ضيق التنفس النفسي يؤدي إلى الاختناق

00:38 صباحا
قراءة 6 دقائق


يظن الكثير من الناس أن الإصابة بمشكلة ضيق التنفس ترجع إلى وجود سبب عضوي فقط، ولكن هناك أسباب أخرى يمكن أن تؤدي إلى هذه الحالة، حيث أثبتت دراسة أوروبية حديثة أن الصحة العقلية يمكن أن تؤثر في الصحة البدنية.
ويظهر هذا التأثير واضحاً في معاناة البعض صعوبة التنفس أو ضيق في التنفس، وذلك بسبب التعرض لاضطرابات نفسية، كالقلق والتوتر أو أحد أشكال الرهاب، وكذلك نتيجة الإصابة بالاكتئاب أو التعرض لصدمة قوية، ولذلك يطلق على هذه الحالة ضيق التنفس النفسي.
تختلف شدة الحالة من إنسان لآخر، فربما كانت مجرد حالة عابرة عند البعض، والتي تزول عند زوال المؤثر النفسي، أو بمجرد خروجه إلى منطقة واسعة، وكذلك عندما يهدأ وتعود له حالته الطبيعية.
وتستمر هذه المشكلة لدى البعض الآخر، وتهاجهم على شكل نوبات مستمرة، وفي بعض الأحيان فإن المصاب يتعرض للاختناق أو الإغماء، وهو الأمر الذي يستدعي الحصول على رعاية طبية بشكل فوري.
ونتناول في هذا الموضوع ضيق التنفس النفسي بكل تفاصيله، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه المشكلة، وكذلك أعراضها التي تظهر وتميزها على الحالات المتشابهة، كما نقدم طرق الوقاية التي ينصح بها الباحثون، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة لهذه الحالة، والدراسات التي تمت في هذا الشأن.

الخوف والقلق الشديد

توضح دراسة فرنسية حديثة أن ضيق التنفس يعد شكلاً من أشكال استجابة الجسم للدفاع عن نفسه، وذلك عند التعرض للخوف أو القلق، وبالرغم من أن حياة من يتعرض لهذه الحالة لا تكون في خطر بشكل مباشر، إلا أن الجسد لا يزال على استجابته لحالة القلق والخوف.
ويقول أحد الباحثين إن السبب الأساسي وراء الشعور بضيق التنفس النفسي هو مرور الشخص بحالة من الخوف، أو القلق الشديد تجاه شيء ما أو أمر مزعج، وفي بعض الحالات يكون نتيجة التعرض للاكتئاب نتيجة إحدى المشاكل.
ويصاب الكثيرون بهذه الحالة من ضيق التنفس، والتي ترتبط بسبب غير عضوي، إلا أن الأمر من الممكن أن يتطور مع البعض إلى الحد الذي يصاب بالاختناق، وربما تعرض للإغماء، وهو ما يتطلب إسعافه على وجه السرعة.
ويمكن أن نرجع السبب وراء الإصابة بضيق التنفس النفسي إلى وجود مشاكل حياتية، أو في العمل يتعرض لها المصاب بهذه الحالة.

كثرة المشاكل

تعزز كثرة المشاكل في بعض الأحيان من سيطرة الأفكار السلبية على الشخص، وهو ما يؤدي إلى أن الدماغ يفرط في إفراز هرمونات التوتر، ويعد عدم القدرة على التنفس بصورة سليمة، أو التوقف عن التنفس لوقت قصير للغاية أبرز أعراض هذه الهرمونات.
ويعزو البعض هذا الاضطراب إلى تعرض الشخص إلى صدمة كبيرة، مثل موت أحد المقربين أو الوالدين أو الحوادث الفاجعة، وهو ما يتسبب في زيادة الإجهاد والتوتر، وبالتالي التعرض لحالة ضيق التنفس.
وتسيطر الأحداث الصادمة أحياناً على ذهن وتفكير البعض، مسببة تأثيراً سلبياً في السلوكيات اليومية، وينعكس ذلك على الصحة النفسية، ويظهر بشكل واضح في صورة ضيق التنفس.
ويمكن أن يتعرض المصابون بأحد أنواع الخوف المرضي أو الفوبيا لضيق التنفس النفسي، والذي يعد أحد أعراض هذا الاضطراب.
ويمكن أن يرتبط ضيق التنفس النفسي بالإصابة بالاكتئاب، وفي بعض حالات الاكتئاب المصاحب لضيق التنفس يكون بسبب سلوك مكتسب من الأبوين ينتقل بدوره إلى الأطفال بصورة سريعة، وذلك عند استخدام الأهل لسلوكيات غير مرغوبة، كالغضب من كل شيء وسوء الظن.

الشعور بالاختناق

يعاني المصاب بضيق التنفس النفسي عدداً من الأعراض، والتي ترتبط بالقلق، ومن أبرز هذه الأعراض ضيق في الصدر وعدم القدرة على حبس الأنفاس، وفي بعض الأحيان يصل الأمر إلى الشعور بالاختناق، وذلك عند التعرض لإحدى نوبات القلق أو التوتر.
وتشمل أعراض هذه الحالة أيضاً فرط التنفس، والشد العضلي، وأيضاً خفقان القلب، حيث يبدو وكأن نبضاته صارت أقوى أو أسرع.
ويشعر بعض المصابين بهذه الحالة أن هناك نتوءاً في الحلق، ويمكن أن يصاب البعض بالإغماء أو الدوار، ويعاني آخرون غثياناً أو انزعاجاً في المعدة، وربما وصل الأمر إلى الأرق وحالة من التهيج.

