مشكلات التحسس تؤثر على الرئة

00:32 صباحا
قراءة 6 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

إن الرئتين هما العضوان الرئيسان في الجهاز التنفسي، توجد كل منهما على جانب من القلب بداخل القفص الصدري، كما أنها المسؤولة عن نقل الأوكسجين إلى الجسم، ولذلك فهي معرضة للإصابة بالعديد من الأمراض والمشكلات التي تؤثر على كفاءتها، نتيجة عوامل بيئية متعددة مثل الغبار والأتربة المنتشرة في الجو، استنشاق الروائح المهيجة كمواد التنظيف، بعض العطور، والتدخين، أو الإصابة بعدوي فيروسية أو بكتيرية، ما يسبب الإصابة ببعض الأمراض مثل حساسية الصدر والأنف، مرض الانسداد الرئوي المزمن، متلازمة الضائقة التنفسية الحادة، الوذمات والتهاب الشعب الهوائية، الربو، الالتهاب والتليف الرئوي، سرطان الرئة... إلخ، وفى السطور القادمة يتحدث الخبراء والاختصاصيون لـ «الصحة والطب» عن ثلاثة أمراض تستهدف الجهاز التنفسي وكيفية علاجهما.
يقول الدكتور بيتر جورج، استشاري الأمراض التنفسية، إن التليف الرئوي مجهول السبب ولا يزال قيد البحث، وهو يبدأ بظهور ندوب على الرئتين تزداد بمرور الزمن، ما ينجم عنها انخفاض في كفاءة عمل الرئتين، ويمكن للمرضى في المراحل الأولى من الإصابة بمراجعة الطبيب نتيجة السعال الجاف، ولكن يمكن أن يتفاقم المرض بمرور الوقت إلى حالة من ضيق التنفس، وربما يحتاج المريض في النهاية إلى أخذ جرعات الأكسجين، ويستهدف الالتهاب الرئوي الرجال والنساء على حد سواء وفى تزايد مستمر، وفي حال الشك باحتمال الإصابة يجب مراجعة الطبيب، حيث يتطلب الأمر فحص الصدر عبر الاستماع إلى أصوات التنفس، وفي حال سماعه أصواتاً غير طبيعية (أصوات الحشرجة)، يتم إجراء مزيد من الفحوصات الطبية.
يعد «التصوير المقطعي المحوسب» الأفضل في تشخيص هذه الإصابة، وكذلك فحص وظائف الرئة الذي يتيح للأطباء معرفة مدى سلامة عمل الرئتين، وفي بعض الحالات يتم إدخال كاميرا لتصوير الرئتين من الداخل وهو ما يسمى (تنظير القصبات) للحصول على معلومات إضافية، ومن النادر أن تتطلب الفحوصات أخذ خزعة من أنسجة الرئة لتأكيد التشخيص.

علاج الالتهاب الرئوي

يشير د. بيتر إلى أن وجود نوعين من الأدوية على شكل أقراص، تم اكتشافهما مؤخراً لعلاج الالتهاب الرئوي مجهول السبب، وهما يستخدمان في تأخير معدلات تطور المرض، ولا توجد لهما أي مشكلات، ولكن يمكن لبعض المرضى أن يعاني بعض التأثيرات الجانبية مثل الإسهال، والطفح الجلدي، والغثيان، و داء الجزر الحمضي، والتي يمكن علاجها غالباً باستخدام بعض الأدوية الإضافية، كما يمكن لهذين الدواءين في بعض الحالات النادرة التأثير على الكبد، ولذلك يُطلب من المرضى إجراء فحوص الدم لمراقبة التأثيرات الجانبية، وعلى الرغم من فاعلية الأدوية وتحقيق نسبة شفاء عالية، إلا أن البدء في العلاج خلال وقت مبكر يعود بنتائج أفضل، وبما أن علاجات مرض التليف الرئوي مجهول السبب المتوفرة حالياً تهدف إلى تأخير معدلات تطوره، فإن البدء بتناولها مبكراً يحقق وقاية أجزاء أكبر من الرئة، ولكن يتمثل التحدي الأساسي في أن العديد من الأعراض المبكرة للمرض لا تكون حادة، ولذلك يجب إخبار المرضى بأنهم مصابون بداء الربو أو بعض الأذيات الرئوية المرتبطة بالتدخين لعدة أعوام قبل أن يتم تشخيص الإصابة بمرض التليف الرئوي مجهول السبب بشكل مؤكد.

