الالتهاب الكبدي C..عدوى فيروسية يقتلها العلاج

21:27 مساء
قراءة 6 دقائق
تحقيق: الصحة والطب

يعد فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي C من أكثر الأمراض انتشاراً في العالم، ويصيب الأشخاص عن طريق العدوي بنقل الدم دون فحصه، استخدام الحقن غير المأمونة، أو عدم كفاية تعقيم المعدات الطبية وغيرها، وتتراوح أعراضه من الخفيفة التي تستمر لأسابيع، إلى المراحل المزمنة التي يمكن أن تبقى لآخر العمر، وبحسب المعلومات التي صدرت عن منظمة الصحة العالمية فإن هناك 71 مليون شخص يتعايشون مع عدوى التهاب الكبد C المزمنة، وفى الآونة الأخيرة اكتشف العلماء والباحثون علاجاً قاتلاً لهذا الفيروس، محققاً نسبة شفاء عالية، وفى هذا التحقيق يخبرنا الخبراء والاختصاصيون عن هذا الفيروس ومضاعفاته وطرق الحماية منه.
يقول الدكتور نضال حباق اختصاصي الباطنية والجراحة قلبية، إن فيروس (C) هو مرض كبدي معدٍ ينتج عن الإصابة بفيروس التهاب الكبد الوبائي C) HCV)، ويتفاوت في شدته من الشكل الخفيف الذي يستمر لمدة أسابيع قليلة إلى مرض خطر يهاجم الكبد ويخرب خلاياه ويؤدي إلى تليفة، والقصور الكبدي وسرطان الكبد، ويمكن أن تكون الإصابة بهذا الفيروس حادة أو مزمنة، حيث تحدث المرحلة الحادة خلال الأشهر الستة الأولى بعد التعرض للفيروس، وتكون قصيرة الأمد، وفى الغالب تتحول إلى المزمنة إذا لم يتم الشفاء سواءً بالعلاج أو تلقائياً، ما يؤدي لأن يظل الفيروس في جسم المصاب مدى الحياة.

انتقال العدوى

يوضح د.نضال أن العدوى بفيروس C تتم عن طريق التلامس مع دم أحد المصابين، سواء كان ذلك مباشرةً أو عن طريق تبادل إبر الحقن المخدرة، أو إجراء الوشم، الثقب في الأماكن غير المنظمة أو المرخصة، أو مشاركة أدوات العناية الشخصية كشفرات الحلاقة وفرش الأسنان، وكذلك العلاقات الزوجية، وأيضاً مرضى غسل الكلية، وعمال الرعاية الصحية بسبب وخز الإبر الملوثة بدم المرضى المصابين، والجدير بالذكر أن العدوى لا تنتقل بالرضاعة الطبيعية، تبادل الطعام أو الماء، المعانقة، التقبيل، المصافحة، السعال، العطاس، وإذا ظهرت الأعراض عند المصاب بالتهاب الكبد الوبائي C فإن متوسط الوقت لظهورها يكون من 6 -7 أسابيع بعد العدوى، ويمكن أن تتراوح من أسبوعين إلى ستة أشهر، ومع ذلك فإن العديد من الأشخاص المصابين لا يعلمون بأنهم أصيبوا بالفيروس، حيث إنهم لا يعانون من أي أعراض، وتعد «فئة اللاعرضيين» هي الأخطر حيث إنهم ينقلون العدوى للآخرين في صمت.
يستكمل: إن بعض الإصابات الحادة بفيروس C ربما تستطيع الشفاء من تلقاء نفسها، بنسبة حوالي 25 % من الحالات، حيث تتمكن وسائل دفاع الجسم من مقاومة المرض والقضاء على الفيروس، أما في الحالات التي يتم فيها تشخيص الإصابة نتيجة ظهور الأعراض؛ فإن العلاج يقلل من خطورة تحوله إلى الشكل المزمن، وتعد الأدوية المستعملة في علاج الأشكال الحادة والمزمنة من المرض هي نفسها وهي متوفرة وبكفاءة عالية وتؤدي إلى الشفاء التام في معظم الحالات، وعلى الرغم من وجود اللقاحات للأشكال الأخرى من التهاب الكبد الوبائي ( A و B ) إلا أنها لم تتوفر بعد للنوع C والذي يمكن للمصاب به والمعالج بشكل جيد من أن يصاب به مرةً ثانية لوجود أكثر من نوع من الفيروسات المسببة لهذا المرض.

