الحركة تقي من آلام أسفل الظهر

23:22 مساء
قراءة 6 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

تعدّ آلام أسفل الظهر من الأسباب الأكثر شيوعاً التي تدفع البالغين لزيارة الطبيب، وتشير بعض التقديرات إلى أن حوالي 80% من البالغين يشكون من آلام أسفل الظهر والرقبة، وفي معظم الحالات لا تعد هذه الآلام دليلاً على مشكلة خطيرة في الظهر، لاسيما عندما يكون السبب غير واضح، وهذا ما يطلق عليه آلام أسفل الظهر غير محددة الأسباب، ويختفي الألم في غضون ستة أسابيع مع بعض الراحة والمسكنات، وقد يعود من وقت لآخر، لكن عندما يصبح الألم مزمناً ومستمراً، فهذا يعني أننا بحاجة لمزيد من العلاج.
أوضح الدكتور عبدالكريم مسدي، رئيس قسم جراحة الأعصاب والعمود الفقري في مستشفى الجراحة العصبية والعمود الفقري، أن الأعراض تتنوع من شخص لآخر ومن حالة لأخرى، وعموماً يمكن تصنيف الآلام إلى آلام حادة ومفاجئة، وغالباً تكون ناجمة عن تشنج عضلي حاد، ومنها ما تكون غير محددة الأسباب، وهناك الآلام المزمنة، وهي إحساس بألم في منطقة الظهر، يستمر لمدة طويلة لا تقل عن 3 أشهر، وغالباً تستدعي زيارة الطبيب، قد يكون منشأه عضلياً أوعصبياً أو عظمياً، وقد يكون عرضاً لمرض آخر أو ربما ينشأ نتيجة للتعب والإرهاق والعادات الصحية السيئة المتبعة في الجلوس والنشاطات اليومية المختلفة.
ويضيف الدكتور مسدي: «حتي الآن ليست هناك أسباب محددة لهذه الآلام، فهي تظهر أحياناً بصورة حادة في أسفل الظهر تبدأ بعد جهد أو حركة مفاجئة، أو حمل أوزان ثقيلة، وتترافق عادة مع صعوبة في الحركة قد تتطور فتعرقل المشي أو الوقوف، وألم يمتد إلى الفخذ، والأرداف أو أعلى الفخذ، وقد يشتد الألم مع تشنجات عضلية، ويمكن تحري هذا الألم باللمس أو تحسس منطقة أسفل الظهر.
وأحياناً تنتقل الآلام من أسفل الظهر إلى الأرداف والساق والقدم أو ما يطلق عليه (عرق النسا) وهو ألم غير مستمر، يثور لبضعة أيام وأسابيع ثم يهدأ، وقد يكون في الساق والقدم أسوأ منه في أسفل الظهر، ويتموضع عادة على جانب واحد من الأرداف أو ألم في الساق فقط، ويترافق مع شعور المريض بحرق أو وخز مع ألم شديد، وقد يكون مصحوباً بالتنميل.
ويأتي العلاج لآلام أسفل الظهر من التشخيص الذي ينقسم إلى عدة مراحل
1. بسماع تاريخ الألم الذي يوضح الخلفية المرضية.
2. بالفحص السريري.
3. بالأشعة، وتشمل غالباً:
- الأشعة السينية.
- التصوير بالرنين المغناطيسي MRI وهو الأفضل والأكثر دقة.
- التصوير المقطعي CT.Scan ويفضل في حالات الرضوض.
ويشير الطبيب بالنسبة للآلام البسيطة والمفاجئة غير محددة السبب، يمكن استخدام الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات والأدوية المسكنة للألم، كما يمكن القيام بالعلاج الفيزيائي وإعادة التأهيل البدني، كما تلعب الحرارة واستخدام الكمادات الساخنة دوراً في تخفيف الألم، ويمكن الاستفادة من راحة قصيرة لا تتجاوز عادة ثلاثة أيام، حيث ينصح الذين يعانون هذه الآلام بالمواظبة على النشاط اليومي المعتاد قدر الإمكان، وفي الماضي، كانت النصيحة إطالة الراحة حتى يخف الألم، وهذا اعتقاد خاطئ، حيث دلت التجارب البحثية على أن التعافي أسرع عن طريق التحرك مرة أخرى، والعودة للعمل في أقرب وقت ممكن، حتى لا نتعرض لتطور أسوأ، حيث من المحتمل أن تتحول آلام الظهر إلى آلام مزمنة، لذلك فمعاودة النشاط أفضل من الإفراط في الراحة، وكقاعدة عامة نتجنب أي شيء يسبب الكثير من الألم، ولا بأس بتحمل بعض الإزعاج، والتدرج في جدولة النشاطات، بوضع هدف جديد كل يوم، فعلى سبيل المثال، اليوم نقرر المشي حول المنزل، ثم نزيد مسافة المشي يومياً وبالتدريج.
