التهاب الوتر العرقوبي يصيب الرياضيين

01:31 صباحا
قراءة 6 دقائق
لا تتحرك العظام في جسم الشخص من تلقاء نفسها، ولكن تحركها العضلات بانقباضها وانبساطها، وتتصل العظام بالعضلات عن طريق الأوتار، فأحد أطراف الوتر ملتحم بالعضلات والآخر بالعظام.
وتتصل الأوتار بالعظام عن طريق ألياف متينة من الكولاجين، وهي مادة قوية أشبه بالغراء، وتوجد كذلك في الجلد والأوعية الدموية، وتعطي الأنسجة المرونة اللازمة مع القوة والمتانة.
وتعد الأوتار أشرطة أو حبالاً من أنسجة ليفية لها خاصية مطاطية، والأوتار قادرة على تحمل جذب العضلات لها، ولأنها تتحرك كثيراً مع كل حركة من العضلات، لذلك فهي تتأثر بتعرضها لصدمة شديدة أو بالاستخدام المفرط لها دون راحة كافية، وكذلك كنتيجة لعيوب خلقية.
يعد التهاب الوتر العرقوبي أحد الاضطرابات التي تصيب هذه الأوتار وتؤثر على حركة الأشخاص، وفي هذا الموضوع نتناول المشاكل التي تصيب هذا الوتر، والعوامل والأسباب التي تؤدي إلى حدوث الأضرار، مع بيان الأعراض التي تظهر نتيجة خلل هذا الوتر، ونقدم طرق الوقاية والعلاج الممكنة والحديثة.
أقوى الأوتار
يعتبر وتر العرقوب من أقوى أوتار الجسم ومن أكثرها سمكاً، وهو يصل عضلات أسفل الساق وهي السمانة مع عظمة الكعب من خلف القدم. وتجذب عضلات السمانة وتر العرقوب لثني القدم للخلف، وهو ما يحدث أثناء السير والركض والقفز، ويصاب هذا الوتر بالالتهاب نتيجة الإصابة بالتمزق أو حدوث انقطاع به، ومن الطبيعي أن يؤدي قلة وصول الدم إليه في أن يساهم في التهابه، ويحتاج إلى وقت ليعود إلى طبيعته المرنة.
أهمية تمارين الإطالة
يلتهب هذا الوتر القوي عند الرياضيين حال إهمال عملية الإحماء أو التسخين، وتجاهل تمارين الإطالة قبل وبعد ممارسة اللعبة الرياضية، ويعرف كل الرياضيين أهمية تمارين الإطالة في الحفاظ على العضلات والأوتار من الإصابة وزيادة المرونة بهما.
ويلتهب كذلك لعدم انتظام التمارين الرياضية، أو للإفراط في أداء التمارين والألعاب الرياضية أو الزيادة الشديدة في معدل التمارين، وهو ما يؤدي إلى إجهاد الوتر، فكثرة تكرار نفس الحركات الرياضية يضغط على الأوتار، وربما يصيبها بالتورم والالتهاب. وتؤدي كذلك الحركات العنيفة المفاجئة، خاصة المنطوية على خطأ، مثل الدوران أو الانثناء أثناء الركض والقفز أو نتيجة تحرك مفصل الكاحل حركة خارج إطار حركته الطبيعية، فيتمزق جزء من الوتر أو حتى ينقطع كله.
ويلتهب الوتر أيضاً حال وجود التهابات روماتيزمية، أو ترسب للأملاح حول الوتر، أو حدوث كسر أو شرخ في عظام الساق، أو نتيجة وجود زوائد عظمية.
ألم عند المشي
يشيع حدوث التهاب وتر العرقوب لدى الرياضيين خاصة العدائين، ولاعبي التنس وكرة السلة وكرة القدم، ويتسبب عدم التحرك لفترات طويلة في ضمور بوتر العرقوب ربما يؤدي لالتهابه حال الحركة، وكذلك الجري والتوقف المفاجئ. ويمكن أن تأتي بعض أدوية تسكين آلام العظام والأوتار بنتيجة عكسية، فتساعد على الالتهاب في الوتر العرقوبي.
