منصور بن طحنون: نشأت محباً خدمة الآخرين

دراسة الطب والطيران
13:17 مساء
قراءة 6 دقائق

أثبت الشيخ الدكتور منصور بن طحنون آل نهيان أن الحياة لا تقاس بطولها بل بكم الإنجازات فيها، ونبع ذلك الاعتقاد من قناعته الشخصية بان العلم ليس قاصرا على قاعات الدراسة فقط وأن الحياة هي المدرسة الكبرى للإنسان تصقل شخصيته وتهذبه وتعلمه أن العطاء هو الغاية الأسمى للحياة. ولا يعني ذلك انه قصر في دراسته بل وصل فيها إلى أرقى الدرجات، وفي الوقت نفسه لم يهمل هواياته ونشاطاته الاجتماعية، إذ تعددت اهتماماته ما بين الصيد بالصقور والرماية والطيران والهبوط بالمظلات وغيرها. وقد دمج الهواية بالدراسة وارتقى في كل واحدة منها حتى بلغ مستويات عالية، لأنه أراد أن يبلغ القمة في كل ما يحبه أو يمارسه.

الشيخ الدكتور منصور بن طحنون آل نهيان تخرج في كلية الطب جامعة الإمارات بتقدير امتياز، وتابع دراسته العليا في جامعة هارفارد في العديد من المجالات منها الطب والسياسة الدولية والدراسات الاستراتيجية والاقتصاد والإدارة العامة حتى نال الماجستير والدكتوراه، وبالإضافة إلى ذلك كله فهو طيار محترف قاد الميراج 2000، ورام ممتاز ترأس أول اتحاد للرماية في الإمارات حتى عام ،1998 وهو كذلك مظلي وصقار من الطراز الأول وحائز على بطولات رياضية عدة في ميادين مختلفة وسعى إلى تأسيس نادي العين للرماية ومشروعه الجديد نادي الشباب والناشئين الهواة للصيد بالصقور.

في هذا الحوار مع الشيخ الدكتور منصور بن طحنون آل نهيان نتعرف إلى أهم الشخصيات ذات التأثير القوي في حياته، وأهم قناعاته في الحياة وهواياته وأسلوب توفيقه بين كل هذه الهوايات والدراسات التي حصل عليها في وقت مبكر من عمره، وأمور أخرى كثيرة نكتشفها عبر السطور التالية.

كثيرا ما أكدت أن الأم هي المدرسة الأولى للإنسان في الحياة، فكيف كانت علاقتك بوالدتك؟ والى أي مدى أسهمت في رسم معالم شخصيتك؟

أقول ذلك لقناعتي بان السنوات العشر الأولى من عمر الإنسان هي الأهم في تشكيل تكوينه النفسي وسمات شخصيته فيما بعد، وهي المرحلة التي تلعب الأم فيها الدور الرئيسي في التوجيه والإرشاد. وأتذكر أنني في عمر الخامسة كنت اذهب إلى البر برفقة والدتي التي كانت تمثل كل شيء في حياتي ولعبت دورا كبيرا في تأسيسي لمواجهة تحديات الحياة ومن ثم جاء دور الوالد، وأكثر ما كان يلفت انتباهي في أسرتي أنها احترمت رغباتنا وميولنا سواء في دراستنا أو هواياتنا ولها دور كبير في بناء شخصياتنا. ولعل الدرس الأول الذي كنت أتلقاه بشكل يومي هو احترام الأب وتفادي إغضابه بشتى الطرق، في الوقت الذي كان يحرص هو فيه على إسعادنا ورسم الخطوط العريضة لصورة مستقبلنا في الحياة وخدمة وطننا، مهما كانت الاعتبارات الأخرى.

هناك حالة تماس بين دراسة الإنسان وميوله الشخصية فما هي العلاقة بينك وبين تخصصك كطبيب؟

لدراسة الطب خصوصية ما بين باقي الدراسات الأكاديمية فهي مهنة إنسانية وتدخل ضمن تكويني الشخصي كونها تتعلق بخدمة الناس وتخفيف آلامهم، وهي القيمة التي نشأت عليها في محيطي الشخصي حيث تربيت على حب الناس وخدمتهم وهو ما كان والداي حفظهما الله يحرصان على غرسه بداخلي وقد نجحا في ذلك، بل إنني تعلمت الكثير من شقيقي سعيد والمعروف بالعائلة انه محب للناس حريص على خدمتهم وعدم ردهم.

من هم الأشخاص الذين أثروا في حياتك؟

أهمهم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله من حيث البساطة وسهولة تناول المواضيع ومعالجتها والتحليل الواقعي من خلال رؤيته الثاقبة وتعلمت منه القيم والمبادئ والقدرة على تحمل الصعاب ومواجهة التحديات. وهناك دور كبير لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، حيث تعلمت منه الصبر على تحليل الأمور بهدوء ومن دون انفعال أو تسرع وأن أكون ملماً بتفاصيل أي موضوع أعرضه أمامه نظراً لقدرته الكبيرة على التحليل ومتابعة تفاصيل الأمور، كما تعلمت من سموه أهمية احترام الشخص أياً كانت مكانته وجنسيته. وتعلمت من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة القدرة على المثابرة والجد والاجتهاد والسعي خلف تحقيق الأهداف والطموحات من دون كلل أو ملل وذلك انطلاقا من شخصيته القيادية وقدرته على العمل بصمت.

