الولادة المبكرة مضاعفاتها مستدامة

00:27 صباحا
قراءة 6 دقائق
إعداد: خنساء الزبير

كثرت حالات الولادة المبكرة خلال السنوات الأخيرة بصورة ملفتة، وتضاعفت أعداد الخدج وزاد الطلب على الأجهزة الحاضنة بالمستشفيات لاستقبالهم، ولإحاطتهم بالبيئة المشابهة برحم الأم الذي خرجوا منه باكراً حتى يكتمل نموهم ويتجنبوا كثيراً من المشاكل الصحية، وتحوم نتائج كثير من الدراسات- التي أجريت بهدف الكشف عن أسباب تلك الظاهرة- حول بعض العوامل البيئية والصحية التي تتعرض لها الأم ولكن بالرغم من ذلك لم يبت في الأمر ولم يحدد سبب بعينه.
تحدث الولادة المبكرة عندما يقوم الرحم بالانقباضات المعتادة عند الولادة، ولكن في وقت مبكر قبل تمام 37 أسبوعاً، وهي الفترة الطبيعية للحمل، والتي تكون أكثر اكتمالاً عندما تصل إلى 40 أسبوعاً، ويزداد حجم المشكلة الصحية للوليد كلما قلت فترة الحمل مما يتسبب في إصابة الطفل بآثار ربما تصل إلى حد الإعاقة الذهنية أو الجسدية،
بالرغم من التقدم الطبي الهائل فيما يتعلق بالعناية بالخدج إلا أن بيئة رحم الأم لا تضاهيها بيئة فكل أسبوع يقضيه الطفل داخل رحم أمه يزيد من فرصته في البقاء على قيد الحياة، فالطفل الذي يولد قبل 23 أسبوعاً لا يستطيع العيش بعد خروجه من الرحم ويموت، أما من يولد بين 24 و28 أسبوعاً يكون أكثر مقدرة على البقاء، ومن تتجاوز فترة الحمل بهم 28 أسبوعاً يبقى أكثر من 90% منهم على قيد الحياة، ويوجد ارتباط بين الفترة التي يقضيها الطفل داخل الرحم وبين ما يتعرض له من مشكلات صحية وذلك على النحو التالي:
قبل 25 أسبوعاً: عرضة لصعوبات التعلم والمشكلات العصبية
قبل 28 أسبوعاً: يعاني معظم الأطفال مضاعفات على المدى القريب مثل صعوبة التنفس و20% منهم ربما يتعرضون إلى مشاكل مستقبلية
28-32 أسبوعاً: يتحسن الطفل تدريجياً وبعد 32 أسبوعاً تقل المشكلات الصحية التي سوف تكون على المدى البعيد لتصبح أقل من 10%
بعد 37 أسبوعاً: عدد قليل من الأطفال يتعرض إلى بعض المضاعفات الصحية كاليرقان أو اختلال معدلات الجلوكوز أو العدوى بالرغم من اكتمال فترة الحمل
تكون أعراض الولادة المبكرة في بعض الأحيان واضحة فيما تكون في حالات أخرى خفية ومن تلك الأعراض: الانقباضات المتكررة بالرحم، ألم مستمر بأسفل الظهر مع ضغط بأسفل البطن، الإسهال، نزول السوائل متغيرة اللون أو بعض بقع الدم.
