«الإصبع الزنادية» تُفقد اليد وظيفتها

01:37 صباحا
قراءة 6 دقائق
يعد مرض الإصبع الزنادية، أو التهاب غمد الوتر المضيق، أحد أكثر أمراض العظام التي يقابلها جراحو هذا التخصص، وهذه الحالة المرضية هي ثبات الإصبع في وضع مقوس، أو في وضع الانثناء، ويصدر عنها صوت قرقعة عند عودتها للاستقامة تشبه قرقعة سحب الزناد وإطلاقه، وهو ما يؤدي إلى صعوبة ثني الإصبع المصابة.
وتصيب هذه الحالة غمد أوتار قابضات الأصابع، وهي الغلاف الذي يحيط بالأوتار، وربما تكون سبباً في زيادة سمك الوتر، وبالتالي تعطل مروره خلال الغمد، أو عند قبض الإصبع بصورة كاملة.
تبدأ إصابة الإصبع الزنادية بشعور المصاب بعدم الارتياح في راحة اليد أثناء الحركة، وتزداد الحالة بشكل تدريجي، وفي بعض الأحيان بصورة مفاجئة، إلى ألم في الوتر مع طقطقة عند الحركة.
ونتناول في هذا الموضوع مشكلة الإصبع الزنادية بالتفاصيل، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى ذلك، وكشف الأعراض التي تظهر وتقديم سبل الوقاية الممكنة وطرق العلاج الحديثة لهذه الحالة.
تفقد اليد وظيفتها
تعد الإصبع الزنادية أحد أكثر أسباب تعرض اليد لفقدان وظيفتها، ويعتبر من أكثر الفئات تعرضاً للإصابة بهذا المرض من يقومون بأعمال، أو هوايات تتطلب منهم فتح وإغلاق قبضات أيديهم بشكل دائم.
وتزيد معدلات الإصابة أكثر لدى النساء مقارنة بالرجال، وكذلك بين المصابين بداء السكري، ويمكن أن يحتاج المريض إلى تدليك لطيف لإعادة الإصبع المصابة إلى الوضعية الطبيعية، ويعتمد العلاج بشكل عام على شدة الأعراض.
ويصيب التهاب غمد الوتر المضيق كل الأصابع، وإن كانت الإصابة تكون بشكل أكثر في أصابع الوسطى والبنصر والإبهام.
ضيق قنوات الأوتار
يعتبر السبب الرئيسي وراء الإصابة بالإصبع الزنادية حدوث تضيق في قنوات الأوتار التي تثني الإصبع، وهو ما يجعل غمد الإصبع المصابة ملتهباً، وبالتالي يؤثر في حركة الوتر داخل الغمد.
وتتكون هذه الأوتار من حبال ليفية سميكة تربط العضلات بالعظام، وكل وتر منها محاط بغلاف يحميه، ويفرز السوائل التي تيسر له حرية وسلاسة الحركة.
وتثبت الأوتار والغلاف المحيط بها عن طريق مجموعة من الحلقات الخاصة، ويصبح الوتر في جوف ضيق عندما يصاب الغلاف بالالتهاب، ما يتسبب في انتفاخه.
وتصبح بالتالي الحركة الانزلاقية صعبة، ويصدر صوت عند التشنج، والتحرر بسبب هذا الأمر، وتزيد كذلك كل حركة من شدة الالتهاب نتيجة حدوث الاحتكاك، وتسبب على المدى البعيد حدوث انتفاخات، وندوب ونتوءات في الوتر تعيق حركته.
عوامل عدة
تؤدي عوامل عدة للإصابة بالتهاب وتر الغمد المضيق، فبعض المهن والهوايات التي تشتمل على استخدام متكرر للأيدي والأصابع والإمساك بها فترة طويلة، ربما تزيد خطر الإصابة بالإصبع الزنادية، وعلى سبيل المثال استخدام الحاسب الآلي، والأنشطة الترفيهية، كالتنس، والجولف، والحياكة.
