التضخم الحميد والخبيث

التهابات البروستاتا المزمنة والوقاية الأولية والثانوية والثالثة - الجزء الأول
13:27 مساء
قراءة 14 دقيقة

تعني الوقاية عامة باللغة العربية منع أو الحيلولة دون وقوع شيء أو حدث غير مرغوب فيه، وفي الطب يستعمل المصطلح (وقاية) لمفهوم رئيس وهو اتقاء شر الأمراض بتجنب الأسباب التي تؤدي إليها، وتقسم الوقاية في الطب إلى ثلاثة أقسام هي: الوقاية الأولية والوقاية الثانوية والوقاية الثالثية . والمقصود بالوقاية الأولية هو اتخاذ التدابير الوقائية للحيلولة دون وقوع حالة مرضية أو منع حدوث إصابة بمرض ما، ويكون هدفها الحفاظ على الصحة العامة عند الأصحاء الذين لا يعانون المرض .

أما الوقاية الثانوية فتعني اتخاذ التدابير والإجراءات الطبية لتشخيص الأمراض في مراحلها الأولى وعلاجها للحيلولة دون ترديها أو استفحالها عند المريض، وللحيلولة دون تطور المرض الحاد إلى مرض مزمن .

أما الوقاية الثالثية فهدفها الرئيس يكمن في السعي علاجياً إلى عدم حدوث تدهور المرض للمحافظة على صحة المريض، ولتمكينه من الاستمرار في نمط حياته الجسدية والعقلية والاجتماعية بصورة صحيحة ومن دون أي عائق مرضي لذلك .

والوقاية من الأمراض لها دائماً فائدتها الشخصية للإنسان الذي هدفه المحافظة على صحته والتمتع بصحة جيدة في المستقبل .

والمعروف أن متلازمة التهابات البروستاتا، وتضخمها الحميد والخبيث (سرطان البروستاتا)، والضعف الجنسي هي أكثر أمراض المسالك البولية انتشاراً عند الرجل التي تتطلب اتخاذ الإجراءات الوقائية في المراحل كافة .

وقد أثبتت البحوث التي أجريت خلال السنوات العشر الأخيرة أن التهاب البروستاتا يعتبر واحداً من أهم المعضلات الطبية في مجال علاج وجراحة أمراض المسالك البولية والتناسلية .

وتفيد إحصائية تم إجراؤها مؤخراً أن نسبة حالات الإصابة بالتهاب البروستاتا فاقت حالات تضخم البروستاتا الحميد أو حالات سرطان البروستاتا (التضخم الخبيث) حتى وصلت في أوائل القرن الحادي والعشرين إلى ما يربو على مليوني حالة سنوياً .

وقد احتلت هذه الالتهابات المزمنة المركز الأول للأمراض الأكثر انتشاراً عند الرجال تحت سن الخمسين، حيث يشكو من التهابات البروستاتا وأعراضها رجل واحد من بين كل رجلين خلال فترة الحياة .

كما دلت البحوث الإكلينيكية على أن الالتهابات التي تحدث في غدة البروستاتا تصيب 10- 14% من الرجال في جميع الأعمار، ولها تداعياتها السلبية التي تؤثر في نمط الحياة عند هؤلاء الرجال، لأنها تكون في الوقت نفسه لها علاقة بانعدام الرغبة الجنسية والضعف الجنسي والاختلال الانتصابي والقذف السريع عند هؤلاء الرجال . وهنالك أيضاً عوامل كثيرة لها علاقة وثيقة بالإصابة بالالتهابات المزمنة للبروستاتا كالتدخين والإفراط في تناول الأغذية ذات السعرات الحرارية العالية النسبة مقابل الإقلال في تناول الفواكه والخضراوات، وكذلك بطء الهضم، مع العلم بأنه يجب تفسير منشأ وسبب تكون هذا المرض كلياً، حيث أظهرت الدراسات الإكلينيكية الحديثة أن الحالة الالتهابية تتكون من جراء الجهد الأكسدي الذي قد يسهم في التهابات تهيجية وعصبية في المثانة والبروستاتا والإحليل والحوض، وسبب ذلك هو تحفيز بعض المستقبلات العصبية في الجهاز البولي بإفراز ببتيدات عصبية، أي إحساس تهيجي في البروستاتا والمثانة والإحليل والحوض، بعد أن ترسل هذه الاحساسات من خلال النخاع الشوكي إلى الدماغ .