فوري ونفسي

يعالج ضيق التنفس النفسي بعدة طرق، والتي تحد من حدوث هذه الحالة بصورة تدريجية، ويرتبط نجاح هذه الطرق باستجابة جسم المريض والقدرة على تقبل طرق العلاج المتنوعة.
وتشمل أساليب التداوي علاجاً فورياً وآخر نفسياً، فالأول عندما يصاب الشخص بضيق التنفس فإنه ينبغي نقله إلى الطوارئ ليتم إسعافه بسرعة، حتى لا تتضرر بعض أجهزة الجسم من قلة الأكسجين، وخاصة خلايا الدماغ، التي تحتاج إلى سرعة في وصول تدفقات الدم، ويعالج المصاب بإحدى الطريقتين، أو بكلتيهما، وذلك وفقاً للحالة.
ويعالج المصاب بالطريقة الأولى من خلال الأكسجين، كحل فوري واضطراري، وذلك إذا استمر ضيق التنفس مدة طويلة سببت حالة من الاختناق المؤذي.
وتقوم أقنعة الأكسجين بتعويض ما فقد منه في الدم، كما أنها تخفف من العبء التنفسي على الرئتين والعضلات التي تحيط بهما، وتحد كذلك من أي أضرار محتملة من الممكن أن تؤدي إليها قلة الأكسجين في الدم.
ويستعمل المورفين في الطريقة الثانية للتقليل من الأحاسيس التي تهاجم المريض عند تعرضه لضيق التنفس النفسي، ومن ذلك الخوف والتوتر والانزعاج.
ويساعد كذلك على تهدئة المريض، والحد من الإشارات التي تصل إلى الدماغ بخصوص قلة الأكسجين، وهو ما يشعر الشخص بالهدوء والاطمئنان، ويقل إحساسه بالخطر، وبالتالي يمكن له أن يتنفس بصورة طبيعية.

حدد الأزمة أولاً

يمكن أن يحتاج العلاج النفسي لضيق التنفس النفسي إلى فترة طويلة حتى تظهر آثاره في المصاب، ويعتمد هذا النوع من العلاج على تشخيص طبيب الأمراض النفسية للحالة.
ويعتبر تحديد المشكلة النفسية التي تتسبب في إصابة الشخص بضيق التنفس، هو أول خطوة في برنامج العلاج، لأن الطبيب يحدد بناء على هذه الخطوة الأساليب العلاجية المناسبة، والتي تحد من أثر الأزمات النفسية في المصاب، أو التخلص منها بصورة كاملة.
ويعتمد نجاح هذه الطريقة على مدى تعاون المريض بشكل طيب وإيجابي، وذلك حتى يقوم بتنفيذ الأساليب المقترحة للعلاج.

تجنب القلق والتوتر

يمكن التخلص من ضيق التنفس النفسي من خلال التعرف إلى السبب وراء هذه الحالة، وبالتالي علاجه، ويجب على المصاب بهذا الاضطراب أن يتجنب أي حدث يمكن أن يسبب له قلقاً أو توتراً أو يصيبه بالاكتئاب، وتعتبر كل هذه العوامل موصلة إلى الإصابة بضيق التنفس النفسي.
وتتوافر مجموعة من التقنيات التي تساعد بصورة كبيرة على علاج ضيق التنفس النفسي الذي يكون ناتجاً عن التوتر والقلق.
وتعد أولى هذه التقنيات فكرة صرف الذهن عن الذعر، مما يساعد على الهدوء، ويمكن القيام بذلك من خلال وصف ما يحيطه من أشياء، كأن يصف الجدران وألوانها أو الأريكة التي يجلس عليها.
ويمكن للمصاب أن يحدث نفسه، وذلك حتى يتذكر أن الأعراض التي يعانيها هي استجابة تلقائية للجسم، وبصفة عامة فإن التحدث مع النفس من الممكن أن يساعد على التخلص من القلق.
ويوصي الباحثون بما يسمى تقنية الصدمة، كأن يغمس المصاب وجهه في وعاء به ثلج، وتساعد هذه التقنية على إخراجه من دوامة التفكير.


«العلاج الغشائي»

تشير دراسة أمريكية حديثة إلى أن تمرين التنفس الغشائي يمكن أن يفيد في علاج ضيق التنفس النفسي، ويبدأ هذا التمرين بجلوس المصاب على كرسي أو الاستلقاء على السرير مع دعم الرأس.
ويضع إحدى اليدين على الجزء العلوي من الصدر، والأخرى أسفل منه، ما يسمح له بالشعور بالحجاب الحاجز خلال التنفس.
ويبدأ المصاب بالتنفس من خلال الأنف حتى تنتقل المعدة إلى اليد، ومن ثم يشد عضلات البطن، مع تركها بالسقوط إلى الداخل، والمصاب يتنفس من الأنف أو الفم، وذلك وفقاً لما هو أسهل له.
ويستمر المصاب في التنفس العميق من الداخل إلى الخارج، والشعور أن معدته ترتفع وتخرج، ويستمر التمرين حوالي 10 دقائق، مع ممارسته بشكل يومي.
وتكشف دراسة أخرى أن ممارسة بعض التمارين الرياضية كالجري السريع تفيد في علاج هذه المشكلة، حيث إن بذل بعض الطاقة المركبة ربما كان جيداً، ولذلك لابد من الاهتمام بالرياضة بشكل مستمر، وليس على فترات متباعدة، وتوجد ألعاب معينة تساعد على التخلص من التوتر اليومي.
ويمكن أيضاً ممارسة أحد أشكال الرعاية الذاتية بطريقة سهلة، كشرب الشاي العشبي، مع تجنب الأنواع التي تحتوي على كافيين، لأنه ربما يزيد من القلق، وأيضاً استخدام شموع خفيفة مع رائحة لطيفة يعتبر مفيداً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"