«نقي العظام».. مرض يسبب التشوهات

22:54 مساء
قراءة 6 دقائق

يعد التهاب العظام، والنقي، من الأمراض الخطيرة، ويقصد بنقي العظم، أو نخاع العظام، هي المادة الهلامية التي توجد داخل العظام، وهي نسيج لين يمثل ما يقرب من 4.5% من وزن الجسم.
ويظهر هذا الالتهاب عندما تخترق البكتيريا العظام من خلال مجرى الدم، أو بالاختراق المباشر للعظام عقب انكشافها نتيجة الإصابة، ثم تقوم بدورها بمهاجمة النقي ما يحدث الالتهابات. وتحدث هذه الالتهابات عند الأطفال في العظام الطويلة مثل الساق والذراع والفخذ، بينما تنتشر لدى البالغين في فقرات العمود الفقري، ويمكن أن تكون في كف القدم لدى مرضى السكري.
يحذر الأطباء من أن التأخير في التعامل مع هذه الحالة يمكن أن يؤدي إلى قصر في العظام، وتشوهات عظمية مختلفة، ومزعجة، وينصحون بسرعة علاج هذه المشكلة من أجل تجنب المضاعفات الجسيمة.
ونتناول في هذا الموضوع مرض التهاب العظام والنقي بالتفصيل، مع بيان الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى الإصابة به، ونقدم الأعراض التي تظهر، مع طرق الوقاية والعلاج الممكنة، والحديثة.
عدوى بكتيرية
تتعدد أسباب مرض التهاب العظم والنقي، وتعد العدوى ببكتيريا المكورات العنقودية الذهبية أبرز أسباب الإصابة، وتنتشر هذه البكتيريا للغاية، حيث تتواجد على الجلد بصورة طبيعية، حتى لدى الأشخاص الأصحاء، ويمكن أن تؤدي للإصابة بهذا المرض أنواع من الفطريات، أو جراثيم أخرى.
وتنتقل العدوى إلى العظام من خلال عدد من الوسائل، منها انتقال البكتيريا من الجلد المصاب في حالة إصابته بالتقرح إلى العظم، كما يمكن أن تنتقل من العضلات، أو الأوتار المجاورة أيضاً للعظم، وتبدأ العدوى كذلك في أي جزء من الجسم ثم تنتقل إلى العظم.
ويزيد من خطر حدوث هذه المشكلة الإصابة ببعض الأمراض، مثل مرض السكري، وفقر الدم المنجلي، ومرض نقص المناعة المكتسب، والتهاب المفاصل الروماتويدي.
وتؤدي بعض السلوكات غير الصحية للإصابة بالمرض، مثل إدمان الكحول، واستخدام المخدرات بالحقن، وأيضاً استخدام المنشطات على المدى الطويل، والغسل الكلوي، وضعف إمدادات الدم.
وتتسبب في بعض العمليات الجراحية في العظام بالإصابة بالتهاب العظم والنقي، أو في حالة تلوث أدوات الجراحة المستخدمة، وتزيد أيضا بعض عمليات جراحات العظام من فرص الإصابة، مثل استبدال الورك، أو الركبة.
ويمكن للبكتيريا أن تصل إلى العظام عبر مجرى الدم، حيث تدخل البكتيريا إلى العظام من خلال نقاط الضعف، وعند الأطفال تدخل عبر لوحة النمو التي توجد في أطراف العظام، ويمكن أن تمتد العدوي للعظام عبر الأنسجة المجاورة.
ويتسبب ما يعرف بالكسر المفتوح بأن تخترق البكتيريا بشكل مباشر للعظم، ويمكن أن تكون في العمليات الجراحية التي يجب كشف العظم فيها مثل تجبير الكسر، أو استبدال المفاصل.
حاد ومزمن
يكون التهاب العظم والنقي في الأطفال حاداً، ويعني ذلك أنه يأتي سريعاً، كما يشفي الطفل المصاب منه بسهولة، وعلى العموم فهو أفضل من الالتهاب المزمن.
