الرياضة تعالج الأمراض العقلية والنفسية أيضاً

13:28 مساء
قراءة 3 دقائق

تطرقت الرياضة إلى جميع مجالات الحياة اليومية حتى المجال العلاجي والوقائي من الأمراض العضوية، وقد أثبتت دراسة جديدة أن ممارسة الرياضة بانتظام ووفق ارشادات الطبيب لها تأثير كبير في علاج الأمراض العقلية أيضا، وعلى وجه التحديد الفصام الذي يعتبر أحد أكثر الأمراض العقلية انتشارا، حيث يمثل وحده نحو 50% من المرضى العقليين المقيمين بمستشفيات الأمراض العقلية .

من أهم أعراض هذا المرض الهلاوس والهذيان وعدم القدرة على التمييز بدقة وثبات بين الواقع الداخلي والخارجي، مع فشله في المحافظة على اتصاله بالعالم الخارجي، وغالبا ما يخضع هؤلاء المرضى للعلاج بالعقاقير الطبية والصدمات الكهربائية وصدمات الأنسولين .

ولأن العلاج بالعقاقير المختلفة له آثاره الجانبية الخطرة، خاصة إذا كان المرض يستلزم العلاج طويل الأمد، فإن الدكتورة إصلاح محمد شافعي - الباحثة بكلية التربية الرياضية بالإسكندرية ترى ضرورة استخدام بعض التدريبات الرياضية الخاصة بالتدريب العقلي المصاحب للأداء الحركي الرياضي، كجزء من برنامج علاجي متكامل لمرضى الفصام .

وقامت الباحثة بعمل برنامج للمرضى يشمل مجموعة من التمرينات الرياضية المصحوبة بالموسيقا، ويشمل أيضاً التدريبات المرتبطة بالعمليات العقلية التي لا يؤدي فيها المريض أداء حركيا فعليا، وتتضمن التدريب على الاسترخاء والانتباه والتصور العقلي لمحاولة التحكم في الأداء العقلي والحركي للمريض، الذي يسهم في التحكم في القلق والاستثارة والضغوط، وأيضاً مساعدته على سرعة تعلم وإتقان المهارات الحركية .

كما قامت الباحثة أيضاً بتطبيق البرنامج على مجموعة من مرضى الفصام الذين يعالجون بأحد المستشفيات الجامعية في مصر، وبعد تطبيق البرنامج لمدة 8 أسابيع ثبت بالفعل أن استخدام التدريبات البدنية له تأثير إيجابي في تحسن أعراض الفصام مثل الكراهية ومشاعر الذنب والثبات الوضعي والتأخر الحركي . كما ثبت أن استخدام التدريب العقلي المصاحب للتمرينات البدنية مع العقاقير الطبية يعطي نتائج أفضل وأسرع من استخدام العقاقير الطبية فقط، ومن أسرع الحالات التي تحسنت مع برنامج العلاج مرضى الفصام التخشبي، وهو الذي يجعل المريض ثابتا على وضع معين لا يريد أن يغيره، وهو الجلوس في السرير وعدم القيام بأي نشاط بصورة أوصلته إلى حالة من العجز الحركي وتشوه المفاصل وتيبسها مع عدم الانتظام في التبرز، والكسل حتى عن تناول الوجبات .

وهذا المريض نفسه كان يقف في نهاية البرنامج منتظما في التدريب ويلتزم بتنفيذ التعليمات ويمارس الرياضة، وهو في أول الصفوف بإصرار قوي على التحكم في حركاته اللاإرادية مع ظهور تعبيرات الزهو على وجهه، بعد أن كانت تخلو من أي تعبيرات .

كما جاءت النتائج أيضاً في ما يخص مرضى الفصام السلبي الذي يبدو صاحبه في حالة عدم اكتراث وتدهور في الوظائف المعرفية، ولم يجد معه العلاج بالصدمات الكهربية، وتظل حالته في تدهور مستمر، حيث يكرر الكلمات ويتقوقع داخل نفسه بشكل شديد، هؤلاء المرضى بدأوا يلحون لأداء التمرينات والإجابة عن الأسئلة والتواصل مع زملائهم في المجموعة .

وهناك نوع ثالث من المرضى، وهم من يقعون تحت سيطرة ضلالات العظمة والاضطهاد ويظلون صامتين وغير متفاعلين مع المحيطين بهم، هؤلاء أصبحوا متفاعلين وشديدي التركيز في التمرينات، ومشاركين في النقاش، حتى يصل نقاشهم لحالتهم الصحية، وأفكار العظمة والاضطهاد التي كان من غير المتصور تغييرها، بل اظهروا إمكانية تغييرها . وأوصت الدراسة بأهمية إعداد كوادر رياضية مؤهلة للعمل مع المرضى النفسيين، وإنشاء إدارة رياضية بمستشفيات الصحة النفسية والعقلية، وأهمية تجهيز وإعداد ملاعب ملحقة بالمستشفيات النفسية، وتزويدها بالأدوات والإمكانات اللازمة لممارسة الأنشطة الرياضية المختلفة ومن ضمنها التدريبات البدنية .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"