السوق المركزي في الشارقة تحفة معمارية وسياحية

موقعه استراتيجي وإطلالته فريدة
12:33 مساء
قراءة 5 دقائق

يعدّ السوق المركزي من أبرز المعالم التراثية والحضارية لمدينة الشارقة، فعلى الرغم من سنوات عمره الطويلة التي تصل إلى أكثر من ثلاثين عاماً والتي جعلت منه تراثا أصيلا ينفح برائحة الأجداد وعبق الماضي، إلا أن شكله الخارجي يعدّ تحفة فنية ووجهة سياحية وحضارية بإطلالته الفريدة التي تعكس فن العمارة الإسلامية بأجمل صورها، تشاركها النافورة التي لم تكل ولم تمل من تتابع السنوات، لتتهادى بكل رشاقة مضفية جوا من الأنس والبهجة في المكان .

في كل صباح يفتح السوق المركزي- الذي يسمى أيضا بالسوق الإسلامي- أبوابه ليستقبل زواره، تنتشر بين جدرانه العتيقة رائحة الأصالة، محتفظا ببريقه وببضائع مختلفة ومتميزة تجعل منه وجهة أساسية للكثيرين، فهو يحمل في ثناياه بضائع لا توجد في أي مكان آخر، إذ يجمع محلات الملابس الجاهزة، والعبايات والشيل النسائية، والأقمشة الرجالية، ومحلات الألعاب والالكترونيات، ومحلات خاصة بالمفارش المنزلية المصنوعة يدوياً، وأدوات التجميل التي تحمل اسم أرقى الماركات العالمية، والتحف التراثية الجميلة بأشكالها المتميزة والمصنوعة بحرفية كبيرة، وتنتشر في وسطه أكشاك الإكسسوارات والمصوغات الفضية والذهبية، والعطورات بأنواعها العربية والفرنسية، ومنتجات الحرف اليدوية والسجاد والجداريات، والمقاهي التي توفر المشروبات والمأكولات للزوار .

ويتكون السوق المركزي من مبنى بطابقين له جناحان رئيسيان، يطل أحدهما على بحيرة خالد لتنعكس أضواؤه ليلا على البحيرة بشكل رائع وجذاب، ويطل الآخر على شارع الملك فيصل الذي يعدّ منطقة حيوية، ويتصلان بجسرين ممتدين يصلان بينهما، وأحد الأجنحة مختص بكل ما ذكر، ليختص الجناح الآخر بالحلي الذهبية والفضية والأحجار الكريمة ومنتجات الحرف اليدوية .

ويشتمل السوق المركزي على أكثر من 600 محل، وتنتشر فيه شرفات عدة تتوزع على الطوابق العلوية، وفيها سلالم كهربائية، ومصليان للنساء والرجال في الجناحين، وما يميزه أنه لا يزال يجذب السياح الأجانب الذين تراهم منتشرين في الخارج يلتقطون الصور لهذه التحفة المعمارية المتميزة التي تعكس الأقواس بلونها الأزرق الصافي وبعض الآيات القرآنية والبلاط الكلاسيكي .

وتتميز بضائع السوق المركزي بالتنوع، فإلى جانب البضائع المحلية، هناك بضائع مستوردة من العديد من الدول الآسيوية والإفريقية والأوروبية، وأنواع مختلفة من أغطية الطاولات والستائر والمفارش المشغولة يدويا والتي يظهر فيها فن الحرفيين السوريين والهنود، والسجاد المستورد من تركيا وإيران وأفغانستان، ويتميز السجاد بشكله الجذاب وحرفيته العالية في الصنع .

ومن محل إلى آخر تختلف المساحات تبعا للنشاط التجاري الذي يمارسه كل محل، وقد خصص السوق المركزي لزواره مواقف مجانية، تمت إضافة الكثير من التحسينات والتعديلات التي جعلت من السوق المركزي مكانا مناسبا لجميع الزوار، إذ تمت إضافة ممرات خاصة للأشخاص من ذوي الإعاقة ومواقف خاصة بهم .

ولا يمكن أن يطل العيد برأسه إلا وقد امتلأ السوق المركزي بالزوار عن آخره، فالزوار يجدون فيه ما لا يجدونه في غيره، وفيه سر لم يستطع الكثيرون تفسيره، فمع وجود وانتشار المراكز التجارية الحديثة في كل مكان، فإن سحراً خاصاً يجذب الزوار والسياح تجاه السوق المركزي .

تحدث عبدالله عبدالرحمن الزرعوني، صاحب محل، عن مميزات السوق المركزي فقال: يتميز هذا السوق بموقعه الاستراتيجي، فهو في قلب مدينة الشارقة، ويعدّ مكانا تراثيا أكثر منه تجارياً، وبالنسبة إلى الكثيرين فهو يعدّ معلماً سياحياً يزورونه للتمتع بجماله، فهو أكثر من مجرد تسوق، ويتميز ببضائعه المختلفة والمتنوعة وأسعاره غير المبالغ فيها .