وتظهر الإصابة بهذا المرض في الأطفال في عظام الذراع، أو الساق، ويكون التهاب العظام والنقي في البالغين حاداً، أو مزمناً.
ويصبح الأشخاص المصابون بالأمراض المزمنة، مثل السكري ونقص المناعة المكتسب، عرضة أكثر للإصابة بالالتهاب المزمن، ويكون متكررا ومستمراً، بالرغم من أن المريض منتظم في العلاج.
وتظهر الإصابة لدى البالغين في فقرات العمود الفقري ومنطقة الحوض، وبالنسبة لمرضى السكري فإن لإصابة تكون في القدمين.
ألم وحمى
تتشابه أعراض الالتهاب الحاد والمزمن، وفي العادة فإن الأعراض تتطور خلال 10 أيام، ويصاب مريض التهاب العظم والنقي بألم في العظام خاصة في منطقة العدوى.
كما ترتفع درجة حرارة المريض حتى تصل إلى الحمى، ويصاب بالقشعريرة، ويشعر بالتعب، وعدم الراحة، ويمكن في بعض الحالات ظهور تورمات موضعية، مع احمرار ودفء، والتعرق الزائد، وألم في أسفل الظهر، خاصة في الليل، وتتورم القدم والكاحلان والساقان.
ويظهر عند الأطفال بسبب هذه الإصابة عدم الهدوء والغضب، ويمكن أن تؤدي إصابة الطفل بهذا المرض إلى عدم استطاعته تحريك الأطراف، وتتشابه بعض أعراض التهاب العظام والنقي مع أمراض أخرى تكون معدية.
تصل إلى البتر
تحدث مضاعفات التهاب العظام والنقي عندما يكون الالتهاب مزمناً، وفي العادة فإن الأعراض تختفي فترة ثم تعود للظهور مرة أخرى بعد سنوات، ويمكن أن تصل بعض المضاعفات إلى البتر، خاصة عند ارتباط الإصابة بمرض السكري.
وتشتمل المضاعفات على موت العظام، ويمكن في حالة الأجزاء الصغيرة إزالة الأنسجة الميتة حتى تعيد العظام بناء نفسها من جديد، غير أن إزالة قطع كبيرة من العظام التي تعرضت للنخر تؤدي إلى بتر جزئي لأحد الأطراف.
وتتنقل العدوى من العظام إلى المفصل المحاذي، مسببة التهاباً على خلفية تلوث المفصل، وهو لا يتجدد بصورة جيدة، وبالتالي يمكن للضرر الهيكلي أن يتطور لحدوث فصال عظمي بالمفصل، وهو ما يحد من الحركة، ويسبب آلاماً للمريض، ويمكن أن يستلزم استبدال المفصل.
ويؤدي التهاب العظام والنقي إلى تباطؤ، أو توقف النمو، لأن الإصابة تكون لدى الأطفال بشكل أكبر في الجزء اللين من العظام، وهو الذي يحوي لوحة النمو، وإصابة هذا الجزء يجوز أن تجعل نمو العظام غير متناظر، وبالتالي يؤدي إلى تشوه بناء العظام والأطراف.
وتنشأ عن الالتهاب جيوب تصرف القيح من موقع الالتهاب في العظم إلى خارج الجلد، وهذه الجيوب تثير الجلد، ويمكن أن تسبب التحول السرطاني، وتؤدي إلى ظهور سرطان الجلد القشري.
الخطوة الأولى
تعد الخطوة الأولى في خطة العلاج اكتشاف المرض، غير أن هذا الأمر يعد أيضاً صعباً، ويلجأ الأطباء إلى عدد من الإجراءات، منها أشعة إكس، واختبارات الدم، والتصوير بالرنين المغناطيسي، وفحص العظام.
ويعتبر أخذ خزعة من العظم أمراً ضرورياً، للتأكد من تشخيص التهاب العظام والنقي، كما أنه يساعد في تحديد نوع الكائن الحي المسبب للالتهابات، وذلك حتى يمكن تحديد العلاج المناسب.
