تكرار استخدام زيت القلي يسبب السرطان

تحذير لربات البيوت:
06:08 صباحا
قراءة 6 دقائق
تحقيق: رحاب زيد
أصبح الاتجاه للأطعمة المقلية والوجبات السريعة هو السائد بين الشباب والأسر، لما تمتلكه هذه الأطعمة من نكهة محببة للصغار والكبار على السواء، بيد أن ما على الأمهات أن ينتبهن له هو الأضرار التي قد تلحق بالأسرة نتيجة تناول أطعمة مقلية بزيت تكرر استخدامه أكثر من مرة في القلي، إذ يحذر الأطباء من أن وصول زيت القلي إلى درجة الغليان ثم تبريده وإعادة استخدامه مرة أخرى بعد ذلك يمثل خطورة على صحة الإنسان بسبب التغيرات الكيميائية التي تحدث نتيجة التكسر أثناء الغليان ثم تحلل المادة الغذائية فيه والتي ينتج عنها بالتالي عملية تأكسد . 

يحذر الأطباء أنه كلما زادت درجة الحرارة كلما زادت درجة التأكسد وبالتالي تتضرر المادة الغذائية التي تقلى بهذا الزيت .

أنواع الدهون

وعن أنواع الدهون والفروق بينهما تقول الدكتورة سمية الخب اختصاصية التغذية العلاجية إن هناك نوعين منها هما:
- دهون مُشبعة: وهي الدهون الحيوانية مثل السمن، الزبد، زيوت النخيل وجوز الهند، وهذا النوع من الدهون يعتبر ضاراً لأنه يرفع نسبة الكولسترول ويسبب أمراض القلب وتصلب الشرايين، كما يتسبب في أضرار جسيمة للكبد والمعدة، وسرطانات الثدي والقولون لأنها غنية بالمواد الصلبة .
- دهون غير مشبعة: وهي الأفضل لأنها سائلة على درجة الغرفة، مثل زيت الزيتون وزيت الذرة وعباد الشمس، ويعتبر هذا النوع من الدهون أكثر فائدة من الدهون المشبعة لاحتوائها على الأحماض الدهنية "لينوليك أسيد N-6 مثل زيوت الصويا وبذر الكتان والذرة، وكذلك "اللينولينك أسيد N-3 مثل زيوت الصويا وبذرة الكتان وزيت السمك وزهرة الكانولا .
وبالرغم من الفائدة الموجودة في الدهون بنوعيها إلا أننا لا ننصح بكثرة تناولها، فالنسبة الموصى بها للفرد تتراوح من 20%:30% يومياً، وتكون أغلبها من غير المشبعة .

زيت القلي وأضراره

وتوضح الدكتورة سمية أن تكرار استخدام زيت القلي يُسبب تلفه نتيجة تعرضه للضوء والأوكسجين في الوقت نفسه أثناء القلي، وبالتالي تتغير خصائصه من لون وطعم ورائحة، ويصبح الزيت تالفاً وغير صالح للاستهلاك، ونحن لا ننصح بتكرار القلي في الزيت نفسه، لأن تكرار القلي يعني تكرار التأكسد وتكوين ما يسمى "بالجذور الحرة" وهو الأوكسجين النشط، والتي تحدث تفاعلات داخل جسم الإنسان مع عملية الأيض وحرق الطاقة، فتهاجم المادة الوراثية "الحمض النووي للخلايا" وتتسبب في تسرطن الخلايا .
من جانبه يرى الدكتور سعود عبد المنعم - أستاذ الكيمياء العضوية التطبيقية بجامعة أسيوط- إن هذه استخدام زيت القلي بصورة متكررة تنتج عنه إصابة الكثيرين بالأورام السرطانية، موضحاً أن جشع أصحاب المطاعم وصل إلى حد استخدامهم زيت بذرة الكتان رخيص الثمن في طهي وقلي الأطعمة، على الرغم من أنه مخصص للاستخدامات الصناعية مثل صناعة البويات لأنه لا يتبخر أثناء عملية القلي شأن زيوت الطعام .

