الصر ع..يؤدي لسلوكيات غريبة اضطراب عصبي

21:45 مساء
قراءة 5 دقائق
يعد الصرع خللاً في نقل الإشارات الكهربائية داخل الدماغ، أي أنه اضطراب في الجهاز العصبي المركزي؛ حيث يصبح نشاط الخلايا العصبية في الدماغ معطلاً، ما يتسبب في الإصابة بنوبات من السلوكيات والأحاسيس غير العادية، والتي قد تؤدي أحياناً إلى فقدان الوعي، وفي حالات أخرى، قد يبدي بعض من المصابين بمرض الصرع سلوكيات أشبه بأن تكون غير معتادة، فقد يحدقون في الفضاء لفترة من الزمن عندما تصيبهم النوبة، بينما يعاني آخرون اختلاجات وتشنجات حادة في الذراعين والساقين. وقد يعاني ما يقرب من 10 في المئة من الأفراد نوبة واحدة عفوية. ومع ذلك فإن نوبة واحدة لا تشكل مؤشراً قاطعاً على وجود مرض الصرع، وقد يستلزم تشخيص الصرع حدوث نوبتين على الأقل؛ لتأكيد الإصابة بمرض الصرع.
غالباً ما يظهر مرض الصرع في مرحلة الطفولة أو قد يظهر لدى البالغين بعد سن 65 سنة. ومع هذا، قد يظهر مرض الصرع في أية مرحلة عمرية، وقد يجنب علاج الصرع الصحيح والمناسب الحدوث المتكرر للنوبات الصرعية، أو أن يقلل من وتيرة حدوثها ودرجة حدتها، كما قد يتعافى بعض الأطفال المصابين بالصرع من الحالة مع التقدم في العمر.

الأعراض

بما أن المنشأ الرئيسي للصرع ينحدر من وجود نشاط غير طبيعي في خلايا الدماغ، فإن نوبات الصرع قد تسبب ضرراً لأي عمل يقوم به الجسم ويتم تنسيقه بواسطة الدماغ. يتم تصنيف النوبات إلى جزئية أو عامة؛ وذلك حسب النشاط غير المنتظم الذي ينشأ في الدماغ، فإذا ما ظهرت النوبة نتيجة لنشاط غير منتظم في جزء واحد فقط من الدماغ، تكون هذه نوبة صرعية جزئية، أما إذا ما كان النشاط غير المنتظم في كل أجزاء الدماغ، فيعرف حينها بالنوبة العامة أو نوبة الصرع المعممة. وتشمل نوبات التشنج العلامات والأعراض التي تتمثل في نوبات تشجنية بسيطة؛ بحيث تنطوي الأعراض على تغير شعوري أو تغير في الرائحة أو المذاق أو أصوات أشياء معروفة.
وقد تتمثل الأعراض في نوبات جزئية معقدة، فتنطوي أعراضها على تغير الحالة الإدراكية، وفقدان الوعي لمدة زمنية معينة، وقد يحدق المريض في الفضاء ويبدي سلوكيات غير مفهومة كفرك اليدين وإصدار أصوات باللسان وإصدار حركات وأصوات ابتلاع. أما النوبة العامة أو ما تعرف بنوبة الصرع المعممة، فهي تنقسم بدورها إلى ستة أنواع يعرف النوع الأول بنوبات مصحوبة بغيبة، وغالباً ما تحدث النوبات المصحوبة بغيبة لدى الأطفال، وتتميز بالتحديق في الفضاء أو حركات الجسم الحادة، مثل الرمش بالعينين أو لعق الشفتين، وقد تتسبب هذه النوبات فقداناً للوعي لمدة زمنية قصيرة. ويعرف النوع الثاني بنوبات الصرع التوتري؛ حيث غالباً ما ينتج عن هذا النوع من النوبات تصلب العضلات، وتمتد أعراض المرض لتشمل عضلات الظهر والذراعين والساقين، وقد تتسبب في السقوط على الأرض.
أما النوع الثالث فإنه يعرف بنوبات الصرع الارتخائي؛ حيث يفقد المريض السيطرة على العضلات مما يمكن أن يتسبب في عدم القدرة على التوازن فيسقط المريض بشكل فجائي، ويعرف النوع الرابع بنوبات الصرع الارتعاشي؛ حيث ترتبط هذه النوبات بتكرار حركات عضلية ارتعاشية متكررة أو منتظمة، وعادة ما تصيب هذه النوبات الرقبة والوجه والذراعين.
ويعرف النوع الخامس من المرض بأنه صرع النوبات الرمعية العضلية، وعادة ما تظهر نوبات الصرع الرمعية العضلية على شكل رعشات قصيرة تحدث فجأة، أو قد تحدث تشنجات في الذراعين والساقين. ويعرف النوع الأخير بنوبات الصرع التوترية الرمعية، وهي أكثر أنواع نوبات الصرع حدة؛ حيث يمكن أن تتسبب في فقدان مفاجئ للوعي إلى جانب تصلب وارتعاش الجسم، وقد يفقد المريض السيطرة على المثانة أو قد يعض المريض لسانه.
يتم في كثير من الأحيان تشخيص الصرع على نحو خاطئ؛ وذلك نظراً لتشابه أعراض النوبات الجزئية بأعراض بعض الاضطرابات العصبية الأخرى، كالصداع النصفي أو داء التغفيق أو الأمراض النفسية؛ لذا فإنه يستوجب إجراء اختبارات وفحوصات شاملة للتفريق بين الصرع والاضطرابات الأخرى وللتشخيص السليم.

