الفضول منبع تساؤلات الإبداع

03:45 صباحا
قراءة دقيقتين
كنت برفقة صديقاتي نتجول في إحدى الحدائق، ومررنا بغرفة مغلقة فقفزت ابنة صديقتي تحاول النظر إلى داخلها، ضحكنا عليها وقالت والدتها متهكمة: "نسوان"، وهي تقصد أن هذا سلوك فطري في النساء لأنهن يحببن معرفة الأسرار، التفت نحوها وتجاهلت إساءتها لنفسها ولجميع النساء، لأن هناك موضوعاً أهم تبادر لذهني، قلت لها إن ابنتها لا تزال صغيرة على أن تكون محبة لمعرفة أسرار الناس ولكنه فضول، والفضول لا يعرف عمراً بل هو سمة المبدعين، كما أن هذا الفضول يولد أسئلة مثيرة وغريبة تكون نتيجتها مدوية وكبيرة للبشرية، لم تبال بكلامي وأكملت تهكمها وهي تقول: "لنكن إذاً ملاقيف حتى نكون مبدعين" . حاولت أن أخرج الموضوع لقضية أكثر رحابة واتساعاً وهدفي أن تصلها الفكرة وتدرك عمقها، فقلت لها إن كل الناس تشاهد أشياء تسقط نحو الأرض لكن ليس كل الناس اكتشفوا قوانين الجاذبية، نيوتن اكتشفها عندما اختلف عنهم، تساءل: لماذا سقطت التفاحة؟
أتذكر في هذا السياق صورة تهكمية انتشرت مؤخراً على شبكات التواصل الاجتماعي، تظهر هذه الصورة استعمالات التفاح في عدة أزمنه مختلفة فأظهروا تفاحة نيوتن وأنه نتج عنها قوانين الجاذبية، أما تفاحة ستيف جوبز، فكانت نتيجتها شركة"آبل" التي أحدثت ثورة عظيمة في مجال الهواتف الذكية، أما تفاحة العرب فلم تتجاوز أن تكون معسل الشيشة في المقاهي بطعم التفاح" . لقد اكتفت صديقتي بالتعليق على كلماتي بالصمت، ولعل الصمت في هذا السياق لغة جيدة، ألا يقال إن الصمت لغة لكنني أعتقد أننا نصنع فشلنا بأنفسنا عندما نسيء إلى أطفالنا ولا نفهمهم، كانت صديقتي قادرة على توجيه فضول ابنتها إلى جانب أكثر فائدة لو حرصت على تنمية حس الفضول لديها، لربما فاجأتنا بسؤال أثناء تجولنا مثل: لماذا السماء زرقاء؟ أو هل للحيوانات أقارب وعائلات؟ وليس مشاهدة ما في داخل غرفة مغلقة، هناك الكثير من الأسئلة الغريبة التي يطرحها أطفالنا ولكن سطحية تفكيرنا تجعلنا غير قادرين على منح فضولهم الاهتمام الكافي وتطويره، مالا يعرفه البعض، مع الأسف، خصوصاً في مجتمعاتنا العربية، أن أثر السؤال بالغ في البشرية، على سبيل المثال قصة العالم جيرجور مندل الذي كان يعمل في المزرعة برفقة والده في تطعيم الأشجار، وذلك بصنع فتحة في فرع الشجرة و تثبيت غصن شجرة أخرى فيها، وهذه الطريقة تستعمل حتى الآن، وهي التي جعلت العالم مندل يتساءل لماذا تنتج النبتة الأم نباتات أخرى تشبهها في الشكل والخصائص؟، عندما كبر بدأ بعمل التجارب على نبات البازلاء حتى اكتشف بعد سنوات طويلة وبعد مئات التجارب القوانين الأساسية في علم الوراثة ويمكن القول إنه أسس هذا العلم، نعم إن ذلك التساؤل الطفولي هو الذي أسس علم الوراثة، يجب أن يكون لدينا نظر بعيد المدى نحو المستقبل وثقافة قادرة على تربية جيل واع وقوي يتماشى فكرياً ومعرفياً مع تطورات هذا العصر ويتعاطى بعقل متنوع واع مع مخرجاته ومخترعاته، وهذا لن يأتي بمثل هذه السلبية، والنظرة المتواضعة السطحية، يقول الفيلسوف الفرنسي الشهير ديكارت: "أنا أتساءل إذاً أنا موجود" .

شيماء المرزوقي
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"