ولهذا فإن تناول الفلفل الحار أو البهارات الحارة التي تحتوي على مادة الكابسيايسين والتي تحفز الوحدات العصبية المذكورة أعلاه تؤدي إلى آلام في المثانة والبروستاتا، ولذلك يجب تجنبها في حالة الإصابة بهذه الالتهابات .

أنواع التهابات البروستاتا:

تقسم التهابات البروستاتا إلى ما يلي:

* التهاب البروستاتا الجرثومي الحاد .

* التهاب البروستاتا الجرثومي المزمن .

* التهاب البروستاتا اللاجرثومي المزمن أو متلازمة آلام الحوض المزمنة .

* متلازمة آلام الحوض المزمنة الالتهابية .

* متلازمة آلام الحوض المزمنة غير الالتهابية .

* التهاب البروستاتا الخالي من الأعراض .

وفي حالة التهاب البروستاتا الجرثومي فإن الأسباب المرضية والالتهابية للجراثيم ذات الصلة بالمكورات المعوية والمكورات العنقودية ذات المخثر السلبي، والحرشفيات أو اللاهوائيات ما زالت غير محلولة أو غير واضحة . فعند التشخيص الاولي لالتهاب جرثومي للبروستاتا عند المرضى مع غياب تام للجراثيم عند الزرع، ورجوع الأعراض الالتهابية للبروستاتا في الوقت نفسه، لا يكون من المؤكد أن تكون هذه هي حالة (التهاب غير جرثومي) أم أن الجرثومة شكلت نوعاً من المناعة لنفسها بتشكيل عصيات صغيرة تحيط بها كغطاء وتحميها وبذلك حدث الالتهاب الجرثومي .

أما منشأ التهاب البروستاتا اللاجرثومي، فقد يكون سببه مناعياً أو مناعياً ذاتياً، ومن جهة أخرى، فقد وجد في بعض حالات الالتهاب اللاجرثومي أن السبب مرده إلى الإصابة بجرثومة لا توجد عادة في القنوات البولية، ولكن تم انتقالها إليها من مصدر آخر .

أما حالات التهاب البروستاتا من دون وجود أعراض فقد لوحظت في حالات تضخم البروستاتا الحميد .

الميكروبات المسببة للمرض

تتركز الأسباب الجرثومية للأغلبية العظمى من حالات التهاب البروستاتا بالإصابة بنسبة 65-80% بجرثومة الاشريشيا القولونية، بينما تكون الإصابة بنسبة 10-15% بجراثيم الزائفة الزنجارية أوالجراثيم المنشارية أو الكليبسلة المعوية أو البكتيريات اللاأمعائية، علماً بأن المكورات المعوية قد تسبب التهاب البروستاتا في الوقت الذي يوجد فيه التهاب في المجاري البولية جرثومي المنشأ . وتبقى اهمية هذه الجراثيم غير واضحة، وقد تتغير في حالات معينة إلى جراثيم معدية مرضية، كما هو الحال في التهابات الإحليل في المنطقة المتقدمة منه، وإضافة إلى ذلك توجد حالات غير واسعة الانتشار مثل الإصابة بجراثيم: المكورات العنقودية البيضاء أو البرتقالية أو ذو المخثر السلبي، المكورات العقدية، المكورات البنية، العصيات الفطرية السلية، السلمونلات والمطثيات وكذلك بعض الطفيليات أو الفطريات . وعلى الرغم من قلة حدوث الإصابة بهذه الجراثيم كما ذكرنا، فإن أهميتها تزداد في حالات ضعف المناعة كالإصابة بمرض الإيدز مثلاً،حيث تزداد أهميتها وتكثر أنواعها واحتمالات الإصابة بها .

