مضاعفات التهاب الأوعية الدموية.. خطر قاتل

01:16 صباحا
قراءة 6 دقائق
تتعرض الأوعية الدموية في داخل جسم الأشخاص للالتهابات، وينتج عن ذلك عدة مشاكل تتدرج ما بين البسيطة والخطيرة، وذلك بحسب الوعاء الدموي الذي أصيب بالالتهاب والمكان أو العضو المكلف بتغذيته بالدم، ولذلك تختلف الأعراض أيضا، وتسمى هذه المشكلة بمرض التهاب الأوعية الدموية أو الالتهاب الوعائي، وتشمل عدداً من الاضطرابات التي تصيب الأوعية الدموية سواء كانت الشرايين أو الأوردة، ويحدث تلف وتدمير لهذه الأوعية حسب قوة الالتهاب واستمراره.
هذه الالتهابات تؤدي إلى تضييق في الأوعية الدموية، وبالتالي إعاقة عملية تدفق الدم الطبيعية وحدوث نقص التروية الدموية في بعض أنسجة الجسم، وتتعرض لعدم وصول كفايتها من الأكسجين والغذاء اللازم الذي تحتاجه، ومن ثم تظهر بعض الأعراض بسبب نقص التروية الدموية، ويمكن أن تسبب مضاعفات هذا المرض حدوث حالة الوفاة، ومن المعروف أن الأوعية الدموية هي مجرى الدم أو أنابيب يتدفق فيها الدم إلى جميع أنحاء الجسم، ليمده بالغذاء والأكسجين، وتنقسم إلى نوعين وهي الشرايين وهي المسؤولة عن عملية نقل الدم المحمل بالأكسجين والغذاء من القلب إلى خلايا وأنسجة الجسم المختلفة، والنوع الثاني هو الأوردة والتي تقوم بدور عكسي وهي حمل ثاني أكسيد الكربون الناتج من عملية احتراق الغذاء وانبعاث الطاقة، وكذلك نقل النفايات والفضلات من خلايا الجسم إلى القلب، لتتم عملية تنقية الدم مرة أخرى من هذه الشوائب والنفايات، وعند حدوث التهابات في هذه الأوعية يحدث نوع من الخلل في العملية السابقة، وهو ما يؤدي إلى ظهور بعض الأعراض، ومرض التهاب الأوعية الدموية يشمل الكثير من الأمراض المتفرعة أسفل منه حسب الوعاء الدموي الذي يصاب، ومنها الأوعية الدموية الكبيرة أو الأوعية الدموية الدقيقة وأيضا حسب مكان الوعاء وأهميته ووظائفه التي يؤديها، وفي هذا الموضوع سوف نناقش مرض التهاب الأوعية الدموية بالتفاصيل مع بيان الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بهذا المرض، ونوضح طرق الوقاية والعلاج الممكنة والحديثة للشفاء من هذا المرض.

