9 أسباب للإجهاض المتكرر

23:22 مساء
قراءة 7 دقائق
تحقيق: راندا جرجس
الإجهاض يعني خسارة الجنين المتوقف عن النمو الكامل، وهو مازال بداخل رحم الأم. ويعتبر الإجهاض المبكر متكرر الحدوث بين النساء، حيث إن أغلب حالاته تحدث في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، ويمكن أن يحدث تلقائياً بسبب مضاعفات أثناء الحمل، أو نتيجة عوامل بيئية أو مرضية تعرضت لها الحامل، «الصحة والطب» تناقش أسباب الإجهاض تفصيلاً، وكيفية الوقاية والعلاج في التحقيق التالي.

تقول الدكتورة زينة جمال الدين مدلجي أخصائية أمراض النساء والولادة، إن الإسقاط المتكرر يعني فقدان الحمل بشكل عفوي قبل الأسبوع الـ 20 من الحمل، ونسبة حدوثه 15-20 % من مجمل الحالات، و80% منها تحدث خلال الـ12 أسبوعاً الأولى من الحمل. أما إسقاطات الحمل المتكررة فهي حدوث ثلاثة إسقاطات عفوية متتالية، وفي السنوات الأخيرة أصبحت تعتبر إسقاطين عفويين متتاليين ونسبتها 1-5% من الحالات.
أسباب الإجهاض

تضيف أن حوالي 60% من الحالات لا يوجد لها سبب واضح، ومعظم هؤلاء تتمكنّ في النهاية من نجاح الحمل وإنجاب ولد سليم، أما الـ 40% المتبقية فهناك أسباب عديدة لها ومنها:
1- أسباب تشريحية، وتشكل من 10-15% من أسباب الإجهاض المتكرر، كالرحم الطفلي، والرحم ذو القرن أو القرنين، والحجاب الرحمي، والورم الليفي في الرحم، والتشوهات الناتجة عن تعرض الجنين الأنثي أثناء الحياة الجنينية لمادة «دي ايتيل ستلبسترول»، التي تسبب ضمور الرحم وعدم استمساك عنق الرحم، والتصاقات داخل الرحم الناتجة عن «الكورتاج»، أو العمليات داخل الحم.
2- الشذوذات الصبغية، وتكون عند أحد أو كلا الزوجين، ونسبتها بين 3 إلى 5% كـ«الإزفاء» والانقلاب، وتشخص بإجراء دراسة للصيغة الصبغية«كاريوتايب» عندهما، و يمكن إجراؤها للجنين المجهض أيضاً.
3- اضطراب وظائف الغدد والخلل الهرموني، وتشكل من 10-15% من الأسباب، كداء السكري، وتكيس المبايض، واضطرابات الغدة الدرقية ونقص إفراز «البروجسترون» من الجسم الأصفر أو المشيمة.
4- اضطرابات التخثر في تبدلات الحمل بحد ذاتها مؤهلة لزيادة قابلية التخثر عند الحامل، وبعض النساء يكون لديهن خلل إضافي يسبب تكوين خثرات ربما تصل إلى المشيمة، وتسبب قصوراً في وظيفتها وخسارة الحمل، ومن أهمها زيادة العامل الخامس ليدين، وطفرة «البروترومبين»، ونقص العامل الثالث المضاد للتخثر والبروتين سي والبروتين أس.
5- تقدم عمر الأم فوق 35 سنة.
6- أسباب تتعلق بجهاز المناعة، ونسبتها 5%، حيث إن الجنين نصفه يأتي من الرجل، فعلى جسم الأم أن يتفاعل بطريقته لتقبل ذلك الجزء الغريب من غير أن يهاجم الجنين أو يرفضه، وهذا دور جهاز المناعة في جسم المرأة، وإن وجد أي خلل في هذا النظام يعتبر الجنين جسماً غريباً، تجب مهاجمته ومحاربته لتكون النتيجة الإسقاط المتكرر. ومن الاضطرابات التي تصيب جهاز المناعة وتؤدي إلى خلل في مسار عمله، متلازمة «الفوسفوليبيدو» الذئبة الحمامية والأضداد المضادة للدرق.
7- أسباب بيئية، كالتعرض للإشعاع والعلاج الكيماوي، وبعض مواد التخدير، وتدخين الزوجين، وتناول الكحول والصدمات الفيزيائية القوية.
8- أي إصابة جرثومية أو فيروسية شديدة في المهبل أو عنق الرحم، أو بطانة الرحم، يمكن أن تؤدي إلى الإسقاط، أما بالنسبة لداء القطط و الحصبة الألمانية، و«الليستيريا»، و«الهربس»، فجميعها قد تسبب الإسقاط، لكن لم يثبت دورها في الإسقاطات المتكررة، والحالات التي نتجت عنها قليلة.
9- العامل الذكري، حيث تفيد بعض الدراسات إلى أن الخلل في«د ن أ» الحيوان المنوي، له دور في إحداث الإسقاطات.
فحوص تشخيصية