ويبقى دور ميكروب اليوريا بلازما والكلاميديا التراخومية مهماً في حالات التهاب البروستاتا المزمن، حيث تم العثور عليهما في إفرازات البروستاتا، وحديثاً توجد اختبارات بواسطة الفحص المختبري للحامض النووي الموسع وبواسطتها نستطيع إثبات الإصابة بجرثومة الكلاميديا التراخومي لغدة البروستاتا .

وهنالك تطورات بحوثية وعلاجية طبية حدثت في السنوات الأخيرة وركزت على الإصابة بجرثومة الكلاميديا في المسالك البولية والتناسلية التي تؤدي علاوة على إصابة البروستاتا والغدة المنوية عند الرجل إلى إصابة الإحليل عنده وعند المرأة بنسبة 50%، مع العلم بأن إصابة البربخ الخصيوي تصاعدياً بهذه الجرثومة قد يؤدي إلى العقم الانسدادي التام، حيث تختفي الحيوانات المنوية في السائل المنوي كاملاً من جراء الانسداد الالتهابي الكامل للحبل المنوي، الذي تصل الحيوانات المنوية من خلاله من البربخ إلى الغدة المنوية ومنها إلى القناة المنوية القاذفة وبعدها إلى الإحليل ليقذف خارجه أثناء العملية الجنسية .

ولجرثومة الكلاميديا أصناف متعددة بعدوائيته وأكثرها انتشاراً نوع (د، ي، ف، ج، ه، آى، ك) . ومدة كمون الجرثومة في الجسم إلى حين ظهور أعراض الإصابة تراوح بين (3-14) يوماً .

الأعراض:

إن أكثر النساء والرجال المصابين بجرثومة الكلاميديا لا تظهر عندهم أعراض تدل على التهاب المسالك البولية أو الجنسية أو التناسلية، ولهذا تسمى عند هؤلاء بالإصابة الصامتة، ولكن عند الرجال وبنسبة 50% تكون الإصابة غير صامتة، ويشكو هؤلاء عند الإصابة بهذه الجرثومة من إفرازات بيضاء اللون في الإحليل، وفي بعض الأحيان يشكون من حرقة أثناء التبول، واذا اصيبت البروستاتا بعدوى هذه الجرثومة، فإن الأعراض تكون عبارة عن أوجاع في المخرج نفسه وكذلك في المنطقة ما بين المخرج والخصية .

وتحدث الإصابة بهذه الجرثومة أحياناً في البربخ أو الإحليل، وتكون الأعراض عبارة عن أوجاع في الصفن والإحليل، مع العلم بأن الإصابة بالتهاب البربخ عند الشباب تكون أعراضها أوجاعاً في الخصية وتورماً واحمراراً في الصفن، والإصابة بالحمى والتردد البولي المتكرر والإلحاحي في بعض الأحيان .

أما عند النساء فتكون الإصابة بهذه الجرثومة صامتة بنسبة 75%، أي من دون أعراض في المثانة أو المهبل أو الإحليل، ولكن 40% من هؤلاء النساء يتعرضن في حالة عدم علاجهن إلى الإصابة بالتهاب آلام الحوض المزمنة .

وبما أن خلايا المهبل الحرشفية (قشرية) لها مناعتها الذاتية ضد الإصابة بعدوى هذه الجرثومة، فإن الإصابة تحدث عند الخلايا العمودية في عنق الرحم التي تؤدي إلى التهابات عنق الرحم وتقيحه مع ظهور إفرازات مخاطية قيحية في المهبل . وهذه الإصابة عند النساء قد تصبح عامل خطورة للإصابة بالتهابات الحوض المتكررة والانتكاسية، حيث إن تكرار الإفرازات المهبلية والمخاطية والقيحية يؤدي بدوره إلى تكون ندبات وتضيقات التهابية في قناة فالوب، ومن جراء ذلك يحدث عند هؤلاء النساء الحمل خارج الرحم وأوجاع في الحوض، وفي النهاية العقم .

