حي دبي للتصميم.. مساحات من الإبداع لا تنتهي

مجتمع يعج بالأفكار والحيوية والشباب
03:57 صباحا
قراءة 7 دقائق
دبي: زكية كردي

ليس للتميز وصفة جاهزة، وطريقة بسيطة يمكن تقليدها ببساطة، فالإبداع شغف تراه يكمن خلف معظم المشاريع التي تصادفك في «حي دبي للتصميم»، فهنا دكان جاء من الماضي ليفتح أبوابه للجميع ويستقبلهم بأكياس الشيبس المجانية والمشروبات التي تقدم ضيافة من المحل، وهناك حاضنة أعمال متخصصة تبدو أشبه بمجتمع إبداعي يعج بالأفكار والحيوية والشباب. ربما يصعب حصر الأفكار والمشاريع التي تستحق أن يسلط الضوء عليها في هذه المنطقة، والتي تقرؤون عن بعضها هنا.
يقصده عشاق القهوة من مختلف إمارات الدولة ويقفون بالدور بانتظار الحصول على تلك النكهة المتفردة التي اشتهر بها إبراهيم الملوحي، وهو أول صانع قهوة (باريستا) إماراتي معتمد. تدرب في مدرسة باريستا الأمريكية للقهوة، وافتتح أول فرع له من إسبريسو لاب The Espresso Lab في عام 2015.
ومع شغفه الكبير بالقهوة وحبه للتميز، يضمن الملوحي أن القهوة التي يقدمها ليست الأفضل وحسب، بالإضافة إلى ذلك إن مقهاه هو الوحيد الذي لا يقدم السكر مع القهوة نهائياً في الإمارات، لأنه يريد للناس الاستمتاع بالقهوة على أكمل وجه دون أي تدخل من نكهات أخرى.
ويؤكد أيضاً أن كل من يدخل المقهى يتم التعامل معه بنفس الأسلوب، ويقول: «نحن لا نعطي القهوة مجانا للمشاهير، هنا يتم التعامل مع الجميع بالمساواة، حتى أنا إن كنت أرغب في الحصول على القهوة في المقهى الخاص بي يجب أن أقف في الطابور».
ويقوم إبراهيم حاليا بتدريب خبراء القهوة الآخرين في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يشارك خبرته معهم ويساعدهم على بدء أعمالهم الخاصة بالقهوة.

بيع الملاعق
البداية بالنسبة لرزاق أشرف، مدير مطعم ذا هاوس لايت، بفكرة مطعم يعرض مجموعة من الأشياء التي يمكن أن تقدم كهدايا مميزة ومختلفة تم جمعها من بلدان عدة حول العالم من قبل مصممين معروفين، كما أن معظم الأشياء في المطعم قابلة للبيع بما فيها أطباق الطعام ذات التصميم الفريد والأنيق، والملاعق والسكاكين والشوك، ويذكر أشرف أنه عندما تقدم بفكرة مشروعه ليحصل على مكان في حي دبي للتصميم تم رفض الفكرة في البداية، ليعمل على تعديلها من جديد حتى تمت الموافقة عليها، مؤكداً أن هذه المرحلة كانت ضرورية لنجاح مشروعه وتميزه ولهذا يعترف بفضل إدارة حي دبي للتصميم على هذا الموقف الذي جعله أكثر جدية وإصراراً على إنجاح هذا المشروع، هو وشريكه هاشم منتصر، ويوضح أن فكرته تعتمد بالأساس على الذوق سواء بالنسبة للطعام، أو بالنسبة للأشياء التي نستخدمها في حياتنا، لذا حرص على أن تكون كل التفاصيل التي يقدمها في معرضه مميزة، فاستعان بالشيف الشهير إيزو ليفتتح له المطعم ويضع قائمة الطعام استناداً إلى فكرته القائمة على التصميم في الشكل والمضمون.

