السياحة الفلكية.. متعة تأمل النجوم والاستمتاع بهدوء الصحراء

تجذب الشباب وكبار السن
03:06 صباحا
قراءة 3 دقائق
إعداد: محمد هاني عطوي

في منحى جديد بعيد عن البحر وشواطئه، برز نوع جديد من السياحة، هو«السياحة الفلكية» أو «سياحة تأمل النجوم». بدأ هذا المجال يجتذب فئة كبيرة من الشباب وكبار السن المتقاعدين حول العالم ممن يبحثون عن إجازة وسط نقاء الصحراء وأنوار النجوم الخافتة، حيث يمكن رصد السماء ليلاً، ومراقبة نجومها وكواكبها، بل وحتى النيازك العابرة، والشهب المتساقطة. ويمكن القول إن السياحة الفلكية هي في الواقع إعادة لصياغة ذكية لأشياء كنا نمارسها على مر العصور: كمراقبة النجوم، ومطاردة الكسوف، والسهر تحت ضوء القمر.
بدأ الملايين حول العالم، يخرجون إلى الأماكن الهادئة، ويحدِّقون في السماء سواء بالعين المجردة أو عبر التلسكوب لمشاهدة جبال القمر وأوديته وسطحه الغني بالتضاريس، حتى أن العديد من الدول باتت تستغل بعض الظواهر الفلكية التي تميز سماءها للترويج لسياحتها، وفى مقدمتها أيسلندا وكندا المشهورتان بظاهرة الأضواء الشمالية( الشفق القطبي) التي تشهدها في فصل الشتاء بفعل الهالة الكهرومغناطيسية حول الأرض. لكن بات من المؤكد أننا أصبحنا ننظر اليوم إلى السماء بشكل مختلف عما كنا نفعله منذ 10 سنوات.
والواقع أن الفيزياء الفلكية لم تعد أمراً مقتصراً على الخاصة من الباحثين، بل غدت وسائل التواصل الاجتماعي وأهمها الإنستجرام، وسيلة لنشر صور القمر العملاق والكسوف لإثبات مدى ارتباطنا بالكون وبالجيل الرابع«G 4».
في هذا الصدد، استجابت صناعة السياحة سريعاً لرغبة الزبائن المنعزلين من خلال السياحة الفلكية التي توجه المسافرين لتخصيص ميزانياتهم نحو وجهات وأماكن بيئية بعيدة ليقضوا أوقاتاً أكثر توازناً مع الكون. وبما أن عدو الفلك هو «المصباح الفلورسنتي»، فإن سياح الفلك يبحثون عن «الظلام»، والأماكن التي تكون فيها السماء أحلك وأكثر وضوحاً، ويفضلون الابتعاد عن المراكز السياحية الصاخبة أو المناطق الحضرية الملوثة بالضوء.
وكلما كانت المنطقة غير متطورة بدرجة أكبر، كان النزل أو موقع المخيم بعيداً، وكانت صناعة السياحة الفلكية الناشئة أكثر ازدهاراً. فهذه الصناعة تفضل بالضرورة الأماكن الفسيحة النائية وبالتالي فإن سلسلة الفنادق الكبيرة الجذابة في المناطق المتطورة جداً لن تكون هي صاحبة الفرص المثمرة والوجهة المفضلة لهذه الفئة من السياح.
والواقع أن الصحراء هي مصدر إلهام موثوق لإقامة طابع بيئي، حيث يمكن ممارسة «رياضة رصد النجوم» بالعين المجردة أو من خلال تلسكوب، مما يوفر تجربة فريدة وربما مثالية لقضاء أوقات ممتعة عبر النجوم.
وبدأت النُزل الفاخرة الانتباه لهذه الصناعة المربحة، لتضع استراتيجية جديدة تهيمن على قطاع السياحة الفلكية من خلال تكلفة ميسورة وتوفير أماكن أقل تلوثاً بالإضاءة. فالمنتجعات البيئية المتواضعة مثل تلك الموجودة في جبال الأطلس، والتي ظلت بعيدة عن السياحة لعقود من الزمان، وجدت نفسها فجأة تركب الموجة بهذا المصدر السياحي المربح وتهيئ منتجعاتها الجبلية العالية لتكون مناسبة للسياح النجوم.
لكن يبدو أن الباحثين المتحمسين عن الظلام سيجدون أنقى الأجواء في المناطق التي يستطيعون الوصول إليها سيراً على الأقدام أو بالدراجة أو عن طريق الدواب أو بواسطة قوارب الكاياك.
ورغم أن المحاولات البسيطة للشركات السياحية الصغرى استطاعت في زمن قليل أن تجتذب لها مريدين كُثر، لا سيما من فئة الشباب الذين يحبون جو المغامرة، إلى درجة أن أغلب الرحلات يتم حجزها بالكامل قبل أيام من موعد الرحلة، وهو دليل على الإقبال على هذا النوع من السياحة، إلا أن هذا القطاع ما زال بحاجة إلى مزيد من الاهتمام من قبل الجهات الحكومية المختصة بالترويج السياحي ومن الشركات السياحة الكبرى، خاصة أنه سيجد صداه عالمياً، لاكتشاف جانب آخر خصب من جوانب الصحراء. فتكوينات الصحراء الفريدة مع خلفية السماء ومشهد النجوم في الليل كلها تتداخل معاً في صورة تضاهي الخيال، وهي ميزة إضافية لعشاق التصوير، وهواة علوم الفلك ورصد النجوم.
وباتت بعض الشركات السياحية تتسارع نحو تطوير هذا الاتجاه، وتعرض على السائحين ميزة عرض النجوم من خلال أكبر تلسكوب في العالم، في لابالما، وهي واحدة من جزر الكناري النائية ونقطة ساخنة في مجال السياحة الفلكية الناشئة.
لذلك إذا كنت لا تزال تبحث عن سفر لا يخلو من الإلهام، فانظر إلى النجوم وفكر في عالم السماء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"