آثار رأس الخيمة تسرد قصص الماضي العريق

أطلال وشواهد تعود إلى 5 آلاف سنة
03:47 صباحا
قراءة 4 دقائق
أبوظبي - "الخليج":
تدل الآثار التاريخية المكتشفة حتى الآن في مختلف إمارات الدولة على عراقة تاريخها الضارب في القدم، وتواصلها مع حضارات سابقة، وتدل تلك الآثار في إمارة رأس الخيمة على أنها مرت بفترات زمنية مختلفة يعود أقدمها إلى فترة العبيد (5000 سنة ق .م)، حفيت ( 3200- 2600 ق .م)، فترة حضارة أم النار (2600-2000 ق .م)، فترة وادي سوق (2000- 1600ق .م)، العصر الحديدي (1250- 300 ق .م)، الفترة الهيلينية والفارسية (300 ق .م-300م)، فترة الاحتلال الساساني (300م- 632م)، الفترة العباسية (750-1250م)، الفترة الإسلامية اللاحقة (القرن الرابع عشر- التاسع عشر)، ولكل من هذه الفترات التاريخية مميزاتها الفارقة التي تؤكد وجود الإنسان على هذه الأرض والمناطق التي استوطنها وبعض الأدوات التي استخدمها في حياته والتي تعود إلى حضارات مختلفة . وتحيل المواقع الأثرية والمعالم الحضارية في الإمارة إلى الدور الكبير الذي لعبته في تاريخ المنطقة، ومن أهم هذه المعالم: الحصن، قلعة ضاية، شمل، الفليّة، أبراج المراقبة .
يعود بناء الحصن إلى أواسط القرن الثامن عشر الميلادي بين عامي 1736 - 1749م، وكان في البداية مقر سكن الأسرة الحاكمة، ثم أصبح مقراً للمديرية العامة لشرطة رأس الخيمة، ثم سجناً مركزياً حتى عام 1984م، إلى أن صدر في عام 1987 قرار بتحويل الحصن إلى مقر لمتحف رأس الخيمة الوطني بعد ترميمه، ويحتوي المتحف على الكثير من الآثار التي تم اكتشافها في الإمارة، كما يضم جناحاً خاصاً بالأسرة الحاكمة، وجناح التراث وغرفاً للحُلي والملابس والأسلحة التقليدية والتاريخ الطبيعي، بالإضافة إلى قسم علم الآثار الذي يتضمن مختبراً لتصنيف وتحديد عمر المكتشفات بالتعاون مع بعض الجامعات الأوروبية .
وتعد قلعة ضاية العسكرية من بين أهم معالم الإمارة الأثرية، ولعبت دوراً مهماً في تحصينها والدفاع عنها منذ بنائها في القرن السادس عشر على تل مرتفع يواجه الخليج، كما شهدت القلعة معركة ضارية في ديسمبر/كانون الأول 1819م بين أهالي الإمارة والقوات البريطانية أدت إلى تدمير القلعة التي كانت آخر حصون الإمارة سقوطاً في براثن الاحتلال البريطاني، وقد جرى ترميمها عام 2001 .
أما منطقة شمل، فتعد من أكثر المناطق خصوبة في الإمارة، تضم شواهد عدة من الماضي، وتم العثور فيها على قبر ضخم دائري الشكل يمثل فترة أم النار ويعود تاريخه إلى 4500 سنة، ويعد من أكبر القبور التي تم العثور عليها في الإمارات، وقد تم بناؤه بجدران مزخرفة وكان يمتلئ بالمكتشفات التي نُقلت إلى المتحف وتلك المكتشفات تبين مدى مهارة وثراء حضارة أم النار . كما تركت ثقافة فترة وادي سوق مقبرة ضخمة تضم قبوراً عديدة يعود تاريخها إلى 4000 سنة، وهي قبور نادرة، بل فريدة من نوعها في الإمارات، وقد اكتشفت في رأس الخيمة فقط، ويقع في أعلى قرية شمل الحديثة قصر من قصور القرون الوسطى، ويُعرف بقصر "الملكة الزباء" بالرغم من أنّ هذه الملكة عاشت في الفترة التي تسبق بناء هذا القصر بكثير . أما مساكن الفليّة فقد تم بناؤها في القرن الثامن عشر لتكون مسكناً صيفياً للعائلة الحاكمة، وتعتبر هذه المنطقة ذات أهمية كبيرة في تاريخ المنطقة، حيث شهدت توقيع معاهدة السلام بين مشايخ ساحل الخليج العربي والحكومة البريطانية في صيف عام 1820م، أما أبراج المراقبة الشاهقة التي تنتشر في السهل الخصب لرأس الخيمة فتقدر ب(60) برجاً تم ترميم أغلبها، وهي في مجملها تعتبر الآثار الباقية الدالة على شبكة الدفاع القوي التي حمت أراضي وبساتين النخيل وقرى رأس الخيمة، وعلى الهضاب والتلال الرملية، وفي بعض الأحيان في وسط واحة النخيل تم تشييد أبراج المراقبة بأيدي جنود فطنين حماية لهم .
إن المعالم التاريخية والآثار الباقية من القرون الخالية تدلّل على عراقة المنطقة وتاريخها الضارب في القدم، وفي كل ناحية أو جهة ثمة أثر وتاريخ لا تزال أطلاله شاهدة على ماضٍ عريق، كما تظهر التسميات، التي ما زال بعضها عالقاً في أذهان أهالي الإمارة، مثل "جلفار" وغيرها، من خلال ما يروى عنها من قصص وحكايات، العمق التاريخي والتنوع الثقافي والامتداد الحضاري للإمارة، وتواصلها مع ثقافات الشعوب الأخرى المحيطة بها . وثمة تجارب بحثية جديدة تحاول توثيق تلك الآثار القديمة من بينها كتاب "رأس الخيمة آثار وأطلال" للباحث الإماراتي الشاب أحمد سعيد الزعابي، وهو يتألف من أربعة فصول، تناول في الأول الفترات الرئيسية التي كشفت عنها الحفريات والمشاريع البحثية التي قام بها مجموعة من العلماء، والثاني المواقع الرئيسية في التنقيب عن الآثار، ويستعرض في الفصل الثالث الحصون والقلاع والأبراج والمربعات في إمارة رأس الخيمة، ويتطرق للتحصينات العسكرية، كالأبراج، والمربعات، والقلاع، والحصون، والأسوار، وإلى المنازل القديمة، التي كانت تستخدم للسكن، على غرار مبنى سكن شيوخ القواسم سابقاً . وتحدث في الفصل الرابع عن الأسواق والمساجد القديمة في إمارة رأس الخيمة، مثل سوق جلفار، وسوق النحاس، والفخار الجلفاري، كما يبحث في شؤون مواسم الغوص، وتجارة اللؤلؤ، والشؤون المتعلقة بها، كالكيل، والميزان، والنقود المتداولة قديماً، إضافة إلى المساجد الجلفارية القديمة .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"