ويعاني النجارون من هذه الحالة بسبب استخدام المطارق، وكذلك تنتشر بين الموسيقيين وعمال الحدائق، حيث يتطلب عملهم استخدام الأصابع بقوة، وبصورة متكررة.
ويزيد معدل الإصابة بين مرضى داء السكري والتهاب المفاصل الروماتويدي، وكذلك التهاب المفاصل الصدفي والنقرس والداء النشواني.
ويزيد معدل إصابة النساء بهذا المرض في منتصف العمر عن الرجال، بالرغم من أن هناك حالات تم تسجيلها لأطفال مصابين بهذه الحالة.
ويمكن أن تكون الإصابة بالإصبع الزنادية إحدى مضاعفات جراحة متلازمة النفق الرسغي، وبخاصة بعد الجراحة بستة أشهر.
وتعود الإصابة بالتهاب غمد الوتر المضيق أيضاً إلى أسباب خلقية، وخلال الفترة التالية للولادة، وبسبب الصدمة المباشرة.
تيبس الإصبع
تؤثر ظاهرة الإصبع الزنادية على أي إصبع في راحة اليد، وربما أصيبت أكثر من إصبع في كل مرة، وربما كذلك تتعرض اليدان كلتاهما للإصابة بالمشكلة.
ويمكن أن تتطور أعراض الإصـــبع الزنادية من المعتدلة إلى الحادة، وتشمل هذه الأعــراض تيبس الإصــبع، وبخاصة صباحاً، أو عــند الإمساك بشيء بقــوة، وعند تحريك الإصبع.
ويشعر المصاب بالإصبع الزنادية بفرقعة أو طقطقة عندما يقوم بتحريكها، ويجد وجعاً أو نتوءاً في راحة اليد عند قاعدة الإصبع المصابة.
وتكون الإصبع ثابتة في وضع الانحناء، حيث تنفرد بشكل مستقيم فجأة، ويمكن أن تكون في بعض الحالات في وضع الانحناء، ولكن ليس لديها القدرة على فردها.
لا يحتاج تشخيصاً
ويجب الحصول على الرعاية الطبية عندما يكون مفصل الإصبع ملتهباً وساخناً، لأن هذه علامة على وجود عدوى، وعندما يعاني المصاب أي تيبس، أو ألم، أو خدر في مفصل الإصبع، وكذلك إذا لم يستطع المصاب فرد، أو ثني الإصبع.
ويعتمد تشخيص الإصبع الزنادية على التاريخ المرضي للمصاب، وأيضاً الفحص البدني الذي يتم له، ويطلب الطبيب المعالج من المريض فتح وغلق اليد، حتى يستكشف مناطق الألم وضعف الحركة.
ويتحسس الطبيب راحة اليد أيضاً، بهدف رؤية وجود نتوء بارز أم لا، وفي حالة النتوء المترافق مع إصبع الزناد، فإنه يتحرك مع حركة الإصبع، حيث إن النتوء منطقة متورمة في جزء الأوتار الذي يحرك الإصبع.
التحفظي في البداية
يعتمد علاج الإصبع الزنادية على درجة الحالة ومدة ظهورها، ويلجأ الطبيب إلى العلاج التحفظي في الحالات البسيطة، وتشمل إجراءات العلاج التحفظي الراحة حيث تتحسن الأعراض.
ويجب تجنب الأنشطة التي تتطلب تكرار الإمساك، أو القبض، أو الاستخدام الطويل للآلات التي تحمل باليد، وتصدر اهتزازاً، وتوفر القفازات المحشوة بعض الحماية، لمن لا يستطيع تجنب هذه الأنشطة بشكل تام.
ويمكن أن يفيد ارتداء جبيرة ليلاً، للحفاظ على الإصبع المصاب في وضع ممدد، وذلك فترة 6 أسابيع، وتساعد الجبيرة على إراحة الوتر.
