“المضيرب” تاريخ عماني يمتد 3 قرون

تضم 50 موقعاً أثرياً
01:46 صباحا
قراءة 3 دقائق
مسقط - "الخليج":
تجمع ولاية المضيرب الواقعة في المنطقة الشرقية من سلطنة عمان بين أرجائها 50 موقعاً أثرياً، لكل منها خصوصية معينة، ويعود عمرها إلى أكثر من ثلاثة قرون .
اسمها يعني المكان المنخفض من الأرض، وساعد موقعها الذي تحده الجبال من جميع الجهات على تسميتها بهذا الاسم، وهو تصغير مضرب الذي هو مفرد مضارب، والمضارب هي منازل القوم أو الجيوش التي تضرب سرادقها لغرض الاستقرار الدائم أو المؤقت .
تضم الولاية عدداً كبيراً من المقامات والمواقع الأثرية التي تجعل من هذه المدينة محط أنظار السائحين، سواء من داخل السلطنة أم خارجها أم عابري الطريق بين مسقط وصور، كما ألهمت مبانيها وأبراجها الكثير من الفنانين الذين تصادفهم بين تلالها يرسمون لوحاتهم الزيتية أو يلتقطون الصور الفوتوغرافية، ويكاد لا يخلو معرض للصور أو الرسومات من بعضها عن هذه المدينة العريقة التي تعد مركزاً سياحياً في محافظة شمال الشرقية متوسطة ولايات إبراء والمضيبي وبدية ووادي بني خالد .
ومن أهم المعالم الأثرية في الولاية الحصن الشمالي عند قمة الجبل بالجهة الشرقية، وبيت "سعيد بن محمد" المبني من الجص من طابقين ينقسم إلى عدة أروقة، و"بيت البرج" وهو مجلس كبير أعاد بناءه مشايخ أولاد حميد، حيث يلتقي سكان المدينة صباح العيد لتبادل التهاني، و"قلعة الخناجرة" التي تتوسط الحي القديم، وتعد من أضخم القلاع في المنطقة، و"البيت العود" الذي يتوسط الساحة الرئيسية من طابقين ويمر وسطه فلج الولاية، و"سبلة المحارمة" مجلس ضخم عالي السقف يتميز بنقوشه الرائعة . ومن المعالم البارزة أيضاً "بيت الجبل وحوش مالك وبيت سعيد بن علي الدغيشي وبيت المسارير وبيت سالم بن عمير المعمري"، وجميعها أثار يوغل تاريخها في القدم محملاً بالقصص والحكايات التي مرت على ساكنيها .
ومن سمات أهالي هذه المدينة مثلهم كمثل العمانيين كافة الكرم وحسن الضيافة، ولعل أعظم الدلائل انتشار المجالس العامة التي تعد رمزاً للكرم وملتقى، حيث تدور الأحاديث التي تهم المدينة أو القبيلة وتبادل الأخبار والعلوم أشبه ما تكون بالأندية الاجتماعية أو الديوانيات، وأشهرها سبلات "الخناجرة والمحارمة وبيت البرج وبيت الجبل وحوش مالك والسمرات والدغشة والغيوث ودبيك والعريق والشوار وكشام والمسارير ومحيسن"، وجميعها مجالس عامة رمم بعضها وأعيد بناء الآخر .
حول "المضيرب" سور متصل بالجبال المحيطة بها مفتوحة من جهة النخيل فقط، وقد تهدم جانب من سورها المحكوم بأربع بوابات تسمى (دراويز) باللغة المحلية مفردها (دروازة) وهي: دروازة كشام، ودروازة قرضوب، ودروازة الغيوث، ودروازة كنيشة .
أهلها يحبون العلم والمعرفة والثقافة . ويبدو ذلك في الشهرة الواسعة لمعاهدهم الأولى التي تتمثل في "السبلات" من خلال ما تشتهر به من المساجد التي هي أقرب إلى المعاهد العلمية، تخرج منها العديد من العلماء والمشاهير والمؤلفين والأدباء، ومن أبرزها مساجد "الحساب والعريق والقرحة وأبو الركع ودبيك وعمر ومحيسن .
اشتهر أهالي "المضيرب" منذ القدم بالفروسية حيث يهتمون باقتناء الخيول العربية الأصيلة وتربيتها، كما اشتهرت بذلك ولاية القابل حتى أصبح شعارها "الخيل والفروسية"، ولا تنحصر مهمة الخيول على ميادين الاستعراض والسباقات التي كانت تقام كل أربعاء، بل كانت للفروسية معان أخرى وقيم أخلاقية يحاول الآباء غرسها في أبنائهم منذ الصغر .
و"هبطة المضيرب" تعد آخر هبطات الأعياد في المنطقة التابعة لها هذه المدينة، وتقام مرتين في العام الواحد: إحداهما في الثامن والعشرين من شهر رمضان المبارك، والأخرى في الثامن من شهر ذي الحجة، وتشهد إقبالاً كبيراً من الباعة والمتسوقين، ليس لأنها تتمتع بشهرة كبيرة على مستوى محافظتي الشرقية فحسب، بل لأنها تقام في أحد أعرق الأسواق "سوق المضيرب القديم" ذي الطابع التاريخي الذي كان يقصده التجار قديماً من جميع ولايات المنطقة، وما تتميز به هذه الهبطات من تنظيم السباقات، سواء كانت سباقات العرضة للخيل أوسباقات الهجن .
ونظراً لأهمية الولاية قامت وزارة التراث والثقافة العمانية بضمها إلى برنامج "توثيق الحارات القديمة" الذي كانت قد أطلقته مؤخراً، حيث تبين أن الحارة القديمة تعد مثالاً حياً على أحد أهم أنماط العمارة العمانية المميزة باستخدام الحجارة والجص والصاروج، وبعد اكتمال عملية التوثيق ستبدأ الوزارة أعمال الترميم التي ستعيد للحارة تألقها مع الحفاظ على طابعها الأثري من دون تغيير .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"