وللعلم فإن جرثومة الكلاميديا قد تنتقل إلى الرضيع أثناء الولادة المهبلية للمرأه المصابة بها حيث يكون عنق الرحم قد اصيب بعدوى هذه الجرثومة .

وقد يتعرض حديثو الولادة من الاطفال إلى الإصابة بمرض تقلص عدسة العين والتهابات الفم والبلعوم والتهابات الجهاز التنفسي والبولي والتناسلي وكذلك التهابات المستقيم .

التشخيص المختبري السريري:

أدى الخضوع الدوري للاختبار المسحي الانتقائي لجرثومة الكلاميديا كما تشير الإحصاءات العالمية إلى انخفاض في حدوث أو وقوع الإصابة بما يسمى بمرض الحوض الالتهابي، ولكن المرأة والرجل في سن الممارسة الجنسية النشيطة، أي حتى سن 26 سنة، يجب أن يخضعوا لهذا الاختبار، أما النساء والرجال فوق سن 26 سنة فيجب أن يخضعوا للاختبار الانتقائي لجرثومة الكلاميديا في حالة وجود عوامل خطورة الإصابة بهذه الجرثومة بشكل خاص، وعلى سبيل المثال إذا حدثت علاقة جنسية جديدة عند هؤلاء .

وتقسم أنواع الفحوص إلى أربعة وهي:

* اختبار الحامض النووي الموسع لجرثومة الكلاميديا: حيث تؤخذ عينة مسح للمهبل وعنق الرحم عند المرأة، وعينة مسح لفوهة الإحليل عند الرجل بعد تدليك البروستاتا من خلال المستقيم . كما يمكن تشخيص هذه الجرثومة في التبول الأول بعد تدليك البروستاتا .

الفحص المختبري غير الموسع (والمسمى بفحص الحامض النووي التهجيني): وهذا الفحص عبارة عن مقايسة انزيمية مناعية .

* الفحص المختبري الومضائي المباشر للأجسام المضادة لهذه الجرثومة، ويتم ذلك عن طريق اخذ عينة ماسحة ايضاً من المهبل وعنق الرحم عند المرأة ومن فوهة الإحليل عند الرجل .

* زراعة عينة ماسحة لهذه الجرثومة من المهبل وعنق الرحم عند المرأة ومن فوهة الإحليل عند الرجل أو تؤخذ من التبول الأول بعد تدليك البروستاتا . وللعلم، فإن الاختبار الموسع للحامض النووي لهذه الجرثومة من البول بعد تدليك البروستاتا هو الأكثر نجاحاً في تشخيص هذا الجرثوم، حيث إن هذا الفحص المختبري الحديث ذو الحساسية العالية أدى إلى رفع نسبة تشخيص هذه الجرثومة بنسبة 50% من الحالات التي كان تشخيصها سابقاً سلبياً في حالة فحص البول بالزراعة، أو فحص البول لتشخيص الأجسام المضادة لجرثومة الكلاميديا .

أما المراقبة العلاجية بعد الإصابة بهذه الجرثومة فإنها تتم بعد إعادة الفحص المختبري الموسع للحامض النووي بعد 21 يوماً .

العلاج:

إن الزيترومايسين، أو السيبروفلوكساسين، أو الأريترومايسين هي العلاجات الأكثر فعالية للقضاء على جرثومة الكلاميديا وإصاباتها . أما الشريك الجنسي فيجب أن يخضع للتشخيص المختبري المذكور أعلاه خلال 60 يوماً .

