خبراء الخليج يناقشون مرض الاضطراب ثنائي القطب في دبي

أكدوا أهمية التشخيص الصحيح والعلاج في الوقت المناسب
01:54 صباحا
قراءة 6 دقائق
التقى لفيف من الأطباء النفسيين من داخل وخارج دولة الإمارات العربية المتحدة في "اجتماع لجنة خبراء الخليج" الذي عقد مؤخراً في دبي لمناقشة مرض الاضطراب ثنائي القطب .
وأكد المجتمعون أهمية التشخيص الصحيح في الوقت المناسب لمعالجة المرض . والاضطراب ثنائي القطب هو أحد الأمراض النفسية التي تتميز بتناوب فترات من الكآبة مع فترات من الابتهاج غير الطبيعي التي تختلف عن الشعور بالابتهاج الطبيعي كونها تؤدي بالشخص للقيام بأعمال طائشة وغير مسؤولة في بعض الأحيان .
قد تم وصف الحالة لأول مرة من قبل طبيب نفسي من ألمانيا اسمه أيمل كرايبيلن . وكثيراً ما يكون الأشخاص المبدعون كالفنانين والعلماء أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض هناك نوعان من تعكر المزاج ثنائي القطب .
ويعتبر الاضطراب ثنائي القطب السبب الرئيسي السادس للإصابة بالإعاقة على مستوى العالم . ويقدر بأن 5,3% من سكان العالم يعانون هذا الاضطراب، بينما تفيد الإحصاءات بأن إجمالي الأعباء الاقتصادية الناجمة عن نوعيه الأول والثاني في الولايات المتحدة بلغت 151 مليار دولار أمريكي في الأعوام 1991-2009 بحسب تقرير "ديلسيفر" بهذا الصدد .
وقال الدكتور طارق عبدالله درويش، المدير الفني واستشاري الطب النفسي لجناح العلوم السلوكية في "مدينة الشيخ خليفة الطبية" إن الأعراض الشائعة للاضطراب ثنائي القطب تبدأ بالظهور واضحة في سن 20-30 عاماً، ويمكن ملاحظتها ابتداء من سن 10 وحتى 50 عاماً . ويعاني اليوم ما يتراوح بين 5,2%-5,3% من سكان العالم هذا المرض مقارنة مع 1% في السنوات الماضية .
وأضاف أن ظهور الأعراض قد يتكرر إذا لم يتلق المريض الرعاية والمعالجة المناسبة . ولذلك، من المهم إجراء التشخيص الصحيح لإدارة المرض في مراحله الأولى .
وعادة ما يحتاج المصابون باضطرابات حادة للخضوع إلى العلاج في الوقت المناسب أو المكوث في المستشفى لتلقي الرعاية اللازمة" .
من جانبه قال المتحدث الرئيسي في الاجتماع الدكتور روجر ماكنتاير، زميل "الكلية الملكية الكندية للأطباء والجراحين": "قد تلعب السمنة ونمط الحياة المستقرة في منطقة الخليج دوراً سلبياً في تفاقم حالة مصابي الاضطراب ثنائي القطب الذي بات يشكل اليوم مصدر قلق للعديد من البلدان المتقدمة . وأظهرت الدراسات دور العامل الوراثي في تعزيز مخاطر الإصابة، وأن معاناة أحد الوالدين من الاضطراب ثنائي القطب بنوعيه الأول والثاني يزيد احتمالات إصابة الأبناء به" .
وأضاف ماكنتاير: "غالباً ما يكون ثنائي القطب وراثياً يظهر في الأجيال المتعاقبة للعائلة الواحدة، ولديه روابط جينية مع اضطرابات المزاج، حيث يعاني معظم المرضى المصابين بالنوع الأول من نوبات اكتئاب حادة . وثمة أيضاً أدلة متزايدة على أن قضايا البيئة وأنماط الحياة تؤثر في حدة الاضطراب، كما يمكن لضغوط الحياة وتعاطي المخدرات والكحول أن تزيد من صعوبة العلاج" .