الأسباب

يمكن القول إن هناك أنواعاً معينة من مرض الصرع يعود منشأها إلى خلل في الجينات المسؤولة عن الطريقة التي تتصل بها خلايا الدماغ ببعضها، إلا أنه من المعروف أن الأنواع النادرة فقط من المرض هي التي تنجم عن خلل في الجينات، وأكثر من هذا، يبدو أن الخلل في أي مجموعة من مئات الجينات يمكن أن يشكل عاملاً مركزياً في نشوء وتطور مرض الصرع، فقد يكون لعامل الوراثة دور كبير حتى وإن كان ثانوياً؛ حيث كشفت بعض الدراسات عن احتمالية نقل بعض أنواع الصرع، والتي تصنف وفقاً للفئة التي تدرج ضمنها، سواء جزئية كانت أو المعممة، وقد ربط الباحثون بعض أنواع الصرع بجينات معينة، على الرغم من أن عدد الجينات الذي يمكن أن يرتبط بالحالة يقدر بما يصل إلى 500 جين. وبالنسبة لأغلب الأشخاص، لا تمثل الجينات غير جزء ثانوي للإصابة بالصرع؛ لذا فقد تؤدي بعض الجينات بالفرد لأن يكون أكثر حساسية للظروف البيئية التي تؤدي بدورها إلى الإصابة بنوبات الصرع. وقد تحدث النوبة الصرعية، في حالات كثيرة، نتيجة التعرض لحادث في الرأس أو الإصابات الرأسية؛ حيث يمكن أن تؤدي الإصابات الناجمة عن حادث سيارة أو إصابات رضحية أخرى إلى الإصابة بالصرع، كذلك الأمراض الدماغية، خاصة تلك التي ينتج عنها تلف الدماغ، مثل أورام الدماغ أو السكتات الدماغية، فقد تؤدي بدورها إلى الإصابة بالصرع.
وقد تؤدي السكتة الدماغية إلى صرع في حالات البالغين الذين تتجاوز أعمارهم 35 عاماً. كذلك الأمراض المعدية أو الأمراض التلوثية كالتهاب السحايا ومرض الفيروس المناعي المكتسب والتهاب الدماغ الفيروسي، فد ينتج عن هذه الأمراض الإصابة بالصرع. وقد تكون الإصابة بالصرع حدثت قبل الولادة؛ حيث يكون الأطفال من المعرضين لتلف الدماغ، والذي يمكن أن ينجم عن عدة عوامل، مثل إصابة الأم بعدوى أو سوء التغذية أو نقص الأكسجين. ويمكن أن يؤدي تلف الدماغ هذا إلى حتمية الإصابة بالصرع أو الشلل الدماغي. وفي بعض الحالات يمكن عزو الإصابة بالصرع إلى الاضطرابات التنموية، كالتوحد والورم العصبي الليفي.

عوامل الخطر

قد تزيد بعض العوامل من خطر الإصابة بالصرع مثل العمر؛ حيث يشيع ظهور مرض الصرع أثناء مرحلة الطفولة المبكرة وبعد سن الـ 60، إلا أنه يمكن حدوث الإصابة في أي سن، ويعد التاريخ العائلي عاملاً مساهماً للإصابة بالمرض، فإذا ما كان لدى الشخص تاريخ عائلي في الإصابة بالصرع، تتضاعف نسبة ارتفاع خطر الإصابة باضطراب النوبات. وقد تكون إصابات الرأس إحدى الأسباب الرئيسية بعض حالات الصرع. ويمكن تقليص خطر إصابات الرأس من خلال ارتداء حزام الأمان أثناء قيادة السيارة وارتداء خوذة أثناء ركوب الدراجة أو التزلج أو ركوب الدراجات النارية أو المشاركة في أنشطة أخري تنطوي على خطر مرتفع لحدوث إصابة في الرأس.
علاوة على ذلك، تمثل الأمراض الدماغية، مثل السكتة الدماغية وغيرها من أمراض الأوعية الدموية الأخرى، والتي تؤدي إلى تلف الدماغ، عاملاً مساهماً ينتج عنها الإصابة بالصرع. ويمكن اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية لتقليل خطر الإصابة بالصرع، بما في ذلك التوقف عن شرب الكحول، وتجنب التدخين، وتناول الطعام الصحي وممارسة التمارين الرياضية باستمرار. كما أن الأمراض التلوثية التي تصيب الدماغ، مثل التهاب السحايا الذي يسبب التهابا في الدماغ أو الحبل الشوكي، تضاعف من خطر الإصابة بالصرع. وأخيراً، فإن حدوث تشنجات وارتعاشات متواصلة خلال مرحلة الطفولة، أو ما يعرف بالنوبات، أو الإصابة بحالات ارتفاع كبير في درجة الحرارة في مرحلة الطفولة، تعد عاملاً مساعداً في مضاعفة خطر الإصابة، خاصة إذا ما كانت النوبة طويلة المدة أو إذا أصيبوا بحالات مرضية أخرى بالجهاز العصبي أو كان لديهم تاريخ عائلي في الصرع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"