ضيق الأورطي يعوق الدورة الدموية الكبرى

00:14 صباحا
قراءة 6 دقائق
يعمل القلب كمضخة تمد جسم الإنسان بما يحتاجه من الدم المؤكسج، ويتكون القلب من أربع حجرات هي: الأذينان الأيمن والأيسر علويتان، وسفليتان وهما البطينان الأيمن والأيسر، يتم ضخ الدم من البطين الأيسر عبر الشريان الأورطي وهو أكبر شريان في جسم الإنسان، ليتم توزيع الدم المؤكسج على جميع أنحاء الجسم عن طريق الدورة الدموية الكبرى، التي تبدأ من البطين الأيسر وتنتهي في الأذين الأيمن، ويفصل بين البطين الأيسر والشريان الأورطي صمام ثلاثي الشرفات يسمى بـ«الصمام الأورطي»، ويسمح هذا الصمام للدم بالمرور من البطين إلى الشريان، عند انقباض البطين وعدم رجوع الدم إلى البطين عند انبساطه.
يفقد الدم قدرته على الانتقال بسهولة إلى جميع أنحاء الجسم عندما يصاب الصمام الأورطي بالضيق، لأن حالة الضيق تمنع الصمام من الفتح بشكل كامل، وهو ما يجعل القلب يعمل بصورة أشد وأقوى لمحاولة سد حاجة الجسم، مما يمكن أن يؤدي إلى حدوث تضخم في عضلة القلب، وتكون فتحة الصمام في أكثر الحالات كافية لمرور الدم اللازم للجسم أثناء الراحة، وعند المجهود لا يستطيع القلب زيادة كمية الدم بالقدر المطلوب، مما يضعف من قدرة المريض على القيام بمجهود، ويتعرض المريض في بعض الأحيان لحالات إغماء مع المجهود أو آلام بالصدر تشبه آلام القصور في الشرايين التاجية، وسوف نتناول بالتفصيل ضيق الصمام الأورطي والأسباب التي تؤدي إلى ذلك، والأعراض التي تظهر نتيجة الضيق، ووسائل الوقاية والعلاج المتاحة.

أنواع مختلفة

يبدأ جدار البطين في التضخم لزيادة ضخ الدم لمواجهة المقاومة المفروضة عليه من مشكلة ضيق الصمام الأورطي، وهذا التضخم يتطلب كمية أكثر من الدم اللازم لتغذية البطين، وعندما تصبح عضلة البطين سميكة أو متضخمة لن تكون كمية الدم التي تغذيها كافية، وفي النهاية لن يستطيع البطين الأيسر ضخ ما يكفي من الدم خلال الصمام، وفي هذه الحالة يمكن أن يبدأ القلب نفسه في الانهيار، وفي العادة تبدأ أعراض مرض ضيق الصمام الأورطي في الظهور في هذه المرحلة، ويوجد عدة أسباب وراء الإصابة بمرض ضيق الصمام الأورطي، ومنها ضيق الصمام الأورطي المكتسب أو المتهالك، ويحدث كجزء من عملية الشيخوخة عند بعض الأفراد، حيث يترسب الكالسيوم على شرفات الصمام، ونتيجة لذلك يبدأ الصمام في التصلب ولا يفتح بالصورة المطلوبة مما يؤدي إلى الإصابة بالضيق، وفي بعض الأحيان يصبح الصمام صلبا مثل الحجر، ويعتبر الأطباء هذا السبب أكثر أسباب الإصابة لدى البالغين، ومن الأسباب أيضا حالة ضيق الصمام الأورطي الخلقي، حيث يتكون الصمام الأورطي في العادة من ثلاث شرفات، وفي هذه الحالة يولد الإنسان بصمام أورطي يتكون من شرفتين فقط وهو صمام ثنائي الشرفة، ويؤدي التركيب المعيب للصمام الأورطي إلى حالة من التدفق المضطرب للدم، مما يؤذي الشرفات ويتسبب بذلك في حدوث التليف والتكلس، ويتطور هذا التكلس ليؤدي في النهاية إلى ضيق الصمام الأورطي، ومن المسببات كذلك ضيق الصمام الأورطي الروماتيزمي، والذي ينتج عن الإصابة بالحمى الروماتيزمية، ويعتبر هذا السبب الأقل شيوعاً خاصة عند كبار السن.

