فرط نشاط الغدة الدرقية.. خطر على أجهزة الجسم

21:59 مساء
قراءة 6 دقائق
يصاب بعض الأشخاص بمرض فرط نشاط الغدة الدرقية، ما يسبب إنتاج كميات كبيرة من هرمونات الغدة الدرقية، وهي هرمون الثيروكسين، وهرمون ثلاثي يودو ثيرونين، وهذا النشاط الزائد للغدة الدرقية غالباً ما يكون أحد أسباب التسمم الدرقي، وبالتالي يصاب هذا الشخص بحالة مرضية نتيجة زيادة هذه الهرمونات في الدم عن المعدلات الطبيعية المعتادة، ومن المعرف علمياً أن هرمونات الغدة الدرقية لها دور حيوي ومهم على مستوى خلايا الجسم، مما يؤدي إلى تأثر غالبية الأنسجة في جسم الشخص بهذا الخلل.
من وظائف هرمونات الغدة التحكم في سرعة العمليات الحيوية التي تتم داخل الجسم؛ أي سرعة عمليات الأيض داخل الخلايا، ومع زيادة هرمون الغدة الدرقية، ستحدث سرعات عالية لهذه العمليات الحيوية بالخلايا والجسم ككل، وتميل وظائف الأعضاء في الجسم إلى السرعة غير الطبيعية. ومرض فرط نشاط الغدة الدرقية في الغالب يبدأ بصورة بطيئة، ما يسبب عدم التشخيص الجيد من جهة الأطباء المتخصصين، وتحدث أخطاء في التعرّف إلى الأعراض، والبعض يعتقد أنها حالة عصبية طارئة نتيجة بعض الضغوط الحياتية اليومية، والإجهاد المستمر، وفرط نشاط الغدة الدرقية يسبب نقصان الوزن، ويمكن أن يختلط ذلك برغبة الشخص في إنقاص وزنه، مع بعض التمرينات والأنظمة الغذائية، ما يسبب ارتباكاً في بداية ظهور المرض.
تهيّج وتعصّب وتعرّق
يظهر تأثير زيادة نشاط الغدة الدرقية على الشخص في صورة انفعال وتعصب وتهيج زائد، وتلازمه على الدوام حالة من التعرّق خاصة في اليدين، فعندما تسلم على شخص في الشتاء البارد وتجد تعرقاً في يديه فهو غالباً مصاب بنوع من فرط نشاط الغدة الدرقية، إن لم يكن هناك سبب آخر، وهذه الحالة تلازمه في جميع فصول السنة، كما تكون ضربات القلب سريعة باستمرار، وتبدو عليه حالة من القلق وارتعاش في اليد، ويتقصف الشعر باستمرار، ويشعر بصعوبة أثناء النوم، وينام عدد ساعات قليلة في اليوم، ونلاحظ على هذا الشخص ضعف في قوته العضلية الموجودة في الذراع والرجل، ويفقد هذا الشخص الكثير من الوزن، على الرغم من الإقبال على الطعام بشهية مفتوحة والتهام كميات كبيرة من الوجبات، وربما تصاب بعض هذه الحالات بالتقيؤ، وفي حالات إصابة السيدات فينعكس ذلك على قلة تدفق الطمث، وتقل فترات الدورة الشهرية عن الوقت المعتاد. فمن المعروف طبياً أن زيادة هرمون الغدة الدرقية يحفز عملية الأيض بصورة زائدة عن المعدلات الطبيعية، ويطلق على هذا الشخص أنه يحرق كثيراً عن الأشخاص الكثيرين؛ أي أنه يفقد طاقته بشكل زائد ومستمر عن المحيطين به.