التدخين والأمراض

يمكن إطلاق مسمى مرض التهاب الأوعية الدموية على عدد من الأمراض التي تنتج بسبب حدوث التهاب بجدار الأوعية الدموية، وهناك أنواع عديدة من هذه الأمراض، والتمييز بينها يكون حسب العضو الذي أصيب وكذلك الأنسجة المتضررة من هذا المرض، وأيضا حسب درجة شدة وحدة هذا المرض، وخطورة هذا المرض تكمن في حدوث بعض الاضطرابات في عملية نقل الدم نفسها، كما أنه من الأمراض الغامضة والتي تفتقد إلى الكثير من المعلومات، وعدم التعرف على الكثير من المسببات الحقيقية لهذه الحالة، بالإضافة إلى تعدد العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذا المرض حيث خلقت صعوبة في طريقة العلاج، وإن كان الهدف الأساسي هو التخفيف من الأعراض، ويوجد عدد من التكهنات والأسباب المحتملة والعوامل التي تحفز على ظهور هذا المرض، ومنها التدخين المستمر والذي يؤدي إلى حدوث مشاكل في الأوعية الدموية يصل إلى حد الالتهاب، والتعرض لبعض الأمراض الفيروسية مثل التهاب الكبد الوبائي من النوع «ب»، ومرض الذئبة الحمراء وروماتيزم القلب والروماتويد وكذلك مرض نقص المناعة «الإيدز»، والإصابة بمرض بهجت ومرض ويجنر ومرض شرج ستروس، وحدوث خلل في عمل جهاز المناعة، حيث تبدأ بعض الخلايا المناعية في مهاجمة جدار الأوعية الدموية وتحدث بها تلفاً والتهابات مستمرة ينتج عنها هذه المشكلة المرضية، وكذلك في حالة ضعف المناعة ومهاجمة الفيروسات المستمرة تسبب هذه المشكلة، وبعض الأمراض الأخرى تسبب هذه المشكلة، والإدمان على تناول المخدرات بكافة أنواعها، لأن التعرض للمواد المخدرة الكيميائية مثل الكوكايين والأدوية المنشطة تقود إلى مرض التهاب الأوعية الدموية، وتؤدي الإصابة بمرض سرطان الغدد اللمفاوية أو الليمفوما إلى حدوث التهاب الأوعية الدموية، وتلعب العوامل الوراثية دورا كبيرا في الإصابة بهذا المرض، حيث تم معرفة بعض الجينات التي ربما تكون حاملة لبعض المشاكل ونقلها من جيل إلى آخر، إلا أنه لم يتم التعرف تحديدا على دور الوراثة في نقل هذا المرض، ولكن عوامل الضعف والمشاكل المرضية الأخرى القريبة من هذا المرض تنتقل عبر الوراثة، وتضعف جهاز المناعة وتحفز الجسم على الإصابة بهذا المرض، والبيئة لها دور أيضا في تحفيز هذا المرض، فكمية الملوثات المنتشرة كبيرة سواء في الماء والهواء والطعام، وتتراكم هذه الملوثات مع الوقت مسببة تفاعلات ضارة داخل الجسم وتأثيرات سلبية للغاية، ويمكن أن يتعرض الشخص لعدة عوامل مجتمعة من هذه العوامل السابقة، مما يؤدي إلى ظهور هذه الحالة المرضية المؤذية، وهذه المشكلة المرضية رغم خطورتها لكنها ليست معدية ولا تنتقل من شخص إلى آخر.

تعب وألم وتعرق

تظهر بعض الأعراض نتيجة الإصابة بمرض التهاب الأوعية الدموية، ولكنها تختلف من شخص لآخر، وحسب نوع التهاب الأوعية والعضو الذي تضرر من المرض، وبعض أنواع من التهاب الأوعية الدموية تضر منطقة معينة من الجسم أكثر من غيرها، لأن بعضها يمكن أن يؤثر سلبا على الدماغ فقط، والبعض الآخر ينحصر تأثيره في الكليتين والجهاز التنفسي، وتصيب كذلك الجهاز الهضمي أو يمكن أن تؤثر على الجلد بوضوح، وغالبا ما تظهر الأعراض بصورة تدريجية، حيث يشعر الشخص المصاب بحالة من التعب العام، مع الإحساس بألم وتورم في المفاصل وخمول شديد، وارتفاع في درجة حرارة الجسم والتعرق الشديد خلال اليوم ويزيد مع فترة النوم، والإصابة بمرض فقر الدم إذا كان الالتهاب شديدا وحدث نزيف داخله، وفي هذه الحالة يجب التدخل الطبي العاجل لعدم التعرض للوفاة، ويفقد المريض جزءا كبيرا من الشهية ويتبعه الوزن، ويظهر طفح جلدي في الأماكن المصابة، وهذه الأعراض السابقة تظهر بصفة عامة على غالبية المصابين بهذا المرض، ولكن هناك أعراض أكثر تأثيرا وخصوصية لبعض الحالات نتيجة تأثر عضو معين بهذا المرض، فمثلا إذا أصاب هذا المرض الجهاز التنفسي، فسوف يشعر المريض بوجع في الصدر وسعال مع صعوبة واضحة في التنفس ويظهر البلغم مختلطاً بالدم، وفي حالة إصابة الأوعية التي تصل الدم بالدماغ، تظهر أعراض أخرى مثل الصداع والألم في الرأس والفم والفك، وضعف مستمر في النظر يصل أحيانا إلى فقدان البصر في حالة عدم العلاج بشكل سريع، وإذا كان المرض في الأوعية التي تمد الكلى بالدم، فسوف يحدث ألم في البطن ويتغير لون البول إلى الأحمر، نتيجة ضعف وظائف الكلى بشكل واضح، أما إذا كان المرض في الأوعية التي تغذي الجهاز العصبي فيؤدي ذلك إلى فقدان الشخص القدرة على تحريك بعض أجزاء من الجسم، كما يمكن أن يكون التأثير على الجهاز العصبي المركزي فتحدث السكتات الدماغية والجلطات ونزيف الدماغ، وفي حالة تأثر أوعية الأصابع سواء القدم أو اليد، فيمكن أن يحدث نوع من «الغرغرينة» وتلف النسيج المصاب في هذه المناطق، وهذا المرض يمكن أن يصيب معظم الأعضاء في الجسم مثل الجلد والعين والفم والأسنان فتحدث التهابات فيها، ومن الأعراض أيضا ضعف النبض بشكل ملحوظ وارتفاع ضغط الشريان الرئوي ويمكن أن يدخل المريض في نوبات من الإغماء بشكل متكرر.

