أمراض الدم..تهـديدات صامتة للحـياة

01:23 صباحا
قراءة 7 دقائق
تحقيق : راندا جرجس

تختلف معاناة الأشخاص من أمراض القلب المتعددة، من الطفولة وحتى الشيخوخة، فهناك الأمراض الوراثية، أو الناتجة عن تأثير مشكلات أخرى في الجسم، كما يعدّ النظام الغذائي غير الصحي سبباً أساسياً وغيرها من الأسباب المتنوعة التي تهدد حياة الفرد خلال المراحل العمرية، ولكن يعدّ ارتفاع ضغط الدم وفرط الكوليسترول من الأمراض الشائعة التي بات الإنسان يعتبرها بسيطة ويمكن السيطرة عليها، ولكنها في حقيقة الأمر مخاطر ربما تقضى على حياته في صمت، لما يرافقهما من مضاعفات، وفي هذا التحقيق يخبرنا الخبراء والاختصاصيون تفصيلاً عن كيفية الوقاية منهما.
تقول الدكتورة روشيكا موخيرجي، استشارية أمراض القلب، إن مصطلح أمراض القلب يشير إلى مجموعة من الحالات التي تؤثر عليه، وربما يشمل ذلك أمراض الأوعية الدموية، مثل مرض الشريان التاجي، عدم انتظام ضربات القلب، والعيوب الخلقية، وحالات أخرى، وغالباً ما يتم الخلط بين مصطلح «مرض القلب» ومصطلح «أمراض القلب والأوعية الدموية»، فالأخير يشير عموماً إلى الحالات المتعلقة بضيق أو انسداد الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى حدوث نوبة قلبية أو ألم في الصدر (ذبحة صدرية) أو سكتة دماغية، ويمكن الوقاية من أمراض القلب أو معالجتها من خلال اتباع نمط حياة صحي، ويتم تشخيص هذه الإصابة بناءً على حالة القلب التي يعاني منها المريض، ويختلف من شخص إلى آخر، ومن المحتمل أن يقوم الطبيب بإجراء فحص جسدي وطلب تفاصيل حول التاريخ الطبي الخاص بالمريض وعائلته، إلى جانب اختبارات الدم والأشعة السينية للصدر، كما تشمل اختبارات تشخيص أمراض القلب ما يلي:
* تخطيط القلب الكهربائي الذي يقوم تخطيط القلب الكهربائي بتسجيل الإشارات الكهربائية، ما يساعد الطبيب في الكشف عن أي خلل في إيقاع القلب وبنيته.
* تخطيط صدى القلب، ويتضمن هذا الاختبار غير الجراحي، تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية لعرض صور تفصيلية لبنية القلب وأدائه.
* اختبار الإجهاد، الذي ينطوي على رفع معدل ضربات القلب من خلال التمرين أو الدواء بالتزامن مع إجراء اختبارات القلب والتصوير للتحقق من كيفية استجابة القلب.
* التصوير المقطعي بالكمبيوتر، ويستخدم في التحقق من وجود مشاكل في القلب، حيث يدور أنبوب الأشعة السينية داخل الجهاز حول جسمك ويجمع صور للقلب والصدر.
* التصوير بالرنين المغناطيسي، ويتم باستلقاء المريض على طاولة داخل آلة شبيهة بأنبوب طويل ينتج حقلاً مغناطيسياً، وصوراً تساعد الطبيب على تقييم حالة القلب.
* هولتر، جهاز محمول يرتديه المريض لإجراء تخطيط كهربائي مستمر للقلب، وعادة ما يستغرق هذا الإجراء من 24 إلى 72 ساعة، وتستخدم طريقة جهاز هولتر للكشف عن أي خلل في إيقاع القلب والذي لا يمكن التقاطه أثناء التخطيط الكهربائي العادي للقلب.