زيادة الطاقة
ويساهم هرمون الغدة الدرقية في ضبط رتم العمل الطبيعي للخلايا، وفي حالة زيادته يؤثر بقوة على الجهاز العصبي السمبثاوي، وبالتالي يخلق حالة من السرعة داخل أجهزة الجسم المختلفة دون استثناء، يشبّهها بعض المتخصصين بتناول جرعة زائدة من المنشطات أو الأدرينالين التي تسبب حالة من ارتفاع الطاقة في الجسم، وخروجها على أشكال متعددة، تسبب بعض الأعراض التي ذكرناها سابقاً، مع زيادة نشاط الجهاز الهضمي، وانخفاض في مستويات الكوليسترول عن المعدلات الطبيعية. ومن الضروري أن نفرّق بيت حالة فرط نشاط الغدة الدرقية، وبين مرض التسمم الدرقي، حيث يمكن أن يحدث التسمم الدرقي نتيجة تناول هرمون الغدة الدرقية من خارج الجسم، وكذلك عند الإصابة بمرض التهاب الغدة الدرقية، مما يؤدي إلى إفراز الكميات المخزّنة من الهرمونات داخل الجسم. وفي بعض حالات زيادة فرط الغدة الدرقية يصاب الشخص بالإسهال، ويمكن ألاَّ تظهر أية أعراض إذا كان فرط الغدة بسيطاً، وفي كثير من الحالات فوق 70 عاماً.
بشرة ناعمة وجحوظ
ويتميز أصحاب فرط نشاط الغدة الدرقية بوجود البشرة المخملية الناعمة، وتحدث حالات من الرعشة والرجفة، كما أن الشعر يصبح ناعماً ورقيقاً وقابلاً للتقصف، وتتضخم الغدة الدرقية بصورة ملحوظة ويحدث تورم وانتفاخات حول منطقة العين، ثم حالة من الجحوظ الواضح، بسبب ارتفاع الجفون العليا. وعند تطور الحالة وتفاقم المرض وزيادة الإفراط أكثر، فإن معدلات الأيض تزداد بشكل أسرع، فتزيد ضربات القلب وتصبح غير منتظمة، ويصل الأمر إلى الإصابة بفشل القلب، ثم يصل التطور إلى الإصابة بما يسمى عاصفة الغدة الدرقية، وفيها يرتفع ضغط الدم مع ارتفاع مستمر في حرارة الجسم عن الدرجة المعتادة، ويصاب المريض بفرط نشاط الغدة الدرقية ببعض التغييرات العقلية، ومنها عدم التركيز والتشوش، ثم الانفعال لأتفه الأسباب، والعصبية الزائدة، وعدم الراحة بصفة عامة.
مرض جريفر
وتوجد العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بحالة فرط نشاط الغدة الدرقية، ومنها الإصابة بمرض «جريفر» وهو أحد أمراض المناعة الذاتية، الذي يعد من أكثر الأسباب للإصابة بهذا المرض، كما أن أورام الغدة الدرقية تسبب زيادة إفرازات الهرمونات، وإحداث الخلل في التوازن الكيميائي داخل الجسم، وأيضاً أورام الغدة النخامية، ومن الأسباب أيضاً، الورم الحميد السام داخل الغدة الدرقية، وتضخم الغدة الدرقية السام متعدد العقد، والتهاب الغدة الدرقية تحت الحاد، وبعض الأدوية تسبب هذه الحالة مثل تناول حبوب وأقراص هرمونات الغدة الدرقية بكميات كبيرة من خلال الفم، وتناول كمية كبيرة من رباعي يودوثيرونين الذي يؤخذ من خلال المكمّلات الغذائية أو الأدوية، وتناول دواء اميودارون الذي يؤخذ لعدم انتظام نبضات القلب، وبعض الأدوية الأخرى، ويحدث فرط نشاط الغدة الدرقية في حوالي 8% في السيدات بعد الولادة، ويحدث في حالات قليلة لدى البعض بعد استهلاك لحوم ملوثة بأنسجة الغدة الدرقية، وكذلك إصابة الغدة الدرقية بالأورام السرطانية، وفي حالة الإصابة بأورام المبايض والخصيتين، وأيضاً عند زيادة اليود في الجسم بكميات كبيرة. ومن الأسباب القليلة الإصابة بمتلازمة مقاومة هرمونات الغدة الدرقية، حيث لا تستجيب المستقبلات الطرفية للهرمون، مما يؤدي إلى زيادة نسبة الهرمون في الدم، ويمكن أن يكون هناك دور للعوامل الوراثية، ولكن لم يتم إثبات ذلك بشكل قاطع، ومن الأسباب وجود عقيدات درقية تنتج كميات زائدة من الهرمونات، وكذلك تنتج بسبب عدوى بكتيرية أو فيروسية، أو في حالة التعرض لأشعة.
