هشاشة العظام .. نواقص هرمونية تسبب المشاكل

21:28 مساء
قراءة 7 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

يعد مرض هشاشة العظام أحد أكثر أنواع الأمراض العصرية المنتشرة في الآونة الأخيرة وتصاب به النساء بنسبة تصل إلى 80%، وهو يعني العظام المنخورة، وتصبح فيه العظام هشةٌ، ويتطلب هنا الحذر عند الإصابة بهذا المرض، لأن أي جهد قوي يؤدي إلى كسور في العظام ، ويحتاج مريض الهشاشة إلى عدم الانحناء بسرعة والضغط على العظام، ناقشت الصحة والطب مع مجموعة من استشاريي وأطباء العظام أسباب الإصابة بالمرض وكيفية الوقاية منه والعلاج.
يقول الدكتور محمد المحمود استشاري جراحة العظام والعمود الفقري إن تشخيص هشاشة العظام، كان في الماضي القريب على المريض أن ينتظر حدوث الكسر قبل أن يعرف الجميع أنه قد أصيب بالهشاشة، ولكن اختلف الأمر في عصرنا ، ومع اختراع الأدوات المناسبة، أصبح ليس فقط تشخيص الحالة ومعالجتها قبل حدوثها، بل أصبح بالإمكان التنبؤ باحتمالية الإصابة بالهشاشة اعتماداً على معايير يجري تعميمها على العالم، كتشخيص الحالة عن طريق أجهزة فحص كثافة العظام والتي تستخدم :
1- الأمواج فوق الصوتية: وهي شائعة ورخيصة الثمن نسبياً ولكنها أقل دقة.
2- جهاز الدنسومتري، يستخدم الأشعة السينية ويكون أكثر دقة ومتوفر بالمستشفيات ولكن تكلفته عالية.
ويوضح أن هناك علاقة بين انقطاع الطمث والهشاشة، فتبدأ الهشاشة عند السيدات عادة بعد انقطاع الطمث بسبب توقف الهرمونات الأنثوية من المبيض (الاستروجين والبروجستيرون) المسؤولين عن إدامة العظام، وقد حاول الأطباء في البداية تعويض ذلك، ولكن الأبحاث سجلت حالات سرطان الرحم والتجلط الدموي، مما تطلب البحث عن أدوية أخرى وتكلل الأمر بالنجاح قبل أكثر من 10 سنوات.
وهناك عادات غذائية صحيحة يجب اتباعها بعد سن اليأس لتجنب الهشاشة، فقد بدا واضحاً أن الوقاية خير من العلاج في ذلك المرض شأنه كباقي الأمراض، لذلك يحتاج الجسم إلى أن يبنى بطريقة صحية من الطفولة، فإن العادات الجيدة يجب أن تبدأ قبل سن اليأس، وتشمل تناول الغذاء الصحي الغني، وعناصر الكالسيوم والبروتين، وفيتامين د، ومشتقاته والتعرض لضوء الشمس.
ولكن هل التمارين الرياضية سبب في تقليل نسبة التعرض للهشاشة؟ يؤكد د.محمد أن للتمارين الرياضية دوراً بالغ الأهمية في تقليل نسبة التعرض للهشاشة بالتأكيد، فقد أطلق الموتم العالمي للهشاشة من دورته في فالنسيا عام 2012 شعاراً يقول (حرك عظامك أو تخسرها)، للدلالة على أهمية التمارين الرياضية وهذا ليس للقلب والصحة العامة فقط بل للعظام أيضاً ولجميع الأعمار، وبالتأكيد بعد سن اليأس وخاصة للنساء، فمن المعروف طبياً أن الشخص الراقد في الفراش لأي سبب كان، سوف يبدأ بفقدان عظامه عن طريق البول سريعاً إن لم يستطع الحركة.
ويمكننا تلخيص العلاج المناسب للهشاشة بالنقاط التالية:
1- الغذاء الصحي المتكامل والذي يحتوي على عناصر البروتينات والكلس والفيتامينات وخاصة فتامين(د).
2- التعرض لضوء الشمس المباشر يومياً لمدة 10 دقائق لجزء من الذراع أو القدم.
3- التمارين الرياضية كالمشي لمدة 30 دقيقة يومياً.
كما تتوفر حالياً نسبة لا بأس بها من الأدوية الفعالة، والتي أثبتت فاعليتها خلال السنوات العشر الماضية، للمحافظة على قوة العظام بل وإضافة قوة للعظام التالفة.
