«الشارقة للطوابع».. تاريخ على 120 منصة

ركن زايد يحتفي بمسيرة لا تمحى
03:24 صباحا
قراءة 4 دقائق
الشارقة: أمل سرور

على الرغم من صغر حجمه، إلا أنه نجح بجدارة في أن يكون كنزاً معرفياً وثّق الشواهد التاريخية لكل أزمان البلدان وحضارات الشعوب.
هكذا هو الطابع البريدي الذي حفرت الأحداث من خلاله في سجلات ودفاتر ذاكرة الأجيال، والتي أدركت الشارقة العاصمة العالمية للكتاب مدى أهميته، بل اعتبرته كنزاً من كنوز الإرث الثقافي والتراثي لأي بلد في العالم، ولذلك تنظّم معرضاً سنوياً يشارك فيه مجموعة واسعة من هواة ومحبي جمع الطوابع والمقتنيات النادرة والعارضين المتخصصين في بيع وجمع مستلزماتها.
وها هي النسخة التاسعة من معرض الشارقة للطوابع البريدية تطل علينا بكل ما هو قديم وجديد في آن واحد، ليستقبل 17 دولة من مختلف بلدان العالم، قطعوا آلاف الأميال ليحجزوا لهم منصة في مركز «ميجامول» الذي يتعاون في تنظيم المعرض مع جمعية الإمارات لهواية الطوابع.
رحلة نتجوّل فيها في أروقة 120 منصة عرض، لنتعرف إلى أهم وأبرز ما تتضمنه الدورة التاسعة من المعرض.
جمع الطوابع البريدية «هواية الملوك»، كما لقبها الأجداد في وقت مضى، بل إن البعض أطلق عليها «ملكة الهوايات»، ويبدو أن التكنولوجيا والعولمة ووسائل التواصل الاجتماعي والشبكات العنكبوتية والرسائل الإلكترونية الخاطفة التي تصل كالبرق تماماً، لم تستطع أن تمحو ذلك التاريخ العريق الذي حملته هواية الكثيرين، التي انخرط فيها عدد من الملوك والرؤساء، منهم فاروق ملك مصر السابق، وجورج الخامس ملك بريطانيا، وإليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، وروزفلت الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية الذي قال: «إنها هواية تخلق المواطن الصالح».
منصات العرض في المركز تفرض عليك أن تقف أمامها، لترقب من وراء زجاجها الشفاف كل ماهو قديم من طوابع وأختام وأغلفة وعملات ومخطوطات قديمة.
أهم وأجمل ما يلفت نظرك، هو ذلك الاحتفاء الذي بات جلياً في كل أروقة المعرض بالوالد المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بداية من صوره الموزعة في كل أركان المعرض، وحتى الطوابع البريدية التي حملت صوره لتسرد وتحكي تاريخ الإمارات.
عبدالله خوري، رئيس جمعية الإمارات لهواة الطوابع، الذي لم يفارق المعرض يوماً واحداً تحدث عن تزامن الدورة التاسعة مع عام زايد بالقول: انتهزنا الفرصة لنقدم لمسة وفاء بصدق لوالدنا، طيّب الله ثراه، الشيخ زايد، لذلك خصصنا ركناً يحمل اسمه ويسرد الطوابع التي تزينت بصورته، فهذا أقل ما يمكن تقديمه.
ويضيف خوري: إن معرض الشارقة للطوابع يحمل أهدافاً تتعدى تماماً مجرد عرض وبيع وشراء الطوابع النادرة، بل إننا سعينا منذ النسخة الأولى إلى أن ندعم ونعزز إدراك الجمهور بقيمة الطوابع وأهمية اقتنائها، وهذا ما شعرنا بتحقيقه من خلال الحضور الجماهيري الذي تشهده النسخة التاسعة من ذلك العُرس التاريخي الذي يعزز أيضاً من مكانة إمارة الشارقة كوجهة رائدة للسياحة والتسوق والاهتمام بالهوايات المرتبطة بالهوية الثقافية، لأنه أصبح المقصد الأول لهواة جمع الطوابع والعملات الراغبين في توسيع مجموعاتهم، واقتناء القطع النفيسة والنادرة إلى جانب الإصدارات العادية. ويصحبنا المعرض بين أروقته لنقف وجهاً لوجه أمام جناح «البريد الفلسطيني» الذي وقع عليه الاختيار ليكون ضيف شرف المعرض، لنطل إطلالة على مشاركته المميزة التي تتيح للهواة التعرف إلى أبرز المحطات المرتبطة بتاريخ البريد في فلسطين، واقتناء مجموعات من الطوابع البريدية الحديثة.