وقال الدكتور طلعت مطر، استشاري الطب النفسي ورئيس قسم الطب النفسي في مستشفى سيف بن غباش ومستشفى عبيد الله برأس الخيمة: "عندما جئت إلى دولة الإمارات العربية المتحدة عام ،1984 لم يكن هناك سوى قلة من الأطباء النفسيين قياساً بما هو عليه الحال اليوم، حيث يوجد أكثر من 150 طبيباً متخصصاً . وتسهم متاعب الحياة والضغوط الاجتماعية في حفز اضطرابات المزاج، ولكننا نشهد اليوم تنامياً في سوية الوعي حول الاضطرابات النفسية، كما أصبح الناس أكثر تقديراً لقيمة الأطباء النفسيين . وأضاف: إن شريحة واسعة من المجتمع لا تزال ترفض فكرة الاستعانة بطبيب نفسي لأن الناس يولون أهمية كبيرة لنظرة المجتمع وانتقاداته عند زيارتهم للأطباء النفسيين . ولسوء الحظ، توجد آلاف الحالات من مرضى الاضطراب ثنائي القطب لا يتلقون العلاج المناسب أو التشخيص الصحيح . ويتعين على الممارسين الكشف عن الاضطرابات الاستقلابية في جميع حالات اضطراب المزاج لدى المريض" .
واختتم وجيه بالقول: "شهد الاجتماع الذي نظمته "لوندبيك" حضور أطباء من وزارة الصحة الإماراتية و"هيئة الصحة بدبي"- و"هيئة الصحة- أبوظبي"- ووزارة الصحة الكويتية، ومؤسسة حمد الطبية القطرية، ووزارة الصحة البحرينية . ووركزنا بشكل خاص على الاضطراب ثنائي القطب في منطقة الخليج العربي" . ومن جانبه قال عماد وجيه، ممثل شركة "لوندبيك" الدوائية التي نظمت الاجتماع "لقد أردنا أن نجمع أطباء الأمراض النفسية لإبداء وجهات نظرهم حول مرض الاضطراب ثنائي القطب وفهم الأعباء الناجمة عن هذا المرض . ونجحنا خلال الاجتماع في استعراض العديد من التجارب ووجهات النظر في هذا الإطار" .
وأضاف: "يصعب تحديد الأسباب الحقيقية للاضطراب ثنائي القطب، والجانب الوحيد المعروف حتى الآن هو أن العامل الوراثي يلعب دوراً مساعداً لانتقال المرض . وقد أجرت صلوندبيكش دراسة دولية مفصلة حول مرض الاضطراب ثنائي القطب، شملت 700 مشارك تتراوح أعمارهم بين 18 - 65 عاماً من الذين تم تشخيص إصابتهم بالنوع الأول من المرض لمدة 12 شهراً أو أكثر . ونلمس اليوم وعياً أكبر حيال هذه الاضطرابات مقارنة مع السنوات العشرين الماضية، وتوجد أساليب فعالة لإدارة هذا المرض في العالم" .
ويشكل المصابون بالاضطراب ثنائي القطب جزءاً من شريحة سكانية مكلفة من حيث الأعباء الطبية، خصوصاً أنهم يعانون مضاعفات مختلفة . وتشير التقديرات إلى أن نحو ثلثي المصابين يتعرضون لنوبات نفسية مختلطة في مرحلة ما من مرضهم .

دراسة تربط بين إصابة الحوامل بالإنفلونزا ومعاناة المواليد لاحقاً بالمرض

وجدت دراسة جديدة أن النساء اللواتي يصبن بالإنفلونزا خلال فترة الحمل، قد تزيد لديهن إمكانية إنجاب طفل يعاني لاحقاً من الاضطراب ثنائي القطب .
وذكر موقع "هلث دي نيوز" الأمريكي أن باحثين في جامعة "كولومبيا" وجدوا أن فرصة إصابة أطفال الأمهات اللواتي يصبن بالإنفلونزا خلال الحمل، بالاضطراب العقلي المذكور تزيد 4 مرات تقريباً، مقارنة بالأمهات اللواتي لم يصبن بالإنفلونزا خلال هذه الفترة .