ومن المعروف أن غدة البروستاتا لها القدرة على الرد المناعي الموضعي والعام على أية إصابة عندما تتعرض لهجوم جرثومي، وفي حالات الالتهاب الجرثومي وجدت أجسام ضدية في المصل وفي سائل البروستاتا ضد الجراثيم ذات التفاعل غرام السلبي، بينما في حالات الالتهاب المزمن لم توجد هذه الأجسام المضادة . والجدير بالذكر أن الأجسام الضدية لم توجد في نسبة مرتفعة في الجسم عند المصابين بالتهاب البروستاتا الجرثومي المزمن بسبب الفطريات أو الكلاميديا .

أما دور جرثوم اليوريابلازما فما زال غير مثبت، حيث تم الاتفاق على أن وجود الجراثيم بنسبة أقل من عشرة آلاف يجب أن يعتبر تلوثاً طبيعياً في الإحليل، وهناك العديد من الدراسات قد أثبتت وجوده في حالات الالتهاب المزمن .

وخلاصة الأمر أن الجرثومة قد تصعد من الإحليل إلى البروستاتا، وقد أوضحت دراسة الجزئيات في الفحوص الجرثومية لأشخاص مصابين بآلام الحوض المزمنة أن هذه الجرثومة موجودة بنسبة تفوق كثيراً في حالات وجود الخلايا البيضاء في السائل البروستاتي عند الأشخاص المصابين بالتهابات ولكن من دون وجود الكريات البيضاء في سائلهم البروستاتي، وهذا قد يعني أن غدة البروستاتا ربما تحمل بعض الميكروبات التي لا يمكن اكتشافها بالوسائل التقليدية .

التشخيص

إن حالة التهاب البروستاتا الجرثومي الحاد هي الحالة الوحيدة التي يمكن تشخيصها اعتماداً على الفحص السريري للمريض، حيث يرافقها حرقة في البول، التردد البولي، آلام في منطقة العجان، إضافة إلى وجود ألم خلال التبرز، وقد تم في بعض الحالات رصد انحباس البول بشكل كلي . أما الأعراض الجسمية الأخرى فتشمل الحمى، والقشعريرة وأحياناً تسمماً بولياً، ويكون فحص البروستاتا بالإصبع في المستقيم مؤلماً جداً، ويتم اكتشاف الخراج في البروستاتا عند لمسها والشعور بتموج السائل داخلها أو بواسطة التصوير وخصوصاً بواسطة جهاز الموجات فوق الصوتية خلال المستقيم .

أما بقية أنواع التهاب البروستاتا فإنه لا يمكن تمييزها على أساس الأعراض السريرية، وهذه تشمل الأعراض: الموضعية الالتهابية، أعراض الالتهابات الشرجية والتناسلية، اضطرابات الإفراغ المثاني والضعف الجنسي .

ويعتبر وجود وجع الحوض المزمن بشكل عام مؤشراً لا ينبغي تجاهله . ونظراً لوجود أبعاد مختلفة عقلية وجسمية للحالة الصحية فقد وجب ظهور تقديرات مختلفة للأعراض بعد إعداد استبيانات عن الأعراض الحقيقية لالتهاب البروستاتا ومعرفة تقدير خطورتها . أما الطريقة الوحيدة لتمييز متلازمة الحوض الالتهابية المزمنة أو التهاب البروستاتا الجرثومي عن أعراض آلام الحوض المزمنة غير الالتهابي فتكون بواسطة تشخيص خلايا الدم البيضاء أو الخلية الملتهبة المحمولة بالدهون في الحالتين الأوليين .

وتعتمد الفحوص المختبرية في حالة التهاب البروستاتا الجرثومي المزمن على أخذ أربع عينات مزروعة لتحديد موضع الجرثومة، فالمبدأ يعتمد على أخذ عينات بشكل متسلسل من مجرى البول وبول المثانة وإفرازات البروستاتا بعد التدليك والإفرازات البروستاتية الملتهبة .

ويتأكد التشخيص عندما يكون منشأ الجراثيم من البروستاتا .