ويشعر المصاب بالتهاب «وتر أخيل» بالألم عند المشي، مع عدم القدرة على الوقوف على أصابع القدم، وصعوبة ارتداء الحذاء، وفي الغالب ما يصاحب ذلك ورم أو احمرار في موضع الوتر، ويشتد الألم بعد فترات الراحة مثل الاستيقاظ والنهوض من الفراش، وربما يشعر المصاب بطقطقة في قدمه عند السير.
يشعر المصاب بألم شديد وبحرقة في مكان الوتر فوق الكعب، وكأنه تعرض للثقب مع سماع صوت الطقطقة والشعور به عند الحركة، إذا كان الالتهاب نتيجة إصابة مباشرة في الوتر أو حركة عنيفة مفاجئة وليس نتيجة تراكم إجهاد.
انتبه لحذائك
يصاب الرجال بالالتهاب في الوتر العرقوبي أكثر من النساء، وينتشر في الفترة العمرية ما بين الثلاثين والأربعين عاماً، وتساهم العيوب الخلقية مثل القدم المسطحة، أو قصر عضلات الساق، وكذلك زيادة الوزن في حدوث الالتهاب بـ«وتر أخيل».
وتعمل الأحذية المسطحة أو البالية نفس عمل العيوب الخلقية، فتزيد من احتمالية الإصابة، وكذلك ممارسة الرياضات العنيفة في درجات حرارة منخفضة.
وتعني الإصابة بالالتهاب في الوتر العرقوبي احتمالية عودة الإصابة، إذا ما أهمل المصاب به سابقاً أسباب تجنبها مستقبلاً، ومن الطبيعي أن يزداد ألم الأوتار بعد الأنشطة الرياضية أو عند الخلود للراحة ليلاً.
إصابة مزمنة
يؤدي الاستمرار في التمارين وإهمال العلاج إلى ضعف في الوتر العرقوبي، وتتحول الحالة المرضية إلى مستمرة ومزمنة، وبالتالي يزداد الأمر سوءاً، وتتفاقم الإصابة، مع حدوث التمزقات أو الانقطاع الكلي.
ويعني أيضاً زيادة احتمالية الحاجة للتدخل الجراحي، الذي ربما يشتمل بدوره على مضاعفات أخرى، مثل التورم المستمر بالقدم أو تصلب مفصل الكاحل أو حدوث بعض الجلطات الصغيرة في أوردة الساق.
ويلاحظ الطبيب أن المريض لا يستطيع أن يبدأ السير من قدمه المصابة، ويقوم بثني القدم أو الضغط عليها لتحديد الإصابة بالتهاب الوتر العرقوبي. ويستخدم الطبيب التصوير بالرنين المغناطيسي، أو بالموجات فوق الصوتية لتحديد التمزق وحجمه، ولا تظهر بالأشعة السينية سوى العظام، حيث لا تتضح بها الأوتار أو الأنسجة الرخوة بصفة عامة، غير أنها تظل مفيدة في إظهار وجود خلل بالساق، فالأشعة السينية ستؤكد للطبيب سلامة العظام وخلوها من الكسور والشروخ.
الراحة ضرورية
يتجه المريض في الحالات البسيطة للراحة من كل التمارين الرياضية عدا السباحة وتمارين للعلاج الطبيعي وإعادة التأهيل، وفي أحيان يتطلب الشفاء الراحة التامة وعدم مزاولة أي نشاط رياضي لنحو أسبوعين.
ويستخدم المصاب كمادات الثلج على أن يوضع الثلج في جراب جلدي سميك أو في منشفة، ولا يترك كثيرا على الجلد، حيث تكفي 10 دقائق فقط. ويؤدي وضع الثلج مباشرة على الجلد إلى تورمه، فيما يسمى بقضمة الصقيع أو عضة البرد، نتيجة تعرض الأنسجة اللينة لدرجات حرارة أقل من سالب واحد مئوية، كما تستخدم دعامات بلاستيكية أو أحذية عالية مخصصة لعلاج التهاب الوتر العقبي، وتوجد كذلك علاجات بالموجات فوق الصوتية أو الكهربية أو بالموجات الليزرية.