وينصح الطبيب المعالج في بعض الحالات بممارسة عدة تمارين خفيفة، والتي تساعد في الحفاظ على حركة الإصبع، ويخفف من إحساس الألم خلال النهار نقع الإصبع المصابة في ماء دافئ، خصوصاً في الصباح.
حقن الستيرويد
تحتاج الحالات الحادة إلى تعاطي بعض العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهاب، حيث تقلل من الألم، إلا أنها لا تخفف التورم المحيط بكيس الوتر، أو الذي يحاصره.
ويتم اللجوء إلى حقن الستيرويد في حالة الأعراض الشديدة، أو عندما يفشل العلاج التحفظي، وربما تحد حقن الستيرويد قرب غمد الوتر، أو داخله من الالتهاب، مع السماح للأوتار بالانزلاق بحرية مرة أخرى.
ويعتبر هذا العلاج هو الأكثر شيوعاً، ويكون في العادة فعالاً لمدة عام أو أكثر لدى أغلب المصابين، وربما في بعض الأحيان يتطلب الأمر أكثر من حقنة واحدة، وتقل فعالية هذه الحقن لدى مرضى السكري.
التدخل الجراحي
يتم اللجوء إلى التدخل الجراحي في بعض الحالات النادرة، حيث إن الإصبع الزنادية ليست مرضاً خطيراً، وبالتالي فإن قرار الجراحة يعود إلى المصاب، ويخرج المريض في نفس يوم الجراحة.
ويلجأ المصاب في أغلب الأحيان إلى التدخل الجراحي، في حالة عدم الاستجابة لأي من إجراءات العلاج التحفظي، وحقن السترويد.
ويوجد نوعان من الجراحة،وهما الجراحة المفتوحة، والجراحة الجلدية لتحرير الإصبع الزنادية، ويقوم الجراح في النوع الأول بعمل شق صغير قرب قاعدة الإصبع المصابة، ثم يفتح المنطقة المضغوطة من غمد الوتر، وتتم هذه الجراحة باستخدام تخدير موضعي، أو كلي في بعض الحالات.
ويقوم الطبيب في النوع الثاني بإدخال إبرة في الأنسجة التي تحيط بالوتر المصاب، ويحركها حتى يخلص الوتر من هذا الانقباض، وتتم هذه العملية تحت تخدير موضعي.
وتشمل المضاعفات المحتملة للجراحة عدوى موضعية، أو رد فعل تحسسي من التخدير، وتلفاً في الأعصاب، وتورماً، وألماً مزمناً.
ويمكن أن تعود الإصابة بالإصبع الزنادية في نحو3% من الحالات، كما أن الجراحة بالنسبة لمرضى السكري لا تحقق نسبة نجاح كبيرة.

منتصف العمر
تشير دراسة حديثة إلى أن الإصبع الزنادية تحدث في معظم الأحيان في مرحلة منتصف العمر والتي تقع بين 40 إلى 60 عاماً.
وينصح الخبراء في حالة العلاج البارد على الوتر الملتهب، بوضع الثلج في منشفة رقيقة، ويجب ألا يقل مدة وضع الثلج عن 20 دقيقة كل ساعة.
ويقلل هذا الإجراء من الألم والتورم، ويجب الانتباه أن ضغط الثلج بشدة يؤثر على تدفق الدم، وهو ما يسبب المزيد من الضرر للإصبع المصاب.
ويساعد كذلك وضع اليد المصابة في حمام ملح دافئ من 10 إلى 15 دقيقة قبل بسط اليد، وربما ساعد هذا الأمر في تخفيف الضغط والألم في الوتر المصاب.
وتعد الجرعة المناسبة من مضادات الالتهاب للبالغين من 200 مليجرام إلى 400 مليجرام، مع مراعاة أخذها عن طريق الفم كل 6 ساعات.
ويجب الانتباه إلى عدم استخدام هذه المضادات لأكثر من أسبوعين متتاليين، وذلك لأثرها السيء على المعدة والكلى والكبد، والذي يمكن أن يصل في بعض الأحيان إلى التهاب المعدة أو القرحة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"