الجراحة لعدم الاستجابة
ويمر مرض فرط نشاط الغدة الدرقية بعدة مراحل، ففي المرحلة الأولى من هذه الحالة يمكن أن تقوم الغدة بتصحيح نفسها في فترة تصل ما بين عدة أسابيع إلى شهور، وذلك دون اللجوء إلى أي نوع من الأدوية. أما في حالة عدم قدرة الغدة على تصحيح أوضاعها، فيجب تناول العلاجات المتاحة والمتوفرة، وكل نوع من الأدوية يعتمد على حالة المريض الصحية من حيث شدة وقوة إفراط نشاط الغدة.
فيمكن أن تعالج الأعراض التي تظهر، وفي حالات أخرى يتم استعمال العلاجات المضادة للغدة الدرقية، وكذلك استخدام اليود المشعّ، وفي بعض الحالات يتم اللجوء إلى الجراحة، وذلك لعدم استجابة جسم الشخص المصاب إلى أي نوع من العلاج الدوائي، وعدم وجود تحسن ملحوظ.
ويهدف العلاج إلى تقليل إفراز الهرمون الزائد، عن طريق إزالة جزء من الغدة الدرقية، أو إزالتها كلياً عن طريق الجراحة، ويمكن عمل ذلك بتدمير خلايا الغدة باستخدام اليود المشعّ، وله خواص التجمع في الخلايا الكيسية بالغدة، ومن الآثار الجانبية لعمليات الجراحة، التأثير على الحبال الصوتية، وتغير الصوت، ويترك الطبيب الجراح ما يقرب من جزء صغير من الغدة يصل إلى أقل من ربع بكثير، وهذا الجزء يعتبر كافياً لإنتاج الهرمون الذي يحتاجه الجسم لعملياته الحيوية.

ضبط إيقاع النشاط

توضح الدراسات أن الغدة الدرقية، إحدى الغدد الصماء في الجسم، وتوجد أسفل مقدمة الرقبة على شكل فراشة، ومن وظائفها إفراز هرمونين هما: «الثيروكسين ت 4»، وهرمون «الثلاثي يودو ثيرونين ت3»، وهذه الهرمونات تنظم وتيرة وسرعة النشاط الحيوي، وتضبط إيقاع النشاط وعمليات الأيض، التي تطلق الطاقة في الجسم، وتعمل على تسريعها وقت اللزوم.
وينتج مرض الغدة عن زيادة كبيرة في إفراز هذه الهرمونات، ويسمى في هذه الحالة بفرط نشاط الغدة الدرقية، وحالة المرض الأخرى، هي نقص إفراز هذه الهرمونات، وتسمى بقصور الغدة الدرقية. وتكمن أهمية الغدة الدرقية في أنها تتحكم في معدل التنفس، ومعدل ضربات القلب، وقوة الجسم العضلية، ودرجات حرارة الجسم، ومستوى الكوليسترول في الدم، وأيضاً الجهاز العصبي المركزي. ولك أن تتخيل الخلل الذي يمكن أن تحدثه هذه الهرمونات في حالة زيادتها عن المعدلات الطبيعية داخل الجسم، كما يعد مرض جريفر من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بمرض فرط نشاط الغدة الدرقية، حيث تصل نسبة الإصابة نتيجة هذا المرض إلى حوالي 75% من إجمالي المصابين بهذه الحالة المرضية من فرط النشاط الزائد للغدة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"