التهاب الكبد الفيروسي «ب».. مشكلة صحية عالمية

00:58 صباحا
قراءة 6 دقائق
يقوم الكبد بالعديد من الوظائف المهمة للجسم؛ ومنها معالجة المواد الغذائية، التي تمتصها الأمعاء، وتنقية الدم من المواد السامة والمخدرات والكحول وغيرها، وينتج الكبد سائل الصفراء الذي يوجد في كيس المرارة، الذي يساعد في هضم المواد الدهنية، كما يقوم الكبد بإنتاج الكوليستيرول والمواد المخثرة للدم وبعض البروتينات.
يمتاز الكبد بالقدرة على التجديد، وبإمكانية الشفاء من خلال استبدال أو إصلاح الأنسجة المتضررة، وتحتل الخلايا السليمة مكان الأخرى المصابة بصورة دائمة؛ وذلك حتى يتم إصلاح الضرر.
ويصاب هذا العضو المهم بالعديد من الأمراض والمشاكل الصحية على الرغم من قدرته على الإصلاح الذاتي، ومن هذه الأمراض التهاب الكبد، وله عدة صور تختلف باختلاف نوع الفيروس المسبب له.
ويعد فيروس «ب» أحد 6 أنواع من الفيروسات التي تصيب الكبد، وهذه الأنواع تختلف عن بعضها في درجة الخطورة والضرر الذي تسببه، وكذلك في طريقة الانتقال.
ونتناول في هذا الموضوع تفاصيل الإصابة بفيروس «ب»، والعوامل والمسببات التي تؤدي إلى هذا الإصابة بهذا المرض، وكذلك طرق الوقاية والعلاج من هذا الفيروس، والنصائح والإرشادات المقدمة من الخبراء للحماية من هذا المرض.

عدوى فيروسية

يعد التهاب الكبد الفيروسي «ب» عدوى فيروسية تصيب الكبد، ويمكن أن تتسبب في أمراض حادة ومزمنة؛ حيث إن استمرار الإصابة في بعض الحالات لأكثر من 6 أشهر يعد التهاباً مزمناً، ووجود الالتهاب هذه المدة يزيد من خطر الإصابة بأمراض أشد خطورة مثل: تليف الكبد والفشل الكبدي.
ويصنف الالتهاب الكبد الفيروسي «ب» كأحد المشاكل الصحية العالمية البارزة، كما أنه يندرج تحت بند الأخطار المهنية التي تحدق بالعاملين في المجال الصحي بشكل قوي.
يشفى معظم المصابين بهذا الفيروس، وعلى الأخص البالغين، حتى في الحالات التي تكون الأعراض فيها حادة وقوية؛ وذلك على الرغم من عدم توفر علاج له، غير أن هناك تطعيماً يمكن أن يقي من الإصابة بهذا الفيروس.
يجب على المصابين بهذا الفيروس اتباع كل وسائل الحذر المطلوبة؛ وذلك خشية نقل العدوى إلى أشخاص آخرين؛ حيث إن الفيروس ينتقل من خلال ملامسة أي سوائل بدنية للشخص المصاب، وبالذات الدم.

الفئات الأكثر خطراً

تتعرض مجموعة من الفئات لخطر الإصابة بفيروس التهاب الكبد «ب» بصورة أكبر، ومن بينها: مدمنو المخدرات الذين يتعاطون هذه المخدرات عن طريق الوريد، ويتشاركون نفس الإبرة.
وكذلك الأشخاص الذين يقيمون علاقات عاطفية غير آمنة مع شخص مصاب، ومن يسافرون إلى مناطق ينتشر فيها التهاب الكبد الفيروسي «ب» بشكل واسع، وكذلك الذين يولدون في هذه المناطق.
ويمكن أن ينتقل المرض إلى المواليد في حالة إذا كانت الأم الحامل مصابة به، وتزداد فرص تطور حالة الأطفال المصابين بالتهاب الكبد الفيروسي «ب» دون سن السادسة إلى عدوى مزمنة.

