احتقار العلوم

03:02 صباحا
قراءة دقيقتين
في إحدى المناسبات الاجتماعية، وخلال هذا المجلس النسائي، تدور عدة نقاشات وحوارات، البعض منها مفيد والآخر بحق يجلب لك الذهول ولا أكثر. من تلك الحوارات، سيدة سألت صديقتها عن أحوال أسرتها، فأجابتها، بأن أحد أبنائها تم ابتعاثه للخارج لدراسة الفندقة.

ضج المكان من تلك السيدة وهي تقول: هل أنت جادة؟ ووسط ذهول واستغراب من الكثيرات، واصلت حديثها وقالت، هل الفندقة باتت علماً نبتعث أبناءنا لدراسته؟ هذه السيدة، وغيرها كثيرات، قد تجدهن على درجة سطحية من التعليم ورغم هذا يطرحن آراء تخص مستقبل الآخرين والحكم عليه، وأعتقد أن مثل هذا التدخل ومحاولة التقليل من تطلعات وأحلام الآخرين تنم عن أنانية وتعال غير مبرر.
في المجتمعات العربية شواهد عدة للتقليل من دور عدة برامج علمية مهمة، فهناك نظرة سطحية لعلوم الميكانيكا والكهرباء والعمران، والبرامج التي تقدم دبلومات في هذا السياق تعاني شحاً في عدد دارسيها وعزوفاً رغم أهميتها وأيضاً ما يمكن أن يتحقق من ورائها من مكسب مالي ليس قليلاً.
وأنا لا أعمم على جميع المجتمعات العربية، لكن هناك البعض منها من تنتشر فيها آراء رافضة أو تنظر لمثل هذه العلوم نظرة غير موضوعية ومحملة بالتعالي والاستخفاف بأثرها وأهميتها في أي مجتمع.
الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية إبراهام لينكولن، قال في عصر قديم مقولة صداها مستمر حتى اليوم، وهي: «العلم رأسمال لا يفنى».وهو محق تماماً، فالعلم، أي علم، هو الجوهر وهو الفائدة التي ستبقى معنا جميعاً، من دون أن نعلم نحن عندما نحتقر تخصصاً أو علماً (ونحن في الحقيقة نجهله) فإننا نسيء لعدد كبير من الناس الدارسين لهذا التخصص والعاملين به.
كم من طالب جامعي يشعر بالخذلان والإحباط ويعتقد أن لا دور له في مجتمعه، والحقيقة عكس ذلك تماماً، لذلك قبل إطلاق أحكام لا أساس لها سوى نظرة اجتماعية فارغة محملة بالحماقة، يجب علينا أن نبحث ونقرأ.
وأقول لأي شخص واجه عقليات جامدة غير قابلة لاستيعاب العلوم الأخرى: لا تسمح لأفراد في مجتمعك بأن يدمروا مجاديفك، اليوم ينقدونك وقد يحتقرونك وغداً يعتمدون عليك، ويستجدون مساعدتك لهم، لأن العلم الذي سعيت نحوه هو رأس مالك الحقيقي في هذه الحياة، وهو رأس المال الذي لن يفنى أو يخذلك في أي وقت. توجه نحو العلوم، أياً كانت، ونحو العلم، مهما كان نوعه وتخصصه وستحقق أحلامك.

شيماء المرزوقي

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"