وعن نوعية الفحوصات التي يمكن إجراؤها لتشخيص الحالة المرضية، توضح د. زينة، أن هناك بعض الفحوصات التي تُجرى لتشخيص الحالة،وأهمها في البداية أنه يجب إجراء فحص سريري شامل، مع التركيز على العمر الحملي الذي يحدث فيه الإجهاض، فالشذوذات الصبغية مثلا، يحدث الإجهاض فيها في بداية الحمل، أما عدم استمساك عنق الرحم فيحدث عادة في الثلث الثاني من الحمل، ثم تجرى الفحوصات المخبرية التالية:
} فحص «كروموزمات» الزوجين والأجنة بعد الإسقاط.
} فحص الرحم والمبيضين بجهاز الفحص المهبلي، وبالأشعة الصبغية، أو بتنظير باطن الرحم.
} فحوصات الدم تشمل أضداد «الفوسفوليبيد» و«الكارديوليبين»والذئبة الحمامية وأحياناً تجرى الأضداد المضادة للنواة، العامل الخامس «لايدن» و«الثرومبين»ومضاد «الثرومبين الثالث» والبروتين «سي وأس»، وزمن النزف وزمن التخثر.
* الفحوصات الهرمونية للأم والخضاب السكري، وفحوصات خاصة لتشخيص وجود ونوع «الإنتانات» عند السيدة، وتحليل السائل المنوي للرجل، للتأكد من سلامة النطاف.
سبل العلاج

وتؤكد د. زينة أن العلاج المناسب يعتمد بشكل كبير على العامل المسبب للإجهاض، فعندما يكون الورم الليفي وتشوهات الرحم هما السبب يكون العلاج جراحياً، وفي حالة عدم استمساك عنق الرحم يتم إجراء تطويق لعنق الرحم، وأما اضطرابات التخثر فيتم العلاج بالأسبرين منخفض الجرعة، وابر «الهيبارين» تحت الجلد طول مدة الحمل، ويتقرر إيقافها حسب الطبيب المعالج، وبالنسبة للاضطرابات المناعية يمكن استخدام «الكورتيزون» لعلاجها، وهناك بعض العلاجات كإعطاء الأم جرعات من الكريات البيض للزوج لتجهيز جهاز المناعة، ومنع الأم من التفاعل أو أعطاء جرعات عالية من الأجسام المناعية، في محاولة لتخفيف تفاعل المرأة إعطاء المثبتات «البروجستيرونية» بشكل حبوب أو تحاميل أو حقن، وهناك دراسة حديثة أن مضادات الأكسدة مثل فيتامين «إي» تساعد على تثبيت الحمل.
الاضطرابات الصبغية

تستكمل: أما بالنسبة لعلاج الاضطرابات الصبغية التي تسبب الإجهاض فليس هناك حل معروف، ومع ذلك فإن معظم هذه الحالات ينجح فيها الحمل في النهاية، وبالطبع يمكن إجراء التلقيح الصناعي وإجراء دراسات صبغية على المضغ الملقحة، و اختيار السليمة منها، وإرجاعها إلى الرحم، إضافة إلى أن الدعم المعنوي والعاطفي للزوجين له تأثير إيجابي في العلاج، وأثبتت الدراسات الحديثة فعالية زيت السمك في علاج الإسقاطات المتكررة وحالات الولادة المبكرة.
الأخطاء المتكررة

تحذر د. زينة من بعض الأخطاء التي نتبعها في نمط حياتنا اليومي وتكون مؤثرة بشكل
سلبي على الحمل، وتؤدي إلى الإجهاض المتكرر، ولذلك يجب أن يتوقف الزوجان عن التدخين وتناول الكحوليات، وأن تتناول الزوجة أقراص «الفوليك اسيد» والأسبرين وحقن «الهيبارين» أو «الاينوكسابرين الهيبارين» ذو الوزن الجزيئي المنخفض تحت الجلد، وذلك عندما تستدعي الحاجة وقائياً أو علاجياً، ويقرر ذلك الطبيب المتابع للحالة، ويجب توفير حياة صحية عامة بغذاء صحي متوازن، وممارسة الرياضة غير العنيفة بانتظام، والمحافظة على الوزن المثالي للسيدة، والحفاظ على روح معنوية عالية، مع تقديم الدعم النفسي المستمر للزوجة.
نصائح أثناء الحمل