ويميز التهاب البروستاتا الجرثومي المزمن أن ينمو عدد قليل من الجراثيم ولا يوجد رقم محدد لتشخيص المرض على خلاف الحالات الأخرى . ويعتبر ظهور الجرثومة في إفرازات البروستاتا عامل ترجيح للإصابة بالالتهاب المزمن حتى لو لم تظهر نتائج إيجابية في فحوص الإحليل أو في البول المتوسط، حيث يعتبر وجود بكتيريا في الإفرازات أو في البول أو المجرى تشخيصاً للحالة .

أما العلامة البارزة في التهاب البروستاتا الجرثومي المزمن، فهي عودة الجراثيم للظهور ويتميز عن التهاب الإحليل بوجود كمية كبيرة من الجراثيم في البول المتوسط، وفي هذه الحالة يعطى المريض مضاداً حيوياً خاصاً لمدة ثلاثة أيام قبل إجراء فحص الأربع عينات، حيث يقوم هذا الدواء بتنظيف البول من الجراثيم ولكنه لا يستطيع اختراق البروستاتا، ولذلك تبقى جراثيم البروستاتا واضحة في الفحص .

تحليل السائل المنوي:

يعمل هذا التحليل للحصول على المزيد من المعلومات عما إذا كان التهاب البروستاتا هو جزء من التهاب عام للغدد الجنسية الثانوية عند الذكر أم لا .

وبعد استبعاد التهاب الإحليل والتهاب المثانة فإن وجود أكثر من مليون من الخلايا البيضاء في كل مليميتر ذي تفاعل إيجابي فوق الأكسيدي من السائل المقذوف يدل على وجود حدوث التهاب، وفي هذه الحالة تتم عملية زراعة للعينة، ويعتبر وجود أكثر من ألف من كل مليميتر من جراثيم المسالك البولية والتناسلية على عينة القذف عرضاً ممرضاً، ويجب أن يبقى في الحسبان أن عملية تحليل القذف ليست قطعية الدلالة في تحديد موضع الالتهاب لأن القذف يمثل عدة إفرازات تناسلية، وعادة ما يتم تلوثه بجرثوم في مقدمة الإحليل.

فحص إفراغ المثانة:

يعتبر تقييم عملية تفريغ المثانة جزءاً مهماً من الخطوات التشخيصية للمرضى الذين يعانون أعراضاً تشبه التهاب البروستاتا على الرغم من وجود آراء مختلفة حول التغيرات في حركة البول عند هؤلاء المرضى، حيث وجد بعض الباحثين عند المرضى الذين اجريت لهم تحاليل التدفق البولي أن (33-45%) يعانون تغيرات في حركة البول بعد إجراء تحاليل لمستوى تدفق البول لهم، وأظهرت بعض البحوث وجود حالات تضييق لعنق المثانة والإحليل البروستاتي في حالات قليلة من المرضى .

مرئية الموجات فوق الصوتية:

1-فحص البروستاتا عبر المخرج بواسطة الموجات فوق الصوتية:

أثبت أن فحص البروستاتا بطريقة الموجات فوق الصوتية أفضل طريقة لرؤية غدة البروستاتا في حالات الالتهاب الحاد أو المزمن، وتستعمل الموجات 5 .7- 10 ميغاهيرتز قياسيا في هذه الحالات، ومن علامات حالات الالتهاب البروستاتي وجود صدى ضعيف للمنطقة المحاذية للإحليل البروستاتي أو غرار صدوي داخلي متغاير ووجود شذوذ في الموجات فوق الصوتية في داخل محفظة البروستاتا وفي الظفيرة الوريدية المحاذية لهذه الغدة، وفي حالات الالتهابات المزمنة قد يكتشف وجود حصى بروستاتية منفردة أو متشعثة في هذه الغدة وفي بعض الحالات توجد تغيرات أحادية أو على جانبي الغدة المنوية . ومن الجدير بالذكر أن فحص البروستاتا عبر المخرج بواسطة الموجات فوق الصوتية ادى إلى مزيد من الدقة في اكتشاف الخراج ويفضل على الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي، ويظهر الخراج واضحاً بجدران سميكة أو انتفاخ مائي، ويمكن متابعة الحالة وتقييمها خلال مراحل العلاج .

