«البائيا»..بصمة عربية على المائدة الإسبانية

قصة طبق
04:35 صباحا
قراءة دقيقتين
مها عادل

لا أحد يذهب إلى إسبانيا من دون أن يجرب وجبة البائيا التي تعتبر من أشهر الوجبات الشعبية هناك، وتعتمد في صنعها على الأرز والزعفران وزيت الزيتون وقطع صغيرة من الخضراوات واللحوم أو الدجاج أو الأسماك.
هذه الوجبة الشعبية الإسبانية الشهيرة تعود أصولها القديمة إلى حكم العرب المسلمين للأندلس، وحتى اسم الوجبة «بائيا» هو تصحيف لغوي لكلمة «بقية» العربية، حيث تقول بعض الروايات إن ابتكار هذه الوجبة جاء عبر إعادة استخدام «بقية» الطعام الفائض عن موائد الأغنياء الفاخرة، حيث يختلط الأرز باللحم والخضار، ثم يتم تقديم الوجبة للفقراء. بينما تذكر بعض الأقاويل أن إدخال الأرز إلى الأندلس على يد العرب هو الذي ساهم في انتشار هذه الوجبة اللذيذة، حيث كان يتم التعامل مع الأرز مثل الخبز كقاعدة للطعام توضع فوقها أي مكونات أخرى من بقايا اللحوم أو الخضراوات الفائضة من وجبات سابقة.
وفي كل الأحوال، ورغم أصولها العربية، فإن تطور وجبة «البائيا» الإسبانية في الوقت الحالي جعلها طبقاً يحمل الملامح الأساسية من مدرسة البحر المتوسط الواسعة في طهي الطعام، والتي تعتمد بشكل أساسي على استخدام زيت الزيتون والثوم أو البصل المقطع لإكساب الطعام نكهته الأولية، بينما تتغير المكونات الرئيسية للطبق بحسب تغير المواسم، لأن مطبخ البحر المتوسط يشتهر بأنه يعتمد على المكونات المحلية الطازجة، ولذلك يمكن إضافة أي شيء من هذه المكونات المحلية إلى طبق البائيا، فأحياناً تتم إضافة الخضراوات الموسمية، وإذا توافرت لحوم الطرائد مثل الأرانب، أو يمكن إضافتها أو إضافة لحوم الحيوانات الداجنة مثل الطيور أو الأغنام أو المواشي أو حتى الأسماك والقواقع البحرية والقشريات. فوجبة البائيا يمكن أن تطلق على أشكال كثيرة ومختلفة من الأطباق، لأنها لا تعتمد على نوعية المكون الرئيسي أو اللحم المضاف إليها، فهي يمكن أن يستخدم فيها أي نوع من المكونات طالما بقي الاحتفاظ بالأرز وقاعدة زيت الزيتون الذي يتم تحمير الثوم أو البصل المقطع فيه والبهارات والتوابل الخاصة ومزج جميع المكونات الأخرى فيه. ولعل هذه البساطة في التكوين، والمرونة الواسعة في الإضافات لإرضاء كل الأذواق، هما اللتان جعلتا وجبة البائيا تستمر منذ أكثر من ألف سنة وتنجح في أن تفرض لنفسها مكاناً مهماً على المائدة الإسبانية حتى بعد رحيل العرب من الأندلس بقرون طويلة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"