تفاصيل قديمة
بدأ مشروع مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الإماراتي عمر توم، وشريكته ريم حميد «دكان» قبل عامين كبرنامج على مواقع التواصل، لينتقل بعدها إلى تنويع المحتوى من ناحية العرض والتصوير. ويقول:
نركز على أسلوب الحياة في الماضي، وجلسات الشباب واجتماعاتهم أمام دكان الحي، لهذا أحبه الناس، فقد عملنا في مكان العرض هنا على إيجاد كل التفاصيل التي تذكرنا بحياة الماضي، حتى أغاني برامج الأطفال في حقبة الثمانينات والتسعينات، والمنتجات القديمة التي أصبح بعضها غير موجود، وطريقة العرض في الماضي، فقد بنينا مجلساً كاملاً لنقدم لضيوفنا القهوة والشاي في جلسات المساء، ولعبة الورق وغيرها من الألعاب التي تعيدنا إلى تلك الحقبة، ويوضح عمر أن كل المنتجات الموجودة في الدكان هي للعرض، والتوزيع فقط وليست للبيع، فمهمة هذا المكان هي خلق الحالة ذاتها، بالإضافة إلى كونه يستخدم كاستوديو لتصوير الفيديوهات والإعلانات التي تطلب من أصحاب المشروع على اعتبار أنهما من مشاهير مواقع التواصل وأنهما متخصصان في العمل في مجال الإعلان والتسويق.

حاضنة أعمال
بدأت حكاية مشروع خلود ومشاعل آل علي «ري - أوربانستوديو Re:Urbanstudio» مع تخرجهما من كلية العمارة في الجامعة الأمريكية في الشارقة، حيث عملت كل منهما في مشاريع متعددة بطريقة العقود المباشرة «الفريلانس» لتكونا خلفية في هذا النوع من العمل، ومن هنا جاءتهما الفكرة لخلق مساحة عمل مشتركة تعالج جميع القضايا التي واجهتاها بشكل مستقل أثناء عملهما.
بدأت المصممتان بحثهما في جميع أنحاء العالم، واستلهمتا أفكاراً من أماكن مثل بلجراد وبروكسل، حيث أماكن العمل المشترك موجودة بكثرة.
وتتحدث خلود آل علي، شريك مؤسس في المشروع، عن فكرتهما قائلة: «ري - أوربانستوديو» هو مشروع إماراتي بإدارة إماراتية، هو عبارة عن حاضنة أعمال متخصصة في مجال الإبداع والتصميم، استوحينا فكرته من أوروبا حيث يعمل الكثير من الشركات على توفير مكان مؤقت للشباب ليطلقوا مشاريعهم، يكون مجهزاً بكل مستلزمات المكتب، ويؤجر بطريقة مرنة بالأيام والساعات والأشهر، وهو مناسب أيضاً للموظفين المستقلين، وتقول: هذه الحاضنة تساعد المشاريع الناشئة، والموظفين المستقلين ليتعرفوا على بعضهم ويكونوا الشراكات، وبالفعل هذا ما بدأ يثمر لدينا، فشهدنا شراكات وتعاوناً بين الأعضاء، أما الميزة الثانية فتتمثل بتنمية مهاراتهم من خلال الدورات التي تقام أسبوعياً في مجال الإبداع والتصميم، ونعمل أيضاً على أن نوفر لهم في المستقبل القريب الاستشارات المجانية فيما يخص الجوانب المالية وإدارة الأعمال لتهيئ المصمم لتكوين مشروعه وشركته المستقبلية.
بالإضافة إلى المساحة الحديثة المجهزة تجهيزا جيدا من ري أوربانستوديو، أرادت كل من خلود ومشاعل أن تقدما فرصة التعلم المستمر لجميع أولئك الذين يعملون في الاستوديو، وهذا يعني أن كل مصممي الاستوديو سيحصلون على فرصة للتعرف على أناس مثلهم حيث يمكنهم التواصل والتعاون بالإضافة إلى التعلم من بعضهم، وهذه فرصة لا يمكن العثور عليها في مقهى بسيط أو في مكان آخر.
كما يقدم الاستوديو ورش عمل ودورات للمهنيين والمحترفين في مجال التصميم، فضلا عن برامج الإرشاد لدعم الشركات الناشئة في التصميم التي تحتاج إلى مساعدة في الجانب التجاري لعملها. وتأمل خلود ومشاعل التوسع في نطاق الاستوديو لتقديم خدمات أكثر تخصصا لكل مجال من مجالات التصميم وكذلك التوسع جغرافيا في مدن أخرى في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي.

