وجوه من الإمارات ... عبدالله عبيد المدير الأسبق لـ "تعليمية عجمان":

التحقت بالمدرسة بطريقة "الذراع والأذن"
02:31 صباحا
قراءة 7 دقائق

ترك عبدالله عبيد، المدير الأسبق لمنطقة عجمان التعليمية، العمل الرسمي في المجال التربوي منذ ،2004 لكن صلته بزملائه وطلابه لم تنقطع . كما أن اسمه لا يزال يتردد في الميدان بوصفه وجهاً إماراتياً أخلص في عمله وأجاد، لكنه لم يغلق يوما باب مكتبه في وجه معلم أو طالب أو ولي أمر، بل كان في معظم الأحيان المبادر إلى لقائهم أنى كانوا .

ما يتمناه عبدالله عبيد في هذا الحوار الذي يرسم ملامح حياته أن يكون أدى الأمانة التي يعتبرها جوهر العمل في المجال التربوي، وأن يكون خدم الإمارات في كل منصب تحمل مسؤوليته .

فضّلت الدراسة الجامعية على رئاسة قسم في التربية

حينما سلّمت على زايد أحسست بقيمة المسؤولية

أين كانت النشأة؟

وُلدت في عجمان ،1952 حسبما قدّر مدير مدرسة عجمان للبنين وقتها .

كيف ذلك؟

التحقت بالصف الأول الابتدائي في15 سبتمبر/ أيلول 1958 وكان إبراهيم البرغوثي مدير مدرسة عجمان للبنين وقتها يحدد أعمار التلاميذ في اليوم الأول من الدراسة عند التسجيل . وكان التلميذ يضع ذراعه فوق رأسه وعندما تلامس يده أو أحد أصابعه أذنه على الجهة العكسية يعتبر عمره 6 سنوات ويسجله في الصف الأول، وإذا لم يستطع الطفل فعل ذلك يعتبره المدير صغيراً ولا يقبله في المدرسة . ومن يملك مهارات القراءة والكتابة يُسجل في الصف الثاني، ويقبل في الثالث من يقرأ ويكتب جيداً ويحفظ شيئا من القرآن .

وبهذه الطريقة، التحقت بالصف الأول مع 157 تلميذا وكان مقر المدرسة منزل شخص يدعى بوخميس، رحمه الله، ثم تحوّلت إلى مبني مدرسي أنشأته حكومة الكويت في 1959 ثم تولت حكومات قطر وأبو ظبي ودبي إنشاء فصول إضافية كانت نواة مدرسة الراشدية التي أنشئت مكان موقع مصلى العيد الحالي القريب من متحف عجمان .

والطريف أن المدرسة انتقلت إلى مقر ثالث بجوار بريد عجمان الحالي ثم إلى موقع رابع بجوار نادي عجمان فخامس في منطقة البستان قبل أن تستقر في منطقة الحميدية .

وأثناء إنشاء مبنى المدرسة في مكان مصلى العيد، كنت وزملائي ننقل مواد البناء من مكان يبعد عشرات الأمتار عن الموقع مساهمة منا في إنشاء هذا الصرح التعليمي .

من زاملك في تلك المرحلة؟

أبرز زملائي عبد الرحيم أحمد الشاعر، وفيصل علي الرميثي، وخليفة راشد الشعالي، وعبد الله بوشهاب، ومحمد راشد المغني .

أسماء في الذاكرة

ومن تتذكر من معلميك؟

أبناء جيلي لا ينسون معلميهم لأنهم تركوا في شخصياتهم أثراً عميقاً، ومن المعلمين أصحاب الفضل علينا خضر شعشاعه وعلي بدوي شملان وعبد السلام السوسي وكامل زغموط وجودت البرغوثي ومحمد علي هاشم ومحمد حسن عكاشة . وهذه الأسماء المحفورة في ذاكرتنا نماذج لكوكبة من المعلمين شكلوا في أذهاننا الصورة المثلى للمعلم الإنسان الأمين في عمله الحريص على أن يكون قدوة طيبة لتلاميذه . ولم يكن اهتمامهم بنا مقتصراً على الجانب التعليمي، إذ كانوا متابعين لأحوالنا الأسرية ويتدخلون فيها لمساعدتنا متى وجب ذلك .