خفيف وحاد

يشير الأطباء إلى أن معظم الأعمار عرضة للإصابة بمرض ضيق الصمام الأورطي، وذلك بحسب السبب وراء تلك الإصابة، فيمكن أن يكون سبب الإصابة ناتجاً عن عيب خلقي، وعندها يكون الأطفال بداية من سن الميلاد عرضة للإصابة به، وترتبط الأعراض في هذه الحالة بحسب نسبة الضيق في الصمام، ويمكن أن تكون الحمى الروماتيزمية وراء الإصابة فتكون المرحلة العمرية من 35 سنة إلى 45 سنة هي المعرضة للإصابة، ويمكن أن يكون وراء الإصابة عوامل السن والشيخوخة، وبالتالي تصبح الفئة العمرية فوق سن الستين هي المعرضة اكثر للإصابة، وتحدث الأعراض عندما يؤثر الضيق في كمية الدم الواصلة للجسم، وترتبط بحالة الضيق الذي يتراوح بين الخفيف أو الحاد، وفي كثير من الأحيان لا ينتج عن ضيق الصمام الأورطي أعراض تحذيرية، وهو ما يجعل من الصعب اكتشافه، وغالبا ما يتم التعرف على الحالة خلال الفحص الطبي الروتيني، عندما يسمع الطبيب صوتا غير طبيعي في القلب النفخة القلبية، ويمكن أن تحدث هذه النفخة قبل ظهور الأعراض الأخرى بمدة كبيرة، بالنسبة للرضيع أو الطفل الذي يعاني من ضيق الصمام الأورطي، يمكن ألا تظهر عليه أي أعراض، ويجوز أن يصيبه التعب بسهولة أو يشكو ألما في الصدر عند ممارسة النشاط البدني العنيف، وعامة لا يتم تشخيص الحالات الخفيفة حتى سن البلوغ.

ارتفاع ضغط الدم

تشمل أعراض ضيق الصمام الأورطي شحوب الجلد، وحالة من الهياج والتعرق الغزير، وصعوبة في التنفس خاصة عند الإجهاد أو ممارسة الرياضة، والإصابة بالصداع وضعف العضلات وتشنجات الساق أو برودة القدمين، ونزيف في الأنف وصدور آلام في الصدر وتحدث ذبحة صدرية عند أكثر من نصف المصابين بسبب الضيق الشديد في الصمام الأورطي، وما يقرب من نصف هؤلاء المرضى يعانون من مرض كامن في الشريان التاجي، ومن الممكن أن يصاب المرضى الذين لا يعانون من مرض كامن في الشريان التاجي بالذبحة الصدرية، نتيجة حاجة البطين المتضخم إلى الدم، وصغار السن المرضى عرضة للإصابة بالتهاب بطانة القلب المعدية، ويعد هذا الأمر أقل شيوعاً عند كبار السن الذين يعانون من هذه المشكلة، ويعتبر العرض الأكثر شيوعًا في الأطفال الأكبر سناً والبالغين هو ارتفاع ضغط الدم عند قياسه في الذراع، وتتم ملاحظة الضيق البسيط في الأورطي ومتابعته باستمرار والذي لا يسبب أعراضا لمنع حدوث أي تطور خطر في عضلة القلب، وينصح بتقليل الأعمال الشاقة قدر الإمكان، ويتم وصف المضادات الحيوية للوقاية من حدوث التهاب صمامات القلب، قبل الخضوع لأي جراحة أو معالجة للأسنان، كما يقوم الطبيب بوصف مدرات البول في حالة التعرض لهبوط في عضلة القلب.