ويهدف العلاج إلى وقف مسارات العدوى، والمحافظة قدر المستطاع على وظيفة العظام، ويتم العلاج بالمضادات الحيوية أو الجراحات أو كليهما، وتساعد المضادات الحيوية في السيطرة على العدوى، وهي المرحلة الأولى من خطة العلاج، ويمكن أن يتجنب المريض بذلك اللجوء إلى الجراحة.
ويحصل مرضى التهاب العظام والنقي على المضادات الحيوية وريدياً في الأغلب لمدة أسابيع، ثم يستكمل العلاج بالأقراص عقب اختفاء الأعراض، ويستمر هذا العلاج لمدة سنة، أو ما لا يقل عن 6 أسابيع.
ويمكن أن تستدعي بعض المشكلات اللجوء إلى التدخل الجراحي وذلك في الحالات الأكثر خطورة، ومن أجل تصريف القيح، وإزالة أجزاء العظام الميتة، واستعادة تدفق الدم إلى العظام، مع إخراج الأجسام الغريبة التي اخترقت العظام، وتمنع هذه الجراحة انتشار العدوى، وتدهور الحالة أو اللجوء إلى البتر، وهو ما يعد الخيار الأخير.
نظف الجروح سريعاً
تعتبر أفضل طريقة للوقاية من هذا المرض المحافظة على الأشياء نظيفة، فعند التعرض لأي إصابة بجرح، وبخاصة الجروح العقيمة، يجب تنظيفها بصورة جيدة، ويتم شطفها بالماء الجاري لمدة 5 دقائق، ثم تطهيرها باستخدام الأدوات المعقمة.
وينصح الأشخاص الذين يتعرضون لخطر الإصابة بالعدوى في العظام بتوخي الحذر من الجروح، وفحص كف القدمين خوفاً من أن تظهر جروح جديدة.
ويجب الانتباه إلى الأطفال الصغار في حال توقفهم عن استخدام أحد الأطراف من دون سبب واضح، حيث ينبغي في هذه الحالة الحصول على استشارة طبية لمعرفة السبب.
ويقي العلاج المبكر لالتهاب العظام والنقي من أن يتحول إلى حالة مزمنة، ويزيد من فرص الشفاء، وينبغي على مريض السكري العناية الجيدة بقدميه، مع المتابعة الطبية عند ملاحظة أي أعراض عليهما.
غير معد
تشير إحصاءات الدراسات الحديثة إلى أن نسبة انتشار مرض التهاب العظام والنقي تبلغ شخصاً إلى 4 أشخاص في كل 10 آلاف نسمة، وبحسب هذه الإحصاءات فإن نسب انتشار المرض متساوية بين الرجال والنساء.
ويمكن أن يصيب هذا المرض الأطفال والبالغين، ويتم ذلك بطرق مختلفة، حيث إن هناك سلوكات تضعف الجهاز المناعي، وهو ما يترتب عليه زيادة خطر الإصابة بالتهاب العظام والنقي.
ولم تثبت الدراسات أن هذا المرض وراثي، غير أن هذا الفرض ما زال قائماً، حيث إن هناك نسبة قليلة للغاية تعتبر الإصابة فيها عائلية، كما لم تثبت الدراسات والأبحاث التي أجريت على هذا المرض أنه معد.
يختلف شكل المرض من طفل لآخر، وتختلف كذلك نوعية الإصابة بالعظام، وشدة الأعراض التي بين مريض وآخر، وكذلك المدة الزمنية لهذه الأعراض.
يمكن أن يكون العلاج الطبيعي ذا أهمية في حالة التهاب المفاصل، على الرغم من أنه لا توجد أي معلومات مؤكدة بخصوص العلاج التكميلي لهذه الأمراض.
وينبغي على الأطفال الذين يخضعون لعلاج التهاب العظام والنقي إجراء تحليل للدم والبول مرتين في السنة على الأقل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"