2- التهاب البروستاتا الجرثومي المزمن ومتلازمة آلام الحوض المزمنة:

هناك عدة تغيرات عن طريق التصوير بواسطة الموجات فوق الصوتية لتميز هذه الحالات . حيث أظهرت نتائج الدراسات البحثية الحديثة أن وجود حصى البروستاتا تكون موجودة بمستوى اعتدادي عال في الحالات الالتهابية المزمنة مقابل متلازمة آلام الحوض المزمنة غير الالتهابية، وهذه النتائج تكسب أهمية سريرية لأن حصى البروستاتا تكون شبيهة بحصى الكلى بالنسبة لتلوثها بالجراثيم وتؤدي هذه الإصابة للالتهاب الجرثومي لكليهما، ومن علامات التهاب البروستاتا الجرثومية المزمنة الانتكاس البولي الالتهابي الجرثومي .

العلاج:

1- علاج التهاب البروستاتا البكتيري (الجرثومي) المزمن والحاد:

في حالة الالتهاب الحاد يجب البدء بالمضادات الحيوية عقب أخذ عينة البول المتوسطة، ويفضل استعمال حقن مضاد حيوي خاص ثم يتبعها بالحبوب العلاجية المناسبة، وقد يكون من المفيد تناول خافض للحرارة أو مسكن .

وليس من المستبعد تحول الإصابة إلى مزمنة على الرغم من اتباع الخطوات العلاجية السليمة .

ان المضاد الحيوي هو أهم جزء في علاج البروستاتا المزمن، ويجب أن يكون المضاد الحيوي مشتملا على خصائص فعالة ومميزة لعلاج التهاب البروستاتا .

واعتماداً على عمر المريض، فالمريض الذي يزيد عمره على 50 سنة واستمرت معه الأعراض على الرغم من العلاج الدوائي ينبغي أن نخضعه لاستئصال البروستاتا المنظاري الليزري إذا شخص تضخم حميد في هذه الغدة علاوة على الالتهابات .

ومن الجدير بالذكر أن التهابات البروستاتا الجرثومية المزمنة تكون عادة في المنطقة الطرفية وليس في المنطقة الوسطى أو المحاذية للإحليل . وعلاوة إلى ذلك فإن حصى البروستاتا قد تكون بؤراً للعدوى بعد أن تتمركز في قنوات البروستاتا الحقيقية وبعد أن تتراكم في السطح الفاصل بين الأنسجة الغددية والبروستاتا الطرفية (الحقيقية) وخصوصاً في الأطراف والأرضية والعلوية والأنسجة داخل الغشاء البروستاتي، وبهذه الطريقة يتم استئصال الحصى التي تسبب عودة الالتهاب، وقد تم توثيق حالات كثيرة عولجت بهذه الطريقة، حيث توقفت الأعراض عند هؤلاء جميعاً بعد العملية، مع العلم بأن العلاج الليزري بواسطة المنظار الفيديوي هو الأكثر انتشاراً ونجاحاً لمعالجة هذه الحالات الخاصة عند الرجال ما بين 35-55 سنة الذين تهمهم صحتهم الجنسية بعد العلاج .

ومن الجدير بالذكر أن استئصال البروستاتا التقليدي له مضاعفاته المثبتة علمياً وطبياً بالنسبة للعجز الجنسي بنسبة 10-18% والقذف الرجوعي بنسبة 85% .

