«جريفر».. مرض مناعي يسبب خلل الغدة الدرقية

02:14 صباحا
قراءة 6 دقائق
يعد مرض «جريفر» من أمراض المناعة الذاتية، وهو أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية، وهو ما يعني زيادة كبيرة في هرمون الغدة الدرقية، وما يتبعه ذلك من تأثيرات سلبية كبيرة على أجهزة الجسم كله، ويطلق عليه أيضا مرض الدرق الجحوظي، وفي حالة إهمال علاج مرض جريفر سواء بالعلاج المنزلي الطبيعي أو العلاج الدوائي والطبي.
إن مرض «جريفر» يتطور ويتفاقم ويصاب الشخص ببعض المضاعفات الأخرى التي تسبب تهديدا مباشرا لحياة الشخص، ومن الضروري التعامل مع الطبيب المختص لتشخيص الحالة بدقة، ومعرفة كيفية التعامل مع درجة هذا المرض، وافضل الطرق الطبيعية والعلاجية للتحرك مع هذا المرض، والفرق بين مرض جريفر ومرض فرط نشاط الغدة الدرقية هو جحوظ العين الشديد والملحوظ، والإصابة بالوذمة المخاطية، وهي عبارة عن حدوث تورمات في جلد الأطراف السفلية بمادة غريبة، التي تشبه إلى حد قريب قشر البرتقال، وسوف نتناول الكثير من تفاصيل هذا المرض، وشرح الأسباب التي تؤدي إلى الاصابة به، وتوضيح الأعراض التي تظهر على المريض، وطرق العلاج من أدوية وجراحة، وأيضا الطرق المنزلية البسيطة لمقاومة ومعالجة هذا المرض.
خلل جهاز المناعة
يحدث مرض جريفر بعد إنتاج الجهاز المناعي لدى الشخص أجساما مضادة لها نفس تأثير وأداء الهرمون، أي مطابقة للهرمون الذي يحفز الغدة الدرقية وينشطها، مما يؤدي إلى حدوث زيادة إفراز هرمون الغدة الدرقية بكميات كبيرة، وهو ما يؤدي إلى حدوث حالة جحوظ العين في ما يقرب من 45% من المرضى المصابين بمرض جريفر، وحوالي 2% فقط يصابون بحالة تورم الساقين، ومرض جريفر يحدث نتيجة الخلل الذي يصيب جهاز المناعة، ففي الطبيعي ينتج جهاز المناعة أجساما مضادة عن طريق الخلايا الليمفاوية، لحماية الجسم من أي عناصر غريبة تدخل الجسم، مثل الجراثيم والميكروبات والبكتيريا والفيروسات، وتهاجم هذه الأجسام المضادة الكائنات الغريبة وتقضي عليها وتدمرها، وعند حدوث خلل في جهاز مناعة الشخص، تبدأ الخلايا الليمفاوية في تكوين أجسام مضادة تهاجم خلايا الجسم نفسه وتقضي عليها، وعند الاصابة بمرض جريفر تعمل الأجسام المضادة التي أفرزتها الخلايا الليمفاوية على تحفيز خلايا الغدة الدرقية لإفراز اكبر كمية من هرمونات الغدة الدرقية «الثايرويد»، مما يسبب حالة مرض فرط نشاط الغدة الدرقية، وأرجعت بعض المصادر الطبية ذلك الخلل الذي يحدث في جهاز المناعة والاصابة حالة مرض جريفر إلى تعرض الشخص إلى ضغط عصبي شديد يصحبه توتر لفترة، مما يؤدي إلى حدوث هذا الخلل بالتتابع في المناعة أولا ثم مرض جريفر ثم فرط نشاط الغدة وما يتبعه من أعراض وخيمة على أعضاء جسم الشخص.