وكيف حققت حلمك في الطيران على الرغم من انشغالك بالدراسة الأكاديمية للطب؟

بعد تخرجي في كلية الطب قدم لي الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان دعما معنويا كبيرا وكان لدي اهتمام بالطيران منذ الصغر، وعلى هذا الأساس التحقت بكلية خليفة الجوية وأنا في السنة الرابعة بكلية الطب خاصة مع ما شهده عام 1990 من تطورات كبيرة في المنطقة اثر حرب الخليج، عندها قررت دخول الكلية الجوية والالتحاق بدورة قفز مظلي وتخرجت بنجاح كبير، الأمر الذي بث بداخلي شعورا بالفخر إذ أصبحت بذلك خريجا في كلية الطب بجامعة الإمارات، وخريجا في كلية خليفة بن زايد الجوية، وكانت المرحلة الثانية هي الالتحاق بجامعة هارفارد لإتمام الدراسات العليا ونيل الدكتوراه.

إلى أي مدى واجهتك صعوبات في الدراسة بالخارج؟

كانت دراستي بالخارج تحديا كبيرا ومهمة صعبة ليس من الناحية الأكاديمية بل الشخصية، إذ كنت دائما أضع في اعتباري أنني امثل الدولة لا شخصي، وكان ذلك مبعث فخري واعتزازي، إذ لا يسمح بتكملة دراسة الدكتوراه بهارفارد إلا لمن يحصل على معدل يفوق 7.،3 ووفقت في تحقيق هذا المعدل، وهناك درست على أيدي مجموعة من الأكاديميين العالميين وقادة وصناع قرار منهم بلاك ول، وجون وايت، بالإضافة إلى اشتن كارتر واندرو هيس وروتشلد شولز وزولك وغيرهم. غرست بداخلي تلك الدراسات احترام المتغيرات واكتساب المهارات والقدرة على التحليل والمقارنة، لاسيما بعد أن درست أيضا إدارة الأعمال وهيكلة الإدارات الطبية والاقتصاد الطبي والإدارة الطبية، وبذلت جهودا كبيرة للتكيف مع الدراسة الطبية البحتة ودراسة الاقتصاد والإدارة والسياسة، وذلك انطلاقا من شعار أننا لا ندرس من اجل أنفسنا بل لخدمة الوطن.

ما هو دور الأسرة في هذه المرحلة؟

كان لأسرتي وعائلتي الصغيرة دور كبير، إذ تحملوا غيابي وسفري وقابلوا كل ذلك بالتشجيع على الاجتهاد والصبر.

وماذا عن الهوايات الرياضية؟

كنت أهوى الرماية منذ الصغر والصيد بالصقور، وزراعة النخيل، وأصبحت أول واصغر رئيس اتحاد رماية عام ،1990 واستطعنا تحقيق نتائج وبطولات كثيرة لدولة الإمارات، منها البطولة الآسيوية وبطولة الخليج وتأهلت الإمارات لاولمبياد أثينا وكان ممثلها الشيخ احمد بن حشر آل مكتوم.

وماذا عن الصيد بالصقور؟

هي هواية تراثية تعلمناها بتشجيع المغفور له الشيخ زايد رحمه الله، وأصبحت لي مع الصقور علاقة وطيدة، إذ كنت أسافر للقنص ومواجهة الظروف الصعبة من الجوع والعطش والمخاطر وقسوة الطبيعة، وتعلمت من خلال الصيد بالصقور القبول بالفشل على قاعدة أن هناك أملاً فرياضة الصيد بالصقور من اشرف وأنبل الرياضات والقنص بالنسبة لي هو غسيل للنفس وعودة للطبيعة وصفاء للذهن، وعلمت هذه الهواية لأولادي الذين باتت لديهم قدرات ومهارات عالية في تربية الصقور والصيد بها ولديهم حالياً مشروع كبير لتأسيس نادي الأشبال للصيد بالصقور بعد أن نظموا قبل فترة بطولة شارك بها مجموعة من الهواة الصقارين وكللت بالنجاح.

ما نصيحتك للشباب؟

دولتنا تستحق منا العطاء والوفاء في كل الأوقات من اجل أن نعزز ونكرس دور جامعة الحياة مدعومة بخبرات الكليات والمعاهد والجامعات، وهذه مناسبة ومن خلال منبر الخليج لأطالب جيل الشباب من أبناء الإمارات بضرورة العمل على حماية الوطن وأمنه من التحديات المحيطة به سواء الأمنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية وحتى البيئية لأننا لا نستطيع أن نتحكم بالمعطيات الدولية والإقليمية وحتى المناخية والطبيعية. وبالتالي على أبناء الجيل أن يكونوا واعين ومدركين تحديات العصر مع اكتساب القدرات وتطوير المعارف والخبرات والمهارات وأن يعمل كل واحد من أبناء الوطن على تنمية مشاريعه الخاصة من دون أن ينتظر ما تقدمه الدولة ومن هنا يأتي الفهم الصحيح للخصخصة والمساهمة في تنمية الناتج القومي والاقتصادي. وأدعو أبناء الدولة من الشباب للاهتمام بالدراسات الفنية والتقنية التي تلبي حاجة سوق العمل من تلك التخصصات ومن ثم يأتي دور الدراسات الإدارية من خلال الدراسات العليا لتعزيز المخرجات الأكاديمية والمهارات والخبرات التقنية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"