هذا عن الزملاء والمعلمين، كيف كانت الأجواء المدرسية؟

لم يكن أمامنا على صعيد الأنشطة سوى الرحلات المدرسية والألعاب الشعبية وبعض الرياضات البسيطة والانضمام إلى فرق الكشافة والأشبال التي كانت محل اهتمام .

وفي ما يخص الدراسة، وصلت في تلك المرحلة حتى الصف الرابع المتوسط فقط لعدم توافر المرحلة الثانوية، وهذا الصف يعادل الثامن حالياً وبعده خيرت إدارة المدرسة الطلاب بين الالتحاق بالقسم الأدبي في مدرسة العروبة الثانوية في الشارقة أو القسم العلمي في مدرسة دبي الثانوية أو معهد المعلمين الملحق بها .

وماذا كان خيارك؟

التحقت بالمعهد حيث درست 4 سنوات، وفور تخرجي عملت مدرس فصل في مدرسة القاسمية في الشارقة خلال العامين الدراسيين 71/72 و72-1973 .

طلاب أكثر انضباطاً

وكيف وجدت الطلاب وقتها؟

طلاب تلك الفترة كانوا أكثر انضباطاً واحتراماً للمعلم واهتماماً بالدراسة، ومنهم مسؤولون الآن في عدد من الإدارات الحكومية .

وهل ترى أن الأمر تغير؟

لا ينكر أحد أن هناك تغييراً حدث، فالمغريات المتوفرة الآن أمام الطلاب أخذتهم إلى اهتمامات أخرى وصرفت بعضا منهم عن الاهتمام بدراسته، بل إن الأمر أفرز سلوكيات ليست غريبة على الميدان التربوي فحسب، بل على المجتمع الإماراتي .

ومن هذه السلوكيات لجوء طلاب إلى العنف في التعامل فيما بينهم أو تجاوز المسموح به مع المعلمين، وهي سلوكيات وافدة ربما ظهرت بتأثير الإعلام، ونحمد الله أنها تصدر من قلة وتطوقها وزارة التربية والتعليم والإدارات المدرسية من خلال لوائح السلوك .

وهل هذه هي كل مشكلات القطاع التربوي؟

خلال عملي كانت المشكلة الأبرز تعثر توطين المعلمين، صحيح أن أشقاءنا من المعلمين العرب بذلوا ويبذلون جهداً مشكوراً، لكن كنت مع القائلين بأنه مع توسع المجتمع يتوجب زيادة الاعتماد على العنصر المواطن . وأعتقد أن عائق التوطين كان مادياً، وهو أمر أمكن تجاوزه بمزيد من الالتفات إلى الأمر وزيادة الدولة الرواتب بدرجة تجذب المواطنين إلى العمل في هذا القطاع، لكن الأهم الاستمرار فيه .

التدرج الوظيفي

نعود إلى عملك مدرساً، كيف تدرجت وظيفياً بعد ذلك؟

في العام الدراسي 73- ،1974 قرر د . عبد الله عمران تريم، وزير التربية والتعليم آنذاك، نقلي إلى وظيفة مساعد مدير مدرسة الراشدية وكانت فرصة لأكتسب من مديرها وقتها مجد الدين عبد الحميد شاهين تجارب تربوية ثرية . وبقيت مساعداً حتى عام 1978حين عرضت علي رئاسة قسم في الوزارة، لكنني قررت الالتحاق بالجامعة لمواصلة الدراسة في العام الجامعي 78/1979 .

ماذا درست؟ وأين؟

التحقت بجامعة الإمارات وتخرجت فيها عام 1982حاصلا على بكالوريوس الآداب في التربية . بعدها رشحت مديراً لإدارة تعليم الكبار في وزارة التربية والتعليم .

وأعتز بتلك الفترة كثيرا، لأنها شهدت توسعاً في افتتاح المراكز في المناطق ذات التجمعات السكانية والقرى والجمعيات النسائية والمنشآت الإصلاحية والعقابية . وأصبحت عام 1987 مديراً لمكتب عجمان التعليمي الذي تحول إلى منطقة تعليمية عام 1997توليت مسؤوليتها حتى التقاعد في 2004 .

تلميذ في مدرسة زايد

ما أبرز ما كنت تحرص عليه خلال تنقلك بين هذه الوظائف؟

منذ توليت مسؤولياتي الإدارية، اعتبرت نفسي تلميذا في مدرسة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وعرفت أن على كل مسؤول أن يخاف الله ويحرص على مصالح الناس في كل خطوة .