أمراض القلب وضغط الدم

تذكر د.روشيكا، أن ارتفاع ضغط الدم، يعني أنه يتعين على القلب أن يبذل مجهوداً أكبر لضخ الدم في أنحاء الجسم، ولكي يتأقلم مع هذا الجهد الإضافي، يصبح القلب سميكاً ومتصلباً، ما يقلل من قدرته على أداء مهامه، وإذا كان القلب غير قادر على ضخ الدم كما يجب، يسمى ذلك فشل القلب، ويمكن أن تؤدي هذه الحالة إلى تجمع سوائل إضافية في الجسم والتسبب في ضربات قلب غير نظامية، ولا يعني ذلك أن القلب سيتوقف عن العمل، لكنها تعد مشكلة خطيرة، كما يمكن أن يتسبب ارتفاع ضغط الدم في زيادة مخاطر أمراض القلب، وربما يؤدي ارتفاع ضغط الدم الذي لا تتم معالجته والخارج عن السيطرة، في إتلاف الأوعية الدموية وغيرها من الأعضاء المهمة في الجسم، بما في ذلك القلب والعينين والكليتين والدماغ، وتجدر الإشارة إلى أن ضغط الدم يُحدد من خلال كمية الدم التي يضخها القلب، وسهولة تدفق الدم عبر الشرايين، لذا فإن ارتفاع ضغط الدم يحدث، عندما يتدفق الدم من خلال الأوعية الدموية بقوة مفرطة أو بضغط مفرط.
تضيف: تتكون كل قراءة لضغط الدم من رقمين أو قياسين يظهران كعدد فوق الآخر ويقاسان بالميليمتر زئبقي، حيث يمثل الرقم الأول أعلى مستوى يصل إليه ضغط الدم عندما يتقلص القلب ويضخ الدم عبر الشرايين، وهذا يسمى ضغط الدم الانقباضي، أما الرقم الثاني فهو أدنى مستوى يصل إليه ضغط الدم عندما يرتاح القلب بين الضربات، وهذا يسمى ضغط الدم الانبساطي.

أعراض ومخاطر

تشير د.روشيكا، إلى أن ارتفاع ضغط الدم الكبير لدى الإنسان، يصاحبه بعض الأعراض التي ينبغي الانتباه إليها، مثل: الصداع الشديد، التعب أو الاضطراب، مشاكل الرؤية، ألم الصدر، صعوبة التنفس، عدم انتظام ضربات القلب، ظهور الدم في البول، والشعور بخفقات في الصدر أو العنق أو الأذنين، على الرغم أنه لا يمكن ملاحظته أو الشعور به في العادة، لكن إذا لم تتم معالجته مع مرور الوقت، ربما يتوسع القلب ويصبح ضخه أقل فعالية، ولا يوجد دائماً تفسير لسبب ارتفاع ضغط الدم، لكن ربما يكون نتيجة عدم مزاولة النشاط البدني بشكل كافٍ، السمنة، وضع كثير من الملح على الطعام، تناول الكحوليات، أو وجود تاريخ عائلي بارتفاع ضغط الدم، ولذلك فإن إحداث بعض التغييرات في أسلوب الحياة قد يمنع حدوث ارتفاع ضغط الدم في المستقبل حتى لو لم تكن مصاباً به حالياً.
ووفقاً لجمعية القلب الأمريكية، فإن ارتفاع ضغط الدم إذا لم يتم اكتشافه يمكن أن يهدد صحة الأفراد ونوعية الحياة بشكل كبير، كما أنه يسبب خطورة أكبر في تطور مشاكل صحية تغير الحياة وتهددها أيضاً، ومنها النوبة القلبية، السكتة الدماغية، فشل القلب، أمراض الكلى، فقدان الرؤية، الذبحة الصدرية، ومرض الشريان المحيطي.

تدابير وقائية

توصي د.روشيكا ببعض التغييرات الصحية السليمة في أسلوب الحياة، التي تساعد في تجنب الإصابة بضغط الدم المرتفع، وهى كالآتي:-
* تناول أطعمة منخفضة المحتوى من الصوديوم.
* ممارسة نشاط بدني لمدة 30 دقيقة على الأقل، ثلاثة أيام في الأسبوع.
* الإقلاع عن الكحوليات والتدخين، لما يسببه من ضرر بجدران الأوعية الدموية.
* المحافظة على وزن صحي للجسم.
* تعلم تقنيات إدارة الإجهاد، مثل التنفس العميق واليوجا والتأمل.
* الحصول على قسط كافٍ من النوم ليلاً، حيث أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من الأرق، ممن ينامون أقل من 6 ساعات ليلاً، هم أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم ثلاث مرات، مقارنة بمن ينامون لأكثر من 6 ساعات في الليلة الواحدة.

أسلوب حياة

تؤكد د.روشيكا، أن تغيير نمط الحياة يسهم في تحقيق تقدم كبير نحو السيطرة على ارتفاع ضغط الدم، وربما يوصي الطبيب بإجراء تغييرات في أسلوب الحياة الذي يشتمل على اتّباع حمية صحية ملائمة للقلب ونظام غذائي منخفض الأملاح، ممارسة النشاط البدني بشكل منتظم، المحافظة على وزن صحي أو تخفيف الوزن في حالات البدانة والسمنة، وفي بعض الأحيان، ربما لا تكون تغييرات نمط الحياة كافية، ويوصي الطبيب بتناول بعض الأدوية الخافضة لضغط الدم، بالإضافة إلى اتّباع الحمية والنظام الغذائي وممارسة الرياضة.