ومن العوامل المرتبطة باحتمالية الولادة المبكرة:
- الولادة المبكرة السابقة للمرأة حيث تكون المرأة قد خاضت تجربة الولادة المبكرة في حمل سابق وخصوصاً الحمل السابق مباشرة
- الحمل بتوأم أي أن يكون الحمل بطفلين أو أكثر
- وجود مشاكل معينة بالمشيمة أو بالرحم أو بعنق الرحم، فالوضع الطبيعي لعنق الرحم هو الانغلاق طوال فترة الحمل للحفاظ على الجنين داخل الرحم وعندما يحين موعد الولادة الطبيعية يبدأ عنق الرحم بالمرونة والانكماش إيذاناً بخروج الجنين ولكن في بعض الحالات تبدأ تلك المرونة والتمدد في وقت مبكر ما يعرف بـ«قصور عنق الرحم» الأمر الذي يؤدي إلى الولادة المبكرة، وربما ينتج قصور أو ضعف عنق الرحم عن التعرض للإصابة بتلك المنطقة أثناء أخذ مسحة عنق الرحم أو أخذ الخزعة، أو ربما أثناء إجراء عملية جراحية أو التمزق أثناء ولادة سابقة أو بسبب علاج معين؛ ويمكن علاج ذلك الضعف أو القصور بما يعرف بـ«تطويق عنق الرحم» وهو إجراء موضعي لتقوية عنق الرحم الضعيف ما يسمح باكتمال فترة الحمل. توجد كذلك حالات غير طبيعية للرحم تؤدي إلى الولادة المبكرة كأن يكون الرحم ذو شكل غير طبيعي، ومن العوامل الأخرى:
- عمر الأم فالمرأة تكون أكثر عرضة للولادة المبكرة عندما تكون دون 16 عاماً أو فوق 40 عاماً
- التدخين أو استخدام بعض العقاقير
- التعرض لبعض أنواع الالتهابات بالجهاز التناسلي
- بعض الأمراض المزمنة كارتفاع ضغط الدم أو داء السكري أو البدانة
- التعرض للقلق أو التوتر أو الحزن
- الأنيميا وخصوصاً خلال الأشهر الأولى من الحمل
- زيادة كمية السائل الامنيوسي
- بعض المضاعفات التي تحدث أثناء الحمل كحالة تسمم الحمل وهي تعرض المرأة الحامل لارتفاع ضغط الدم والمواد البروتينية أثناء فترة الحمل
- تشوه الجنين
- عمل المرأة لساعات طويلة
- التعرض للعوامل البيئية الضارة كالمواد الكيميائية والتلوث البيئي
- فاصل زمني يقل عن 6 أشهر بين الحمل السابق والحمل الحالي
- الفيبرونكتين الجنيني وهو مادة لزجة تعمل كمادة تلصق كيس الحمل ببطانة الحوض ويشير ظهورها بالإفرازات إلى زيادة احتمالية الولادة المبكرة.
يجب على المرأة الحامل في حالة ملاحظتها أي من العلامات الدالة على الولادة المبكرة طلب الرعاية الطبية العاجلة، وذلك بمراجعة الطبيب في الحال والذي يقوم بدوره بالفحص الجسدي الموضعي والاستعانة ببعض التقنيات الحديثة والفحص المخبري لتحديد وضع المرأة وللتأكد ما إذا كانت ولادة مبكرة أم لا؛ ويبدأ الطبيب بالتدخل المناسب كأن يجري عملية التطويق للبقاء على الجنين داخل الرحم حتى يكتمل الحمل وإذا كان الحمل دون 34 أسبوعاً والمرأة في حالة ولادة فإنها تبقى تحت العناية الطبية بالمستشفى وتخضع لعلاجات توقف الطلق مؤقتاً في محاولة لاكتمال فترة الحمل، ومن تلك العلاجات:-
حقن الكورتيزون: إذا كانت فترة الحمل ما بين 24-34 أسبوع تستخدم حقن الكورتيزون لتسريع نضج رئة الجنين، أما ما بعد 34 أسبوع فإن رئة الجنين تكون ناضجة بما فيه الكفاية وتتم الولادة من دون استخدام ذلك العلاج.
كبريتات الماغنيسيوم: بالرغم من أن ذلك العلاج لا يطيل من فترة الحمل إلا أن بعض الدراسات وجدت أنه يقلل من خطر تعرض دماغ الطفل إلى ما يعرف بالشلل الدماغي والذي يحدث للخدج في الولادة المبكرة التي تقل فترة الحمل فيها عن 32 أسبوعاً.