التلوث الغذائي والسرطان

ويلفت الدكتور محمد أبو العلا - أستاذ الأورام بالمعهد القومي المصري للأورام- إلى تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية، ويحذر من أن نسبة الإصابة بالأورام السرطانية قد تصل إلى 50% من جملة سكان العالم خلال العقود الثلاثة القادمة بسبب التلوث، خاصة التلوث الغذائي، والضغوط العصبية . ويقول إن سوء استخدام زيت الطعام ينتج عنه مواد ضارة مثل عنصر "باهيديت"، وهو أحد المركبات الضارة التي تنتج عن أكسدة الزيوت .
ورغم أن البحوث العلمية أثبتت وجود مادة كيميائية تسمى ال"بيتاكاروتين"، وهي مادة تضاف لزيت القلي لتغيير صفاته الفيزيائية كاللون والطعم والرائحة، ولكن تظل الخطورة قائمة، حيث إن هذه المادة تجعل الزيت نقياً فقط، من حيث الشكل بينما تظل عوامل خطورة التلوث كامنة .
من جهتها توجه الدكتورة ليلي لبيب - أستاذ التغذية بالمركز القومي المصري للبحوث - أصابع الاتهام إلى محال الوجبات السريعة، مشيرة إلى أنه لم تعد محال الفول والفلافل وحدها التي تستخدم زيت القلي بطريقة تفقده فوائده الغذائية والصحية، بل وتجعله يتحول إلى مادة ضارة وسامة، حيث توجد أسماء لامعة وشهيرة من سلاسل المطاعم الكبرى تشارك في هذه الكارثة، لأن الدراسات الصحية شددت على عدم استخدام زيت الطعام إلا مرتين فقط على الأكثر، ويفضل مرة واحدة فقط .
كما أشارت إلى أن الأشخاص الذين يستخدمون الزيت نفسه في عملية القلي أكثر من مرة يصابون بارتفاع ضغط الدم .
وتوضح الدكتورة ليلى أن مواد "هيدروكربونات" تضر الكبد لأنه المستقبل للدهون والسموم، وبالتالي ينتشر سرطان الكبد بشكل كبير، ولهذا فهي تطالب بتشديد الرقابة على المطاعم المنتشرة في البلدان العربية، مشيرة إلى أن الأكسدة الناتجة عن تكرار القلي تؤدي إلى ظهور العديد من المركبات المسرطنة .

الاستخدام الآمن

ولتجنب الأضرار التي تنتج عن زيت القلي تنصح الدكتورة آلاء سمير اختصاصية التغذية أولاً باستخدام زيت الكانولا موضحة أنه أفيد الزيوت في عملية القلي لما يحويه من قلة الدهون وكذلك عدم سرعة التأكسد، وذلك على العكس من زيت الزيتون الذي أحذر من استخدامه في القلي لسرعة أكسدته .
وعن أسلم الطرق لاستخدام الزيوت في القلي قالت اننا مع الأسف لا يوجد لدينا وسيلة لتفادي الأكسدة وقت القلي، فبمجرد تعرض الزيت للهواء والضوء تتم عملية التأكسد، وتزيد الخطورة بتكرار القلي بالزيت نفسه، وتختلف نواتج الأكسدة باختلاف أنواع الزيت ومدة التسخين ودرجة الحرارة المستخدمة ونسبة الهواء والرطوبة الموجودة . ومع ذلك فانه لتفادي كل هذه الأضرار ننصح باتباع التالي:
* عدم تكرار عملية القلي في الزيت نفسه لأكثر من مرة واحدة حتى لا تتغير خصائصه .
* ألا تتعدى درجة الحرارة المستخدمة عن 180 درجة مئوية .
* تتم تصفية الطعام بعد القلي مباشرة، وعدم تناول الأجزاء المحروقة .
* الحد بقدر الإمكان من استخدام زيوت القلي، ومحاولة الإكثار من الأطعمة المشوية والمسلوقة والمطبوخة على البخار لأنها صحية أكثر .
* الإكثار من تناول الخضراوات والفاكهة مع الأطعمة المقلية لأنها مضادة للأكسدة فتقوم بمحاربة "الجذور الحرة" وتُقلل من خطر الإصابة بالسرطان .