مشاكل العين وأعراض الغدة
يظهر على الشخص المصاب بمرض جريفر مجموعة كبيرة من الأعراض، فمن المعروف علمياً أن الغدة الدرقية من أهم الغدد الصماء التي تتحكم في مستويات الهرمون في الجسم، واذا فقدت التحكم والسيطرة على إنتاج هرمون الغدة الدرقية في الجسم، فسوف يظهر سلبيات ذلك في صورة أعراض كثيرة، ومنها التي تظهر على العيون مثل جحوظ العين الملحوظ، بسبب تورم عضلات العين وتورم الأنسجة وتحرك مقلة العين إلى الأمام، ويصاب حوالي 35% من المرضى بألم في العين، وحوالي 5% من إجمالي المرضى يصابون بحالة ضمور في العصب البصري، ويفقد النظر تماماً حوالي 3% من المصابين بهذا المرض، ومن أعراض مشاكل العيون أيضا الدموع الغزيرة التي تصيب العين باستمرار، والشعور بالحساسية الزائدة تجاه الأضواء، والإحساس بحبيبات غريبة داخل العين مثل حبيبات الرمل، ومع التطور يظهر عرض الرؤية المزدوجة، والاصابة بقرح القرنية ومحدودية حركة العين، وضعف النظر وحدوث حالة زغللة العين، ومشاكل العين وأعراضها تحدث بعد الاصابة بمرض جريفر بحوالي 5 أشهر، وتظهر اكثر بين المرضى المدخنين، وفي كثير من الحالات تصبح أعراض العيون الدليل الأول على الاصابة بمرض جريفر، أما الأعراض الدرقية فهي الأرق المستمر وصعوبة النوم والتوتر العصبي والارهاق والتعب، والتضخم في الغدة الدرقية الواضح، وفقدان الوزن الكبير رغم الإقبال على الأكل وزيادة الشهية للطعام، ورعشة اليد والأصابع، وتقصف الأظافر وضعف وسقوط الشعر، ودفء ورطوبة اليد، وزيادة النبض وتسارع وزيادة عدد ضربات القلب عن الطبيعي، وفي بعض الحالات لا تنتظم ضربات القلب.
الجلطات والعرق والهشاشة
يصاب الشخص المريض بحالة جريفر بمرض الرفرفة الأذينية، وهي حالة تصيب 23% من المرضى الذين تخطوا عمر 50 سنة وأقل بكثير في الأصغر من هذا السن، وحالة الرفرفة الأذينية المزمنة تؤدي إلى الاصابة بالجلطات في القلب، مما يسبب حدوث بعض السكتات الدماغية في بعض الحالات، مع الاصابة بالإحساس المفرط من حرارة الجو لدرجة أن هؤلاء المرضى لا يتحملون الثياب ولا حرارة الجو حتى في الاجواء الباردة، نتيجة الطاقة الزائدة في الجسم، بسبب التمثيل الغذائي الزائد عن الحاجة، ويصاب كبار السن بحالة من الاكتئاب، ويصاب الشخص بحالة التعرق الغزير نتيجة زيادة نشاط العصب السمبثاوي المسؤول عن تنظيم عملية إنتاج وإفراز العرق في الجسم، للتخلص من الحرارة الزائدة عن الحد الذي يحتاجه الجسم، وهناك بعض الأعراض الجلدية مثل احمرار لون الجلد في الأطراف السفلية، مع زيادة سماكة أجزاء من هذا الجلد وخاصة في الجلد الذي يقع أسفل الركبة وفي قمة القدم، ويصاب الشخص بحالة من الإسهال مع زيادة عدد مرات دخول الحمام لإخراج الفضلات، ويرتفع مستوى الجلوكوز في الدم، ويشهد ضغط الدم الانقباضي ارتفاعا إلى اكثر من 141 مم زئبق، ويصاب الشخص بحالة هشاشة العظام المبكرة ويتعرض بذلك لخطر الاصابة بالكسور، وتصاب عضلات الفخذ والعضد بالضعف الملحوظ، وتحدث اضطرابات في الدورة الشهرية للسيدات، وتحدث تحولات في شخصية المريض.