العلاج المبكر

تقل المخاطر بشكل كبير في حالة العلاج المبكر لمرض التهاب الأوعية الدموية، ويكون العلاج سهلا وبسيطا في هذه المرحلة، ولكن إذا تفاقم المرض فسوف يصعب ذلك من العلاج بشكل كبير، ويمكن استخدام بعض الأدوية الفعالة للتخلص من المرض، وكذلك استخدام الأدوية الخاصة بالأعضاء التي تضررت من هذا المرض لتجنب الوقوع في المضاعفات، ويجب الاهتمام بعلاج الكليتين في علاج هذا المرض، لأن تأثيره يصبح كبيرا على الكلى، وذلك قبل حدوث حالة الفشل الكلوي وفقدان وظائف الكلى، وبعض الشركات طورت أدوية وعلاجات حققت تقدما كبيرا في علاج التهابات الأوعية الدموية، وأدى العلاج الجديد إلى اختصار فترات العلاج بصورة كبيرة، ففي حالة استخدام العلاج التقليدي كان يستغرق عشرات السنين، والآن تقلصت إلى فترة قليلة مقارنة بالعلاج في الماضي، وأيضا ظهرت نتائج هذا العلاج سريعا على المصابين الذين كانوا يعانون من بعض الأعراض الشديدة، ومنهم المرضى بالتلف في الكليتين أو الحالات المصابة بنزيف في الرئة، وكانت الاستجابة كبيرة لهذه العلاجات، وانخفضت درجات الحرارة العالية للأشخاص الذين كانوا يعانون من هذه المشكلة بشكل مزمن.

الاكتشاف المتأخر

تشير الدراسات إلى أن نسبة انتشار مرض التهاب الأوعية الدموية تختلف بحسب نوع الالتهاب؛ حيث توجد أنواع مختلفة من هذا المرض، فيمكن أن تهاجم الأوعية الدموية الكبيرة، وأخرى تصيب الأوعية الدموية متوسطة الحجم، وبعضها يحدث في الأوعية الدموية صغيرة الحجم أو الشعيرات الدموية، ولذلك لا يوجد إحصاء واضح يدل على مدى انتشار هذه الأمراض بين الأشخاص، وتبين دراسة أخرى أن أعراض هذا المرض لا تظهر بشكل واضح لدى جميع الأشخاص المصابين، ولكن حوالي ما يقرب من 63% من إجمالي المصابين هم الذين يشعرون بتأثير أعراض هذا المرض، والكثير لا ينتبه إليه ويتم اكتشافه لديهم في المرحلة الأخيرة من هذا المرض، وهذه هي الخطورة؛ حيث يمكن أن يسبب الإصابة بنزيف داخلي دون علم المريض، وهو ما يمثل خطراً على حياة الشخص المصاب بهذا المرض، وكذلك يمكن أن يحدث إعاقة كاملة لتدفق الدم في الأوعية الدموية، وبالتالي يؤدي إلى حالة الوفاة، وفي بعض الحالات ينتج عن عدم اكتشاف هذا المرض الإصابة بالفشل الكلوي وتتوقف الكلى عن وظائفها تماماً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"