أعراض فيروس C

يذكر د.نضال أن أهم العلامات العامة التي ترافق الإصابة بفيروس C هي: الحمى، الإجهاد، آلام البطن، الغثيان، الإسهال، فقدان الشهية، الاكتئاب، اصفرار الجلد، آلام حادة في الربع العلوي الأيمن من البطن وفقدان الوزن، فقدان الطاقة، أوجاع عامة في الجسم، وغالباً ما يتم اكتشاف التهاب الكبد الوبائي C أثناء اختبارات الدم الروتينية لقياس إنزيمات ووظائف الكبد، وعند الشك بإمكانية الإصابة يجري تحري الأجسام المضادة للفيروس Ab HCV فإن كان الاختبار إيجابياً، فإنه يعني بأن هذا الشخص تعرض للفيروس في وقت ما من حياته، وحينها يتم التحري عن وجود الفيروس نفسه في الدم RNA) HCV) الذي يعتبر وجوده في الدم تأكيداً للإصابة.

مضاعفات فيروس C

يشير الدكتور شريف حسن، مختص الأمراض الباطنية والغدد الصماء، إلى أن فيروس C يعتبر أشهر الفيروسات التي تصيب الكبد، وتكون الإصابة في المراحل الأولى حادة، ومع الوقت ربما تتحول إلى مزمنة، وهنا تبدأ المعاناة مع مضاعفات الإصابة والتي تتمثل في الآتي:-
* تليف الكبد، سرطان الكبد، الفشل الكبدي بأعراضه.
* لا يؤثر فيروس C فقط على الكبد، وإنما ربما يؤدي هذا الالتهاب الحاد أو المزمن، في حدوث أعراض خارج الكبد، مثل: إصابات الكلى، التهابات أمراض الدم، الإصابة بأمراض المناعة كالالتهاب المناعي للغدة الدرقية وأيضا إصابات تستهدف الجلد.

معايير الخضوع للعلاج

يفيد د. شريف أن علاجات الالتهاب الكبدي الوبائي C أصبحت متوفرة في السنوات الأخيرة، ولكن هناك بعض المعايير التي يجب أن تكون مع المريض المصاب بالفيروس حتى يتمكن من الخضوع للعلاج، حيث إنها تؤثر على نسبة الشفاء من المرض، وهى كالاتي:
* الطريقة التي انتقلت بها عدوى فيروس C للمريض، سواء إن كانت عن طريق نقل الدم، أو الحقن المشترك في حالات إدمان المخدرات.
* تقييم درجة إنزيمات الكبد، طبيعية أم مرتفعة،
* التأكد من أن المريض مصاب فقط بفيروس C أم أنه تعرض لفيروسات أخرى مثل: الإصابة بالإيدز، فيروسB.
* إذا كان المريض مصاباً بداء السكرى، أو يعانى من ضغط الدم المرتفع.
* المرحلة التي تتطور إليها المرض، سواء كان مازال بعيداً لم يؤثر على الكبد بعد، أم تسبب في فشل، تليف، سرطان في الكبد.

علاجات فيروس C

يشير الدكتور عبد الرحمن سعد الدين استشاري أمراض الجهاز الهضمي، إلى أن الإحصائيات العالمية تثبت أن هناك حوالى من 70 إلى 100 مليون شخص مصاب بالالتهاب الكبدي الوبائي C، ومن المتوقع 2020 تكون نسبة تشخيص الحالات إلى 20%، أما في عام 2030 فمن المتوقع أن تصل نسبة المرضى الذين سيتم تشخيصهم بالإصابة بفيروسC إلى 90%، يخضع 80% منهم للعلاج، وبالمقابل شهد عام 2013 و2014 طفرة علمية، وبداية لظهور علاجات عن طريق الأقراص الدوائية، تناسب كافة مراحل الانتهاب الكبدي C، سواء المراحل الأولى، أو المتقدمة، ووصلت نسبة الشفاء فوق 95%.
ويضيف: يتم علاج التهاب الكبدي الوبائي C، عن طريق إعطاء المريض المصاب بالفيروس حصة من الأدوية لفترة من 8 إلى 12 أسبوعاً، وهي عبارة عن حبوب تحتوي على مادة مضادة، تستهدف دورة الفيروس لتوقيف ومنع نشاطها، ما ينتج عنه الشفاء بنسبة 95% بعد ثلاثة أشهر، مع الاستمرار في المتابعة حتى يطمئن الطبيب المعالج بعدم عودة الإصابة مرة أخرى، والتأكد من شفاء المريض تماماً، أما في الحالات المتقدمة فيتم فحص المضاعفات التي تعرض لها المريض كالتليف، السرطان، أو الفشل الكبدي.