حلول جراحية

يتم العلاج الجراحي عن طريق استبدال الصمام الأورطي، بواحد من ثلاثة أنواع: الأول الصمامات الحيوية الاصطناعية، وهي التي تأتي من الحيوانات ويتم معالجتها بالمواد الكيميائية بصورة خاصة حتى لا يرفضها الجسم، وتتميز بعدم حاجة المريض إلى تناول أدوية سيولة الدم، ولكن يعيبها أنها تتلف تدريجيا مع الوقت، وعندها يحتاج المريض إلى عملية لإعادة استبدال الصمام، ومتوسط عمرها ما يقرب من 10 سنوات وتقل سرعة تلف الصمام كلما زادت سن المريض، لذلك ينصح بها أكثر لكبار السن، ومع التطور في جراحات القلب أصبح خطر العملية الثانية قليلا، ولذلك فإن هناك اتجاهاً لتركيب الصمامات الطبيعية للمرضى الأصغر سنا، والنوع الثاني الصمامات الميكانيكية وهي مصنوعة من المعدن والكربون والمواد التركيبية، وتتميز بأنها معمرة لا تتلف مع الوقت، ويعيبها احتياج المريض يوميا أقراصا تؤدي إلى سيولة الدم، وهذه الأقراص ممنوعة على المرضى المعرضين لأي نزيف، وكذلك على السيدات في بداية فترة الحمل وفي الفترة المتوقع أن تحدث فيها الولادة، لذا لا بد من استشارة طبيب القلب الخاص ليوجه إلى البدائل في هذه الفترة، والتي تكون عادة إما بتقليل جرعات أدوية السيولة أو استبدالها بحقن تحت الجلد حتى وقت الولادة، ويجب على المريض الذي يأخذ هذه الأقراص أن يقيس مستوى السيولة في الدم على الأقل مرة واحدة كل شهر، وتعديل جرعة الأقراص إذا تطلب الأمر، والمضاعفات تكون نادرة إذا تناول المريض الأقراص بانتظام، وحرص على التحليل الدوري لمستوى السيولة، والنوع الثالث هو الصمامات البيولوجية، وهي صمامات قلب بشري تم التبرع بها بعد وفاة صاحبها، وحفظها مجمدة لاستخدامها في وقت لاحق، كما يمكن أن يتم توسيع الصمام الأورطي بالقسطرة البالونية، وفيها يتم توسيع الصمام عن طريق استخدام قسطرة القلب، ويفيد هذا الإجراء في حالة المرضى الذين لا يستطيعون الخضوع لعمليات جراحية.

الأكثر إصابة


أكدت دراسة طبية حديثة، أن نسبة الإصابة بمرض ضيق الصمام الأورطي الخلقي لدى الذكور أكثر من نسبة النساء، وذكرت الدراسة أن نسبة الإصابة بهذا العيب الخلقي لدى الجنسين تبلغ أنثى مقابل كل 5 ذكور، وتشكل الإصابة بمرض ضيق الصمام الأورطي الخلقي أكثر من 5% من المجموع الكلي للمصابين بهذه المشكلة المرضية، لأسباب تتعلق بعيوب خلقية في القلب نفسه، حيث يكون هذا المرض سبباً رئيسياً لانسداد أو إعاقة واضطراب تدفق الدم في البطين الأيسر، وتكشف دراسة أخرى أن إجراء عملية التوسيع باستخدام قسطرة القلب هو إجراء مؤقت، لأن ضيق الصمام يعود مرة أخرى بعد التوسيع، وذلك في مدة تتراوح ما بين 8 إلى 10 أشهر، كما يمكن تركيب الصمام الصناعي دون عملية جراحية، عن طريق إدخال الصمام الصناعي من الشريان الفخذي إلى القلب أو من القلب دون الحاجة إلى إجراء جراحة القلب المفتوح، ولكن هذا الإجراء لا يزال يحتاج إلى المزيد من الأبحاث حتى يتم التوسع في استخدامه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"