حمّى الأطفال فوبيا تصيب الوالدين

ارتفاع الحرارة عارض وليس سبباً للمرض
13:31 مساء
قراءة 9 دقائق

تعد الحمى، أو ارتفاع درجة الحرارة، عند الأطفال من أهم المشكلات التي تؤرق الوالدين وتقلقهم، وتجعلهم في حيرة كبيرة لا يعرفون كيف يخرجون منها، وربما قد تؤدي بهم إلى التصرف بشكل خطأ يفاقم المشكلة، إلا أن أغلبهم يتجهون إلى الطبيب للحصول على المساعدة .

كما أنها تعد المؤشر الأول لمرض الطفل أيا كان عمره وذلك نتيجة التقلبات الجوية التي تحدث، أو الفيروسات التي يلتقطها عن طريق العدوى .

ونادرا ما يكون ارتفاع درجة الحرارة مؤذياً، فهو ليس إلا جزءا من مقاومة الطفل للعدوى والأمراض وقد تكون أكثر خطورة إذا كان عمر الطفل أقل من ستة أشهر، ويمكن أن يكون مؤشرا على وجود مشكلة ما، ولذلك تثور أسئلة كثيرة في رؤوس الوالدين حول ارتفاع الحرارة لدى الطفل وكيفية التعامل مع هذه الحالة، وفي هذا التحقيق نستعرض أهم النصائح حول التعامل مع الحمى، وتصحيح الأفكار الخطأ لدى الوالدين .

الحرارة مؤشر إيجابي

تحدث الدكتور عماد عودة استشاري أطفال عن الحرارة الطبيعية التي تصيب الأطفال وتتراوح درجتها بين 5 .36 درجة مئوية و5 .37 درجة مئوية، وعند ارتفاعها إلى 38 درجة مئوية فهذا مؤشر على أن الطفل يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة، وقال: ارتفاع درجة الحرارة يدل على أن الجسم تعرض إلى مؤثر خارجي، وهذا يؤدي إلى تحفيز جهاز المناعة للجسم، فيقوم هذا الجهاز بإفراز مواد كيمائية للدفاع عن صحة الجسم، كما أن ارتفاع درجة الحرارة يدل على أن الجهاز المناعي في حالة جيدة ويعمل بشكل صحيح، وهذا يحمي الجسم من المؤثرات الخارجية والداخلية التي تهاجم أعضاء جسم الإنسان، لذلك يعد ارتفاع درجة حرارة الجسم لدى الأطفال مؤشر ايجابي وليس بالمؤشر السلبي .

فوبيا الحرارة

وأضاف: على الرغم من ذلك نشاهد كثيراً من الآباء والأمهات يصابون بالذعر والارتباك عندما يعاني أطفالهم من الارتفاع المفاجئ في درجة حرارة أجسامهم، وهذا ما يطلق عليه فوبيا الحرارة، وقد أجريت كثير من الدراسات عن كيفية فهم الآباء والأمهات لارتفاع درجة الحرارة عند أطفالهم وكيفية التعامل معه وكانت نتيجة هذه الدراسات أن نسبة كبيرة منهم يفسرون أن ارتفاع درجة الحرارة شيء كبير ويتعاملون مع هذه الأمور بصورة غير صحيحة، مثل إعطاء المضادات الحيوية، أو مخفضات الحرارة بصورة متكررة وكل هذا يؤدي إلى أضرار جانبية قد تؤثر في صحة الطفل .

الصرع الحراري

وعن المعتقدات الخاطئة التي تتراءى للكثير من الأمهات، قال: إن ارتفاع درجة الحرارة قد يؤدي إلى تلف الدماغ وهذا غير صحيح، لأنه لا يوجد أي ضرر على أنسجة الدماغ من ارتفاع درجة الحرارة، كما أن درجة الحرارة قد تؤدي إلى الصرع الحراري، وهذا أيضاً غير صحيح، فليس جميع الأطفال الذين يعانون من ارتفاع درجة الحرارة يصابون بالصرع الحراري، ولكن نسبة ضيئلة تتراوح بين 3%- 5%، وقد يصاب بالصرع الحراري من يوجد لديه استعداد وراثي، كما أن الصرع الحراري من الأمراض البسيطة والتي لا تتكرر بعد أن يبلغ الطفل السادسة من عمره .

أسباب الحمى

وأوضح الدكتور عودة أن الاعتقاد بعدم إعطاء أدوية خافضة للحرارة قد يؤدي إلى ارتفاع في درجة حرارة الجسم بشكل مستمر وهذا أيضاً غير صحيح، لأنه يوجد في جسم الإنسان مثبت حراري ثرموستات يكون مكانه داخل الدماغ ويحافظ على درجة حرارة معينة .

