القفز بالمظلات مغامرة بين السماء والأرض

يحقق أحلام الهواة رغم مخاطره
02:40 صباحا
قراءة 6 دقائق

تسكن المتعة والإثارة في تلك التجارب الفريدة التي لا يجرؤ إلا القليلون على خوض غمارها، كونها تتطلب قوة القلب وهوس المغامرة والحماسة لمواجهة القدر في دقائق حاسمة، قد تغدو أروع حكاية نقصها على أبنائنا لسنوات فيما بعد، ولعل أصعب ما في هذه التجربة هو الوقوف على باب الطائرة للمرة الأولى، وأنت تعلم أن عليك أن ترمي نفسك بعد قليل، تقف لتتأمل الغيم الذي يفرد ذراعيه لك، ولكنك على موعد مع الحرية في أروع تجلياتها، حسب وصف قصص الآخرين ورواياتهم، لهذا يصير الأمر أكثر إثارة عندما تقفز وتسلم نفسك للخوف والسعادة في اللحظة ذاتها .

حسن منصوري محاسب في جمعية الاتحاد وهاوي قفز مظلي وهو يتدرب حالياً على القفز المظلي ويسعى للحصول على رخصة، يقول: لدي شغف بالمغامرة، وكنت أبحث عن المغامرات التي تنطوي على تحد كبير، والتي لم يجربها الكثيرون، وخطر لي أن أقوم بالقفز من على قمة جبل مرتفع بالأجنحة، أو القفز من جسر عالٍ وأنا مربوط بحبل، ولكن عندما عرفت بافتتاح نادي سكاي دايف للقفز المظلي شعرت بالحماسة وفكرت في أن أقوم بتجربة الأمر في البداية، وبعد أن عشت التجربة وأحببتها قررت أن أتدرب لأحصل على رخصة في القفز، وأنا الآن أتدرب مع الفريق .

وعن المواقف المفاجئة والخطورات التي صادفته أثناء التدريب، يضيف: بالنسبة للخوف فهو يتبخر ليبقى في لطائرة، ولكن أصعب شيء عند النزول هو التوازن للتخفيف من حدة الارتطام بالأرض، وهذا ماحصل معي ذات مرة، حيث كدت أرتطم بسارية العلم الذي وضع لتوجيهنا وإرشادنا، ولكن مع التدريب تصبح الأمور أكثر بساطة.

ويعبر عن شعوره أثناء القفز قائلاً: في المرة الأولى عندما وقفت عند باب الطائرة، قلت في نفسي إن هذه أغبى فكرة خطرت لي، ولولا شعوري بالحرج من الآخرين حولي ما أقدمت على القفز، ولكن بعد أن قفزت شعرت بأن قمة الخوف وقمة الحماسة اجتمعت بي في لحظة واحدة، ومررت بعدها من الغيم وأنا أسبح في الهواء فرحت أصرخ بصوت مرتفع (حرية حرية)، شعرت تماماً بأني وصلت إلى أقصى درجات الشعور بالحرية .

محمد الفرجاوي مقدم برامج في تلفزيون الشارقة يحكي عن تجربته في القفز المظلي، وكيف أضطر إلى الخوض فيها، يقول:

كانت حلقتي الأولى في برنامج (جربها مرة) الذي قدمته على تلفزيون الشارقة العام الماضي عن القفز المظلي، وقررت أن أخوض التجربة بنفسي للمرة الأولى لأتحدث عنها بشعور حقيقي، وبالنسبة للخطورة التي تواجه هواة القفز تقتصر على الجرأة في القفز لحظة الخروج من الطائرة أما ماعدا ذلك فليس هناك مخاطر محتملة، لأن النادي يأخذ كل الاحتياطات الممكنة ومنها تزويد القافز بمظلة أخرى في حال عدم فتح المظلة، بالإضافة إلى المظلة الإلكترونية التي تفتح عند تجاوزها مسافة معينة واقترابه من الأرض، وهناك تحكم بالمقاسات والسرعة أيضاً، كما يقفز مدربان مع الهاوي ويبقيان قريبين منه تحسباً لأية مخاطر ليشعر بالأمان، ولا يقفز المتدرب وحيداً حتى يحصل على رخصة القفز المظلي من المدرسة، وبشكل عام نستطيع القول إن نسبة الأمان في القفز المظلي تعتبر أعلى من نسبة الأمان في قيادة السيارات .