متعة وتنافس

السعودي بدر الرويتي الذي كان يقف أمام منصته التي يعرض من خلالها كنزه الحقيقي، على حد وصفه، تحدث عن مشاركته في المعرض قائلاً: لم تعد عملية جمع الطوابع البريدية مجرد هواية تثقيفية تسجل تاريخاً، وتجسّد أحداثاً، وتعكس واقعاً معاشاً فحسب، بل تحوّلت مع مرور الوقت إلى متعة تعتمد على التنافس أيضاً. ولعل أهم ملامحها هو معرض الشارقة للطوابع الذي أشارك فيه للمرة الثالثة على التوالي، وأعرض أغلفة توثق للمملكة منذ 1916 وحتى 1966، وأظهر من خلالها التطورات التي طرأت على البريد خلال 50 عاماً، وهدفي أن يدرك الناس مدى أهمية هذا العالم البريدي، فرغم صغر حجمه فإن ما يقدمه عالي القيمة وغني في الجوهر.
للإمارات منصة خاصة لا تحوي فقط الطوابع والأغلفة البريدية، بل تشمل أيضاً الأوراق النقدية والعملات الفضية والصور والمقتنيات القديمة.
عادل مراد، المسؤول عن المنصة الإماراتية التي تحوي الكثير من العملات الورقية القديمة والطوابع البريدية النادرة، تحدث عن مدى أهمية وجود معرض على أرض الإمارة الباسمة قائلاً: يترجم القديم ويقدمه لنا من خلال عرضه للطوابع من مختلف بلدان العالم، ونقدم في منصتنا كل ما يوثق تاريخ الإمارات، والاتحاد، ولدينا أقدم إصدار قبل قيام الاتحاد.

ثقافة وعلم

اللبناني بلال جدايل الذي شارك في المعرض منذ نسخته الأولى وحتى التاسعة، ثمّن حضوره بالقول: فخور وسعيد بتلك المشاركة التي أنتظرها سنوياً، والحقيقة أن الإمارة الباسمة دائماً ما تحتفي بكل كنوزنا العربية والإسلامية والحضارية والتراثية القديمة، وأعرض مجموعة من الوثائق والصور والعملات الورقية والفضية، وأرى أن جمع الطوابع وسيلة كذلك للثقافة والتعلم لدى الهاوي، لأنه عندما يجمع طوابع البلاد، فإن ذلك يثري لديه المعرفة التاريخية والحديثة بالدول الأخرى، وأبرز الأحداث العالمية، وجمع الطوابع له قيمة تتمثل في الادخار والاستثمار.

اهتمام كبرى الشركات

اعتبر محمد سرور، مدير التسويق في مركز «ميجا مول»، أن المعرض أصبح من أهم المعارض العربية والإقليمية المتخصصة في الطوابع والعملات ومستلزماتهما، وهو ما جعله محل ثقة واهتمام كبرى الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال.
ويُقبل هواة جمع العملات على خدمة تقييم العملات لما يترتب عليها من فوائد عديدة تزيد من القيمة المعنوية والمادية لمقتنياتهم.
وقال إن مشاركة ثلاث شركات رائدة في تقييم العملات هي «بي أم جي» و«بي سي جي أس» الأمريكيتان و«دي آي إم» التابعة لمتحف الدينار الإسلامي في السعودية والأولى من نوعها عربياً، يسهم في جذب شرائح أوسع من الهواة والمهتمين لزيارة المعرض والمركز.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"