سرطان الرئة فحوص استكشافية وعلاجات متعددة

00:32 صباحا
قراءة 8 دقائق
تحقيق: راندا جرجس
سرطان الرئة يعني حدوث انقسامات خلوية غير مضبوطة للخلايا الحية بداخل الرئة، ويكون عادة في الخلايا المبطنة لممرات الهواء، ومن أهم مسببات الإصابة به دخان التبغ، تلوث الهواء، الإشعاعات المؤينة، والعدوى الفيروسية، ولا يرافق الشخص المصاب بسرطان الرئة أي أعراض، وينتشر في بعض الأماكن من الجسم، كأجزاء أخرى من الرئتين والعقد اللمفاوية والعظام والدماغ والكبد وغيرها من أعضاء الجسم، وفي هذا التحقيق يتحدث الخبراء والأخصائيون عن أنواع العلاج المختلفة والحديثة لهذا المرض.
يقول الدكتور طارق الخوري، مختص الأورام الطبية، إن سرطان الرئة الأكثر شيوعاً بين الرجال والنساء، وهو يحدث من أنسجة الرئة، وعادةً يكون من بطانة خلايا ممرات الهواء، وله نوعان يتم تشخيصهما بناءً على شكل الخلايا تحت المجهر، وهما:
سرطان خلايا الرئة غير الصغيرة، وهو النوع الأقل ضرراً، حيث إنه ينمو وينتشر بسرعة أقل، كما أن فرصة الشفاء منه كبيرة بالعلاج بالإشعاع أو الجراحة أو العلاج الكيميائي، إذا تم اكتشافه مبكراً، وتزيد نسبة الإصابة به على 80% من حالات الإصابة.
} سرطان خلايا الرئة الصغيرة، ويتسم هذا النوع بسرعة النمو والانتشار في مجرى الدم وأعضاء الجسم الأخرى، وفي أغلب الأوقات، يبلغ هذا النوع مرحلة متقدمة عند اكتشافه، ويتم علاجه في العادة بالعلاج الكيميائي وليس بالجراحة.
مسببات سرطان الرئة
ويوضح د. الخوري أن الأطباء لا يمكنهم توضيح سبب إصابة أفراد دون غيرهم بسرطان الرئة، ومع ذلك، فنحن نعرف أن الشخص الذي لديه عوامل خطر معينة ربما يكون أكثر عرضة من الآخرين للإصابة، مثل:
} يعتبر التدخين المحتوي على التبغ عامل الخطر الرئيسي ومن أهم مسببات المرض حيث إن 80% من الحالات من المدخنين، كما أن استنشاق الدخان الثانوي يمكن أن يسبب إصابة غير المدخنين بسرطان الرئة.
} من عوامل الخطر الأخرى التي تؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة غاز الرادون (وهو أحد الغازات النشطة إشعاعيًا)، ومادة الأسبستوس والزرنيخ والكروم والنيكل بالإضافة إلى تلوث الهواء.
} التاريخ العائلي والأشخاص الذين سبق لأفراد عائلتهم الإصابة بسرطان الرئة، هم الأكثر عرضة للإصابة.
} الأشخاص الذين سبقت إصابتهم بنوع آخر من السرطانات، هم أيضا مهددون وخاصة من تجاوزوا سن الـ65.
أعراض المرض
ويبين د. الخوري أن المراحل الأولى من سرطان الرئة لا ترافقها أي علامات، أو تتشابه مع الإصابة بأمراض أخرى، ولكن مع نمو المرض وتقدمه تظهر بعض الأعراض كـ:
} السعال الدائم والمستمر دون انقطاع، والمصحوب في بعض الأحيان بدم.
} وجود ألم دائم بالصدر، مع الشعور بالوهن، وفقدان الوزن دون وجود سبب لذلك.
} التعرض لمشاكل في التنفس، قصر النفس، أو تغير في الصوت.
} الإصابة بعدوى الرئة المتكررة مثل الالتهاب الرئوي.
