السرطان..الكشف المبكر يحدث الفرق

01:17 صباحا
قراءة 5 دقائق
إعداد: خنساء الزبير

حددت منظمة الصحة العالمية يومي الرابع والخامس عشر من شهر فبراير من كل عام يومين عالميين للتوعية بمرض السرطان: يوم الرابع من فبراير مخصص لمرض السرطان بصورة عامة، والخامس عشر من الشهر نفسه مخصص لسرطان الأطفال؛ فذلك المرض بشكل عام أصبح ضمن الأسباب الرئيسية للوفيات حول العالم ولكن في الوقت ذاته تشخيصه لم يعد حكماً بالإعدام على المريض سواء كان من فئة الأطفال أو البالغين وذلك بسبب المحاولات التي تجري على قدم وساق لتطوير العلاجات لتحسين صحة المرضى وزيادة فرص نجاتهم.
لا توجد أسباب محددة يمكن القضاء عليها للحد من أعداد الإصابة ولكن تعرف العلم إلى عوامل خطر تزيد فرص نشوء الأورام وانتشارها وبعضها عوامل جسدية وبعضها عوامل بيئية، وفي أحيان كثيرة تكون الأولى نتاجاً للثانية؛ وعلى كل فإن الدراسات والأبحاث العلمية ما زالت تجرى هنا وهناك، والعقاقير والعلاجات ما زالت قيد التطوير والمزج والدمج حتى تتحقق النتائج المطلوبة في الحد من الحالات التي أصبحت غير قليلة، ولجعل السرطان كالأمراض الأخرى القابلة للشفاء أو تلك التي يتعايش معها الشخص من دون هلع.

البيئة والعمر

ما يحدث في حالة الإصابة بالسرطان، هو تسرطن الخلايا أي تحولها من خلايا طبيعية إلى خلايا أورام من خلال عمليات تمر بمراحل عدة ابتداءً من آفة ما قبل السرطان وحتى وصول مرحلة الورم الخبيث؛ وتعود تلك التغيرات الضارة إلى التفاعل بين العوامل الجينية للشخص وبين 3 أنواع من العوامل الخارجية المسرطنة وهي العوامل الفيزيائية كالتعرض للأشعة فوق البنفسجية أو الأيونية، والعوامل الكيميائية مثل التبغ أو تناول الأطعمة والمشروبات الملوثة أو الاسبتس وغير ذلك، والعوامل الحيوية كالتعرض لبعض أنواع العدوى الفيروسية أو البكتيرية أو الطفيلية حيث يعد التهاب الكبد الفيروسي على سبيل المثال من الأمراض التي قد تسبب تسرطن الكبد.
يعد التقدم بالعمر من الأسباب الرئيسية للمرض فنجد أن حالاته تكثر وسط كبار السن ربما بسبب تراكم بعض عوامل الخطر كلما تقدم الشخص بالعمر، وأكثر عوامل الخطر المرتبطة بالشيخوخة هو تراجع آليات خلايا الجسم الخاصة بعمليات الإصلاح الذاتي.

الأطفال والأمل المتجدد

يصنف سرطان الأطفال ضمن أكثر الأسباب غير السارية المؤدية للوفاة وسط تلك الفئات العمرية حيث تشخص آلاف الحالات سنوياً حول العالم وما تتسم به أنواع سرطان الأطفال هو شراستها بالمقارنة بتلك التي تصيب البالغين.
تتضمن قائمة سرطان الأطفال الطويلة نسبياً عدداً من المسميات بحسب مكان نشوء المرض وهي: سرطان العظم - سرطان الدماغ - سرطان الدم - سرطان الكبد - سرطان الغدد الليمفاوية - الأورام العصبية - ورم ويلمز (ورم بالكلية) ؛ بجانب بعض الأورام النادرة التي تنشأ ببعض مناطق الجسم كالعضلات أو النخاع الشوكي. يعد سرطان الدماغ المعروف بالورم الأرومي من أكثر الأنواع شراسة ويهدد حياة الأطفال المرضى، وبالبحث عن تفاصيل أكثر عنه توصل العلماء مؤخراً إلى نوع علاجي جديد حيث كشفت الدراسة عن منظم مناعي على ما يبدو أنه السبب وراء تكون تلك الأورام من خلال وقف المراقبة المناعية بالجسم؛ ويعتقد العلماء أن استهداف ذلك المنظم دوائياً يمكن أن يصبح علاجاً ينقذ حياة كثير من الأطفال المرضى.

أنواع قابلة للسيطرة

لا يوجد حتى الآن علاج شاف لذلك المرض ولكن يتعافى المريض بعد استخدام العلاج فتتراجع الأورام وتختفي العلامات، وما يحقق فعالية العلاج للوصول إلى تلك المرحلة الإيجابية هو اكتشاف المرض في مراحل مبكرة. يعيش المريض فترة حياة تقدر بـ5 أعوام عقب التشخيص وذلك في حالة الإصابة بأنواع معينة من السرطان منها على سبيل المثال لا الحصر سرطان الجلد، والثدي، والبروستاتا، وعنق الرحم، والغدة الدرقية.
يحدث في بعض الأحيان أن يعود المرض للظهور مرة أخرى ولكن في حالة جراحة استئصال المنطقة المتسرطنة فإن بعض المرضى يختفي المرض لديهم من دون عودة مرة أخرى.