ويشير الدكتور عبدالكريم إلى أن آلام أسفل الظهر التي تستمر لفترة أطول من 12 أسبوعاً تصنف على أنها آلام مزمنة، وعند البعض تستمر لشهــــور وحتـــى لســنوات، وقد تكون أعراضها ثابتة، وربما تكون غير منتظمة، حيث تمر فترات طويلة من ألم خفيف أو معتدل، ثم نوبات من الألم أكثر شدة، والعلاج الأولي مماثل لعلاج الهجمات المفاجئة أو الحادة، من حيث المـــواظبة على النشاط، واستخدام المسكنات، وينصح بتنفيذ برنامج رياضي منظم تحت إشراف اختصاصي العلاج الطبيعي، وأهمها تمارين تقوية عـــضلات البطن والظهر، والمشي السريع والسباحة، ويشمل العلاج اليدوي عادة جلسات التدليك وتمارين تحريك مفاصل العمــود الفقري، وغيرها من التمارين التي تدرب العـــضلات والمفـــاصل على استـــعادة اللـــياقة والـــحركات الطبــيعية.
ويبين الدكتور عبدالرحمن أحمد الكراد مختص جراحة عظمية وطب رياضي، أن آلام الظهر مرض شائع وخاصة من بعد سن الثلاثين وبالطبع يمكن أن يكون السبب هو الجهد في الحياة اليومية والمهنية أو قيادة السيارة والجلوس في المكاتب فترة طويلة.
ويتوزع الألم ما بين مركز أسفل الظهر والجانب الأيمن والأيسر ويكون ناتجاً عن انزلاق أو تشنجات بالعضلات بجانب من فقرات العمود الفقري، أو وجود التهاب بالقرص بين الفقرات، أو تعرض الشخص للسقوط بشكل خاطئ، وهناك أعراض تخص النساء تحديداً وهي حدوث آلام شديدة بالظهر وتعتقد بأنها ناتجة عن العمود الفقري ومع الفحص نكتشف وجود تكيسات بحجم كبير على المبايض أو مشاكل بالرحم، أو حدوث انزلاق أثناء الولادة، وهناك آلام تبدأ من أسفل الظهر ممتدة إلى أسفل الرجل ويكون المسمى التشخيصي لها هو (عرق النسا)، وهناك التهاب العضلة المستقيمة الفخذية التي تتسبب في آلام الظهر.
ويذّكر الطبيب أننا نعتقد أحياناً أن كل آلام بالظهر يعتبر انزلاقا غضروفيا ولكن هذا اعتقاد خاطئ متداول بين كثير من الناس، فهناك نوعان، النوع الأول انزلاق فقري يحدث عند انزياح العظمة عن التي تعلوها وسببه هو انحلال بالجسر الفقري في القسم الخلفي والأمامي للفقرة، ويحتاج إلى التدخل الجراحي لأنه يعتبر مثل الكسر ونرى هذه الحالة شائعة أكثر بين السيدات.
والنوع الثاني هو حالة الانزلاق الغضروفي المتعارف عليه وهو الأكثر شيوعا، ويكون عن خروج المادة الهلامية الموجودة بين الفقرات من المركز إلى الخلف وهناك تكمن القناة الشوكية التي تحتوي على الكيس السحائي الموجود به مجموعة خيوط وتسمى الأعصاب متوزعة يميناً ويساراً، فإذا انضغطت هذه المادة في الكيس السحالي في منتصف الظهر تسبب آلاماً شديدة بالظهر، وإذا كان الضغط من الخلف وأى من الجانبين يؤدي إلى أعراض الخدر والتنميل، وإن استمر لفترة طويلة يحدث عنه ضعف عضلي بعضلات الرجل وهبوط القدم.