حساسية الأنف

يوضح الدكتور أولاف أرندت، استشاري الأنف والأذن والحنجرة، أن العطس والإحساس الشديد بالحكة في العين، الأنف، والحنجرة مؤشرات على الإصابة بالتهاب الأنف التحسسي، وفي هذه الحالة يقوم جهاز المناعة بإفراز الأجسام المضادة، التي تتفاعل مع مُسبب الحساسية وتنتج مواد معينة كالهستامين الذي يلعب دوراً رئيسياً في ظهور أعراض الحساسية المختلفة في الأنف والعين وسقف الفم وغيرها، وهى تنقسم إلى قسمين هما: حساسية الأنف الموسمية، التهاب الأنف المستمر، تتفاقم أعراضهما عند التعرض للدخان أو الروائح القوية أو غيرها من المواد المستنشقة، كما يجب الانتباه إلى أن التهاب الأنف التحسسي الخفيف، يمكن أن يسبب الربو التحسسي، وفي بعض الحالات يتم تشخيصه بعد عدة سنوات، وتتحول الأعراض من الجهاز التنفسي العلوي (الأنف والحلق والحنجرة) إلى الجهاز التنفسي السفلي (الرئتين)، ومن ناحية أخرى يمكن أن تختفي الحساسية أو تقل شدة الأعراض مع مرور الوقت.
يضيف: أن جهاز المناعة يستجيب بعد التلامس مع مسببات الحساسية لمجموعة من الأعراض المختلفة، تبدأ عادة بانسداد الأنف نتيجة الاحتقان، كما تعتبر الحكة في العيون، الأنف، الفم، الحنجرة، والحلق مع العطاس والسعال وتورم الجفون هي ردود فعل قوية، ويمكن أن تتفاقم هذه الأعراض من خلال انحراف الحاجز الأنفي، زوائد الأنف، أو الأجسام الأجنبية داخل الأنف، ويحدث انسداد الجيوب الأنفية بسبب فقدها القدرة على التهوية، وربما تدوم لفترة طويلة، ما يجعل التنفس الأنفي أكثر صعوبة، ويعاني ثلثا المرضى من فقدان حاسة الشم.

علاجات حساسية الأنف

يؤكد د.أولاف على أنه يجب أن يكون علاج الحساسية الموسمية أو الدائمة عن طريق تجنب مسببات الحساسية التي تسبب الأعراض مع الوضع في الاعتبار أن هناك العديد من المواد المسببة للحساسية التي تسبب التهاب الأنف التحسسي المنتشرة في الجو، لذلك لا يمكن تجنبها، وتتوفر لعلاجها مضادات الهيستامين والتحسس، وبعض الأدوية التي تقلل من احتقان وسيلان الأنف، العطس والحكة، مثل البخاخات والقطرات والشراب والأقراص، كما يمكن لقطرات العين المضادة للهيستامين التغلب على حرقة ودموع العينين بشكل ملحوظ، وتساعد أيضاً مضادات الاحتقان على تخفيف الكحة، فتح الممرات الأنفية، تحسين التنفس، والضغط الناجم عن تورم الأنسجة الأنفية، كما ينصح باستخدام بخاخات الأنف الملحية للحفاظ على رطوبة مجرى التنفس بالتالي تخفف من إمكانية بدء تفاعلات التحسس في بطانة الأنف، وفى الحالات الشديدة ينصح باللجوء للعلاج المناعي الذي يتوفر في مضادات الحساسية والأقراص تحت اللسان، أو بإجراء عملية جراحية بالمنظار لتحسين مسار تصريف الجيوب الأنفية.

