انتقض وضوؤه وهو يسعى

03:22 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عارف الشيخ

للحج أركان وللعمرة أركان، ولا فرق بين حج الفرض والعمرة الواجبة، وبين حج السنة والعمرة المسنونة من حيث الالتزام بأركانها وواجباتها وسننها، لأن السنة سنة قبل الشروع فيها، ومتى شرعت فيها وجب عليك أن تكملها بشروطها وآدابها تأدباً مع الله عز وجل.
والطواف والسعي من أركان الحج والعمرة إلا أن هناك فرقاً بين الطواف والسعي، فجمهور الفقهاء يرون أن الطهارة من الحدث الأكبر والحدث الأصغر بل ومن النجاسات شرط لصحة الطواف، ولا فرق في ذلك بين طواف القدوم أو العمرة أو طواف الوداع.
أما الأحناف فإنهم يرون أن الطهارة ليست شرطاً لصحة الطواف بل واجبة، ومعنى واجبة أنه لو طاف من غير طهارة فطوافه صحيح إلا أن عليه أن يعيده ما دام في مكة، وإلا وجب عليه الفداء.
ويقول الأحناف أيضاً: إذا طاف من غير طهارة وانتقض وضوؤه أثناء الطواف أو تذكّر أنه على غير طهارة فله حينئذٍ أن يتم طوافه من غير طهارة ووجبت عليه الإعادة كاملاً.
وله أن يتوضأ إذا كان قد انتقض وضوؤه، ويعود ليبني على ما أتى به أولاً من أشواط.
يقول محمد بن الحسن نقلاً عن الإمام أبي حنيفة: «من أصابه أمر ينقض وضوءه وهو يطوف بالبيت أو يسعى بين الصفا والمروة أو فيما بين ذلك فإن أصابه ذلك وقد طاف بعض الطواف أو كله ولم يركع ركعتي الطواف، فإنه يتوضأ ويبني على طوافه ويصلي الركعتين، فإن كان أحدث توضأ وبنى في الطواف» (أنظر كتاب الحجة على أهل المدينة).
ويقول الكاساني من الحنفية: «فأما الطهارة عن الحدث والجنابة والحيض والنفاس فليست بشرط لجواز الطواف، وليست بفرض عندنا بل واجبة حتى يجوز الطواف بدونها»، وحجته قوله تعالى: «وليطوفوا بالبيت العتيق»، (الآية 29 من سورة الحج)، فالله تعالى أمر بالطواف مطلقاً ولم يشترط الطهارة، فلا يجوز تقييد مطلق الكتاب بخبر الواحد.
ويرد على الشافعية الذين قالوا: لا يصح الطواف من غير طهارة لقول النبي صلى الله عليه وسلم «الطواف صلاة إلا أنه أباح الله فيه الكلام».
يقول محمد بن الحسن: يحمل هذا الحديث على التشبيه أي أن الطواف يشبه الصلاة في الثواب مثلاً.
وللقياس استشهد بقوله تعالى: «وأزواجه أمهاتهم»، (الآية 6 من سورة الأحزاب) أي كأمهاتهم في بعض الوجوه وإلا فإنهن لسن بأمهاتهم حقيقة.
والشافعية وإن كانوا يشتركون في هذا الرأي مع المالكية والحنابلة إلا أن الشافعية قالوا: إذا انتقض وضوؤه أثناء الطواف توضأ ثم بنى على ما أتى به، أما المالكية والحنابلة فقالوا إن من أحدث في أثناء الطواف لم يستمر وعليه أن يتوضأ وأن يستأنف من جديد.
يقول الدردير في الشرح الكبير: «وبطل بحدث حصل أثناءه ولو سهواً بناء، وإذا بطل البناء وجب الاستئناف إن كان واجباً أو تطوعاً».
أما السعي بين الصفا والمروة فأكثر أهل العلم أنه يصح من غير طهارة لأن الطهارة فيه ليست شرطاً بل مستحبة، قال بذلك مالك والشافعي وأصحاب الرأي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"