أطباق الأمهات
تتناول فطورك بحنين، متأملاً سيل الذكريات التي تنقلك معها أطباق مطعم «مائدة أمي» التي تحاكي موائد الأمهات بالفعل بأناقتها وبساطتها ومكوناتها، حيث حرص عبد الوهاب أحمد، صاحب المطعم، على انتقاء المكونات الأصلية بنكهتها المعروفة ليقدمها لضيوفه، كما حرص على خدمتهم بنفسه مؤكداً أن كل شخص يجلس على مائدته هو ضيف يتشارك معه ذكريات الطفولة ومقدار الحب الذي تقدمه الأم في أطباقها، ونرى أنه اعتنى كثيراً بديكور المكان الذي صرح بأنه دائم التغيير فيه ليكون بعيداً عن النمطية، وأقرب إلى منزل العائلة في الوقت ذاته.
وقد افتتح عبد الوهاب مطعمه تكريما لوصفات والدته الشهيرة، قائلا إنه يريد الحفاظ عليها إلى الأبد. «أمي هي أفضل طباخة في سوريا، وخاصة في مدينة حلب، أمي تطهو جميع أنواع الطعام الحلبي اليومي، الكبة بلبن، الملوخية، لحمة بعجين، كل ما قد يشتهيه أي أحد».
ويقول عن اختيارd3 كموقع لمطعمه «رأيت منطقة d3 تنمو أكثر وأكثر من شرفة منزلي، وفكرت لماذا لا يكون لي مطعم هناك». ويضيف أنه يطمح إلى فتح فرع من«Mum's Table» في كل البلاد، لينشر وصفات والدته في جميع أنحاء العالم.

منطقة المبدعين
يعتبر التواجد في مكان يمتلك هذا القدر من التميز والتفرد مثل دبي أولاً، وحي دبي للتصميم ثانياً، يعتبر تحدياً بحد ذاته، كما يصفه وجيه نقاش، مالك نقاش جاليري، ويقول: هذه المنطقة تجمع كل المبدعين والمفكرين بالفن والهندسة والأزياء تحت سقف واحد، مما يسهل على العاملين في المجالات الإبداعية وعلى الزبائن أن يلتقوا بخياراتهم، ونحن كمهندسين وجدنا مساحة للتعاون مع بعضنا بعضاً هنا، لنصل إلى تطلعاتنا بأسهل الطرق، وعن الخط الفني الذي اتبعه في مشروعه، أكد أن التميز كان هو البوصلة التي حرّكت خيارات وأفكار العاملين في الجاليري، فسعوا لتأمين خيارات مختلفة من المفروشات والأعمال الفنية، وفي طريقة العرض أيضاً، ما جعل زوار المكان لا يقصدونه بغاية الاقتناء وحسب، بل ليستلهموا منه أفكاراً لتغيير هوية منازلهم وتغيير ملامحها حتى وإن لم يغيروا مفروشاتهم أو الأعمال الفنية والإكسسوارات المعروضة فيها، وعن أسلوبهم الخاص في تقديم أفكار العرض وضح أن فكرتهم لا تستند على عرض الماركات من مصدر واحد، بل على التنسيق بين ماركات وأعمال فنية مختلفة وبعيدة عن بعضها بعضاً تعطي مظهراً جمالياً مخالفاً للمتوقع بعرضها سوية، حيث تتكامل الصورة بعرض المفروشات - التي تعتبر قطعاً فنية بحد ذاتها، مع الأعمال الفنية، والإكسسوارات، والإضاءة.

مختبر سواروفسكي
يحتوي مختبر «سواروفسكي» الذي يعتبر المختبر الوحيد في العالم على مركز الابتكار الذي يدعم المصممين، فيقدمون الدعم والمكان للمصممين المبتدئين، وأيضاً إلى المصممين المعروفين في المنطقة، ويوفر المختبر مكاناً للعمل، كما تعمل إدارة المختبر حالياً على وضع برنامج لحلقات نقاش، وعروض أفلام تدعم فكرة الربط بين التصميم والاستدامة التي يركزون عليها حالياً، ويعرض في مدخل المختبر مجسم ضخم لفنانة هندية مقيمة في الإمارات، متخصصة بالأعمال الزجاجية، وجسدت في هذا العمل طبقات الأرض من قطع زجاج معاد تدويرها، قامت بتصميمها بشكل فني لتتداخل مع حبات الكريستال اللامعة والتي تضاء بمجرد لمسها في الجزء العلوي.

المركز الوحيد
يعتبر مركز «كوكاكولا» الكائن في المبنى الخامس بحي دبي للتصميم الوحيد حول العالم، والذي يخدم حوالي 100 بلد حول المنطقة، وتقوم فكرته على التركيز على المشاريع المتبناة بشكل كلي، فعندما يتوجه صاحب أحد المشاريع إلى المركز ليحصل على أفكار لتطوير أعمالها، يتقمص المركز بالكامل هوية تلك العلامة ليقدم كل الأفكار والتطورات التكنولوجية التي قد تخدم عملها وتطوره.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"