النوم والكمادات الباردة
يوجد بعض العلاجات المنزلية الطبيعية التي تساهم إلى حد بعيد في التخفيف من حدة أعراض مرض جريفر، ولكن هناك بعض الحالات التي تتطلب العلاج الدوائي والطبي، وأثبتت بعض الدراسات الحديثة أهمية العلاجات المنزلية لهذا المرض، مثل النوم مع رفع الرأس، وهذه الطريقة تخفف من ضغط السائل على الرأس والعيون، وتمنع تراكم الزيادة من السوائل داخل العيون والتي تؤدي إلى مظهر الجحوظ السيئ، واستخدام بعض الكمادات الباردة للعين وارتداء النظارات الشمسية واستخدام بلسم الليمون، وتناول بعض الأطعمة مثل الملفوف والقرنبيط واللفت والأطعمة التي تحتوي على فيتامينات «أ» و «ب»، حيث يساعد فيتامين «أ» في السيطرة على إنتاج الغدة الدرقية والتخفيف من أعراض مرض جريفر، وفيتامين «د» يقلل من تطور مرض جريفر.
الأدوية واليود والجراحة
ويشمل العلاج الطبي لمرض جريفر بعض الأدوية، مثل «مغلقات البيتا» وهي تمنع عمل الهرمون بشكل جيد، لكنها لا تحد من إنتاجه ولا زيادته، فقط تبطل جزءا من مفعوله على الجسم، وبذلك تمنع بعض الأعراض مثل رعشة اليد وتسارع ضربات القلب وعدم انتظامها، ومنها دواء الأتينولول والبروبرانولول، مع استخدام أدوية مضادة لهرمون الثايرويد، ودور هذه الأدوية منع الغدة الدرقية من إنتاج كميات كبيرة من هرمون الثايرويد، وتستمر مع المريض فترة تصل إلى عام أو اكثر، كما تستخدم طرق العلاج باليود المشع، حيث يتم إعطاء المريض اليود المشع من اجل تجميع الهرمون في الغدة الدرقية، ثم تبدأ عملية القضاء على الخلايا عالية النشاط بالغدة الدرقية، والتي تؤدي إلى ذلك الخلل في انتاج كميات كبيرة من الهرمون، ومن ثم يتم القضاء على أعراض مرض جريفر تدريجياً في شهور، وفي حالة عدم فاعلية الطرق السابقة أو وجود موانع لبعض أساليب العلاج يلجأ الطبيب إلى جراحة الاستئصال للغدة الدرقية، ويتناول المريض بعد العملية علاج الثايروكسين لإمداد الجسم بحاجته المعتادة والطبيعية من هرمون الغدة الدرقية.

النساء الأكثر إصابة

تشير الدراسات الحديثة إلى أن مرض جريفر هو أشهر أمراض الغدة الدرقية، وله تأثير كبير في شكل ومظهر العين، ويحتل هذا المرض نسبة ما يقرب من 70% من إجمالي المرضى المصابين بمرض فرط نشاط الغدة الدرقية، ونسبة إصابة النساء بمرض جريفر تزيد حوالي 8 مرات أكثر من إصابة الرجل، وتحتل العوامل الوراثية نسبة كبيرة من العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بهذا المرض، حيث تصل إلى 82% من إجمالي العوامل، بينما العوامل الأخرى التي تتعلق بالبيئة المحيطة تصل إلى 18%، وتتركز الإصابة بهذا المرض بشكل كبير في الفئة العمرية ما بين 41 إلى 62 عاماً، وتضخم الغدة الدرقية في مرض جريفر يصيب حوالي ما يقرب من 92% من إجمالي المرضى المصابين بهذا المرض، ويكون التضخم شاملاً للفصين بالغدة مع البرزخ الرابط بينهما، وهذا المرض يعود اكتشافه إلى الطبيب روبرت جريفز وهو أمريكي الجنسية، حيث يعتبر أول من ربط بين تضخم الغدة الدرقية وحدوث حالة جحوظ العين الحادة في عام 1835 ميلادية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"