وذكر عبدالله انه اعتاد على الحضور إلى هذا السوق منذ الصغر، فهو يشرف على عملية البيع بنفسه وقال: أجد راحتي في هذا المكان، وأحب التعامل مع الزبائن بنفسي، وفي السوق الإسلامي أغراض وبضائع غير موجودة في أماكن أخرى، كما يتميز بالتسهيلات الكثيرة التي جعلته ينافس المراكز التجارية الحديثة .

واشاد عبدالله بالطابع الإسلامي في السوق المركزي وقال: يضفي هذا الطابع روحا مميزة وإحساساً مختلفاً، وميزة هذا المكان أنه يحافظ على زبائنه، ويجذب سياحاً جدداً كل يوم .

علاء الدين الحميدي، موظف في أحد محلات التحف يقول: يحتوي السوق الإسلامي على بضائع جميلة ومختلفة قد لا توجد في مراكز تجارية كثيرة، ويقصده السياح من مختلف الدول، وفيه مميزات راقية، كالمواقف المجانية والأسعار المنخفضة التي تناسب جميع الزوار، ولا يزال أول مكان يقصده الزبائن للحصول على القطع المشغولة يدويا والتي لا تزال تحتفظ ببريقها وقيمتها، وتتميز هذه القطع الفريدة بأسعارها التي تعدّ في متناول الأيدي، وهذا يعود للإيجار غير المرتفع لمحلات السوق المركزي مقارنة بغيره، يضيف: ولا يمكن أن يخلو السوق المركزي من الزبائن، ففي الأعياد يمتلئ السوق عن آخره بالزوار، وفي الأيام العادية نستقبل الزبونات اللواتي يجدن كل ما يحتجن إليه .

وتحدث عن الشكل الخارجي للسوق المركزي فقال: الشكل الخارجي يثير الفضول لدى الجميع، ويجبرهم على دخول السوق المركزي لتبهرهم البضائع والمنتجات الموجودة في الداخل، وأرى أنه من الصعب جدا أن يدخل أي زبون هذا السوق ويخرج دون أن يشتري شيئا منه، فكل ما فيه مغر وجاذب للزبائن .

تحدثت وداد، ربة منزل، عن ما يجذبها للسوق الإسلامي فقالت: هو سوق شامل فيه كل ما يحتاج إليه الزبون، من بضائع منزلية وملابس وإكسسوارات ومفارش وتحف وأنتيكات، إلى جانب سوق الذهب الذي يزيد بهجة السوق، إذ يقصده اغلب العرسان . وذكرت وأنه مع من وجود المراكز التجارية الحديثة فإن السوق الإسلامي له ميزته الخاصة وفيه أشياء غير متوافرة في غيره، وقالت: استمتع بالتسوق فيه إذ تجذبني منتجات الحرف اليدوية، كما أراه المكان الأنسب للمحجبات، ففيه ملابس تناسب المرأة المسلمة المحجبة، وفيه العباءات والشيل بأشكال وتصميمات عدة وأسعار مناسبة، كما فيه مواقف عدة وتسهيلات ومزايا كثيرة .

من عمان أتى خلفان الصبحي، معلم، في زيارة للسوق المركزي، إذ يصعب ألا يزور أي سائح الإمارات دون أن يقصد هذا السوق، وعنه قال: يتميز بمظهره الخارجي الإسلامي الذي يعطي شعورا بالانبهار بهذا الطراز المعماري الجميل، وأراه تحفة فنية تنافس في جمالها أجمل التصميمات الحديثة، كما أنه يتميز بتنوع البضائع فيه وبشموليته، فلا يكاد الزائر يبحث عن شيء إلا يجده فيه .

وأضاف: مع من عمره الطويل فإنه يتميز بالتنظيم من الداخل، وأراه مدينة متكاملة، وقد وجدت فيه ما لم أجده في غيره وبأسعار مناسبة جدا، كما وجدت أنه يراعي جميع الأذواق، وأسعدني إقبال السياح الأجانب عليه، ما يدل على أن العمارة الإسلامية لا يزال لها بريقها .

في كل مرة يزور فيها محمد المري، موظف في المطار، السوق المركزي يعود بذاكرته إلى طفولته التي كان يركض فيها في زوايا هذا السوق، ويقول: يأخذني الحنين للمكان، ففيه ذكريات لا أزال أحتفظ بها منذ صغري، وفيه عبق تاريخي لا يوجد في أي مكان آخر، كما أنه مكان مريح وفيه بضائع مختلفة وبأسعار منخفضة وقابلة للنقاش، أما عن الشكل الخارجي فلا يستطيع أحد أن يصف تلك الروعة والجمال، فهو لايزال جاذباً للسياح، ويظهر اهتمام الدولة فيه .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"