلى جرن يافور، وكانت تلك المحال تضم الأغذية والأعلاف للهجن والماشية والخياطين، وتلتها ورش لتصليح السيارات، وبنيت لنا عيادة طبية منذ ذلك الوقت، لكن أزالوها لقدمها، وكذلك أنشئت مدرسة للأولاد والبنات#171;، ويشير إلى أن المنطقة بعدما كانت تخلو إلا من الأرانب والظباء ويكثر فيها القنص، تحولت فجأة إلى مكان عامر .

أما محمد بن مطر الرميثي، متقاعد ، فيحدثنا عن السمحة قائلاً: #187;بنيت البيوت الشعبية في مقتبل السبعينات من القرن الماضي، وكانت تلك المنطقة هي أول منطقة تسكن بشكل نظامي وتسمى حالياً #187;السمحة غرب#171;، وسكنت بالتحديد في العام 1975 ولكن لم يكن فيها كهرباء في ذلك الحين، بينما توفرت لها المياه من خلال بناء خزان ماء بالقرب من المسجد الذي بني في تلك الفترة، مدت منه أنابيب المياه إلى البيوت الشعبية الأربعين، ففي ذلك العام كان الاعتماد على مولدات كهربائية توفرت مبدئياً لقضاء الاحتياجات، وكانت تعمل لساعات معدودة في اليوم لعدم تحملها الضغط، وبعدها بعام دخلت الكهرباء إلى البيوت،، وكانت هذه المرحلة خيالية بالنسبة لنا، حيث فجأة انتقلنا من الاعتماد على الآبار وسكن العرش إلى بيوت ذات جدران ومياه من الخزانات تدخل كل بيت#171;، وحول المرحلة السابقة لبناء البيوت يقول: #187;كنا بداة في منطقة قبل سويحان في غابات نصاصة، ومورد وننتقل منها لسويحان وغيرها، وكانت التنقلات في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، بحسب الموراد أي الآبار، وفي السبعينات سأل المغفور له بإذن الله الشيخ زايد عمي خادم بن محمد بن مطر الرميثي عن مكان سكنانا فقال له: نقطن في الخيم، والعرش #187;البيوت المصنوعة من سعف النخيل#171; في منطقة السمحة التي شيدناها في الستينات، وفي أوائل السبعينات أمر الشيخ زايد ببناء بيوت شعبية للبدو في مناطقهم، لأن البدو متمسكون ببداوتهم والموارد التي يعيشون عليها، فحكمة الشيخ زايد الكبيرة جذبت البداة للعيش في حياة أكثر راحة دون أن يفقدوا مكوناتهم الثقافية والتي يتمسكون بها، فبنى لنا البيوت والمدارس وقدم الخدمات في المكان ذاته، وأمر بناء بيوت شعبية في مناطق أخرى كسويحان والفقع والهير وبني ياس والوثبة، وفي الثمانينات قل عدد البدو الذين يسكنون العرش أو كادوا يختفون، وأصبحت المناطق التي كان يقطنها البدو عبارة عن شعبيات#171; . ويؤكد محمد بن مطر الرميثي أن المناطق كانت تسمى بأسماء الآبار فيها، فالسمحة سميت باسم بئرها، وحول الفرق بين تلك الفترة والحالية يقول: #187;مسألة الترابط الاجتماعي والزيارات كانت في تلك الفترة أفضل، أما اليوم فكل مشغول بنفسه وعمله، فيقضي يومه حتى المساء في العمل ثم يعود إلى بيته، واللقاء أصبح تقريباً يقتصر على أيام الجمع ففي تلك الأيام كانت الناس تجتمع في الصباح قبل أن يذهب كل لعمله، فيتحادثون ويعرف كل واحد منهم أين سيذهب الآخرون، أصبح الهاتف النقال بديلاً لتلك الجلسات، بينما الحياة اليوم أفضل مادياً#171; .

علي بن خادم الرميثي، مسؤول إداري أول في مجلس أبوظبي للتوطين، يقول عن السمحة قديماً وحديثاً: #187;أول بناء للبيوت الشعبية في السمحة كان في المنطقة الغربية منها، ولذلك تسمى اليوم السمحة غرب، وهي المنطقة التي تضم أول بيوت في المنطقة وأول مسجد ومحال من تلك الفترة ومدرسة، تحولت حالياً إلى مركز لنادي تراث الإمارات، إلا أن المكان لم يبق على حاله منذ تلك الفترة، حيث تمت إزالة عدد من المباني في عهد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، إلا أنه أوقف الإزالة وأمر بالبقاء على ما بقي منها كونها جزءاً من تاريخ هذا المكان، وكانت الخدمات متوفرة في وقت بناء البيوت، ومازال محل تصليح السيارات والإطارات موجوداً حتى اليوم، بينما بقي واحد أو اثنان من المعلمين الستة الأردنيين الذين استقطبهم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، وأذكر منهم علي غرايبة وحماد وسمير وسلامة وعلي#171; . ويقول حول مراحل التنقل في المدينة: #187;أول الأماكن التي بنيت فيها البيوت كانت المنطقة الغربية من السمحة، وسكناها في العام ،1975 ثم جاء أمر بإخلاء المساكن والانتقال إلى أخرى، أحدث أمر ببنائها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد في المنطقة الشرقية من السمحة وتسمى حالياً السمحة شرق في العام ،1982 بينما وزعت بيوتنا القديمة على عوائل أخرى، وكان عددها 40 بيتاً في السمحة غرب ارتفع عددها في السمحة شرق إلى أكثر من 50 بيتاً، وانتقلنا بعدها في مطلع العام 2000 إلى بيوت أكثر اتساعاً في منطقة السمحة خلف #187;محطة أدنوك#171; المعروفة على الشارع العام المؤدي إلى دبي، وكان الانتقال من بيوت لأخرى بسبب اتساع عدد العائلة الواحدة، ووفرت لنا كل سبل الراحة مع متغيرات الحياة، إلا أننا مازلنا نحن إلى تلك الأيام التي سكنا فيها البيوت الأولى، حيث كان عمري وقتها تقريباً 7 سنوات، وكان مكان لعبنا أمام المحال القديمة#171; .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"