أما بالنسبة للتدريبات التي يخضع لها المتدرب، فيضيف: في البداية يخضع المتدرب للتدريب النظري فيطالع أشرطة الفيديو التي تشرح له عملية القفز، وبعدها ينتقل للتدريب التحريري حيث عليه أن يقرأ كتاباً كاملاً عن الموضوع ويمتحن به بعدها، ثم تبدأ التدريبات على المظلة في الأرض، والتدريبات على القفز الميداني في الأرض أيضاً، وبعدها يبدأ التدريب على القفز من الطائرة وهناك نوعان من القفز، القفز برفقة مدرب حيث يتم ربط المتدرب أو الهاوي مع المدرب في مظلة واحدة، أو أن يقفز المتدرب وحيداً والمدربون يحيطون به ويبقون قريبين منه ليشعر بالأمان .

ويعبر عن شعوره الفريد أثناء القفز قائلاً: بعد أن قفزت للمرة الأولى شعرت بأني في عالم آخر حقاً، فارتفاع نسبة الأدرينالين في الجسم يولد سعادة غير طبيعية، وحيقيقة لم أجرب هذا الشعور من قبل .

أما هدى عبدالنبي ربة منزل فتصف تجربتها في القفز المظلي قائلة:

كنت أشعر برغبة في تجربة القفز المظلي منذ سنوات، وأتخيل الحماسة والإثارة اللتين سوف أشعر بهما، ولكنني أقف عندما أتخيل اللحظة التي سوف أقف فيها أمام باب الطائرة لأتساءل بيني وبين نفسي أتراني سوف أستطيع القفز أم سوف أتراجع؟ لكنني تفوقت على نفسي واستمررت بالتجربة حتى آخرها ورحت أذكر نفسي: بأن الخطر غير موجود في الحقيقة فنسبة الأمان مرتفعة جداً كما شرحوا لي، والمدرب قفز برفقتي، كنت أصرخ بطريقة غريبة وأشعر بالمتعة، وبالأدرينالين يرتفع في جسدي، أعتقد أني أحب أن أكرر التجربة، ولست أدري إن كنت سوف أشعر بالخوف بنفس الدرجة في المرة التالية .

وبالنسبة لخالد الجاسم صيدلاني كانت القفزة السياحية تجربة لا تنسى بالنسبة له، ويقول: منذ صغري وأنا أحب السفر والمغامرة، وكانت المرة الأولى التي جربت فيها القفز بالمظلة هنا في دبي، حيث لفتت انتباهي الصور التي رأيتها لأحد أصدقائي حول القفزة التي قام بها، وبالفعل قررت أن أجرب .

أما بالنسبة لمشاعر الخوف فيضيف: لم أشعر بالخوف إلا بنسبة قليلة جداً فقد كنت مرتبطاً بالمدرب وقد شرح لي طريقة القفزة سابقاً وعن نسبة الأمان المرتفعة فاعتمدت عليه حقيقة لأنشغل باستمتاعي بالتجربة، وكانت بالفعل تجربة لا تنسى .

وهناك من يرى أن هذه التجربة هي الأكثر تميزاً بالنسبة له، مثل عمر الفاضل موظف في شركة تمويل، حيث يحدثنا عن تجربته قائلاً:

مذ كنت صغيراً يراودني حلم الطيران بحرية، كنت أتخيل هذا الشعور عندما أطير ويلامس جسدي الهواء، وأتخيل هذه الحالة من الحرية، وما حصل أن والدي كان قد أخبرني عندما كنت صغيراً عن تجربته في القفز المظلي وبقيت حكايته تدور برأسي، ولم أكن أجرؤ في الماضي على خوض التجربة، ولكن عندما أخبرني أصدقائي عن تجربتهم وأكدوا لي أن المظلة آمنة بدرجة عالية، شعرت برغبة بخوض التجربة، وبالفعل كان شعوراً مختلفاً جداً، وأنا أدعو أصدقائي ليعيشوا هذه التجربة الغنية والفريدة التي تنطوي على سر من أسرار الحياة والحرية، فقد تركت في نفسي أثراً جميلاً وأحب أن أخوضها مرة أخرى .