الحساسية الصدرية

يقول الدكتور مرهف حلبي مختص أمراض الصدر والجهاز التنفسي، إن الحساسية الصدرية هي عبارة عن حالة التهابية تصيب الشجرة القصبية وخاصة الجزء الانتهائي منها فتؤدي إلى تضيقها، وتؤدي إلى ضخامة البطانة القصبية، إضافة إلى تشنج في عضلات القصبات وزيادة في المخاط القصبي، ويرافق الإصابة بحساسية الصدر أعراض رئيسية تتمثل في السعال التشنجي النوبي، مع صعوبة في إخراج المخاط، الذي غالبا ما يكون لزجا، وخاصة ليلاً، ما يسبب الاستيقاظ من النوم، ويصحبه أيضاً بضيق في التنفس، وزلة تنفسية تتزايد مع الجهد، ويتم تشخيصها بالاستماع إلى شكوى المريض والأعراض التي يعانى منها، ومن ثم إجراء الفحص السريري، حيث يمكن أن تظهر الإصغائيات الصدرية أزيزا، أو خفوتا في أصوات التنفس، وفي الحالات الشديدة يشاهد السحب الضلعي إضافة إلى خفوت شديد، حيث لا يستطيع المريض إكمال الجملة عند الكلام، ويلجأ الطبيب المعالج إلى تأكيد التشخيص بإجراء الاختبارات التنفسية، التي أصبح بالإمكان إجراء نسبة كبيرة منها ابتداء من عمر الـ 3 سنوات ولكل المراحل العمرية، كما أن إجراء اختبارات الحساسية تعد من الطرق المهمة التي تكشف العامل المسبب للمرض، وذلك عن طريق الدم أو بطريق التشطيب الجلدي.

فئات مستهدفة

يذكر د. مرهف أن الحساسية الصدرية غالبا ما تبدأ الإصابة بها في الطفولة الباكرة، وهى تصيب الذكور أكثر من الإناث، ومن الأفضل تشخيصها بدقة وعلاجها بشكل مناسب بحسب قواعد المعالجة الصحيحة، حتى تختفي في وقت مبكر ولا يتعرض الصغير للمضاعفات مع التقدم في العمر، أما إذا بدأت في عمر الشباب فهي تصيب النساء أكثر من الرجال، ويكون التخلص منها أصعب، كما يلزم دقة التشخيص والعلاج المناسب للتخفيف من الأعراض والمخاطر، وفي حال إذا كانت الحساسية خفيفة تكون أعراضها أقل ويتعايش معها المريض، وفى الحالات المتوسطة أو الشديدة، ولم يتم علاجها، فأخطر الاختلاطات التي يمكن حدوثها هي تضيق لمعة القصبة، وبالتالي تصبح المعالجة الموسعة للقصبات غير فعالة.

علاج الحساسية الصدرية

يشير د.مرهف إلى أن معالجة الحساسية الصدرية تقسم إلى قسمين:- يتمثل الأول في معالجة هجمة الحساسية، وذلك بإعطاء الأدوية الموسعة للقصبات عن طريق التنفس بعد التشخيص الدقيق لشدة المرض، وبالتالي نوع وكم العلاج المناسب، وفِي الحالات الشديدة يلجأ الطبيب للمعالجة الوريدية أيضا بالستيروئيدات، أما القسم الثاني فيشتمل على المعالجة المنتظمة المستمرة بالأدوية التي تعطى عن طريق التنفس أو الفم، وهي تعطى لمنع الإصابة بالهجمات بعد التشخيص الدقيق، ويجب الانتباه إلى أن الحساسية الصدرية غالبا ما تترافق بحساسية الأنف لذلك يجب أن يتم علاج النوعين بالتوازي.
يضيف: في بعض الحالات يتم اللجوء للمعالجة بإزالة التحسس، والتي تعطى بالحقن تحت الجلد أو بالتنقيط تحت اللسان بشكل يومي ولفترة ربما تمتد لسنوات بعد أجراء اختبارات التحسس، وربما يكون العلاج بالابتعاد عن العامل المسبب، الذي يمكن أن يكون بسبب التعامل مع بعض الحيوانات أو غبار طلع النباتات، وحينئذ نتجنب مضاعفات التحسس، وتكون النتائج أفضل.

تنظير القصبات

يعانى الكثير من الأشخاص الأمراض التي تستهدف القصبات الهوائية، والتي تتراوح شدتها وخطورتها بين الخفيفة والمتوسطة والشديدة، ما ينتج عنه مشكلات في المسالك التنفسية العلوية والسفلية والرئتين، ولذلك أصبح الأطباء يلجأون إلى عمل تنظير القصبات للتأكد من سلامة التشخيص، وتحديد مكان ونوع الإصابة، بواسطة إدخال أنبوب بصري طويل مرن، ودقيق دون تخدير إلى جوف الرئة عبر الأنف أو الحنجرة للاستكشاف، كما تتيح المناظير أخذ عينات نسجية خلال المعاينة، ليتم فحصها تحت المجهر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"