أنواع الالتهاب

يعد التهاب الكبد الفيروسي «ب» حاداً إذا استمر لمدة زمنية تقل عن 6 أشهر، ويعد مزمناً إذا تجاوزت مدة الإصابة 6 أشهر، ويستطيع الجهاز المناعي في حالات الالتهاب الشديد أن يقضي على الفيروس ويقصيه خارج الجسم؛ بحيث يشفى بشكل تام خلال بضعة أشهر.
ويمكن أن يتسبب التلوث الناتج عن الفيروس في الوفاة أو الإصابة ببعض الأمراض الخطرة، مثل سرطان الكبد أو تليف الكبد؛ وذلك عندما لا يستطيع جهاز المناعة التغلب على الفيروس والقضاء عليه.
يصاب أغلب المصابين بالتهاب الكبد الفيروسي «ب» وهم من البالغين بالالتهاب الحاد، أما الأطفال والرضع فإن العدوى بهذا الفيروس تكون أكثر خطورة، ويصاب بالالتهاب المزمن أغلب الأطفال الذين أصيبوا بفيروس «ب» عند الولادة أو انتقلت إليهم العدوى خلال 5 سنوات الأولى.
يتم اكتشاف إصابة بعض الحالات بالالتهاب المزمن بعد فترة تصل في بعض الأحيان إلى 10 سنوات؛ وذلك في أعقاب إصابة المريض بمرض خطر في الكبد.

طرق العدوى

ينتقل فيروس التهاب الكبد الفيروسي «ب» من جسم المصاب إلى شخص آخر عبر سوائل الجسم المختلفة؛ حيث يمكن أن ينتقل من خلال مجرى الدم، والسائل المنوي وإفرازات السيدات، ومجرى البول والفضلات، وكذلك الدموع والعرق.
وتتعدد وسائل الاتصال ومنها الأدوات الطبية غير المعقمة، فعندما يتم استخدام أدوات مستعملة من قبل شخص مصاب، وكذلك بعض الأدوات التي يستخدمها الأطباء والعاملون بالمستشفى، ويمكن أن ينتقل الفيروس كذلك بالخدش أو الجرح ولمسه لشخص سليم؛ لذلك فالتعقيم الجيد من الأمور المهمة عند استعمال الأدوات الطبية المختلفة.
ويمكن أن يصاب الجنين والأطفال من حديثي الولادة بالتهاب الكبد الفيروسي أثناء الولادة، وينتقل الفيروس كذلك من خلال لبن الأم، ويؤدي استخدام الأغراض الشخصية للمريض إلى انتقال الفيروس إلى شخص آخر صحيح، وهذه الأغراض على سبيل المثال: المناشف وأدوات المائدة وأدوات الحلاقة والتجميل للنساء.

بعد ثلاثة أشهر

تظهر أعراض التهاب الكبد الفيروسي «ب» في العادة بعد 12 أسبوعاً من الإصابة بالعدوى، ومعظم الأطفال والرضع وكذلك بعض البالغين لا تظهر لديهم أي علامات، أو أعراض تدل على المرض، ويمكن أن تكون الإصابة بسيطة في بعض الأحيان، أو شديدة وحادة في أحيان أخرى.
وتختلف العلامات والأعراض التي تظهر على المريض ما بين بسيطة إلى حادة، وتشمل الأعراض فقدان الشهية، ويمكن أن يصاحبه ارتفاع شديد في الحرارة يصل إلى درجة الحمى.
ويصاب المريض بالغثيان والقيء، وبالتعب والضعف العام، وآلام في البطن، وبخاصة في منطقة الكبد، ويصبح لون البول غامقاً، كما يتغير لون الفضلات إلى البني الفاتح أو البرتقالي، مع اصفرار لون البشرة، وبياض العينين، وهو ما يعرف باليرقان.
ويمكن أن يصاب مريض التهاب الكبد الفيروسي «ب» بآلام في المفاصل، ويشعر بصداع مزمن مع وجود احمرار والتهاب بالجلد وحكة شديدة وطفح جلدي، ويمكن أن يتطور الالتهاب الكبدي بفيروس «ب» في بعض الحالات إلى تليف كبدي، ثم فشل كبدي حاد يؤدي إلى الوفاة.