يقول الدكتور سعيد حامد مختص أول عظام وكسور: «يشيع انتشار هشاشة العظام بوجه الخصوص بين النساء وخاصة الفئات العمرية الكبيرة، ويوضح اسم هذا المرض أنه تحول صلابة العظم إلى جسم هش، وإهمال هذا المرض يؤدي إلى انحلال وتفكك جزيئات العظم الرئيسية في الجسم مما يؤدي إلى سهولة تفتت وكسور العظام، نتيجة لأقل صدمة يتعرض لها الجسم البشري».
وتأتي أعراض مرض هشاشة العظام على شكل آلام في الظهر، ومن المحتمل أن تكون هذه الآلام والأوجاع حادة جداً لدرجة أنه من الممكن ألا يتحملها الإنسان إلا بمسكنات، ويبدأ المريض بفقدان الوزن رويداً رويداً وتبدأ القامة بالانحناء، أو حدوث بعض الكسور وخصوصاً في الفقرات وبعض المفاصل والفخذين.
وهناك نوعان لهشاشة العظام:
1- الأول هو هشاشة للعظام تسمى الأولية وهي تحدث للجنسين ولكن غالباً تحدث للنساء.
2- والثاني هشاشة عظام ثانوية وهي تحدث نتيجة تناول أدوية معينة.
ويحذر د. سعيد قائلاً: «يجب أن نعترف بأن مرض هشاشة العظام يصنف كواحد من أخطر الأمراض التي انتشرت بكثرة بين الجنس البشري، وهناك أسباب رئيسية في الإصابة به وتتمثل في:
1- تناول الأغذية والمأكولات الغنية بملح الطعام الذي يتسبب في خسارة الجسم لعنصر الكالسيوم ركيزة التغذية الأساسية لبناء العظم، عن طريق التخلص منه عن طريق إفراز العرق أو البول، مما يؤدي لضعف وقصور بالعظم.
2- انقطاع الطمث (العادة الشهرية) لدى المرأة، لتوقف المبايض لدى المرأة في هذه المرحلة عن إفراز هرمون (الاستروجين) وهذا الهرمون عنصر أساسي وفعّال في علاج نقص الكالسيوم والمعادن المهمة التي يحتاجها العظم.
3- عوامل نمطية مهمة تكون سبباً مهماً ورئيسياً في هشاشة العظام ومنها (التدخين، شرب الكحوليات، تناول بعض الأدوية مثل الكورتيزون).
4- أمراض عضوية ومنها (قصور في الغدة فوق الدرقية، التهاب المفاصل الروماتويدي، قصور الغدد التناسلية، مرض السكري).
ويوصى بالوقاية من هذا المرض والبداية تكون عن طريق المواظبة على التمارين الرياضية المفيدة، وهي تمارين تبني الجسم والمواظبة على التغذية الصحيحة المفيدة للجسم، وعدم فقدان أهم الفيتامينات في الجسم مثل الكالسيوم والابتعاد عن المشروبات الغازية، وضرورة علاج تخلخل العظم لدى السيدات، بأن يتناولن الاستروجينيات الصناعية أو العلاج بدواء بروجستين ولاسيما بعد انقطاع الطمث، وتناول الكالسيوم ومواد تغذية وإعطاء الفيتامينات والأدوية التي تفيد في علاج هشاشة العظام.
ويوضح الدكتور هشام عبد الباقي استشاري طب العظام وجراحتها أن هشاشة العظام تصيب واحدة من كل ثلاث نساء حول العالم وهي نسبة أكثر مما يصيب الرجال، والمتحكم في ذلك هو هرمون الاستروجين الذي يفرزه المبيضان في المرأة، وهو يحمي العظام، ويقلل من ذوبان الكالسيوم به، وبعد انقطاع الدورة الشهرية يقل إفراز هذا الهرمون مما يقلل كثافة العظام وحدوث الهشاشة.
ويستكمل: هشاشة العظام قد لا تسبب أعراضاً للمريض والطريقة الوحيدة للتأكد من وجود هشاشة العظام وتحديد شدته هو بإجراء اختبار كثافة العظام، ويمكن قياس كثافة العظم بطرق مختلفة، وأفضلها القياس بواسطة استعمال جهاز قياس كثافة العظام (DEXA) لأنه أدق طريقة لمعرفة قوة العظام، ويتم عمل هذا الاختبار للحالات الآتية:
• السيدات فوق 65 سنة.
• السيدات الأقل عمراً إذا كانت الدورة الشهرية قد انقطعت مبكراً عن موعدها أو كان هناك أحد العوامل المساعدة في حدوث هشاشة العظام.
• الأشخاص الذين عولجوا ولفترة طويلة بالكورتيزون.