من جهته، يحدثنا نصر حمودة سرحان النيادي مدير نادي سكاي دايف دبي عن رعاية الإمارات لهذه الموهبة وتميزها بهذه الرعاية، يقول:

نحمد الله أن الإمارات تمتلك نادياً للقفز المظلي يعتبر الأفضل عالمياً من حيث المناخ والمناظر الطبيعية حيث يحلق القافزون فوق جزيرة النخلة، استطعنا أن نكون كوادر وطنية شابة تمثل دولة الإمارات عالمياً، كما فتحنا المجال للفرق العالمية لتقوم بتدريباتها في الإمارات .

وعن الغاية من رعاية هذه الرياضة وافتتاح مدرسة للتدريب يضيف: الشباب يتمتعون بالكثير من الطاقة والحماسة والسعي للتميز، ولهذا وددنا أن نوجههم لتفريغ هذه الطاقات من خلال الرياضة، بالإضافة إلى الرغبة في تشكيل فرق محلية إماراتية، وقد تفاجأنا حقاً بالإقبال الكبير للشبان الإماراتيين عليها مع أن مصاريف التدريبات على القفز المظلي باهظة .

وباعتبار أن سكاي دبي تعتبر أول شركة في الوطن العربي افتتحت لرعاية رياضة القفز المظلي، يخبرنا فراس الجابي مسؤول التسويق والعلاقات العامة في الشركة عن بعض التفاصيل التي تخصها:

ويقول: افتتح سكاي دبي للقفز المظلي في آخر نوفمبر/تشرين الثاني عام ،2008 وكان الهدف من افتتاحه أن يكون هناك حضور لرياضة القفز المظلي كرياضة عالمية، تحقق أحلام الهواة والراغبين في خوض تجربة القفز المظلي، وكانت الشركة الأولى في الوطن العربي، فقد كان المعتاد أن رياضة القفز المظلي في العالم العربي حكراً على الجيش فقط، وهذا ما يميزها .

وعن إقبال الشبان على التدريب وفرق القفز المظلي، يضيف: هناك إقبال كبير من قبل الشبان على النادي، بدليل قيام بطولة العالم للقفز المظلي في دبي، ولدينا فريقان حالياً الأول تابع للجيش وهو يقوم بتدريباته في سكاي دايف، والثاني تابع لسكاي دايف ويدعى (إعصار) .

وبالنسبة للحصول على رخصة القفز، وأنواعها يكمل: يحصل المتدرب على الرخصة بعد أن يقوم بالقفز ثماني مرات، ويمنح عندها الرخصة (إيه) إضافة إلى عضوية الاتحاد الأمريكي لرياضة القفز المظلي، وإذا أراد أن يكمل حتى 25 قفزة يحصل على الرخصة (بي) وهكذا حتى الرخصة (دي) التي تصل إلى 500 قفزة، ويعود الأمر للشخص طبعاً فهو من يقرر بين أن يبقى ضمن إطار الهواية وبين أن ينتقل إلى الاحتراف، وهناك أيضاً القفزة السياحية التي يقبل عليها السياح بكثرة، حيث يقومون بالقفز برفقة أحد المدربين بعد أن يطلعوا على طبيعة القفز، ويتم ربط الشخص بالمدرب مباشرة، ويرتفع ل13ألف قدم وعلى ارتفاع 5 آلاف قدم يفتح المظلة ويهبط، ويعيش الهاوي هذه التجربة مقابل مبلغ (1750) درهماً، تشمل القفز والصور والفيديو للقفزة التي قام بها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"