«الهيموفيليا».. يصيب الرجال وتنقله السيدات!

01:54 صباحا
قراءة 6 دقائق
مرض الهيموفيليا تطلق عليه بعض المسميات مثل الناعور أو نزف الدم الوراثي، وهو أحد أكثر أمراض الدم انتشار وشيوعاً، والسبب الرئيسي للإصابة به بعض العوامل الجينية التي تسبب خلالاً في الدم تجعله غير قادر على إجراء عملية التجلط أو التخثر الطبيعية للدم، وهذا المرض ينتشر في بعض الدول العربية ومنها فلسطين؛ حيث يصيب عدداً كبيراً من أطفال قطاع غزة وفي مصر تشير الإحصاءات إلى إصابة 10 آلاف حالة.
يعتبر مرض الهيموفيليا من الأمراض التي تصيب الذكور وتظهر عليهم بوضوح أعراض المرض، بينما السيدات تعد حاملات فقط للمرض ولا تظهر عليهن أي أعراض، وتصبح فقط ناقلة لهذا المرض إلى أجيال أخرى، وفي هذا الموضوع سوف نلقي الضوء على مسببات هذا المرض والأعراض المصاحبة له وكيفية الوقاية وأحدث طرق العلاج.
تعريف المرض ببساطة سيولة تحدث في الدم تنتج بسبب خلل في عوامل التجلط داخل الدم، أو ناجمة عن نقص أحد عناصر التخثر، وهذا المرض يلازم المصابين به مدى الحياة، وفي هذا المرض لا يتجلط الدم بالدرجة الطبيعية المعتادة للأشخاص الأسوياء، ما يجعل المصاب بهذا المرض ينزف فترات طويلة إلى أن يتم التدخل الطبي، وتصبح عملية شفاء الجروح والتئامها صعبة ومعقدة؛ وذلك بسبب نقص في سلسلة من العناصر التي تحتوي على 12 عنصراً، وأي نقص في تلك السلسلة يسبب خللاً في عملية التخثر الطبيعية للبلازما في الدم، والخطورة عند إصابة أي وعاء دموي بجرح، لأنه لن تحدث الجلطة التي توقف النزيف ويستمر الدم في اندفاعه وتدفقه فترة زمنية طويلة، وممكن أن يكون النزيف داخلياً وهذا هو الأخطر لأنه قد يؤدي إلى الوفاة لأن النزيف هنا غير ظاهر للعين، مثل نزيف العضلات أو المفاصل أو نزيف الأمعاء والدماغ أو أي نزيف داخل أي عضو بالجسم، أما النزيف الخارجي يحدث عند الاحتكاك بجسم صلب يحدث قطع في الجلد، أو عن طريق صدمة وكدمة قوية.
الذكور فقط

يصيب مرض الهيموفيليا الذكور فقط، والسبب أن الإناث لديهن اثنين من الجينات الصبغية إكس، بينما الذكور لديهم جين صبغي واحد فقط، وهذا السبب يجعل إصابة الذكور بالمرض مؤكدة في حالة حمل هذا الصبغي المعيب، أما لدى السيدات فاحتمالات حملها اثنين من الجينات المسببة للمرض صعبة ونادرة للغاية، وبالتالي تنقل السيدات المرض دون ظهور أية أعراض، وينتقل المرض إلى الإناث من الجينات التي بها الخلل عن طريق الوراثة من الأب أو الأم، وأحياناً قد يحدث ذلك بسبب طفرة جينية، ويمكن في أحيان ضعيفة للغاية أن تصاب أنثى به.
3 أنـواع