فرط الكوليسترول

يوضح الدكتور أنسلم جت استشاري طب القلب التدخلي، أن هناك نوعين من الكوليسترول، وهما: البروتينات الدهنية المنخفضة الكثافة المعروفة بالكوليسترول الضار، والبروتينات الدهنية المرتفعة الكثافة أو الكوليسترول المفيد، وبشكلٍ عام، عندما تزداد كمية الكوليسترول في الدم زيادة كبيرة، فإنه يتراكم على جدران الشرايين، وهذا يتسبب في حدوث مرض تصلب الشرايين، الذي يصيب أيضاً الشرايين التاجية التي تمد القلب بالأكسـجين، عندها تصبح الشرايين ضيقة ويصبح تدفق الدم لعضلة القلب أبطأ أو ينقطع تماماً، في الطبيعي ينقل الدم الأكسجين إلى القلب، وربما يعاني المرء من ألم في الصدر إذا لم يصل إلى القلب كمية كافية من الدماء والأكسجين، بينما تحدث النوبة القلبية إذا توقف الإمداد الدم إلى جزء من القلب توقفاً تاماً بسبب انسداد الشرايين، ولذلك فإن الأشخاص الذين يعانون من فرط كوليسترول الدم (أي ارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم)، غالباً ما ينتهي بهم الأمر، إلى المعاناة من ارتفاع ضغط الدم أيضاً، ويعد السبب الأساسي لهذا، أن المرضين غالباً ما يظهران معاً، وتزداد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم مع تقدم العمر، كما أنه يرتبط كذلك بأمراض القلب.

مضاعفات مرضية

يذكر د.أنسلم أن تشخيص المريض بفرط شحميات الدم يعني أن الدم به الكثير من الليبيدات، ومن بينها الكوليسترول والدهون الثلاثية، ويعد فرط كوليسترول الدم أحد أنواع فرط شحميات الدم، وهذا يعني وجود الكثير من الكوليسترول الضار في مجرى الدم، وهذه حالة تزيد من الترسبات الدهنية في الشرايين وترفع من خطر انسدادها، ويحدث تصلب الشرايين التاجية أيضاً، وبمرور الوقت تتراكم اللويحات في الشرايين التاجية، ويمكن للأفراد الذين يعانون من مستويات عالية من الكوليسترول، أن يعانوا كذلك من مرض الشريان التاجي، كما يمكن للويحات في الشرايين التاجية أن تعيق تدفق الدم الغني بالأكسجين لعضلات القلب، ما يتسبب في ألم في الصدر، وربما يكون بمثابة إنذار للشخص أنه في خطر التعرض لنوبة قلبية.
يستكمل: يمكن خفض فرط كوليسترول الدم، وبالتالي تقليل خطر أمراض القلب والسكتات القلبية، من الناحية الغذائية، وتعتبر أفضل طريقة لخفض الكوليسترول هي تقليل الدهون المشبعة والدهون المتحولة، يعتمد الطعام الصحي للقلب على الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والدواجن والأسماك والمكسرات، مع الابتعاد عن الأطعمة والمشروبات السكرية، ويمكن أيضاً ممارسة الرياضة بانتظام، فهي تساعد في الحفاظ على الوزن بمستوى طبيعي مقبول وتقلل الكوليسترول في الدم، ولكن في بعض الأحيان، بسبب الاستعداد الوراثي أو إذا كان المريض يعاني بالفعل من مرض قلبي وعائي واضح، وربما لا يكون النظام الغذائي والرياضة كافيين وحدهما لخفض نسبة الكوليسترول الضارّ في الدم، كما أن التدخل الطبي ضروري في هذه الحالة.

إحصائيات وأرقام

وفقاً لإحصاءات عام 2016 الصادرة عن هيئة الصحة بدبي ومركز دبي للإحصاء، فإن مرض القلب يعد أكبر مسبب للوفاة في الإمارات، حيث يتسبب في 30% من الوفيات، وهناك من يعانى من النوبات القلبية قبل 20 عاماً من متوسط العمر العالمي، كما أظهرت الدراسات الحديثة أن 69% من جميع الوفيات الناجمة عن الأمراض القلبية الوعائية لديها تاريخ بارتفاع ضغط الدم، وعلى الرغم من ذلك، يمكن أن تساعد التغييرات في أسلوب الحياة اليومي على الوقاية من هذه المشكلة وإدارتها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"