كما أشار إلى أن أسباب ارتفاع الحرارة عند الأطفال تعود إلى الكثير من الأمراض الفيروسية التي يصاب بها الأطفال، وأسباب جرثومية مثل التهاب اللوزتين، الأذن الوسطى، التهاب الرئة، المسالك البولية، التهاب أغشية الدماغ، والأمراض أخرى بنسبة قليلة مقارنة بالإصابات الفيروسية .

الأعراض

وعن كيفية التعامل مع ارتفاع درجة الحرارة لدى الطفل قال: إن ارتفاع درجة حرارة الجسم هو حالة فسيولوجية وليست مرضية، كما أن ارتفاع الحرارة عارض وليس سببا للمرض، اذ تتمثل أعراض الحمى في أن الطفل المصاب بالحمى غالباً ما تكون جبهته دافئة، ووجهه متورداً، ويعاني القشعريرة، والارتعاش، كما يجب الانتباه إلى المضاعفات التي ترافق ارتفاع درجة الحرارة مثل، شحوب الوجه، الهيجان، البكاء غير المبرر، كل هذه الأعراض تشير إلى أن الطفل يعاني مرض ويجب استشارة الطبيب، أما إذا كان الوضع العام للطفل مستفيداً على رغم ارتفاع درجة حرارة الجسم، فهذا مؤشر على أنه يعاني من التهابات فيروسية، ويجب المراقبة لأن معظم هذه الحالات تعود إلى الاستقرار بعد ثلاثة أو اربعة أيام .

وأضاف: أما الأمور الأخرى التي يجب الانتباه اليها، وهي عمر الطفل، فالأطفال الحديثو الولادة الذين أعمارهم ثلاثة أشهر وما دون يجب مراجعة الطبيب أثناء إصابتهم بالحمى، وذلك لأن الجهاز المناعي في هذه الأعمار يعد غير متكامل وتكون أعراض المرض غير واضحة .

التعامل مع الأدوية

وتحدث الدكتور عودة عن كيفية استخدام الأدوية الخافضة للحرارة، وشدد على استخدام دواء واحد فقط، كما لا يجوز استخدام دواء البراسيتامول أو بروفين في آن واحد، لكن يمكن استعمالهما بالتناوب بعد استشارة الطبيب، كما يجب الانتباه إلى كمية الدواء التي تعطى إلى الطفل وأن تكون مناسبة لوزنه حتى لا تؤدي إلى أعراض جانبية تضر بصحة الطفل، كما يجب اعطاء السوائل بصورة مستمرة للحفاظ على سوائل الجسم، وذلك بسبب نتيجة ارتفاع درجة حرارة الجسم، وكذلك استعمال الملابس الخفيفة، ولا توجد حاجة لاستعمال الماء البارد أو تعرض الطفل لتيارات الباردة .

تكون الحمى

ومن جانبها عرفت الدكتورة سندس عجرم أخصائية أطفال ومستشارة دولية في الرضاعة الطبيعية، الحرارة بأنها عرض وعلامة دفاعية لجسم الطفل ضد الالتهابات والتلوث، كما انها جرس إنذار ينبئ ببداية وجود التهاب معين عند الطفل وهو القاسم المشترك لمعظم الأمراض وقالت: الحمى هي استراتيجية دفاع للجسم ضد الميكروبات، كما تعد عادة علامة من علامات المرض وخاصة إذا بدأت فجأة، ولا يمكن أن نتكلم على الحمى إلا إذا ارتفعت درجة حرارة الجسم إلى 38 5 .38 درجة .

وأضافت: تتكون الحمى في الحالات المرضية عندما تدخل بكتيريا أو فيروسات إلى الجسم يتصدى الجهاز المناعي الخلايا البيضاء واللمفاوية وغيرها وتتكون نتيجة الالتهاب مواد محفزه للحرارة تسمىPyrogens تحفز الترموستات البيولوجي الهايبوثلامس التي تؤدي إلى رفع درجة الحرارة، وأيضاً عندما تتكون ماده داخل خلايا الدم البيضاء والتي تسمى biologic pyrogens Interlenkin التي بدورها تحفز تكوين ماده Prosaglandin E2 ثم الثرموستات مما يؤدي إلى رفع درجة الحرارة

