أطفال “مرض السمّاك”

00:30 صباحا
قراءة 4 دقائق

لاحظ الأمريكي فرانك أوسوسكي من موكينا بولاية الينوي أن أمراً كان خطأ في بشرة ابنه لحظة ولادته، وقال: بدت بشرته مملوءة بالتقرحات والبثور ومقشرة أو مسلوخة في بعض الأماكن، بينما كانت أماكن اخرى صلبة للغاية فقد كان جلده يختلف عن جلد شقيقته وهي الطفل الوحيد الذي يمكنني عقد المقارنة معه.

لكن الطفل بن اوسوسكي البالغ 5 سنوات حالياً، ولد في فترة عطلة، وهو وقت لم يكن في المستشفى ذلك الحشد الكبير من الأطباء الاختصاصيين والاستشاريين للحصول على تشخيص أفضل وأكثر دقة لحالته، وبدلاً من ذلك تم التعامل معه كضحية وحالة مسلّم بها، وبقدر أقل من العناية والمتابعة، فقد كان جسمه مغطى بالمراهم والكريمات والملطفات والمسكنات وملفوفاً بالشاش، كما شرح الأطباء والممرضون للأبوين فرانك وجاكلين وبصورة عملية كيفية العناية بمولودهما في البيت.

وبعد أيام قليلة توصل الأطباء الى تشخيص جديد لحالة الطفل بن وهي انه يعاني من نوع داء السمّاك وهو مرض خلقي تخشوشن فيه البشرة وتتقشر باستمرار وهو عبارة عن مجموعة من الاضطرابات والاختلالات تنمو خلالها خلايا الجلد بسرعة كبيرة وسرعان ما يضعف إفرازها وعملها.

وتختلف علامات هذا المرض وأعراضه حسب نوع الاضطراب، لكن الجلد يبقى بشكل عام جافاً محرشفاً قابلاً للتقشر وله قشور وحراشف وصلب وسميك يشبه جلد السمكة، إضافة الى انه بالغ الحساسية - الحكة أو الحكاك - على نحو مؤلم.

وتعود أسباب مرض السماك أو التقشر في مجموع اضطراباته الى عوامل وراثية وجينية اذ يرث بعض الناس هذا التغيير من أحد الأبوين بينما يرثه آخرون من الأبوين معاً.

وهناك فريق ثالث لديهم ما يعرف باسم التغير العفوي والتلقائي والذي يعني ان تغييراً يحدث في الحمض النووي (دي ان ايه) لديهم اثناء عملية النمو والتطو.

وأكثر أنواع هذا المرض انتشاراً هو تقشر البشرة الشائع ويصاب به شخص واحد من كل 250 شخصاً وتظهر علاماته من القشور والحراشف واضحة في الساقين وخاصة في الشتاء، كما ان له علامات على شكل خطوط تظهر بشكل متزايد في راحة اليد - وذلك استناداً لما تقوله البروفيسورة آمي بالر رئيسة قسم الأمراض الجلدية في كلية الطب في جامعة نورث ايسترن.

ويعاني الطفل بن من أعراض مرض التقرن أي نمو نسيج قرني في مواضع معينة من الجلد يصحبها على الدوام تقشر وتسلّخ في الجلد ويعرف اختصاراً بإي اتش كيه - EHK وهو شكل من تقشر البشرة وخشونتها تلقائياً وباستمرار، ويصاب به شخص من كل 300 ألف شخص، لأن بعض أنواعه نادرة قد لا يتعرف إليها الأطباء بدقة وبصورة دائمة.

ويقول اوسوسكي إنه التقى اشخاصاً لم يتم تشخيص حالاتهم المرضية الا في العشرينات او الثلاثينات من أعمارهم رغم مرض التقشر او السماك يظهر وقت الولادة او في السنوات الأولى من عمر الطفل.

كما ان شدة هذا المرض وقسوته تتراوح بين معدلات متعددة من المعاناة وقد تكون أخف حالاتها وأقلها معاناة هي جفاف البشرة وتقشرها.

وهناك أشكال أشد قسوة من هذا المرض لا يقتصر تأثيرها وضررها على الجلد أو المظهر العام بل يمتد ليشمل الرؤية والقدرة على الإبصار والسمع والتعرق - إفراز العرق - مما يؤثر في عملية تنظيم وضبط حرارة الجسم، ويصبح جلد المريض قابلاً للتشقق والتفسخ مسبباً آلاماً شديدة.

وتوضح البروفيسورة بالر أن الاضرار والإصابات البكتيرية والفطرية التي يبتلى بها الجلد لها خطورتها التي لا يمكن تجاهلها بل توثر جوهرياً في نوعي الحياة اليومية للمريض.

وليس هناك علاج حقيقي ناجع لهذا المرض وكل ما يمكن عمله هو إدارة أعراضه والتعايش معها ومحاولة تخفيف آثارها من خلال المهارة في التعامل.

ويمكن للاطباء عمل الكثير لمساعدة المريض على الشفاء او تخفيف معاناته اذا كانت حالته من الانماط الخفيفة حيث يستخدمون مواد وعوامل التقشر مثل حامض اللاكتيك المستخرج من اللبن، والمراهم والكريمات على حد قول بالر.

وقد تمكن الاطباء والباحثون من خلال الابحاث والتجارب العلمية مؤخراً من تحديد ما يحدث في الجينات من عمليات انشقاق تسبب انماطاً مختلفة من مرض السماك أو التقشر مما سيساعد على التوصل الى أساليب وطرق وأدوية جديدة لعلاجه. ويدرك الطفل بن أن لديه بشرة خاصة حيث يبقى في حوض مملوء بالماء الممتزج بالفازلين لمدة لا تقل عن ساعة يتم خلالها التنقيط والتقطير فيه بنقاط من فيتامين - ايE) ) أو عصارة الصبّار، وتقوم أمه جاكلين بمسح فروة رأسه بالزيوت المعدنية لحفظها من الجفاف ثم تقوم بعد ذلك بدهن جسمه بطبقة من اللوشن - سائل لزج ثقيل القوام لكنه ليس مرهماً أو كريماً.

وتقول أسرته ان حالته تكون في بعض الأيام والأسابيع أفضل من غيرها فهي غير مستقرة لكنها تعلمت جيداً كيف ومتى تستبق اي تطورات خطيرة أو زيادة في الآلام والمعاناة لابنها، ولكن الأب فرانك يقول يبقى هناك الكثير من التجربة والاخفاق حيناً والنجاح حيناً آخر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"