هل للأم غير المسلمة حضانة؟

عالم متجدد
03:43 صباحا
قراءة 3 دقائق

الأصل في حضانة الطفل أن تكون للأم، فالحضانة هي ولاية على الطفل، تقوم بصيانته وبمصالحه في سن معينة، وهذه الحضانة واجبة على الأم لأن الطفل من دون رعاية الأم ربما يهلك ويضيع .

- والحضانة كما تكون للصغير، تكون للمجنون والمعتوه والمعاق كذلك، لأن كلاً من هؤلاء في حاجة إلى الرعاية .

- ودليل وجوب الحضانة للصغير قوله تعالى: فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا . . (الآية 37 من سورة آل عمران) .

وقوله عليه الصلاة والسلام: بحسب المرء من الإثم أن يضيع من يعول (رواه النسائي وأبو داوود) .

- وبما أن الحضانة لها أهمية خاصة في الإسلام، وفي الوقت نفسه لها خطورة، ولاسيما إذا افترق الزوجان، ونشأت بينهما نزاعات وخصومات عرّضت الطفل للمخاطر التي نشأت بسبب عمق الخلاف بينهما، فإن الإسلام وضع شروطاً وأحكاماً وآداباً أوجب اتباعها .

- ومن ثم فإن الشرع لم يثبت الحضانة لمن يبلغ ولا للمعتوه والفاسق، ولا للعبد ولا للكافر ولا للأم إذا تزوجت كما هي عند السادة الحنابلة .

- والأم أحق بالحضانة للحديث الوارد أن امرأة قالت: يا رسول الله: إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وحجري كان له حواء، وثديي كانت له سقاء، وزعم أبوه أنه ينزعه مني، فقال عليه الصلاة والسلام: أنت أحق به ما لم تنكحي (رواه أحمد وأبو داوود) .

- وحضانة الأم غير المسلمة، مختلف فيها على قولين:

1- يقول الحنفية والمالكية: الإسلام ليس شرطاً في حضانة الأم لطفلها، بل ولا في غير الأم حتى لو كانت مجوسية، لأن سبب حق حضانة الطفل للأم لا لأنها أمه، بل لأنها أكثر الناس شفقة عليه .

وفي الحديث عن رافع بن سنان أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: ابنتي وهي فطيم، وقال رافع: ابنتي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أقعد ناحية، وقال لها: أقعدي ناحية، وأقعد الرسول الصبية بينهما ثم قال: ادعواها فمالت الصبية إلى أمها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اهدها، فمالت الصبية إلى أبيها فأخذها (رواه أبو داوود والنسائي) .

فهم العلماء من هذا الحدث أن الأم غير المسلمة لو لم يكن لها حق الحضانة، لما خيّر الرسول صلى الله عليه وسلم الصبية .

وهناك حديث آخر يقول: من فرّق بين والدة وولدها فرّق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة (رواه الحاكم) .

وهذا الحديث كما هو واضح جاء على عمومه ولم يفرّق بين مسلم وغير مسلم .

2- والقول الثاني هو للشافعية والحنابلة، حيث ذهبوا إلى ضرورة اتحاد الدين، ومن ثم لا حضانة لغير مسلمة على طفل مسلم، واستدلوا: بالحديث السابق وقالوا إن دعاء الرسول للطفلة بالهداية دليل على أنها لم تختر في البداية على هدي الله، ولو كان للأم غير المسلمة حق لتركها منذ الوهلة الأولى لتذهب إلى أمها .

- الحضانة ولاية لا تثبت لكافر على مسلم، لأن الله عز وجل يقول: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً (الآية 141 من سورة النساء) .

- الطفل المسلم إذا حضنته غير المسلمة ربته على تربيتها ودينها، وهذا ليس من مصلحة الطفل .

- هذا والقول الأول أقرب إلى الصواب، وهو ما أخذ به قانون الأحوال الشخصية في دولة الإمارات، ويعززه ما قال الجصاص عندما قال: إن الكافرة أحق بالصغير والصغيرة حتى يعقلا، وإن عقلا سقط حقها لأنها تعوّدهم أخلاق الكفرة .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"