سوء استخدام المضاد الحيوي

كما أكدت الدكتورة سندس أن معظم الأمهات يعتقدن أن الحرارة تعالج بالمضاد الحيوي، كما أن معظمهن لا يميزن أن الحرارة سببها فيروس وبالتالي لا تحتاج إلى وصفه مضاد حيوي، حيث إن معظم الناس لا يعرفوا أن للمضادات الحيوية أنواعاً ولكل نوع مزايا ومساوئ وأعراض جانبيه تتسبب في مقاومة البكتريا لمعظم المضادات الحيوية، لذلك يصبح من الصعب معالجة الإصابة بالبكتريا وذلك لعدم استجابتها للمضاد الحيوي بسبب كثرة استعماله . ولفتت إلى أن كثرة استخدام المضادات الحيوية تسبب في قتل البكتريا النافعة في الأمعاء مما يسبب في ضعف مناعة الأمعاء وتسبب في كثير من أمراض الجهاز الهضمي والحساسية من الطعام (وذلك لأن الأمعاء تصبح ضعيفة وتسبب في نضح معظم مواد الطعام خصوصاً البروتين منها إلى الدم قبل أيضها جيداً وتسبب الحساسية .

أدوية خفض الحرارة غير آمنة

وعن الأدوية الخافضة للحرارة قالت: الكثير من الأدوية التي تستعملها الأمهات تعد غير آمنة، مثل الأسبرين فهو غير مفضل لأنه يسبب في بعض الأحيان مرض ري سندروم والذي قد يتسبب في تلف الدماغ والكبد أو استعمال خافض للحرارة تسمى بالأدوية المضادة للالتهابات مثل البروفين والفولاتارين والأسبرين أيضاً، خاصة إذا كان الطفل مصاباً بالربو فتناوله لهذه الأدوية قد يتسبب في تفاقم أزمات الربو عنده .

وأضافت: غالباً بسبب عدم نزول درجة الحرارة قد تقدم الأم على استعمال دواء مخفض للحرارة بجرعة زائدة حتى لو كان آمناً، أو تستخدم تحاميل باراسيتامول (أدول) إضافة إلى شراب الأدول بعد أقل من أربع ساعات، وهذه الجرعة الزائدة تسبب في مضاعفات كثيرة منها تلف الكبد .

استعمال المعالجة الفيزيائية الخاطئة

وتوضح الدكتورة سندس أن تغطية الطفل بالأغطية عند شعوره بالبرد والارتجاف عند الحمى يزيد من ارتفاع درجة حرارته، إضافة إلى استعمال كمادات الماء البارد أو ثلج أو إضافة كحول للماء يزيد من شدة الحرارة .

مضاعفات الحمى

وعن مضاعفات الحرارة عند الأطفال قالت: يصاب الطفل بالجفاف الذي يؤدي إلى فقدان ماء الجسم بكثرة، إضافة إلى التشنجات الحرارية أو الاختلاجات الناتجة عن الحمى والتي تظهر على شكل تمدد في الجسم مع رجفة وحركات اهتزازية مفاجئة ومتناسقة في اليدين والرجلين والرأس، وتستمر هذه النوبة لمدة 1 إلى 3 دقائق (أقل من ربع ساعة في كل الحالات)، يكون الطفل خلالها فاقداً للوعي، ويصاب باحمرار في الوجه وحول في العينين مع خروج زبد من الفم أحياناً، ومن المضاعفات الأخرى ارتفاع درجة حرارة الجسم لأكثر من 41 درجة، حيث يشكل هذا الارتفاع خطرا على حياة الطفل مع إمكانية الإصابة بالصرع أو الشلل (الإعاقة الدائمة) أو التخلف العقلي من جراء إصابة الدماغ .

خفض الحمى

وأشارت الدكتورة سندس إلى أهمية وضرورة المعالجة السريعة الأولية (الفيزيائية)، بنزع الملابس (إبقاء الداخلية فقط) وتكون قطنية فضفاضة، شرب السوائل بكثرة، وضع الطفل في غرفه ذات تهويه جيده وحرارتها مناسبة بين 20-22م، القيام بكمادات ماء فاتر وعدم إضافة كحول أو ثلج، تجنب رجفان الطفل، تجنب الحركة العضلية الزائدة، متابعه نزول الحرارة حتى تصل تقريباً 38 م، إعطاء دواء خافض للحرارة، كالباراسيتامول بجرعة مناسبة لعمره حسب رأي الطبيب