المراقبة والتفتيش على المطاعم

وعن دور الجهات المختصة في مراقبة المطاعم والتفتيش عليها للتأكد من سلامة الأطعمة المقلية التي تنتجها للبيع (مثل مطاعم الفلافل والوجبات السريعة) قال سلطان طاهر رئيس قسم التفتيش بإدارة الرقابة الغذائية في بلدية دبي إن هناك نوعين من هذه المطاعم والمحال، الاولى وهي الصغيرة التي لا توجد فيها أجهزة لقياس صلاحية الزيوت، وفي هذه المحال يقوم المفتشون بالرقابة على زيوت القلي وإرشاد العاملين فيها، اما الثانية فهي المطاعم ذات السلسلة كمطاعم الوجبات السريعة، وفي هذه المطاعم توجد أنظمة داخلية لقياس صلاحية زيوت القلي، حيث تقوم هذه المطاعم بالتخلص من الزيوت غير الصالحة بالتنسيق مع إدارة البيئة والنفايات .
واكد سلطان أن أغلب المطاعم تستخدم الزيوت المعروف بثباتها الكيميائي والفيزيائي لضمان صلاحيتها على درجات الحرارة العالية المستخدمة في القلي .
وأضاف: "يوجد لدينا أجهزة عدة موجودة لدى إدارة الرقابة الغذائية لقياس جودة وصلاحية زيوت القلي، وبعض هذه الأجهزة قادرة على إجراء الفحوص السريعة في الموقع، حيث يقوم المعنيون بإجراء المسوحات اللازمة حول جودة زيوت القلي، وتمتاز هذه الطريقة بسرعة اتخاذ القرار في حال إذا كان الزيت غير صالح، وبالتالي يتم تغيير الزيت فوراً، ويتم تكرار التفتيش على المؤسسات الغذائية حسب درجة خطورة المؤسسة وتقييمها السابق" .

كيف نختبر صلاحية زيت القلي؟

وعن الكيفية التي يمكن ان تساعد على اختبار صلاحية زيت القلي أشار سلطان طاهر حديثه إلى أن هناك كواشف تعطي نتائج فورية بمجرد فحص عينات من زيت القلي الساخن أثناء عملية القلي فيتكون لون تتم مقارنته بتدرج لوني مصاحب لهذه الكواشف .
ويضيف أن هناك أدلة ظاهرية أولية توضح عدم صلاحية الزيت مثل:
* ظهور رائحة التزنخ غير المقبولة .
* تغير لون الزيت للون الغامق .
* زيادة لزوجة ملمس الزيت .
* وجود رغوة في الزيت على جوانب المقلاة .
* خروج دخان من الزيت أثناء القلي .

برامج الحماية الصحية

وتحدث سلطان طاهر عن البرامج الصحية المتبعة لحماية الفرد قائلاً إن هناك عدداً من البرامج والأنظمة للرقابة على سلامة الأغذية مثل:
- برامج التفتيش المبنية على تقييم المخاطر عبر استخدام قائمة التفقد الذكية .
- تعزيز الرقابة الذاتية بالمؤسسات الغذائية عبر برنامج المشرف الصحي .
- تأهيل كل المتعاملين بالأغذية في المؤسسات الغذائية .
- توعية المجتمع بالسلامة الغذائية .
وقال ان إدارة الرقابة الغذائية الآن بصدد عمل دليل إرشادي حول زيوت القلي يتضمن تعليمات القلي الجيدة، حيث سيتم تعميمه على المؤسسات الغذائية للعمل بموجبه، كما سيتم إلزام كل الكافتيريات والمطاعم بضرورة وجود جهاز لقياس جودة الزيوت .
وعلق سلطان على الزيوت التي يتم عمل عروض أسعار عليها وقت اقتراب انتهاء مدة صلاحيتها، بأنه لا يتم التهاون مع أي مؤسسة تعرض أغذية منتهية الصلاحية، حيث يتم تطبيق الإجراءات المعتمدة لدى البلدية .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"