منصفو الغرب اعترفوا بعظمة الإسلام

04:20 صباحا
قراءة 4 دقائق


تعرض الإسلام لحملات غربية مسعورة؛ حيث تطاول كثير من كتاب الغرب على الإسلام عن جهل، وأصبحت ثقافة التطاول على الإسلام وتخويف الغربيين منه من الثقافات الغربية المتوارثة، والمؤسف أن الجيل الجديد من أعداء الإسلام من الباحثين والكتاب وأدعياء الفكر والثقافة لم يكلفوا أنفسهم عناء القراءة الجادة والبحث الدقيق في تفاصيل هذا الدين السماوي الخاتم ليحكموا عليه.. بل ساروا في الطريق الأسهل وهو مواصلة سياسة الآباء والأجداد ورمي الإسلام بالنقائص من دون التعرف عليه.
لكن.. لأن الله سبحانه وتعالى وعد بنصرة دينه الحق، وأنه سبحانه وتعالى «يدافع عن الذين آمنوا»، فقد قيض الله لهذا الدين من داخل المجتمعات الغربية من يدافع عنه ويرد سهام الكائدين، ويدحض مزاعم المغرضين؛ حيث تصدت نخبة من كبار مثقفي الغرب لتوضيح حقائق هذا الدين، وسجلوا في مؤلفاتهم وكتاباتهم ما يكشف عن سماحة الإسلام وعظمته.
يقول د. محمد عبد الفضيل القوصي، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر ونائب رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر: الحق ما شهدت به الأعداء.. وتسامح الإسلام وعدله في التعامل مع غير المسلمين عبر عصور التاريخ حق شهد به مؤرخون وباحثون وكتاب غربيون، وسجلوه في كتاباتهم التي تزخر بها المكتبات العربية والغربية.

أدلة تاريخية

ويضيف: رؤيتنا كعلماء مسلمين لصور التسامح والرحمة في الشريعة الإسلامية، وسردنا لحقائق التاريخ والمواقف التاريخية لحكام المسلمين وشعوبهم عبر العصور، تكشف جوانب من عظمة الإسلام وتسامحه.. لكن تظل رؤية الكتاب والمفكرين الغربيين لتسامحنا الإسلامي أمراً مهماً، وهو ما ينبغي أن نبرزه لأن آراء هؤلاء تصل إلى عقول الغربيين بسهولة وتجد صدى في نفوس الموضوعيين منهم، وهم نسبة كبيرة لا ينبغي أن نستهين بها، وواجبنا دائماً دعمهم بالمعلومات الصحيحة عن الإسلام.
يؤكد العالم الأزهري الكبير أن صورة ديننا في الغرب ليست سيئة بالشكل الذي يضخمه البعض هنا وهناك، ويقول: أمام كل غربي متعصب، أو كاره للإسلام، عشرة أو أكثر لا يحملون عداء لديننا، أو بمعنى أصح لم يتخذوا منه موقفاً، ويرصدون ما ينقل ويتداول عنه عن بعد.. وهؤلاء يمثلون نسبة كبيرة من الغربيين، وعلينا أن نبذل كل الجهود الدعوية والفكرية والثقافية لحماية عقولهم من المتعصبين الغربيين، وذلك عن طريق توفير مصادر المعرفة الصحيحة عن الإسلام وحضارته، ورؤيته لشكل العلاقة مع المختلف دينياً، وهي في واقع الحال علاقة يسودها الاحترام المتبادل، وليست علاقة إقصاء كما يشيع الجهلاء بالإسلام في الغرب.
ويشير د. القوصي إلى أن كثيراً من المؤرخين والكتاب الغربيين تحدثوا عن ديننا بما ينصفه ويظهر بعض حقائقه، وكتابات هؤلاء- ومنهم أعلام كبار في الفكر والثقافة في الغرب - موجودة ومتداولة وهي تجسد ما يحمله الإسلام من تسامح ديني، ومن هؤلاء المستشرق البريطاني «توماس أرنولد»، الذي وضح ذلك في كتابه «الدعوة إلى الإسلام»، وأقام الأدلة التاريخية من مئات الوقائع التي جمعها من شتى الأقطار وشتى المصادر، وهي تدل دلالة قاطعة على السماحة، التي يتمتع بها المسلمون في معاملة المخالفين.