الاكتشاف المبكر يُحدث فرقاً

يبقى اكتشاف المرض في وقت مبكر العامل الأكبر في السيطرة على المرض بالجسم وزيادة فرصة نجاة المريض منه، ولتحقيق أكبر عدد من الاكتشافات المبكرة يتم نشر التوعية بطرق عدة وخير مثال لها هو اليوم العالمي للسرطان واليوم العالمي لسرطان الأطفال؛ ويشكل التقييم السريري والتشخيص الفيصل في فرز الحالات المصابة من السليمة ومن ثم بداية العلاج للمصابين والذي يسهل بدرجة كبيرة إن كان الاكتشاف في مرحلة مبكرة. يبنى العلاج الفعال على التشخيص الصحيح لأن كل نوع من المرض يتطلب نظاماً علاجياً معيناً إما بعلاج واحد أو بعدة طرق علاجية في آن واحد وهي الجراحة والعلاج الإشعاعي والعلاج الكيماوي.
لا يغفل الجانب النفسي والحياتي للمريض لأن خبر الإصابة بالمرض يشكل عبئاً نفسياً عليه كما أن تعايشه مع المرض ومع علاجاته المرهقة بدنياً ومادياً تتطلب النصح والإرشاد حتى يتمكن من التأقلم معها لذلك يكون المرضى بحاجة لعدد من مناحي تقديم الرعاية الصحية بحسب الحاجة.

الأسبرين والأثر الإيجابي

أخذ الأسبرين خلال العقود الأخيرة حيزاً كبيراً من بين العقاقير كعامل ارتبط اإيجاباً بالصحة العامة للمستخدم، وفي دراسة حديثة وجد الباحثون أن مرضى سرطان الرأس والعنق المستخدمين بانتظام لمضادات الالتهاب غير الاسترويدية وخير مثال لها الأسبرين، عاشوا لفترات أطول مقارنة بغير المستخدمين؛ ويعتقدون بأن ذلك التأثير الإيجابي ناتج عن أن تلك النوعية من المضادات تقلل بروستاجلاندينE2 وهو جزيء يعزز الالتهابية.
بدأ الأسبرين في العصور السابقة كنبات طبي يستخدم لعلاج الآلام وبعض الأمراض بحسب اعتقاد الشعوب المتوارث ولكن من خلال الأبحاث الحديثة ظهرت فوائده الصحية بوضوح وأثبتت علمياً وأصبح عقاراً له مكانته بالصيدليات ويعتمد عليه الأطباء في علاج كثير من الحالات والسيطرة على آثار بعض الأمراض المزمنة لمنع مضاعفاتها الخطرة، وهو الآن يلوح في الأفق كعلاج يحسن حالة مرضى السرطان إن أثبتت التجارب السريرية المستقبلية ذلك.

استراتيجيات تحاصر الخطر

تصدر توصيات من حين لآخر بحسب ما يستجد على ساحة الأبحاث العلمية لتكون مواكبة لآخر ما توصل إليه العلماء، وتشمل تلك الأبحاث مناحي عدة ولا يمكن فصل المحيط الخارجي عن الصحة الجسدية لأن البيئة لها أثر كبير في ما يتعرض له الإنسان من كوارث صحية.
وجدت بعض الدراسات أن الملوثات الهوائية الدقيقة تشكل عاملاً من عوامل الإصابة بسرطان الفم، ووجدت دراسات أخرى أن بعض المواد تغير جينات الإنسان وتجعلها تعبر بطريقة خاطئة تربك الجسم وتعجل بنمو الأورام؛ وبغض النظر عن طريقة عمل كل ما ذكر فإن النتيجة واحدة والهدف واحد وهو تصحيح البيئة عن طريق اتباع استراتيجيات تقطع الطريق على مسببات الأمراض وكمثال على ذلك السياسات التي تحد من استخدام كل ما من شأنه زيادة انبعاث ثاني أكسيد الكربون وبالتالي تتراجع مشاكل الرئة بما فيها سرطان الرئة.
اتجهت بعض التوصيات إلى استراتيجيات لها جانب اقتصادي وهو تضييق الطريق على بعض السلع كالسجائر وغـيرها إما بمحاولات رفع سعرها أو بإلزام المصنعين بوضع تحذيرات على العبوات وكل ذلك في سبيل خفــض أعداد المتأثرين بآثارها السلبية ما يؤدي بدوره إلى خفض أعداد مرضى سرطان الحنجرة والرئة وغيرها من الأمراض المرتبطة بتلك المنتجات.

العلاج بالتغذية

يسهم الغذاء بدرجة كبيرة في تحسين صحة الإنسان، لأن كل نوع منه يلعب دوراً فيما يتم داخل الجسم من عمليات حيوية، وبما أن تكوّن الأورام يتم بواسطة عمليات خاطئة بخلايا الجسم فإن الغذاء قادر على تحييد تلك العمليات أو إعادة ضبطها لتتم بصورة طبيعية كما كانت عليه قبل المرض. تتميز بعض الأطعمة بخصائص تجعل منها سلاحاً يحارب أمراض السرطان، وهي كثيرة ومتنوعة منها الثوم الطازج بجانب المشابهات له من ذات الفصيلة كالبصل والكراث؛ فالثوم يحتوي على مضادات أكسدة قوية ثبت أنها تخلص الجسم من الشوارد الحرة الضارة بالصحة. وكذلك البروكولي، والفراولة، والسبانخ، والطماطم، والجزر. وصدرت دراسات عدة تشير نتائجها إلى فائدة شرب الشاي الأخضر لتأثيره الإيجابي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"