فحوص استكشافية
ويؤكد د. الخوري أن هناك بعض الفحوص الضرورية التي تساعد الطبيب في اكتشاف المرض مبكراً، وإيجاد العلاج المناسب، وتمت دراسة العديد من طرق الكشف عن سرطان الرئة كفحوص يمكن إجراؤها، مثل: الفحص البدني، تصوير الصدر بأشعة إكس، المسح الضوئي باستخدام المسح الضوئي المقطعي المحوسب، وربما يأمر الطبيب بإجراء واحد أو أكثر من الفحوص التالية لجمع العينات:
} دراسة خلايا البصاق: يتم إخراج السائل الغليظ (البصاق) من الرئتين أثناء السعال، ويتم فحص عينات البصاق داخل المعمل للكشف عن الخلايا السرطانية.
} بزل الصدر، حيث يقوم الطبيب باستخدام إبرة طويلة لإزالة (السائل الجنبي) من الصدر، ويتم فحص السائل في المعمل للكشف عن الخلايا السرطانية.
} تنظير القصبات، وتتم هذه العملية بإدخال أنبوب رفيع ومضاء (منظار قصبات) من خلال الأنف أو الفم إلى الرئة، ويمكن أن يأخذ الطبيب عينة من الخلايا باستخدام إبرة أو فرشاة أو أداة أخرى، بالإضافة إلى أنه ربما يغسل المنطقة المصابة بالماء كي يجمع الخلايا في الماء.
} شفط العينات باستخدام الإبرة الدقيقة، وفيها يقوم الطبيب باستخدام إبرة دقيقة لإزالة النسيج أو السائل من الرئة أو العقدة اللمفاوية.
} الخزعة المفتوحة، ويتم استخدام هذه الطريقة في الحالات التي يصعب فيها الحصول على نسيج الورم، وربما يتطلب الأمر إجراء خزعة مباشرة للورم الموجود بالرئة أو العقد اللمفاوية من خلال عمل شق في جدار الصدر.
مراحل نمو سرطان الرئة
ويفيد د. الخوري أن الإصابة بسرطان الرئة، تكون على عدة درجات، وتكون بحسب نوع الإصابة كالتالي:-
} ينمو سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة، على مرحلتين وهما: المرحلة المحدودة حيث يوجد السرطان في رئة واحدة فقط والأنسجة المجاورة لها، والثانية هي المرحلة الممتدة، وهي انتشار السرطان في أنسجة الصدر خارج الرئة، وفي أعضاء بعيدة.
} أما سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة فيمر بعدة مراحل:
- مرحلة عدم الظهور، حيث توجد خلايا سرطان الرئة في البصاق، أو في عينة الماء الذي يتم جمعه أثناء تنظير القصبات، إلا أنه لا يمكن رؤية الورم في الرئة.
- المرحلة صفر، وهنا توجد الخلايا السرطانية فقط في البطانة الداخلية للرئة، ولم يتعد نمو الورم الجدار، ويطلق على ورم المرحلة صفر أيضًا السرطان الموضعي، ولا يكون السرطان في هذا النوع اجتياحيًا.
- المرحلة رقم 1، وهي التي يكون فيها ورم الرئة اجتياحياً، فهو يتعمق في البطانة الداخلية للرئة حتى يصل إلى أنسجة الرئة العميقة، ولا تمتد الخلايا السرطانية إلى العقد اللمفاوية المجاورة.
- المرحلة رقم 2، وفيها لا يمتد ورم الرئة إلى الأعضاء المحيطة، وتوجد الخلايا السرطانية في هذه المرحلة في العقد اللمفاوية المجاورة.
- المرحلة رقم 3، التي ينتشر فيها الورم للأعضاء المجاورة للرئة، أو جدار الصدر، الحجاب الحاجز، الأوعية الكبيرة، العقد اللمفاوية الموجودة على نفس الجانب الموجود فيه الورم أو الجانب المقابل.