وتكشف د. زينة عن بعض الإرشادات التي يجب أن تتبعها المرأة أثناء الحمل كـ:
* الامتناع عن المجهود الزائد.
* تناول مثبتات الحمل التي ينصح بها الطبيب المعالج.
* الابتعاد عن مشروبات حرق الدهون كالقرفة والزنجبيل، تجنب التوابل وخاصة الحارة، فبينت الدراسات أن هذه المواد تؤذي الجنين، ومع الاستمرار تتسبب في الإجهاض.
* عدم تناول الأعشاب التي اعتادت السيدة على تناولها قبل الحمل؛ إلا باستشارة الطبيب، وعدم دفع الماء بقوة ناحية الرحم عند الاستحمام، خاصة في أسابيع وأشهر الحمل الأولى.
وتضيف: بعد حدوث الإجهاض يجب على المرأة أن تبتعد عن القلق والخوف من تكرار التجربة، وتأخذ قسطاً كافياً من الراحة، وتنتظر فترة تتراوح ما بين شهر وثلاثة أشهر، قبل التفكير بالحمل مرة ثانية وتكون مطمئنة، فهناك نسبة كبيرة من النساء اللواتي تعرضن للإجهاض المتكرر أنجبوا أطفالاً أصحاء، وإذا استدعى الأمر عملية تجريف لتنظيف الرحم فلا تقلق، فهي عملية بسيطة تُجرى لتنظيف الرحم من بقايا الدم والجنين، ليكون الرحم نظيفاً وخالياً من أي عقبات تعيق الحمل مرة أخرى، ومراعاة البعد النفسي للأمر، وتكون قريبة من شخص يعطيها الدعم المعنوي و العاطفي، ولا تتردد في مراجعة الطبيب النفسي إذا اقتضى الأمر، ويمكنها ممارسة «اليوغا» أو رياضة المشي لمدة نصف ساعة يومياً، للتخلص من التوتر والقلق.
تجلط الدم

يشير الدكتور محمد عزام زيادة، استشاري الأورام وأمراض الدم، إلى أن هناك علاقة تربط أمراض الدم بالإجهاض المتكرر، فإن تجلط الدم عملية تحوله من الحالة السائلة إلى تجمعات متماسكة، ويحدث تجلط الدم في أماكن مختلفة في الجسم، مثل شرايين القلب والأرجل، وبسبب عوامل مختلفة، وبما أن المحافظة على سيولة الدم ضرورية لقيامه بوظائفه الطبيعية، فإن أي خلل يؤدي إلى تجلط الدم في الأوعية يؤثر بشكل كبير علــى صحة الإنسان، وربما يتسبب في الوفاة في كثير من الأحيان، وهناك عوامل عديدة تساعد على الإصابة بأمراض تجلــــط الــــدم، منها عوامل مكتسبة، مثل الإصابة ببعض أمراض جهاز المناعة، وأمـــراض القلـــب، والسرطان، والتدخين، أو عوامل وراثية، مثــــل حـــدوث طفـــرة فــــي أحـــــد الـــــــجينات الــــمسؤولة عن عوامل التجلط.
طفرات جينية

يشرح د. زيادة، أن أمراض الدم الوراثية المرتبطة بتجلط الدم، تعرف بأنها الاستعداد الوراثي لحدوث الجلطة، نتيجة طفرة في عدد من الجينات، التي تؤدي بدورها إلى حدوث خلل وعدم توازن بين عمليتي تجلط الدم وسيولته، وترتبط هذه الطفرات بعدد من الأمراض والمشاكل، من أهمها الإجهاض المتكرر، وهي مشكلة تعاني منها 3% من السيدات، وربما تكون المشكلة لدى أحد الزوجين في عدد من الجينات أهمها: إذا كانت المرأة الحامل لديها الاستعداد الوراثي لحدوث الجلطة، الناتج عن خلل في أحد جينات عوامل التجلط، فتزيد نسبة الخطورة في فقد الجنين، وتزيد الخطورة حسب الجين الذي حدثت به الطفرة، وهناك بعض الدلائل التي تشير إلى وجود خلل جيني لدى السيدة الحامل مثل:
ـ ارتفاع في ضغط الدم قبل 34 أسبوعاً من الحمل.
ـ انفصال في المشيمة.
ـ ولادة أطفال بأوزان قليلة.
ـ موت الأجنة داخل الرحم.
وكجميع الأمراض الوراثية، فإن صلة القرابة بين الأم والأب، دائماً تعزز انتشار الطفرات المختلفة، وتزيد الاحتمالية في أن يتلقى الجنين أكثر من مورث مصاب بالخلل.

22 مليون حالة سنوياً

هناك الكثير من السيدات يعانين فقدان الحمل المبكر في الكثير من الأحيان، دون أي سبب واضح أو معروف، وتشير التقديرات إلى حدوث حوالي 22 مليون حالة إجهاض غير مأمون في العالم كل سنة معظمها في البلدان النامية؛ ولذلك يجب أن تكون هناك برامج تثقيف وتوعية عن الوقاية من الحمل غير المرغوب فيه باستخدام وسائل فاعلة لمنع الحمل بما فيها وسائل منع الحمل في حالات الطوارئ، وتوفير العلاج الطارئ للمضاعفات في الوقت المناسب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"