تعرف العلم إلى بعض الأنواع من مرض الهيموفيليا حسب العوامل الناقصة في بروتينات التجلط، فيوجد الهيموفيليا «أ» ويحدث بسبب قلة العامل الثامن في بروتينات التجلط، وهذا النوع يمثل ما يقرب من 81% من إجمالي حالات هذا المرض، والنوع الثاني الهيموفيليا «ب» ويرجع إلى نقص العامل التاسع من بروتينات التجلط، وتصل نسبة هذا النوع بين المصابين إلى 18% من إجمالي حالات سيولة الدم، والنوع الثالث «ج» ويرجع إلى نقص العامل 11 وسببه خلل وراثي لا يرتبط بالصبغي إكس وحالته نادرة تصل إلى أقل من 1%، ويعتبر كل من الهيموفيليا «أ» و«ب» الأكثر شيوعاً في البلاد العربية، بسبب النقص الكبير في بروتينات التخثر 8 و9 على الترتيب، ويصيب هذين النوعين من المرض الذكور فقط؛ وذلك نتيجة انتقال الجين الصبغي المعيب من الأم إلى أبنائها الذكور، وليس من الأب، والأم هي الحامل للمرض في هذه الحالة ولا تظهر عليها أية أعراض وتورثه للذكور دون الإناث.
طفرات جينية

من الأسباب الرئيسية للإصابة بمرض الهيموفيليا العوامل الوراثية كما ذكرنا بالتفصيل، وينتقل من جيل سابق إلى جيل لاحق، وتنتقل من الأم إلى الأبناء في مرحلة الحمل، لكن بعض الدراسات وجدت أن هناك 30% من إجمالي الحالات المصابة بالمرض من الأطفال لا يوجد في ملف عائلاتهم تاريخ لهذا المرض، وفسروا ذلك بعدة احتمالات منها أن تكون حدثت طفرات جينية للأم أثناء فترات الحمل، وأصبحت حاملة للمرض والجين المعيب ونقلته للأبناء ذكور وإناثاً، فظهر على الذكور وحملته الإناث من دون أعراض والاحتمال الثاني أن تكون الطفرة الجينية قد حدثت وقت الحمل داخل بويضة الأم في أحد الأبناء، وبذلك يصبح هذا الابن مصاباً بالمرض دون أن تكون الأم حاملة للمرض من الأساس، والاحتمال الثالث أن مرض الهيموفيليا موجود بين أفراد العائلة، لكن نتيجة عدم وجود أعراض قوية في سيولة الدم والنزيف عند الذكور لأجيال، يجعل ذلك البعض يظن أن المرض كان غير موجود في هذه العائلة، وهناك احتمال رابع أن تكون الفتيات في هذه العائلة تنجب إناثاً لعدة أجيال، وبالتالي يصبحن حاملات للمرض فقط، وعند إنجاب ذكور في أجيال قادمة سوف يظهر المرض، وهناك حالات نادرة للغاية تحدث بسبب وجود خلل في جهاز المناعة بالجسم.
تشوه المفاصل

أعراض مرض الهيموفيليا تختلف من حالة إلى أخرى حسب درجة شدة المرض، فتظهر بعض نوبات من النزيف سواء كان خارجياً أو داخلياً، ويزيد النزيف عند التعرض لأي جرح، وفي النوعين من الهيموفيليا «أ. وب» يحدث نزيف ذاتي يستمر فترة قليلة قريبة من الفترة الطبيعية، وفي حالات الهيموفيليا الحادة يصبح النزيف الداخلي من الأعراض الشائعة، ويحدث في المفاصل دون صدمات أو كدمات، وفي حالة إهمال نزيف المفاصل وتركه دون علاج يسبب تلفيات دائمة في المفاصل ثم تشوه واضح، كما يظهر نزيف في العضلات والأنسجة الموجودة تحت الجلد، ولا تظهر أعراض مرض الهيموفيليا لدى الأطفال بعد الولادة، لكن يمكن أن تظهر أثناء عملية الختان، وأثناء مرحلة تعلم المشي عند سقوط الطفل وتعرضه للصدمات والجروح، وتظهر علامات النزيف في الأسنان واضحة، ويحدث أيضاً نزيف في المفاصل والعضلات، ويصاب الطفل بحالة ضعف في العضلات نتيجة الإصابة بالالتهابات بعد النزيف، ما يؤدي إلى الإصابة بالإعاقة بعد فترة، وفي مرحلة البلوغ يحتاج لعمليات تغيير المفاصل، أما الإناث الحاملات للمرض فلديهن عوامل التجلط كافية لمنع حدوث النزيف الحاد، لكن بعضهن يتعرض لأعراض بسيطة من الهيموفيليا.
نزيـف المخ