شهادات مهمة

ومن الغربيين المنصفين الذين شهدوا بتسامح الإسلام، وسجلوا صوراً رائعة من سلوكيات المسلمين المتسامحة مع المخالفين لهم في العقيدة «غوستاف لوبون»، الذي نوه عن ذلك في كتابه «حضارة العرب»؛ حيث ذكر بعض الآيات القرآنية وعقب عليها قائلاً: «رأينا من الآيات القرآنية التي ذكرناها أن مسامحة محمد لليهود والنصارى كانت عظيمة للغاية، وأنه لم يقل بمثلها مؤسسو الأديان التي ظهرت قبله كاليهودية والنصرانية على الخصوص، وقد سار خلفاؤه على سنته، واعترف بذلك التسامح العديد من كتاب ومفكري الغرب المنصفين».
وقال المستشرق الغربي (ميشود) في كتابه «تاريخ الحروب الصليبية»: «القرآن الذي أمر بالجهاد متسامح نحو أتباع الأديان الأخرى، وقد أعفى البطاركة والرهبان وخدمهم من الضرائب وحرم محمد قتل الرهبان لعكوفهم على العبادات، ولم يمس عمر بن الخطاب النصارى، بسوء حين فتح القدس، في حين ذبح الصليبيون المسلمين وحرقوا اليهود بلا رحمة وقتما دخلوها».
وقال الراهب «ميشو» في كتابه «رحلة دينية في الشرق«:»لقد اقتبست الشعوب النصرانية من المسلمين التسامح، الذي هو آية الإحسان بين الأمم، واحترام عقائد الآخرين، وعدم فرض أي معتقد عليهم بالقوة».

جهراً.. وسراً

المفكر العلمي الإسلامي د. أحمد فؤاد باشا النائب الأسبق لرئيس جامعة القاهرة يقول: لقد قيض الله سبحانه لهذا الدين الخاتم من يفهمه حق الفهم، ويدافع عنه حتى ولم يتخذه عقيدة له.. كما هي حال بعض المفكرين البارزين.
ويضيف: هناك كثير من المفكرين المنصفين للإسلام، وهؤلاء ليسوا غربيين فحسب، بل من كل قارات العالم، وقد درس بعضهم الإسلام دراسة عميقة، فأحبه ومدحه، ولا ندري ماذا أسر في نفسه، وآمن به البعض في غير لبس ولا مراءاة، وجابه الرأي العام في بيئته بعقيدته الجديدة، ثم أخذ يشرح أسباب تحوله إلى هذه العقيدة، ويدعو إليها مكرساً وقته وجهده لنشرها.. يقول اللورد (هيدلي) أحد الذين تحولوا إلى الإسلام: «إنني أعتقد أن هناك آلافاً من الرجال، والنساء أيضاً، مسلمون قلباً، ولكن خوف الانتقاد والرغبة في الابتعاد عن التعب الناشئ عن التغيير، تآمرا على منعهم من إظهار معتقداتهم».

صفحات مشرقة

ويواصل د. باشا قائلاً: إن الصفحات المشرقة عن تسامح المسلمين أكثر من أن تعد وتحصى ونستشهد هنا بما قاله بعض الكتاب الغربيون، حيث يقول: «ول ديورانت» في كتابه «قصة حضارة»: «كان أهل الذمة المسيحيون والزرادشتيون واليهود والصابئون يتمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا تجد لها نظيراً في البلاد المسيحية في هذه الأيام، فلقد كانوا أحراراً في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم، ولم يفرض عليهم ما يميز المسلمين عليهم».
وأشاد المستشرق (ترتون) بتسامح المسلمين وتحضرهم في التعامل مع المخالفين لهم في العقيدة فقال: «الكتاب المسلمون كانوا كرماء في التعامل مع من هم على غير ملتهم حتى ليسمون حنين بن إسحاق برأس أطباء عصره، كما كان حكام المسلمين يحسنون التعامل مع الباحثين والعلماء غير المسلمين. وقد سجل المؤرخون الغربيون من مراجعهم أن «بختيشوع بن جبرائيل»، كان ينعم بعطف الخليفة المتوكل حتى إنه كاد يضاهيه في ملابسه، وفي حسن الحال وكثرة المال، وكمال المروءة ومباراته في الطيب والجواري والعبيد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"