وهناك شريحة كبيرة من المرضى وخاصة في دول الخليج تعاني التهاب «عضلة البسواس» وهي توجد بالفقرات القطنية بأسفل الظهر مارة بالحوض إلى جانب الفخذ من الأمام، وترتكز على الحدبة الصغيرة لعضلة الفخذ بالقسم الداخلي ويعتقدون أن هذا من أعراض الغضروف أو آلام الظهر وهذا اعتقاد خاطئ فمن المستحيل أن تنتشر آلام الغضروف في المنطقة الأمامية من الساق، وتكمن المشكلة في قيادة السيارة لفترات طويلة والجلوس لأوقات بدون حركة في المنزل أو أثناء العمل وفي المقاهي أو المطاعم، ما يعمل على انكماش وتقلص عضلة الفخذ، ولذلك تحتاج هذة الحالة الى اهتمام حركي من المريض مع الأدوية، كي تبدأ العضلة مرة أخرى في الرجوع لطبيعتها.
وينوه الدكتور عبدالرحمن الكراد بضرورة الوقاية من آلام الظهر لتجنب التدخل الجراحي، وممارسة التمارين الرياضية وخاصة المشي والسباحة فهي علاج صحي لكل أمراض العضلات، وعدم الجلوس لفترات طويلة خلف الكمبيوتر أو الانحناء وقت استخدام الجوال، والابتعاد عن العادات الغذائية السيئة مثل التخفيف من الأكل لأن الوزن الزائد يأتي بتأثير سلبي على العضلات.
ويقول الدكتور ماهيش فيدهاني مختص جراحة العظام: يعاني آلاف الأشخاص على مستوى العالم من مشاكل ألام أسفل الظهر، فلابد أن يتعرض كل شخص على الأقل لمرة واحدة من ألم أسفل الظهر في حياته، وتتفاوت الأعراض من ألم حاد ومفاجئ إلى شديد لدرجة حتى عدم التمكن من الحركة أو الوقوف، ومن أكثر الأسباب الشائعة لآلام أسفل الظهر:
1- عدم العناية بهذه المنطقة من ناحية الوضعية حيث لا بد من اتخاذ الاستقامة المناسبة في حال الجلوس والمشي والانحناء للأمام أو رفع وسحب وحمل الأشياء الثقيلة في المنزل.
2- الجلوس لفترة طويلة على مقعد غير مريح في العمل وتغيير الوضعيات في العمود الفقري بشكل مفاجئ، أو المبالغة في التمارين الرياضية، واتخاذ وضعية غير صحيحة عند ممارسة الرياضة أو حتى الأنشطة اليومية المختلفة.
3- ومن الأسباب الأخرى المرضية، حدوث فتق النواة اللبية (ديسك) لفقرات العمود القطني وتضيق القناة الشوكية وبعض الحالات الالتهابية.
4- وهناك عرق النسا الذي يبدأ بآلام من أسفل الظهر يمتد إلى الفخذ والساق وذلك عند حدوث ضغط على جذر العصب الوركي.
ويؤكد الدكتور فيدهاني أنه من الضروري تشخيص هذه الحالة بشكل مناسب وعلاجها من قبل الطبيب المختص لأن هناك بعض الأعراض المصاحبة لألم أسفل الظهر تتطلب العناية العاجلة، مثل فقدان السيطرة على الأمعاء أو المثانة، وضعف في قوة الساق حيث ينبغي للمريض أن يراجع الطبيب المختص على الفور، وهناك بعض الأمراض المزمنة المسببة لآلام أسفل الظهر، كتضيق القناة القطنية، أو التهاب الفقار، وآلام العضلات الليفي
ويضيف: «لتجنب آلام أسفل الظهر، يجب تغيير أسلوب الحياة الرتيب، واتخاذ وضعية صحيحة بالوقوف والتقليل من الجلوس لفترات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر أثناء العمل، وعدم حمل الأوزان الثقيلة، وضرورة النوم على مراتب طبية، وتجنب زيادة الوزن، ومن الجيد إجراء تمارين عضلية بشكل منتظم في مكان العمل».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"