2- علاج متلازمة آلام الحوض المزمنة الالتهابي:

نظراً لانسداد قنوات البروستاتا أو قصورها فإن أعراضاً شاذة قد تقود إلى تشخيص خاطئ للالتهابات، وعوضاً عن الالتهابات المزمنة للبروستاتا فإن علاج الالتهابات غير الجرثومية يبقى دائماً علاجاً للأعراض وليس جذرياً، وعلى سبيل المثال فهو تحسين تفريغ الغدة البروستاتية وإفرازاتها، وكذلك معالجة الالتهاب نفسه . ومن العلاجات الناجحة للالتهاب إعطاء المريض مبطلاً للمتلقيات الادرينالينية من صنف ( الألفا ادري نيرج المبطل) وفي الوقت نفسه مبطل أنزيم (الردوكتاز الخامس) .

3- علاج متلازمة آلام الحوض المزمنة غير الالتهابي:

ان عدم معرفة سر هذه الحالة يعقد العلاج كثيراً، ويجب ألا نستعمل المضادات الحيوية لأنها عديمة الجدوى وتجعل المريض مقتنعا بوجود جراثيم يجب علاجها (وهي غير موجودة أصلاً)، ولا شك أن تحديد مشكلات داء نفساني جسدي هو واحد من التحديات الكبرى التي تواجه كل طبيب اختصاصي في علاج وجراحة أمراض المسالك البولية والتناسلية له علاقة بعلاج أمراض البروستاتا، وهو تحد كبير .

ويجب أن يبدأ العلاج النفسي الجنسي في حالة وجود أعراض جنسية ولمدة طويلة، لأن الخوف والقصور موجودان ويؤثران في المريض، ومن الصعب أن نقدم النصائح في هذا الأمر للزوجة وخيارات العلاج متوافرة الآن حيث تستعمل مبطلات متلقيات الادرينالين ومبطل انزيم الردوكتاز الخامس وفي الوقت نفسه مبطل البروستاكلاندين يحسن حالة المريض .

4- علاج التهاب الإحليل الحاد:

إن التهاب الإحليل المنتقل جنسياً يمكن أن يكون بنسبة من جراء الإصابة بالمكورات البنية، اليوريابلازما والكلاميديا التروخامية، ويكون بنسبة من جراء الإصابة بالمبيضات الفطرية الرمامة أو الإصابة بجرثومة الخثاري المهبلي أوفيروس الحلا التناسلي . أما التهاب الإحليل الجرثومي غير المنتقل جنسياً فتكون الإصابة به بنسبة 5% ويكون من جراء الإصابة بالمكورات المعوية أو العنقودية أو العقدية .

أما الأسباب غير المنقولة فتتضمن الكدمات أو تهيجاً ميكانيكياً .

الأعراض:

إفرازات الإحليل وصعوبة إفراغ المثانة، ومن دون أعراض تكون الإصابة بنسبة 5-10%، وتكون مشكلة وبائية صعبة، وذلك لأن المصابين هؤلاء يبقون من دون علاج .

التشخيص الخلوي:

يعتمد على تحليل مسحة الإحليل وتحليل اول مستجمع من البول، وطبقاً لمقاييس التهابات الإحليل فإن وجود أكثر من أربع خلايا محببة في ساحة الرؤية الميكروسكوبية المكبرة ألف مرة أو أكثر من خمس عشرة خلية في ساحة الرؤية الميكروسكوبية مكبرة 400 مرة من 3 مليمترات للمسحة للترسبات البولية لمستجمع التبول الأولي، وفي هذه الحالة تكون الإصابة لها دليلها .

ونظراً لأن أسباب الإصابة غير معلومة في معظم حالات التهاب الإحليل فقد ينصح بعض الباحثين بإعطاء المريض حقنة واحدة في الوريد لمضاد حيوي فعال في اليوم الأول من العلاج وبالتالي بعلاج لمدة أسبوعين بمضاد حيوي آخر يأخذ عن طريق الفم، وذلك لأن هذا العلاج فعال ضد الإصابتين وهما إصابة الإحليل بالمكورة البنية وفي الوقت نفسه وجود إصابة الكلاميديا أو اليوريا بلازما .

البروفيسور سمير أحمد السامرائي

مدينة دبي الطبية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"