- المرحلة رقم 4، والتي فيها تنتشر التكتلات الخبيثة في أكثر من فص في نفس الرئة، ويمكن أيضًا وجود خلايا سرطانية في أجزاء أخرى من الجسم مثل المخ أو الغدة الكظرية أو الكبد أو العظام.
العـلاج
ويشير الدكتور طارق دوفان استشاري طب العلاج الإشعاعي، إلى أن هناك العديد من التقنيات المتطورة في علاج سرطان الرئة تشمل العلاج الكيميائي والعلاج الموجّه، وهي تساعد على تحسين نتائج المرضى من خلال تحديد خطوات العلاج تبعاً للبصمة الجزيئية والجينية للمريض، كما ظهرت حديثاً تقنيات جديدة أخرى في مجال العلاج الإشعاعي تتضمن «العلاج الإشعاعي المكثف المنظم» (IMRT) والجراحة الإشعاعية بالتصويب المجسم ( SRS) والعلاج الإشعاعي بالتصويب المجسّم (SBRT)، كما أنها تسمح بعلاج السرطان بأقل قدر من الأعراض الجانبية ولأقصر مدة علاج ممكنة، ورفع نسبة الشفاء وبشكل خاص في المرحلة الأولى من سرطان الرئة مع استخدام تقنية العلاج الإشعاعي بالتصويب المجسّم.
نسبة الشفاء
ويذكر د. دوفان أن نسبة الشفاء من المرض تختلف تبعاً للمرحلة التي وصل إليها:
} في حال سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة، يبلغ معدل الشفاء النسبي لمدة 5 سنوات لدى المرضى في المرحلة الأولى 30-40%، بينما لا يتجاوز 19% لدى المرضى في المرحلة الثانية من المرض، و8% في المرحلة الثالثة أما في حال انتشار الخلايا السرطانية إلى أجزاء أخرى من الجسم فتصبح الحالة صعبة الشفاء.
} في حال الإصابة بسرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة، فربما يصل معدل الشفاء لدى المرضى في المرحلة الأولى من المرض إلى 70-80% أما في المرحلة الثانية (IIA-B) فيتراوح بين 35-65%، وفي المرحلة الثالثة (IIIA ) يصل معدل الشفاء النسبي لمدة 5 سنوات إلى 20-30% بينما في المرحلة الثالثة (IIIB) لا يتجاوز معدل الشفاء 5-10%، أما في حال انتشار الخلايا السرطانية إلى أجزاء أخرى من الجسم فتصبح الحالة صعبة الشفاء.
العلاج الجراحي
ويفيد د.دوفان أن المريض يخضع للتدخل الجراحي تبعاً للمرحلة التي وصل إليها سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة (NSCLC)، عندما يكون فيها انتشار الخلايا السرطانية محدوداً، وإضافةً إلى عوامل أخرى، ويعتمد نوع العملية التي يوصي بها الطبيب على حجم الورم وموقعه وعلى مستوى أداء وظائف الرئتين، ويفضل الأطباء غالباً القيام بعملية واسعة النطاق (على سبيل المثال، استئصال الفصوص الرئوية بدلا من استئصال قطعة من الرئة) في حال كانت رئتا الشخص تعملان بشكل جيد بما فيه الكفاية، إذ إن ذلك يعزز فرصة الشفاء من السرطان.
العلاج الإشعاعي
ويبين د.دوفان أن التدخل بالعلاج الإشعاعي يكون تبعاً للمرحلة التي وصل إليها سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة، حيث إنه يستخدم:
} كعلاج رئيسي في بعض الأحيان إلى جانب العلاج الكيميائي، خاصة إذا كان الورم الرئوي لا يمكن إزالته بسبب حجمه أو موقعه، في حال كان الشخص لا يتمتع بحالة صحية جيدة بشكل كاف لإجراء عملية جراحية، أو إذا كان الشخص لا يرغب بالخضوع لعملية جراحية.