• السيدات بعد انقطاع الدورة الشهرية إذا كانوا قد أصيبوا بكسر.
• الأشخاص الذين لديهم أمراض مزمنة تؤدي لوهن العظام مثل الأمراض التي تؤثر في امتصاص الغذاء من الأمعاء.
• الأشخاص الذين أصيبوا بكسر بعد التعرض لصدمة خفيفة.
وعن العادات الغذائية الصحيحة التي يجب اتباعها بعد سن اليأس لتجنب الرقاقة يقول د. هشام: إن الكالسيوم من أهم المواد الضرورية التي يحتاجها جسم الإنسان للحفاظ على صحة العظام وتقليل فرص الإصابة بهشاشة العظام، ويوجد الكالسيوم في الحليب ومشتقاته، واللبن منزوع الدهن يعتبر أكفأ من اللبن الكامل للدهن كمصدر للكالسيوم، فالحليب هو الأغنى للكالسيوم، ليس لاحتوائه على أعلى نسبة كالسيوم دون غيره من المغذيات فحسب، بل لأن سكر اللاكتوز والفيتامين D فيه يساعدان أيضاً على تأمين أقصى حد امتصاص للكالسيوم.
* كما تحتوي الخضراوات الورقية مثل الكرنب والبروكلي والسبانخ، على تركيزات عالية من الكالسيوم، ووجود الخضراوات يسهل امتصاص الكالسيوم في الأمعاء، وتصنف البقول كمصدر عال للكالسيوم وأهمها فول الصويا، ومن المصادر الأخرى للكالسيوم والمستمدة أيضاً من الغذاء وثمار البحر والأسماك الدهنية وسمك السالمون والسردين والفول والعدس والحمص والجرجير والأرز كامل الحبة والصويا ومنتجاتها.
* هل التمارين الرياضية يمكن أن تكون سبباً في تقليل نسبة التعرض للهشاشة؟
ــ يجيب: تبين ضرورة ممارسة الرياضة عندما أثبتت الأبحاث أنها تساعد بصورة كبيرة في الوقاية من هشاشة العظام، وبأن نمط الحياة الكسول يؤدي لسحب الكالسيوم من العظام، وفقدان كتلة العظم وحدوث الهشاشة، كما تساعد ممارسة الرياضة على تقليل نسبة الإصابة بهشاشة العظام، وهى التمارين التي يتم فيها تحريك الجسم ضد الجاذبية الأرضية مثل المشي والجري ورفع أوزان متوسطة (السباحة رغم فوائدها لا تساعد على تحسن هشاشة العظام).
كما ينصح د. هشام الحالات التي تعاني بالفعل هشاشة العظام أن تبدأ في برنامج رياضي متدرج لتحسين كثافة العظام، لأنه عادة ما يكون مصحوباً بالعلاج الدوائي والذي قد يشمل أحد الطرق التالية:
1- العلاج الهرموني: وذلك بتناول هرمون الاستروجين الذي يتوقف إنتاجه مع وقف الدورة الشهرية، وهذا العلاج يساعد أيضاً على تقليل الأعراض المصاحبة لانقطاع الدورة، ويجب أن يكون العلاج الهرموني تحت إشراف أحد أطباء أمراض النساء لتجنب حدوث أي أعراض جانبية.
2- البيسفوسفونات: هو علاج غير هرموني يعمل على وقف مفعول الخلايا المسؤولة عن تكسير العظام، ومن خلال هذا المفعول فإن هذه الأدوية تساعد على منع المزيد من فقدان المادة العظمية في المرضى الذين قد فقدوا بعضها بالفعل، وبعض هذه الأدوية يمكن تناوله مرة واحدة في الأسبوع.
3- فيتامين د: وهو ذو فائدة خاصة للنساء المسنات ذوات كتلة عظمية قليلة حيث يساعد على امتصاص الكالسيوم، بالإضافة لتأثيره في خلايا العظام حيث يحفزها على ترسيب الكالسيوم في العظام.
4- الكالسيوم: يتم إعطاء إضافات الكالسيوم للنساء اللواتي يعانين هشاشة العظام. وتكون عادة في شكل أقراص للمضغ أو مشروبات فوارة.
5- الكالسيتونين: الكالسيتونين يعتبر هرموناً طبيعياً يعمل عن طريق منع فقدان المزيد من المادة العظمية كما أنه أيضاً يخفف بعض الألم في حالة وجود كسر مؤلم. وحيث إن الكالسيتونين يتكسر في المعدة ، فيجب أن يعطى عن طريق الحقن أو الرذاذ الأنفي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"