الخيار الجراحي
يضطر المريض إلى اللجوء للخيار الجراحي في حالات التمزق الشديد أو الكلي للوتر العرقوبي، ويتم في العملية الجراحية إعادة وصل الوتر المتمزق، وربما يستخدم الطبيب الجراح نسيجاً من وتر آخر لإعادة وصل «وتر أخيل».
وتقل فرص الإصابة بالعدوى البكتيرية أو احتمالية حدوث تلف في الأعصاب المجاورة، كلما صغر الشق الذي يفتحه الطبيب، فأمام الجراح إما أن يقوم بعملية يفتح فيها شقّاً من ظهر الساق في حالات القطع الكامل، وتوصيل وتر آخر، أو أن يقوم الطبيب بفتح شق صغير أو عدد من الشقوق الصغيرة لتخييط الوتر من خلالها.
وتعتبر الطريقة الثانية أفضل، لأنها تقلل من الآثار الجانبية المحتملة للعملية الجراحية، وربما ينتظر الطبيب نحو أسبوع قبل إجراء الجراحة حتى يختفي الورم حول الوتر ويتمكن من إجراء الجراحة.
ويحتاج بعض الأطفال المصابين بقصر في طول الوتر العرقوبي إلى علاج طبيعي أو لعلاج طبي خاص بالجبس، ويمكن أن يحتاج إلى جراحة لتطويل الوتر، ويتم فيها أخذ أجزاء من أوتار أقل أهمية لتطويل أقوى أوتار جسم الإنسان.
فترة نقاهة أولاً
يمر المريض بفترة نقاهة بعد العلاج سواء الجراحي أو الطبيعي، يمارس فيها التمارين الرياضية بطريقة تدريجية، ويهتم بشدة بالإحماء الجيد، ويؤدي تمارين الإطالة قبل وبعد التمارين الأساسية أو ممارسة اللعبة الرياضية.
ولا يرتدي الرياضي الأحذية الصلبة أو المسطحة أو ذات الكعب العالي، ويكثر من شرب المياه، ولا يكثر من تناول اللحوم والبقوليات ويتجه لتمارين اللياقة البدنية كركوب الدراجات والسباحة، وتمارين لتقوية عضلات السمانة والساق.
ويجب أن يتوقف الشخص فوراً عن ممارسة الرياضة فور الشعور بأي ألم بالوتر العرقوبي، ويتأكد من مدربه أو طبيبه من صحة عمل الحركات الرياضية، دون عنف أو قسوة فكثرة تكرار الحركة الرياضية بوضعيات خاطئة يساهم في التهاب الأوتار.
وتعمل كذلك تمارين الإطالة على تخفيف الشد العضلي، وزيادة المدى الحركي والمرونة في الأوتار، ولابد أن يسبق الإحماء تمارين الإطالة، ولكن مع الحالات الشديدة لالتهاب الأوتار، فلن يصلح كل هذا، ولابد من الراحة واستشارة الطبيب.

إجراءات مهمة
تشير دراسة حديثة إلى أن الأوتار تحتاج إلى مجموعة من الإجراءات المهمة لتجنب الإصابة، ومنها الدفء حتى تعمل بمرونة أكبر، ويعتبر هذا هو سر عملية الإحماء، وخطورة التمرين من دونه أو في جو بارد لا يضمن للأوتار الدفء اللازم.
ويصل طول الوتر العرقوبي إلى 15 سم وعند ارتفاع 6 سم من الكعب تكثر الإصابة بالتهاب أو تمزق الوتر العرقوبي.
وتشير الإحصائيات إلى أن التهاب الوتر العرقوبي يصيب الرجال أكثر من النساء بنسبة 4 إلى 1، ويشيع في الأعمار من 30 إلى 40 عاماً، ويعود المصاب بعد الإصابة إلى مستواه السابق بعد مرور من 4 إلى 6 أشهر.
ويجب أن يتجنب المصاب أي زيادة في مقدار التمارين الرياضية على 10%، وذلك منعاً لتكرار الإصابة وللوقاية من التهاب الأوتار بشكل عام، ولا يحتاج تبريد الأوتار الملتهبة بجراب الثلج لأكثر من 10 دقائق وإلا أتى بنتائج عكسية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"