من المضاعفات التي يمكن أن تصيب مريض الهيموفيليا حدوث نزيف داخلي في العضلات العميقة يسبب التهابات وأوراماً وتخدراً وألماً في الأطراف، وأيضاً يصاب المريض بتلف في المفاصل ويصيبه ألم رهيب، ومن المضاعفات الخطيرة الإصابة بنزيف في المخ، ناتج عن ارتفاع الضغط في الدماغ ويسبب فقدان الوعي والغثيان وتلفاً في المخ وفي النهاية يقود إلى الموت. أما طرق الوقاية من هذا المرض تكون عن طريق ممارسة تمارين معينة يومياً؛ وذلك لتقوية مفاصل والجسم مثل الركبتين والكاحل والمرفقين لتعزيز دورها، ويمنع المريض من تناول مضادات التجلط مثل الهيبارين، لأنها سوف تتسبب في تدهور الحالة المرضية، كما يمنع من أدوية سيولة الدم، مثل الاسبرين وغيره لأنها ستزيد من سيولة الدم، ويجب الابتعاد عن بعض السلوكيات الخطيرة والرياضيات العنيفة.
عـلاج جديـد

علاج مرض الهيموفيليا يتم عن طريق حقن عوامل التخثر الناقصة في الدم، وهذا العلاج يكون من خلال تبرعات الأصحاء بالدم، حتى يكون التجلط طبيعياً، ويجب فحص دماء المتبرعين للتأكد من خلوها من أية أمراض معدية يمكن أن تسبب ضرراً للمريض، وكشفت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية عن طرح علاج جديد في الأسواق لعلاج الأطفال والبالغين المصابين بهذا المرض ويسمى «البروليكس» ويتضمن عامل التجلط رقم «9»، ومن مميزاته أن مفعوله يستمر فترة طويلة لدى مريض الهيموفيليا، وبالتالي لا يحقن المريض بجرعات كثيرة، وهذا العقار الجديد يتم استعماله في علاج حالات سيولة الدم، وأيضاً لوقف النزيف أثناء إجراء العمليات الجراحية، وأضافت المنظمة أن هذا العلاج يمكن أن يلعب دور الوقاية لدى مرضى الهيموفيليا من الإصابة بالنزيف.

المرض الملكي

أعلنت منظمة الصحة العالمية أن مرض الهيموفيليا من أكثر الأمراض شيوعاً في أمراض نزيف الدم. وقد تم تعريفه علمياً عام 1803، وكان يسمى «المرض الملكي» نتيجة إصابة كثير من أفراد العائلات النبيلة في أوروبا به، مثل ملكة بريطانيا، فيكتوريا، التي كانت حاملة له ثم نقلته إلى ابنتيها اليس، وبياتريس، اللتان كانتا تحملان المرض، ومثل ابنها ليوبولد، الذي ظهرت عليه أعراض المرض بعد ولادته بمدة قصيرة. كما أن هذا المرض أصاب أيضاً الأسر الحاكمة في روسيا القيصرية، وإسبانيا، وألمانيا.
وأشارت المنظمة أنه في حالة إصابة الأب بالمرض وسلامة الأم، فإن كل الأبناء الذكور سيصبحون غير مصابين به، فيما تصبح كل الإناث حاملات له.
أما في حال كانت الأم حاملة للمرض والأب سليماً، فإن 50% من الأبناء الذكور مرضى، و50% الأخرى أصحاء، و50% من الإناث حاملات للمرض و50% الأخرى أصحاء. وفي حال كان الأب مريضاً بهذا المرض والأم حاملة له، فإن نصف الذكور سيصبحون مرضى، ونصفهم الآخر أصحاء، ولكن ستصبح كل الإناث حاملات للمرض.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"