وكان من حسن حظي أنني ذهبت مع عدد من وزراء التربية والتعليم والمعارف العرب الذين كانوا يشاركون في مؤتمر تربوي في الدولة وحضروا افتتاح جامعة الإمارات عام 1977 للقاء المغفور له بإذن الله الشيخ زايد . وحين جاء دوري في السلام عليه أحسست بأنني أمام قائد كلفني بمسؤولية في كل موقع أتولاه .

وهذا الإحساس بقي معي طيلة فترة عملي خاصة في تعاملاتي مع صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان .

ما الذي تعتز به أكثر في مسيرتك التعليمية الحافلة؟

أعتز بكل عمل قمت به قاصدا وجه الله وخدمة الوطن وأفخر بأنني مثلت الدولة في أنشطة تربوية في دول عدة منها سلطنة عمان والجزائر وليبيا ومصر وفرنسا والمغرب .

وعلى المستوى المحلي، لم أفوت فرصة للاقتراب من الميدان التربوي بكل عناصره إلا وانتهزتها، وهو ما ساعدني على فهمه وأفادني كثيراً في اتخاذ القرارات .

تعاملت خلال مسيرتك مع كثيرين، ما أبرز الشخصيات التي أثرت فيك؟

بحكم اهتماماتي وعملي لا يمكن أن أنسى تأثير المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه . ولم يكن التأثير قاصرا على شخصي، فجهوده على صعيد التعليم كانت فارقة في مسيرة الدولة بفضل اهتمامه بإنشاء المدارس في كل نواحي الدولة وتوفير المدرسين وتأسيس الجامعة ومراكز الانتساب الموجه .

وسأبقى أنا وكثيرون غيري ممتنين للشيخ عبدالله السالم الصباح، أمير الكويت الراحل رحمه الله، الذي نشر التعليم في إمارات الساحل في خمسينات وستينات القرن الماضي وأنقذ بذلك أجيالاً من الجهل .

وعلى مستوى الإدارة التعليمية، تأثرت بشخصية أحمد حميد الطاير الذي تولى وزارة التربية والتعليم بالإنابة بجانب وزارة المالية . وكان الرجل معروفا بنشاطه الشديد، فكان يتواجد في المدارس قبل وصول المديرين والمعلمين وكان الطلبة يستفيدون كثيرا من ثقافته الواسعة من خلال أحاديثه إليهم في الإذاعة المدرسية .

تواصل لم ينقطع

لعل فترة عملك مسؤولاً عن مكتب ثم منطقة عجمان التعليمية الأبرز في حياتك، ماذا تمثل لك تلك المرحلة؟

في تلك الفترة توثقت علاقتي بالميدان التربوي، خاصة مع التوسع في البنية التعليمية في الإمارة بفضل دعم لم ينقطع من صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي، وسمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي ولي عهد عجمان .

وحين تسلمت الإدارة التعليمية في الإمارة كان عدد مدارسها 16 مدرسة وتركتها وفيها 43 مدرسة وروضة . ولا أدعي أنني بدأت العمل من فراغ، فعبد الرحيم الشاعر المدير الأول للمكتب التعليمي في عجمان بذل الكثير من الجهد لتأسيسه ومده بالكوادر البشرية بمساعدة الزميلين عبدالله سالم النعيمي وفيصل الرميثي، واستمرت بعد قرار مجلس الوزراء تحويل المكتب إلى منطقة الطفرة التعليمية في عجمان، كما في بقية الإمارات .

ألا يأخذك الحنين الآن إلى فترة العمل؟

العمل التربوي بالنسبة لي لم يكن وظيفة، إذ تعاملت معه على أنه أمانة تستوجب أداءها على الوجه الأكمل . لذلك لم تنته صلاتي بالميدان التربوي بالتقاعد حتى يأخذني الحنين إليه، فعلاقاتي بالزملاء مستمرة وأقابل كثيراً ممن كانوا طلبة وقت وجودي في العمل والذين كنت بينهم باستمرار لا أفرق بينهم وبين أبنائي، وأتمنى أن أكون أديت الأمانة على الوجه الأكمل ولم أدخر جهدا في خدمة الإمارات .

وكيف تقضي وقتك منذ التقاعد؟

معظم وقتي الآن للأسرة في محاولة لتعويض سنوات انشغالي، كما أقرأ في مجالات عدة .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"