} بعد الجراحة يُستخدم العلاج الإشعاعي وحدة أو إلى جانب العلاج الكيميائي، كمحاولة لقتل أي خلايا سرطانية صغيرة لم يتمكن الطبيب من الوصول إليها أو رؤيتها خلال العملية.
} قبل الجراحة، يُستخدم عادةً مع العلاج الكيميائي، كمحاولة لتقليص حجم الورم الرئوي ما يسهل على الطبيب إزالته.
} يُستخدم أيضاً لعلاج منطقة واحدة فقط تنتشر فيها الخلايا السرطانية، مثل ورم الدماغ أو الغدة الكظرية، ويمكن القيام بذلك إلى جانب العملية الجراحية لعلاج ورم الرئة الرئيسي.
} يتم الاستعانة بالعلاج الإشعاعي في التخفيف من أعراض المرض في الحالات المتقدمة من سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة مثل الألم والنزيف وعسر البلع والسعال، أو المشاكل الناجمة عن انتشاره إلى أعضاء أخرى مثل الدماغ، وغالبا ما يُستخدم العلاج الكثبي للمساعدة في تخفيف انسداد المسالك الهوائية الرئيسية الناتج عن السرطان.
العلاج الكيميائي
ويذكر د. دوفان أن العلاج الكيميائي يعتمد على حقن الأدوية المضادة للسرطان في الوريد أو أخذها عن طريق الفم، حيث إن هذه الأدوية تدخل مجرى الدم وتذهب إلى جميع أنحاء الجسم، ما يجعل هذا العلاج مفيداً للسرطان في أي مكان في الجسم، وتبعاً لدرجة ومرحلة سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة إلى جانب عوامل أخرى، ويتم استخدام العلاج الكيميائي في حالات مختلفة كالاتي:
} قبل أي علاج آخر مثل الجراحة والعلاج الإشعاعي لتقليص حجم الورم، وهذا ما يعرف بالعلاج ما قبل الجراحة.
} بعد الجراحة، وفي بعض الأحيان يكون بالتزامن مع العلاج الإشعاعي، لقتل أية خلايا سرطانية باقية، وهو ما يعرف بالعلاج المساعد.
} يُستخدم كإجراء مرافق للعلاج الإشعاعي لبعض أنواع السرطان التي لا يمكن إزالتها عن طريق الجراحة بسبب وصول السرطان إلى بنى رئيسية قريبة.
} يكون علاج رئيسي إلى جانب العلاج الإشعاعي، للسرطان في مراحله المتقدمة أو لدى المرضى الذين لا تسمح لهم حالتهم الصحية بالخضوع لعملية جراحية.
} لا يوصى بالعلاج الكيميائي في أغلب الأحيان للمرضى الذين يعانون من حالة صحية سيئة، إلا أن التقدم في السن لا يعتبر بحد ذاته عائقاً للخضوع إلى العلاج الكيميائي.
العلاج المناعي
ويوضح د. دوفان أن العلاج المناعي هو استخدام الأدوية لتحفيز الجهاز المناعي للمريض وتعزيز قدرته على التعرف على الخلايا السرطانية وتدميرها على نحو أكثر فعالية، كما يمكن استخدام العلاج المناعي لمكافحة بعض أنواع سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة.

العقاقير الموجهة

أجرى الباحثون الكثير من الدراسات للتعرف أكثر على التغيرات في سرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة، والتي تساعد على نموه، فقاموا بتركيب أدوية جديدة لاستهداف هذه التغييرات على وجه التحديد، وتعمل الأدوية الموجهة بشكل مختلف عن العقاقير المعيارية (الكيماوية)، ويتم استخدامها في الحالات التي تكون فيها الأدوية الكيماوية غير فعالة وغالباً ما يكون لها آثار جانبية مختلفة (وأقل شدة)، تستخدم هذه الأدوية لعلاج الحالات المتقدمة من سرطان الرئة، إما وحدها أو بشكل متزامن مع العلاج الكيماوي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"