جهاز مناعي قوي

يشفى في الغالب معظم المصابين بالتهاب الكبد الفيروسي «ب» دون الحاجة إلى تعاطي أي علاج؛ حيث لا يؤثر الفيروس في أداء الكبد أو صحتهم باستثناء التعرض لنشاط الفيروس، وفي معظم الحالات فإن هذه الفيروسات تكون غير ضارة، وبالتالي لا يحتاج المصابون بها إلى علاج، وخاصة عندما يكون جهاز المناعة لديهم قوياً، وبالتالي يهاجم الفيروس دون أن يصيب الكبد أو الجسم بأي أضرار.
تحتاج بعض حالات الالتهاب المزمن إلى العلاج، والذي يهدف إلى منع تكاثر الفيروس، ونقل المريض من مرحلة الالتهاب المزمن الذي يؤدي إلى مضاعفات على الكبد إلى حامل الفيروس.
ويمكن علاج التهاب الكبد الفيروسي باستخدام الأدوية الفموية المضادة للفيروسات، وهي تعمل على إيقاف نشاط الفيروسات وتكاثرها؛ حيث يبطئ العلاج كذلك فرص زيادة تليف الكبد، ويقلل من فرص الإصابة بسرطان الكبد.
وانضم مؤخراً علاجان جديدان إلى قائمة الأدوية الفاعلة، والتي تمنع تكاثر الفيروس، وتصل نسبة سيطرة هذين الدواءين إلى حوالي 30 إلى 60%؛ وذلك على مدى عدة أعوام من العلاج المتواصل.

وصفات مفيدة

تساعد بعض الوصفات الطبيعية والأعشاب في التخفيف من حدة الالتهاب، ومن هذه الأعشاب بذور الشمر والحبة السوداء والخرشوف والكمون والهندباء، ويجب أن يكون استخدام هذه الأعشاب تحت إشراف الطبيب حتى يحدد الكمية المطلوبة ومواعيد تناولها وكيفية تحضيرها.
يفيد كذلك عسل النحل في تخفيف الأعراض؛ حيث يمتلك العسل خصائص عديدة تجعله يحافظ على سلامة الكبد، ويحميه من الأمراض ويقوي جهاز المناعة، كما يقوم العسل بتجديد خلايا الكبد ويقيه من التلف، ويساعد في تخفيف حدة المرض والشعور باليرقان والغثيان.
ويجب استشارة الطبيب قبل استخدام وصفة العسل، والتي تتكون من خليط يشمل 5 ملاعق من العسل مع الحبة السوداء وملعقة من القسط البحري، وأخرى من القسط الهندي ومقدار مناسب من الماء، ويأخذ المريض من هذا الخليط ملعقة مرتين يومياً، ويستمر عليه طوال فترة العلاج الطبي.

الوقاية والالتهاب المزمن

تشير إحصائيات المصابين بالتهاب الكبد الفيروسي «ب» إلى أن حوالي من 90% إلى 95% يشفون تلقائياً وبصورة تامة ودون أي مضاعفات، وأقل من 1% يصابون بالتهاب شديد في الكبد يمكن أن يؤدي إلى الوفاة.
وتصبح النسبة الباقية حاملين للمرض، وهؤلاء هم الأخطر على المجتمع، وذلك لأنهم يتسببون في نقل المرض للآخرين دون ظهور أي أعراض عليهم، وبعضهم يصاب بالتهاب الكبد المزمن، ويصبحون معرضين للإصابة بتليف الكبد وتشمعه على مدى أكثر من 15 عاما، ويكون عرضة للإصابة بسرطان الكبد.
ينجح اللقاح المضاد لالتهاب الكبد الفيروسي «ب» في الوقاية من العدوى بالفيروس، والإصابة بسرطان الكبد الذي ينجم عن الالتهاب، وذلك بنسبة نجاح تصل إلى حوالي 95%، ويتوافر هذا اللقاح بصورة جيدة في معظم الدول.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"