علامات قياس الحمى

وقالت الدكتورة أروى الحارازي جراحة عامة، قد تختلف درجة حرارة الجسم العادية عند الأشخاص وتتأثر بعوامل مثل الأكل وممارسة الرياضة والنوم، كما أن ارتفاع درجة حرارة الجسم (حمى) هو إحدى الطرق التي يحاول نظام المناعة فيها مكافحة العدوى، وعادة ارتفاع في درجة حرارة الجسم يساعد الفرد على حل مشكلة وجود عدوى، ومع ذلك في بعض الأحيان قد ترتفع عالية جداً، وفي هذه الحالة يمكن أن تكون خطرة وتؤدي إلى مضاعفات جانبية . وأضافت: إذا كانت الحمى خفيفة، فنحن لسنا في حاجة إلى إسقاطها، وإذا لم تصل إلى مرحلة الخطر فمن المحتمل وجود تأثير في تحييد البكتيريا أو الفيروس الذي يسبب العدوى، ويأتي تشخيص الحمى واضحاً ومباشراً من خلال قياس درجة حرارة المريض، وإذا كانت القراءة عالية، يشخص على أنه مصاب بالحمى، حيث تقاس درجة حرارة الشخص عندما يكون في حالة من السكون وعدم الحركة والقيام بنشاط بدني .

وأوضحت الدكتورة أن الشخص يصاب بالحمى إذا كانت درجة الحرارة في الفم أكثر من 7 .37 C (99 .9F) ودرجة الحرارة في المستقيم (فتحة الشرج) أكثر من 5 .37-3 .38 (100-101F) ودرجة الحرارة تحت الذراع أو الأذن أكثر 2 .37 C (99F) وعندما يؤكد الطبيب وجود الحمى في الجسم من خلال القياس، يتم طلب بعض الاختبارات التشخيصية اعتماداً على علامات وأعراض أخرى موجودة، وهذه الاختبارات تشمل اختبار الدم، واختبارات البول، والأشعة X - - والتصوير بالأشعة الأخرى .

موازين قياس الحرارة

وأشارت إلى أن هناك موازين الحرارة السريرية تستخدم لقياس درجة حرارة الجسم، ويمكن إدراج هذه الحرارة في الفم، أوالمستقيم أو وضعها تحت الإبط للكشف عن درجة حرارة الجسم، منها ميزان الحرارة الزئبقي والذي كان يستخدم سابقاً لتوفره، لكن اليوم لا ينصح به لاحتوائه على مادة الزئبق السامة، وميزان حرارة الأذن الرقمي أو الإلكتروني تحت الأشعة الحمراء ويقيس حرارة طبلة الأذن بدقة وسرعة وسهولة، وهو مناسب للأطفال الكبار، لكن رابطة طب الأطفال الأمريكية لا تنصح باستخدامه مطلقاً لصغار الأطفال وخاصة من هم دون ثلاثة أشهر من العمر، كما أن هناك نوعاً آخر من الموازين، ميزان الحرارة على هيئة المصاصة والذي يتطلب البقاء في الفم وقتاً طويلاً لذا يصعب الاعتماد عليه، أما الموازين الأكثر استخداماً فهو الرقمي أو الالكتروني، الذي يعطي قراءة سريعة ودقيقة، ويستخدم لقياس حرارة الفم أو الإبط أو الشرج .

حالات خطرة تستدعي الذهاب إلى المستشفى واستشارة الطبيب

- الحمى لدى الرضع ( حديثي الولادة ) أقل من أربعة شهور

- الحمى المصحوبة بتيبس في الرقبة .

- ارتفاع درجة الحرارة فوق 40 درجة مئوية، ولم تنجح العلاجات المنزلية في خفضها .

- استمرار ارتفاع درجة الحرارة لمدة خمسة أيام وأكثر .

- ضعف المناعة نتيجة مرض سرطاني أو أدويه كيماويه أو على أدوية الكورتيزون لفترة طويلة

- الإصابة بالتشنجات الحرارية وهي نوبات تشنج تحدث أحياناً لدى الأطفال الرضع والأطفال الصغار المصابين بالحمى، وإنها حالة مرعبة ومربكة، غير أنها نادراً ما تكون خطيرة على الطفل . قد تبدو هذه التشنجات كأنها لن تنتهي، لكنها في الواقع لا تستمر سوى عشرين ثانية، وقلما تبقى لأكثر من دقيقتية، إذا أصيب الطفل بالتشنجات الحرارية، حتى لو استمرت لفترة قصيرة، يجب الذهاب به إلى المستشفى لمعرفة سبب هذه النوبة .

- رفض الطفل أن يشرب السوائل

- إذا كان الطفل يغط في نوم عميق وغير قادر على الاستجابة للعوامل الخارجية

- إذا كان الطفل يعاني من الحمى بدون ظهور أعراض أخرى

- أن يكون الطفل منزعجاً بدون سبب واضح، مثل البكاء عند تغيير الحفاضة أو نقله من مكان إلى آخر

- استفراغ الطفل بشكل متكرر مع الشعور بألم في الرأس، أو في المعدة، أو أن يبدو غير مرتاح

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"