عقاقير وقف التقلصات: تعطى المرأة الحامل بعض أنواع العقاقير لوقف التقلصات وبالتالي المخاض ولكنها لا تمنع الولادة المبكرة ولا توقف المخاض أكثر من يومين لأنها لا تعالج السبب الكامن وراء تلك الولادة المبكرة وبالرغم من ذلك فان تلك الفترة تكون وقت إضافي للاستفادة القصوى من علاج الكورتيزون وفي الوقت نفسه تمكن المرأة الحامل من الوصول إلى المكان الجيد الذي تتلقى فيه الرعاية الطبية الأجود إلى أن يتم المخاض. عندما تشعر المرأة الحامل بتقلصات بالرحم عليها محاولة تغيير الوضعية بأن تتمشى إن كانت جالسة أو تستريح إن كانت تقوم بمجهود حتى تقلل أو تؤخر من الولادة المبكرة، أما إن كانت في حالة ولادة مبكرة فعلياً فان التقلصات تبقى مستمرة. من الأمور التي تساعد المرأة على التمتع بحمل صحي وتبعد عنها شبح الولادة المبكرة المراجعة الطبية الدورة أثناء فترة الحمل للوقوف على حالة الأم ووضع الجنين وتلافي المشكلات أولاً بأول، وكذلك اعتماد النظام الغذائي الصحي.
فالمرأة الحامل بحاجة إلى المزيد من حمض الفوليك، والكالسيوم، والحديد، وبعض المغذيات الهامة الأخرى؛ ويعتبر الوقت الأفضل لبدء تناول فيتامينات فترة الحمل هو قبل حدوث الحمل بأشهر وذلك لأعداد جسد المرأة بسد العوز الموجود به، ومن الأمور الهامة كذلك تجنب المواد التي تشكل خطورة على الحامل والجنين مثل كثرة العقاقير إلا للضرورة والتدخين والذي ثبت ارتباطه بالولادة المبكرة، وينصح بالمباعدة بين الحمل والآخر بفترة لا تقل عن 6 أشهر. إذا المرأة عرضة للولادة المبكرة - كأن يكون لها تاريخ سابق لولادة مبكرة- توصف لها بعض العلاجات الهرمونية في الأشهر الوسطى من الحمل، ووجدت دراسة أن استخدام الهرمون الهلامي الموضعي أثناء الأشهر الوسطى والأخيرة من الحمل يقلل من احتمالية الولادة المبكرة في حالة المرأة التي تعاني قصر عنق الرحم، كما يجب على المرأة التي تكون عرضة للولادة المبكرة تجنب بعض أنواع المجهود البدني كرفع الأحمال الثقيلة أو الوقوف لفترات طويلة، والسيطرة على الأمراض المزمنة التي تعانيها كداء السكري أو ارتفاع ضغط الدم.

دراسة حديثة

اكتشفت دراسة حديثة قدمت العام الحالي أمام مجلس الجمعية الأمريكية للقلب، أن الولادة المبكرة تقطع الطريق على نمو الكلى لدى الجنين، ما يؤدي إلى صغر حجمها وتعرضه لاحقاً لارتفاع ضغط الدم، كما أنه يكون عرضة لمقاومة الأنسولين، وبالتالي يصبح بحاجة إلى المتابعة الطبية الدائمة. قام الباحثون بمقارنة حجم ووظيفة الكلية وضغط الدم لدى 40 شخصا بالغ متوسط أعمارهم 23.6 ولدوا بعد حمل دام 29 أسبوعاً أو أقل، مع 40 شخصا آخرين متوسط أعمارهم 23.3 مولودين بعد فترة حمل كاملة، ووجدوا أن المولودين مبكراً لديهم كلى ذات حجم صغير مقارنة بحجم أجسامهم، ويرتفع لديهم ضغط الدم الانقباضي في جميع أحوال حياتهم اليومية، حيث كان يزيد ضغط الدم لديهم بـ5 نقاط أكثر عن المولودين بعد حمل مكتمل وهي نتائج تشير إلى خطورة تعرض الطفل الخديج لارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب عند بلوغه منتصف العمر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"