وقال الباحث المسؤول عن الدراسة ألان براون "لا نفهم بالكامل هذا . . إن الاحتمال الأكبر هو أن ذلك ردة فعل التهابية . وقد تكون أيضاً نتيجة الحمى" .
وأضاف أن على النساء الحوامل الابتعاد عن المصابين بالإنفلونزا، لكنه قال إن "على النساء ألا يقلقن كثيراً لأن زيادة 4 مرات عالية جداً من الناحية الوبائية لكن أغلبية الذرية لم تصب بالاضطراب الوجداني ثنائي القطب " .
إلى ذلك وجدت دراسة أمريكية أن أمراض التوحد، واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، والاكتئاب الحاد، واضطراب ثنائي القطب، والانفصام، قد يكون سببها كلها المتغيرات الوراثية عينها في الدماغ .
وقال جوردن سمولر، من مستشفى ماساشوستس الجامعي ببوسطن، والباحث الأساسي في الدراسة التي نشرت في دورية "ذا لانست" الطبية، يوم الخميس، إن "هذه الدراسة تظهر، للمرة الأولى، وجود متغيرات وراثية معينة تؤثّر في مجموعة من الاضطرابات النفسية لدى الأطفال والراشدين التي كنا نعتقد أنها مختلفة سريرياً" .
وأضاف "كما عثرنا على تداخل كبير بين المكونات الوراثية لاضطرابات عديدة، لا سيما بين أمراض الانفصام والاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب، وإلى تداخل اقل بين أمراض التوحد والانفصام والاضطراب ثنائي القطب" .
غير أنه أشار إلى أن الباحثين لا يزالون يجهلون طريقة تأثير هذه المتغيرات على الاضطرابات . وقال إن "هذه الدراسة هي الدليل الأول على أن مورثات معينة قد تزيد تعرض الأشخاص للإصابة بعدد من الأمراض"، مشيراً إلى "العمل المهم الذي ينتظرنا الآن هو معرفة طريقة حدوث ذلك" .
وبهدف العثور على هذه المتغيرات الوراثية المشتركة، قام سمولر وزملاؤه بتحليل معطيات تعود إلى 33 ألفاً و332 شخصاً كان يعاني كل واحد منهم أحد هذه الاضطرابات المذكورة، وأخرى تعود إلى 27 ألفاً و888 شخصاً لا يعانون أياً منها .
ووجد الباحثون 4 مناطق وراثية في الدماغ متداخلة مع 5 اضطرابات، من بينها منطقتان مسؤولتان عن تنظيم معدل الكالسيوم في الدماغ . ولفتوا إلى أن هذه المورثات المتداخلة، تزيد، على ما يبدو، خطر الإصابة باضطراب ثنائي القطب، والاكتئاب الحاد، والانفصام لدى الراشدين . كما وجدوا أن المورثات المسؤولة عن نشاط الكالسيوم في الدماغ قد تكون تؤدي دوراً في نمو الاضطرابات الخمسة .
ولفت سمولر إلى أن عوامل المخاطر الوراثية هذه قد تؤدي دوراً صغيراً في نمو هذه الاضطرابات، مؤكداً عدم معرفة الباحثين لحجم الدور الذي تؤديه في هذا النمو .
وأكّد أن البحث عن هذه المورثات لدى الأشخاص لا يمكن اعتباره أداة لتشخيص الأمراض، مضيفاً أنها "ليست كافية لتوقع خطر إصابة الشخص بها"، ومشيراً إلى أن "الإنسان قد يكون حاملاً لها من دون أن يصاب بهذه الاضطرابات النفسية" .
غير أنه أشار إلى أن هذه الدراسة تعطي توضيحات إضافية حول هذه الأمراض، وقد تساعد على إيجاد علاجات جديدة .
وأضاف "هذه الدراسة قد تغيّر طريقة تحديدنا وتشخيصنا لهذه الاضطرابات، بالاستناد إلى الأسباب الإحيائية" . وتعد هذه الدراسة أكبر دراسة لمورثات الأمراض النفسية حتى الآن .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"