نصائح وقائية

يذكر د. عبد الرحمن، أن الالتهاب الكبدي الوبائي C ليس من الأمراض التي تنتشر ذاتياً بجسم الإنسان، ولكن لابد من وجود عامل يساعد على انتقالها، حيث تم اكتشافه في عام 1989، وقبل هذه الفترة كان التبرع بالدم، لا يخضع لأي فحوص مختبرية، وعدم فحص العينات للمتبرعين، ولذلك كانت نسبة انتشار المرض سريعة جداً في الماضي، ولكن مع هذا التطور الطبي والعلمي، صارت نسبة الإصابة بفيروس C عن طريق التبرع بالدم 1 في المليون، وعلى الرغم من أن العلاجات المتوفرة فعالة وتحقق نسباً عالية، إلاّ أن هناك بعض العوامل التي يمكن أن تعوق إتمام عملية الشفاء التام، وخاصة بتطور المرضى الذين يعانون من مخاطر ومضاعفات نتيجة الإصابة بالالتهاب الكبدي الوبائي C، مثل تليف وتشمع الكبد، ولذلك تعد مراقبة المرضى من أهم الإجراءات الاحتياطية حتى لا تكون هناك فرصة لرجوع الفيروس مرة أخرى، حيث إنه ينمو داخل أنسجة التليف في الكبد، كما أن هناك بعض النصائح التي يجب اتباعها، مثل:
* يجب على المؤسسات التوعوية، نشر البرامج التي تتضمن كافة المعلومات عن فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي C، وطرق الوقاية منه، وعلى المستشفيات علاج جميع الحالات المصابة التي يتم تسجيلها بشكل مبكر.
* إن أكثر الطرق التي تؤدي لانتشار الإصابة هي الأدوات الشخصية التي يتم استخدامها في صالونات الحلاقة بشكل مشترك، وكذلك فرش الأسنان وغيرها، ولذلك تعد أهم السبل الوقائية، هي عدم مشاركة الأدوات الشخصية بين الأشخاص مهما كانت درجة القرابة.
* العلاقة الزوجية يمكن أن تؤدي إلى العدوى بالفيروس، ولكن بنسب ضئيلة.
* ارتفاع نسبة إنزيمات الكبد، في فحوص الدم.

زراعة الكبد

يلجأ الأشخاص ممن يعانون مشكلات وإصابات الكبد المتعددة، إلى عملية زراعة الكبد عندما ييأسون من شفاء هذه الآفات عن طريق العلاجات الأخرى، وهى تعتبر من العمليات الدقيقة التي تستمر من 8 إلى 12 ساعة متواصلة، حيث يضع الطبيب أمام المريض اختيارين يعتمد اختيار أحدهما على حالته الصحية، الأول يكون باستئصال الكبد القديم المتأثر بالآفات، وزراعة الجديد في المكان نفسه، أو اختيار مكان آخر بالبطن وزراعة الكبد الجديد به، مع ترك الكبد التالف في مكانه، وفى الحالتين تحتوي زراعة الكبد على نسبة مخاطرة عالية، حيث إن المريض يمكن أن يفقد كمية كبيرة من الدم أثناء العملية، كما أنه يواجه بعض المضاعفات في الفترة التي يقضيها في المستشفى وهى حوالى أسبوعين، ويتم وضعه تحت المراقبة من تسعة أشهر إلى عام تقريباً للتأكد من سلامته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"